حديث: من استطاع الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الصّيام وِجاءٌ لمن لم يستطع الزّواج وخاف على نفسه

عن عبد الله بن مسعود، قال: كنا مع النبيّ ﷺ فقال: «من استطاع الباءة فليتزوّج، فإنّه أغضُّ للبصر، وأَحْصن للفرْج، ومن لم يستطع فعليه بالصّوم فإنّه له وِجاء».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الصوم (١٩٠٥)، ومسلم في النكاح (١٤٠٠) كلاهما من طريق الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: «بينما أنا أمشي مع عبد الله رضي الله عنه فقال «فذكره».

عن عبد الله بن مسعود، قال: كنا مع النبيّ ﷺ فقال: «من استطاع الباءة فليتزوّج، فإنّه أغضُّ للبصر، وأَحْصن للفرْج، ومن لم يستطع فعليه بالصّوم فإنّه له وِجاء».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يرشدنا إلى علاج واحد من أعظم دوافع النفس البشرية، وهو الدافع الجنسي، ويضع له حلّين: أحدهما أساسي والآخر بديل.

أولاً. شرح المفردات:


● الباءة: في اللغة تأتي بمعنى القدرة على تكاليف الزواج من المهر والنفقة والسكنى. وهذا هو المعنى المراد في الحديث.
● فليتزوج: أي فليتخذ زوجة في نكاح شرعي.
● أغض للبصر: أي أكثر إنزالاً للبصر وحفظاً له عن النظر إلى المحرمات.
● أحصن للفرج: أي أكثر حماية وصوناً للعضو عن الوقوع في الزنا أو الاستمناء المحرم.
● الوجاء: في الأصل هو رض عروق الخصيتين في الإبل لقطع النسل. وشبه به الصوم هنا، لأنه يكسر شهوة الجماع ويضعفها، كما يضعف الوجاء شهوة النسل في الدابة. فهو كناية عن كسر الشهوة وإضعافها.


ثانياً. شرح الحديث:


كان الصحابة رضي الله عنهم مع النبي صلى الله عليه وسلم، فوجههم بهذه التوجيهات النبوية الحكيمة التي تحفظ المجتمع وتصون الأفراد.
1- الحل الأساسي: الزواج
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من استطاع الباءة فليتزوج».
- هذا أمر للقادر على أعباء الزواج وتكاليفه المعقولة التي تتناسب مع حاله، وليس المقصود التكلف والمغالاة في المهور والمؤن.
- والزواج هو الحل الطبيعي والشرعي لإشباع الغريزة، وهو من سنن المرسلين.
2- حكمتان عظيمتان للزواج:
● «فإنه أغض للبصر»: لأن الإنسان إذا كانت له زوجة حلال تقر بها عينه، سهل عليه غض بصره عن المحرمات، فقلّت دوافع النظر الحرام.
● «وأحصن للفرج»: وهو المقصد الأعظم، فهو يحفظ كلا الزوجين من الوقوع في الفاحشة ويمنحهما العفة والطهارة.
3- الحل البديل لمن عجز: الصوم
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء».
- هذا توجيه للشاب الذي لا يقدر على تكاليف الزواج، أو من يعاني من ضعف في الدخل، أو غير القادر لسبب آخر.
- فالحل له هو الإكثار من الصوم النافلة (كصوم الاثنين والخميس، وأيام البيض، etc.)، وليس المقصود صوم الدهر كله.
- فالصوم بشهوتيه: شهوة البطن بالامتناع عن الطعام والشراب، وشهوة الفرج بالامتناع عن الجماع، يُضعف الشهوة الجنسية ويكسر حدتها، فيكون للشاب مثل "المثبط" أو "كاسر الشهوة" الذي يساعده على ضبط نفسه والسيطرة على رغباته حتى ييسر الله له الزواج.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- الزواج سنة نبوية وشريعة إلهية: فهو الطريق الأمثل للحفاظ على العرض والعفة وبناء الأسرة المسلمة.
2- التيسير في شأن الزواج: فـ"الباءة" هي القدرة المتاحة، وليس التعسير والتكلف الذي يمنع الناس من هذه السنة.
3- رحمة الإسلام وواقعيته: حيث قدم حلاً للقادر وحلاً للعاجز، مما يبين أنه دين يسهل على الناس ولا يعسرهم، ويتعامل مع واقعهم.
4- الصوم مدرسة للتقوى: ففضلاً عن كونه عبادة، فهو وسيلة عملية مجربة للتحكم في الشهوات وتربية النفس على الصبر والطاعة.
5- الوقاية خير من العلاج: فالنبي صلى الله عليه وسلم يوجه الشباب إلى المسار الشرعي الوقائي (الزواج أو الصوم) قبل أن يقعوا في الحرام.


رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- الحديث رواه الإمام البخاري والإمام مسلم في صحيحيهما، وهما أصح الكتب بعد القرآن.
- يستحب للشاب المقتدر أن يبكر بالزواج اقتداءً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته.
- على المجتمع والأسر تيسير سبل الزواج وتخفيف أعبائه، امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم وتحصيناً للشباب.
- ينبغي للشاب العاجز عن الزواج أن يشغل وقته بما يفيد في دينه ودنياه، ويجتهد في الطاعات، ويحفظ جوارحه، ويدعو الله بأن ييسر له زوجة صالحة تعينه على طاعة الله.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الصوم (١٩٠٥)، ومسلم في النكاح (١٤٠٠) كلاهما من طريق الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: «بينما أنا أمشي مع عبد الله رضي الله عنه فقال «فذكره». واللفظ للبخاري.
وفي سياق مسلم قصّة ابن مسعود مع عثمان ﵄.
قوله: «له وِجاء» بكسر الواو، وهو رضّ الخصيتين، وقيل: رضّ عروقهما، ومن يفعل به ذلك تنقطع شهوته، ومقتضاه أنّ الصّوم قامع لشهوة النكاح. (انظر: الفتح ٤/ ١١٩).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 112 من أصل 428 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من استطاع الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج

  • 📜 حديث: من استطاع الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من استطاع الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من استطاع الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من استطاع الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب