حديث: أعتق ستة مملوكين عند موته لم يكن له مال غيرهم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الوصية بالثلث

عن عمران بن حصين أن رجلا أعتق ستة مملوكين له عند موته، لم يكن له مال
غيرهم، فدعا بهم رسول اللَّه ﷺ، فجزّأهم أثلاثا، ثم أقرع بينهم، فأعتق اثنين، وأرق أربعة، وقال له قولا شديدا.

صحيح: رواه مسلم في البيوع (١٦٦٨) من طرق عن إسماعيل بن علية، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين فذكره.

عن عمران بن حصين أن رجلا أعتق ستة مملوكين له عند موته، لم يكن له مال
غيرهم، فدعا بهم رسول اللَّه ﷺ، فجزّأهم أثلاثا، ثم أقرع بينهم، فأعتق اثنين، وأرق أربعة، وقال له قولا شديدا.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف رواه الإمام مسلم في صحيحه، وفيه دروس عظيمة في العدل والورع والتزام أحكام الشريعة حتى في أحرج المواقف. وإليك الشرح المفصل:

1. شرح المفردات:


* أعتق: حررهم من الرق وجعلهم أحرارًا.
* عند موته: في مرض الموت الذي يخاف فيه الهلاك.
* لم يكن له مال غيرهم: لم يملك أي شيء آخر في تركته سوى هؤلاء العبيد الستة.
* فجزأهم أثلاثا: قسمهم إلى ثلاثة أجزاء متساوية.
* فأقرع بينهم: أجرى القرعة (أي الاقتراع) بينهم لاختيار من سيُعتق.
* أعتق اثنين، وأرق أربعة: حرر اثنين منهم، وأبقي أربعة على status quo (الرق).
* قولا شديدا: وعظه وعتب عليه عتابًا شديدًا؛ لخطأ ما فعله.

2. شرح الحديث:


* الواقعة: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حالة مرض الموت، وأخبره أنه أعتق عبيده الستة، ولم يكن يملك في دنياهم غيرهم (أي أنهم كل ماله وتركته).
* المشكلة الشرعية: تصرف هذا الرجل فيه إخلال بحقوق الآخرين. فالتبرع بالمال كله في مرض الموت ليس من العدل، خاصة إذا كان عليه ديون أو كان له ورثة يحتاجون إلى المال. العتق في حد ذاته عبادة عظيمة، ولكن لا يجوز أن يأتي على حساب حقوق واجبة للآخرين. تصرفه هذا يشبه "هبة المريض مرض الموت" التي لها أحكام خاصة في الفقه الإسلامي، حيث لا تجوز إذا كانت تضر بالورثة.
* فعل النبي صلى الله عليه وسلم: لم يرض النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا التصرف العشوائي الذي يضيع الحقوق. فقام بما يلي:
1- التقسيم: قسم العبيد الستة إلى ثلاث مجموعات، كل مجموعة تساوي ثلث تركية الرجل.
2- إجراء القرعة: أجرى القرعة بين هذه الأثلاث لاختيار أحدها. والقرعة هنا هي مظهر من مظاهر العدل الإلهي، ليتحقق العدل ويُرفع الحرج عن البشر في الاختيار.
3- الحكم: أعتق الثلث الذي خرجت به القرعة (عبيدين)، وأبقي الثلثين الآخرين (أربعة عبيد) ضمن التركة ليقضى منهما دين الرجل إن كان عليه دين، أو ليوزعا على ورثته.
* العتاب الشديد: عاتب النبي صلى الله عليه وسلم الرجل عتابًا شديدًا على هذا الفعل، لأنه تصرف بغير روية وبغير علم بالحكم الشرعي، مما كاد أن يوقع الظلم ويضيع الحقوق.

3. الدروس المستفادة منه:


* العدل فوق العاطفة: لا تكفي النية الحسنة لتصحيح التصرف الخاطئ. فحتى أفعال البر والعبادة يجب أن تكون ضمن الضوابط الشرعية التي تحقق العدل للجميع.
* حرمة أموال الورثة: يحرم على الإنسان أن يتصرف في جميع ماله بغير حق، خاصة في مرض الموت، إذا كان فيه ضرر على الورثة أو الدائنين.
* الحكمة من مشروعية القرعة: القرعة مشروعة في الأمور التي يصعب ترجيح أحد الطرفين عليها، فهي تحقق العدل وتزيل النزاع والحرج.
* وجوب طلب العلم قبل العمل: على المسلم أن يتعلم أحكام دينه قبل أن يقدم على أي عمل، خاصة ما يتعلق بأموال الناس وحقوقهم.
* جرأة النبي صلى الله عليه وسلم في إنكار المنكر: لم يسكت النبي صلى الله عليه وسلم عن الخطأ لمجرد أنه عمل صالح (العتق)، بل بين الخطأ ووجه الصواب، حتى لا يقع الآخرون في نفس الغلط.
* ضبط أحكام العتق: العتق له شروط وأحكام، ولا يصح أن يكون وسيلة للتهرب من الواجبات المالية أو الإضرار بالورثة.

4. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الحديث أصل من أصول فقه "هبة المريض" و "تصرفات المريض مرض الموت".
* يستدل الفقهاء به على أن تصرفات المريض مرض الموقتة لا تنفذ إلا في حدود الثلث، ما لم يجيزها الورثة.
* فيه دليل على أن الميت لا يملك التبرع بكل ماله، بل يخضع تصرفه لرقابة الحاكم الشرعي (القاضي) لضمان حقوق الغير.
* يظهر فيه حرص الشريعة الإسلامية على حفظ الأموال وتنظيم التبرعات بما لا يخل بالنظام المالي للأسرة والمجتمع.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في البيوع (١٦٦٨) من طرق عن إسماعيل بن علية، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين فذكره.
وقوله: «وقال له قولا شديدا» هو كما جاء في السنن: «لو شهدته قبل أن يُدفن لم يقبر في مقابر المسلمين».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: أعتق ستة مملوكين عند موته لم يكن له مال غيرهم

  • 📜 حديث: أعتق ستة مملوكين عند موته لم يكن له مال غيرهم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أعتق ستة مملوكين عند موته لم يكن له مال غيرهم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أعتق ستة مملوكين عند موته لم يكن له مال غيرهم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أعتق ستة مملوكين عند موته لم يكن له مال غيرهم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب