حديث: لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النهي عن النُّهبى

عن عمران بن حصين، عن النبي ﷺ قال: «لا جلب، ولا جنب، ولا شغار في الإسلام. ومن انتهب نُهبة فليس منا».

صحيح: رواه أبو داود (٢٥٨١)، والترمذي (١١٢٣)، والنسائي (٦/ ١١١)، وابن ماجه (٣٩٣٧)، وصحّحه ابن حبان (٣٢٦٧، ٥١٧٠)، وأحمد (١٩٩٤٦) كلهم من حديث حميد الطويل، عن الحسن، عن عمران بن حصين فذكره، واختصره البعض.

عن عمران بن حصين، عن النبي ﷺ قال: «لا جلب، ولا جنب، ولا شغار في الإسلام. ومن انتهب نُهبة فليس منا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الحديث الشريف:
عن عمران بن حصين رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا جَلَب، ولا جَنَب، ولا شِغار في الإسلام. ومَنِ انْتَهَبَ نُهْبَةً فليس منا».
هذا حديث صحيح رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام مسلم في صحيحه، وأبو داود والنسائي وغيرهم.


1. شرح المفردات:


* لا جَلَب: الجلب هو أن يَجْلِبَ الرجل ماشيته أو سلعته من خارج السوق إلى داخلها ليُظهر كثرة البضاعة ويروجها، أو أن يتعاون البائع مع شخص ليأتي إلى السوق ويُظهر أنه يشتري منه بسعر مرتفع ليغري الناس بالشراء. وهو نوع من الغش والخداع في البيع.
* ولا جَنَب: الجنَب هو أن يشتري شخص سلعة في السوق ثم يخرج بها إلى خارج السوق ليبيعها لأحد الوافدين قبل أن يصل إلى السوق ويرى سعر السوق الحقيقي، فيبيعه بسعر أعلى مُستغِلاً جهله. وهو نوع من الاحتكار والغبن.
* ولا شِغار: الشغار هو نكاح كان معروفًا في الجاهلية، وهو أن يزوج الرجل ابنته أو أخته لرجل على أن يزوجه الرجل الآخر ابنته أو أخته، دون أن يدفع أي منهما مهرًا للآخر. فهو نكاح باطل لأنه خالي من المهر، وهو حق المرأة.
* انْتَهَبَ نُهْبَةً: الانتهاب هو الأخذ غصبًا وقهرًا من غير حق. والنهبة هي الشيء المغصوب المسلوب. والمعنى: من سلب مال غيره أو اغتصبه غصبًا وعنوة.


2. شرح الحديث:


يُبين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ثلاثة أمور محرمة في المعاملات، ويذم صفة رابعة تتعلق بحقوق العباد.
* تحريم "الجلب" و"الجنب": هذان نوعان من الغش والتدليس في المعاملات التجارية. الإسلام يحرم كل تعامل يقوم على الخداع والكذب والغش، ويحث على الصدق والأمانة والشفافية. فالتجارة يجب أن تكون مبينة على التراضي والوضوح، لا على الاحتيال واستغلال جهل الآخرين. وهذا من تمام العدل الذي جاء به الإسلام.
* تحريم "الشغار": هذا النوع من النكاح باطل لأنه يسلب المرأة حقها في المهر، وهو حق مفروض لها شرعًا لقوله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4]. فالنكاح لا يصح إلا بمهر معروف تتراضى عليه الأطراف.
* الوعيد الشديد على الانتهاب: ثم ختم النبي صلى الله عليه وسلم الحديث بتحذير شديد من الانتهاب والاغتصاب، فقال: «وَمَنِ انْتَهَبَ نُهْبَةً فَلَيْسَ مِنَّا». وهذا وعيد عظيم، حيث نفى النبي صلى الله عليه وسلم انتساب من فعل هذه الفعلة الشنيعة إليه ودعوته، وإن كان منتسبًا إلى الإسلام اسمًا. وهذا النفي لا يعني الخروج من الملة بالضرورة، ولكنه نفى عن فاعله كمال الاتباع والاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه قد ارتكب فعلاً من أفعال أهل الجاهلية. والانتهاب هو أكل لأموال الناس بالباطل، وهو من كبائر الذنوب.


