حديث: من أخذ شبرا من الأرض ظلما طوقه إلى سبع أرضين

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب إثم من ظلم شيئًا من الأرض

عن سعيد بن زيد بن نفيل يقول: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «من أخذ شبرا من الأرض ظلما طُوِّقَه إلى سبع أرضين».

متفق عليه: رواه البخاري في بدء الخلق (٣١٩٨)، ومسلم في المساقاة (١٦١٠: ١٣٩) كلاهما من حديث هشام بن عروة، عن أبيه أن أروى بنت أويس ادعت على سعيد بن زيد أنه أخذ شيئًا من أرضها، فخاصمته إلى مروان بن الحكم، فقال سعيد: أنا كنت آخذ من أرضها شيئًا بعد الذي سمعت من رسول اللَّه ﷺ.

عن سعيد بن زيد بن نفيل يقول: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «من أخذ شبرا من الأرض ظلما طُوِّقَه إلى سبع أرضين».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من أحاديث الوعيد، يحذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من خطورة الظلم، وخاصة ظلم أخذ الأرض بغير حق.

الحديث بلفظه:


عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل رضي الله عنه، أنه قال: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ ظُلْمًا طُوِّقَهُ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ».
(رواه البخاري في صحيحه، ومسلم، واللفظ للبخاري)


أولاً. شرح المفردات:


* شبرًا: الشبر هو المسافة بين طرف الإبهام وطرف الخنصر (أو البنصر في بعض الروايات) عندما تمد أصابع اليد. وهو مقدار صغير جدًا، ذُكر ليدل على أن العقوبة تشمل القليل والكثير، فإذا عُوقب على القليل فالكثير أولى.
* ظلمًا: أي بغير حق، إما بغصبها من مالكها، أو بالتعدي على حدودها، أو بادعاء ملكيتها كذبًا.
* طُوِّقَهُ: من التطويق، أي جُعل حول عنقه كالطوق ثقيلاً جدًا حتى يغوص به.
* إلى سبع أرضين: أي أن هذا الطوق سيغوص به عبر طبقات الأرض السبع كلها يوم القيامة، مما يدل على عظم الجرم وثقل العقاب.


ثانيًا. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن من يتعدى على حق غيره في الأرض، فيأخذ منها ولو مقدارًا يسيرًا (شبرًا) بغير حق، فإن عقوبته يوم القيامة شديدة جدًا.
فإن الله تعالى سيحمل ذلك الشبر (أو ما زاده عليه من الأرض المغصوبة) حول عنقه كطوق عظيم من نار، ثقيل جدًا، حتى يغوص به صاحبه عبر طبقات الأرض السبع كلها إلى أن ينتهي به إلى قاعها، وهذا تمثيل لحالة العذاب والهوان التي سيكون عليها ذلك الظالم.
والمراد بـ "سبع أرضين" هو ما ذكره الله تعالى في كتابه في عدة مواضع، وهي طبقات الأرض التي خلقها الله، والعلم الحديث يؤكد وجود طبقات متعددة للأرض، والله أعلم بحقيقتها.


ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- تحريم الظلم عامة، وظلم الأرض خاصة: فالحديث تحذير صريح من التعدي على أراضي الناس وأملاكهم، وهو من كبائر الذنوب.
2- عظم جرم الغصب: العقوبة على أخذ شبر واحد من الأرض بهذا الشكل المهول تدل على أن جرم الغصب عظيم عند الله، لأنه اعتداء على مال المسلم وعرضه وحرمته.
3- الحث على رد المظالم: يجب على من عليه مظلمة لأخيه، خاصة في الأرض والأموال، أن يبادر إلى ردها إلى أصحابها أو التحلل منهم قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون.
4- العدل في المعاملة: على المسلم أن يكون عدلاً في جميع معاملاته، حريصًا على أن لا يتعدى على حق غيره ولو كان قليلاً.
5- الجزاء من جنس العمل: كما أنه اغتصب الأرض وتعدى عليها في الدنيا، جُعل ما اغتصبه طوقًا وعذابًا له في الآخرة.


رابعًا. معلومات إضافية مهمة:


* هل العقوبة خاصة بغصب الأرض فقط؟
الجمهور من العلماء على أن الحديث عام في كل من غصب شيئًا من الأرض، ولكن العقوبة المذكورة (التطويق إلى سبع أرضين) خاصة بغصب الأرض، لأنها تبقى ولاتستهلك مثل المال والطعام. أما من غصب مالاً أو طعامًا فأكله، فيكفيه أن يتحلل من صاحبه أو يرد له مثله أو قيمته.
* ما الحل لمن عليه أرض مغصوبة؟
يجب عليه أن يبادر بردها إلى صاحبها فورًا، فإن مات صاحبها أو تعذر ردهها، يتصدق بقيمتها عنه ويستغفر له.
* سعة رحمة الله: هذا الوعيد الشديد هو للزجر والردع، ولكن باب التوبة مفتوح، فمن تاب ورد الحقوق إلى أهلها فإن الله يتوب عليه.
نسأل الله أن يعيذنا من الظلم وأن يرزقنا العدل في القول والعمل.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في بدء الخلق (٣١٩٨)، ومسلم في المساقاة (١٦١٠: ١٣٩) كلاهما من حديث هشام بن عروة، عن أبيه أن أروى بنت أويس ادعت على سعيد بن زيد أنه أخذ شيئًا من أرضها، فخاصمته إلى مروان بن الحكم، فقال سعيد: أنا كنت آخذ من أرضها شيئًا بعد الذي سمعت من رسول اللَّه ﷺ. قال: وما سمعت من رسول اللَّه ﷺ؟ قال: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول فذكر الحديث. فقال له مروان: لا أسألك بينة بعد هذا. فقال: اللَّهم إن كانت كاذبة فعم بصرها واقتلها في أرضها. قال: فما ماتت حتى ذهب بصرها، ثم بينا هي تمشي في أرضها إذا وقعت في حفرة فماتت.
وفي رواية: قال: فرأيتها عمياء تلتمس الجدر، وتقول: أصابتني دعوة سعيد بن زيد. فبينما هي تمشي في الدار مرت على بئر في الدار، فوقعت فيها، فكانت قبرها.
هذا كله عند مسلم، واكتفى البخاري بذكر المرفوع دون القصة.
وللحديث طرق أخرى صحيحة، وفيها «من اقتطع شبرا من الأرض ظلما طُوِّقَه اللَّه إياه يوم القيامة من سبع أرضين». رواه مسلم.
وفي رواية: «من ظلم من الأرض شيئًا طوقه من سبع أرضين». رواه البخاري في الصحيح (٢٤٥٢).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: من أخذ شبرا من الأرض ظلما طوقه إلى سبع أرضين

  • 📜 حديث: من أخذ شبرا من الأرض ظلما طوقه إلى سبع أرضين

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من أخذ شبرا من الأرض ظلما طوقه إلى سبع أرضين

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من أخذ شبرا من الأرض ظلما طوقه إلى سبع أرضين

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من أخذ شبرا من الأرض ظلما طوقه إلى سبع أرضين

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب