نصر أخاك ظالما أو مظلوما

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه، وسأشرحه لك على النحو التالي:

---

أولاً. شرح المفردات:

● انصر أخاك: ساعده وأعنه وادفع عنه الضرر.
● ظالماً: أي كان هو الطرف المعتدي والآثم.
● مظلوماً: أي كان هو الطرف المُعتدى عليه.
● تمسكه: تمنعه وتحبسه وتقف أمام ظلمه.

---

ثانياً. شرح الحديث:

يأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بأن ننصر أخانا المسلم في كل حال، سواء كان مظلوماً أو ظالماً.
1- نصره إذا كان مظلوماً: وهذا معنى واضح، وهو أن نقف معه ضد من يظلمه، وندفع عنه الظلم بأي وسيلة مشروعة، باليد أو اللسان أو القلب، حسب الاستطاعة.
2- نصره إذا كان ظالماً: وهذا هو الموضع الذي استشكلته الصحابة، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم: كيف ننصره وهو ظالم؟ فأجابهم صلى الله عليه وسلم: «تمسكه من الظلم فذاك نصرك إياه».
أي أن نصرك لأخيك الظالم يكون بمنعه من الظلم، وإرجاعه إلى الحق والصواب. فأنت بذلك تنقذه من استمراره في الإثم والعدوان، وتحميه من عواقب ظلمه في الدنيا والآخرة. هذا هو أعظم نصر تقدمه له.

---

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- الحكمة البالغة في تشريع الإسلام: حيث جعل نصرة الأخ الظالم بمنعه من الظلم، فهذا يحقق العدل ويحمي المجتمع، وفي نفس الوقت يحفظ حقوق الأخوة الإسلامية.
2- النصيحة والصدق في التعامل: فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم صور النصرة والإخاء.
3- الحرص على مصلحة المسلم الحقيقية: التي قد لا يراها هو بنفسه، فنمنعه عن ما يضره في دينه ودنياه.
4- تحقيق التوازن بين حقوق الأخوة وحدود الشرع: فلا نترك الظالم تحت شعار "نصرته"، ولا نتخلى عنه تحت شعار "إنكاره"، بل نجمعهما معاً بالطريقة الشرعية.
5- أن النصرة ليست دائماً بالتأييد الأعمى: بل有时 تكون بالمنع والردع، حماية للظالم من نفسه أولاً.

---

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، حيث جمع حكماً عظيماً في عبارة موجزة.
- يدخل في هذا الحديث جميع أنواع الظلم: الظلم للناس في الدماء والأموال والأعراض، والظلم لله بالمعاصي.
- من أعظم تطبيقاته: أن نمنع أخانا إذا رأيناه يهم بمعصية، أو يعتدي على أحد، أو يخون، أو يغش... إلخ.
أسأل الله أن يجعلنا من الذين ينصرون إخوانهم في كل حال، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، إنه سميع مجيب.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.