3. الدروس المستفادة منه:


1- تحريم الغش في المعاملات: يجب على المسلم أن يكون أمينًا في بيعه وشرائه، بعيدًا عن كل أنواع الخداع والتدليس والاحتكار.
2- وجوب إعطاء المرأة مهرها: النكاح يجب أن يكون قائمًا على العدل وإعطاء كل ذي حق حقه، والمهر حق ثابت للمرأة.
3- تحريم أكل أموال الناس بالباطل: يحرم الاعتداء على أموال الناس أو أخذها غصبًا أو سرقة أو غشًا، وهذا من أكبر الكبائر.
4- الوعيد الشديد على المغتصب: الحديث يزرع الخوف في قلب المسلم من الاعتداء على حقوق الآخرين، ويبين عظم هذه الجريمة عند الله تعالى.
5- شمولية الإسلام: الإسلام دين شامل ينظم جميع شؤون الحياة، من العبادات إلى المعاملات والأخلاق، ويحرّم كل ما يضر بالمجتمع ويقوض قيم العدل والأمانة.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الحديث من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، حيث جمع في كلمات قليلة تحريم عدة مفاسد اقتصادية واجتماعية.
* الفقهاء استدلوا بهذا الحديث على بطلان بيع النجش (وهو أن يزيد شخص في السلعة وهو لا يريد شراءها بل ليغري غيره)، لأنه من أنواع "الجلب" المحرم.
* قوله: «فليس منا» من أساليب الوعيد في السنة النبوية، ومثله قوله صلى الله عليه وسلم في الغاضب: «ليس منا من شق الجيوب»، أي ليس على هدينا وطريقتنا الكاملة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٥٨١)، والترمذي (١١٢٣)، والنسائي (٦/ ١١١)، وابن ماجه (٣٩٣٧)، وصحّحه ابن حبان (٣٢٦٧، ٥١٧٠)، وأحمد (١٩٩٤٦) كلهم من حديث حميد الطويل، عن الحسن، عن عمران بن حصين فذكره، واختصره البعض. قال الترمذي: «حسن صحيح».
قال الأعظمي: فيه الحسن، وهو الأمام المعروف، وهو مدلس، وقد اختلف في سماعه من عمران بن حصين، فنفاه علي بن المديني، وأثبته بهز بن أسد، ورواية ابن حبان هذا الحديث في صحيحه تشعر بأنه سمع منه؛ لأنه صرح في مقدمة كتابه بقوله: «فإذا صح عندي خبر من رواية مدلس أنه بين السماع فيه لا أبالي أن أذكره من غير بيان السماع في خبره بعد صحته عندي من طريق آخر» (١/ ١٦٢).
ولعل من هذا الطريق ما رواه الطبراني في الكبير (١٨/ ٢١٩) والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (١٠٨١)
كلاهما من طريق محمد بن بشار، وقرنه المروزي بمحمد بن يحيى، قالا: حدثنا محمد ابن عبد اللَّه الأنصاري، قال: حدثنا صرد بن أبي المنازل، قال: سمعت حبيب بن أبي فضالة المالكي، قال: لما بني هذا المسجد مسجد الجامع قال: وعمران بن حصين جالس. فذكروا عنده الشفاعة، فقال رجل من القوم: يا أبا نجيد، إنكم لتحدثونا بأحاديث ما نجد لها أصلا في القرآن. فغضب عمران، وقال للرجل: قرأت القرآن؟ قال: نعم. قال: فهل وجدت فيه صلاة المغرب ثلاثا. . . وذكر أشياء منها الحديث المذكور.
وصرد بن أبي المنازل وشيخه حبيب بن أبي فضائة لا بأس بهما في المتابعات.
وقال الحافظ ابن حجر في النكت الظراف (٨/ ١٧٣): «وله شاهد في المستدرك للحاكم من طريق عقبة بن خالد، عن عمران، وسياق حبيب أتم». كذا قال، والصواب: عن عقبة بن خالد، عن الحسن، عن عمران بن حصين، كما في المستدرك (١/ ١٠٩).
وبمجموع هذه الطرق صح هذا الحديث.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام

  • 📜 حديث: لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب