أفضل عنوان للحديث: "الثلث والثلث كثير، إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث النبوي الشريف الذي رواه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه:

---

نص الحديث:

عن سعد بن أبي وقاص قال: كان رسول اللَّه ﷺ يعودني عام حجة الوداع من وَجَع اشتد بي، فقلتُ: إني قد بلغ بي من الوجَع، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: «لا». فقلت: بالشطر؟ فقال: «لا». ثم قال: «الثلث، والثلث كبير أو كثير، إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس».

---

1. شرح المفردات:

● يعودني: يزورني ويطمئن على صحتي.
● عام حجة الوداع: السنة العاشرة من الهجرة التي حج فيها النبي ﷺ حجة الوداع.
● اشتد بي: قوي وتفاقم.
● ذو مال: صاحب مال كثير.
● الشطر: النصف.
● عالة: فقراء محتاجين.
● يتكففون الناس: يسألون الناس ويمدون أيديهم لأخذ الصدقة.

---

2. شرح الحديث:

كان سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه مريضًا مرضًا شديدًا في عام حجة الوداع، فزاره النبي ﷺ ليطمئن على صحته. خشي سعد رضي الله عنه على ماله من الضياع بعد وفاته لأنه لم يكن له ورثة إلا ابنة واحدة، فأراد أن يتصدق بجزء كبير من ماله في سبيل الله. فسأل النبي ﷺ إن كان يمكنه التصدق بثلثي ماله، فأجابه النبي ﷺ: "لا". ثم سأله عن التصدق بالنصف، فأجابه أيضًا: "لا". ثم بين له النبي ﷺ أن الثلث هو الحد الأقصى للوصية، وأن الثلث يعتبر مقدارًا كبيرًا وكافيًا للصدقة، وأنه من الأفضل أن يترك ورثته أغنياء يعيشون في كرامة بدلاً من أن يتركهم فقراء يحتاجون إلى سؤال الناس.

---

3. الدروس المستفادة منه:

● التوسط في الصدقة والوصية: يشير الحديث إلى أن التصدق بجزء من المال حسن، ولكن لا ينبغي المبالغة فيه إلى درجة إضرار الورثة.
● مراعاة حقوق الورثة: يحث الحديث على الاهتمام بحقوق الورثة وضمان عدم حاجتهم بعد وفاة الموصي.
● الحكمة في التصرف في المال: يدعو الحديث إلى التوازن بين الإنفاق في سبيل الله وبين الحفاظ على مصلحة الأسرة والعائلة.
● الرحمة بالورثة: يظهر الحديث حرص الإسلام على رعاية الورثة وعدم تركهم في حاجة أو فقر.

---

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث أصل في تحديد مقدار الوصية، حيث أن الثلث هو الحد الأقصى الذي يجوز الوصية به، ولا يجوز تجاوزه إلا بإجماع الورثة.
- يعتبر الحديث من الأدلة على حرص الإسلام على التكافل الاجتماعي وحماية الأسر من الفقر والحاجة.
- يستفاد من الحديث أن المال ليس ملكًا للإنسان تمامًا، بل فيه حقوق للورثة والله تعالى، لذا يجب التصرف فيه بحكمة.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا وأن يوفقنا لطاعته، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.