الصلاة الصلاة اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، وابن ماجه، وغيرهم عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، يحمل في طياته وصية خاتم الأنبياء والمرسلين وهو على فراش الموت، مما يزيده أهمية وعمقاً.

---

أولاً. شرح المفردات:

● آخر كلام: أي آخر ما أوصى به وأكد عليه قبل وفاته.
● الصلاة، الصلاة: تكرير للكلمة للاهتمام بها والتأكيد على عظم شأنها.
● اتقوا الله: خافوا الله واراقبوه في جميع أحوالكم.
● فيما ملكت أيمانكم: أي فيما تملكونه من الرقيق والخدم، ويُعَمَّم اليوم ليشمل كل من تحت ولايتك ورعايتك من موظفين وعمال وغيرهم.

---

ثانياً. شرح الحديث:

في لحظاته الأخيرة في هذه الدنيا، لم يوصِ النبي ﷺ بمال أو متاع، بل أوصى بأمرين عظيمين هما عماد الدين وقوام الحياة الاجتماعية:
1- الوصية بالصلاة: بتكرارها ﷺ "الصلاة، الصلاة" يؤكد على:
- أنها الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين.
- أنها الفاصل بين الإسلام والكفر، كما قال ﷺ: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة» (رواه مسلم).
- أنها آخر ما يفقد من الدين، فإذا ضيعت ضاع الدين كله.
- حرصه ﷺ على أمته حتى في آخر لحظة من حياته.
2- الوصية برعاية حقوق الضعفاء والخدم: "اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم" وهذا يشمل:
- الإحسان إلى الخدم والرقيق ومعاملتهم بالعدل والرحمة.
- تأمين حقوقهم المادية من طعام وكساء، والمعنوية من معاملة حسنة.
- عدم تكليفهم ما لا يطيقون، وعدم ظلمهم أو الاعتداء عليهم.
- وفي عصرنا، تشمل هذه الوصية كل من يعمل تحت إمرة الإنسان: موظفين، عمال، خدم في المنزل، وغيرهم.

---

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- عظم مكانة الصلاة: فهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، وهي آخر وصية للنبي ﷺ.
2- العدل والرحمة أساس التعامل: الإسلام يحرص على حقوق الضعفاء ويحذر من ظلمهم.
3- الاستمرار في التذكير بالتوحيد والعبادة: حتى في أحلك الظروف وأصعب اللحظات.
4- حسن الخاتمة: أن يختم للإنسان بالتوصية بالطاعات والعبادات.

---

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث من جوامع كلمه ﷺ، حيث جمع في كلمات قليلة أصول الدين وقواعد التعامل الإنساني.
- يؤخذ منه أن أهم ما يشغل المسلم في حياته هو الحفاظ على الصلاة، ثم القيام بحقوق الخلق، خاصة الضعفاء منهم.
- كان النبي ﷺ قدوة في تطبيق هذه الوصية، فكان يحسن إلى خدمه، ويحث على إعتاق الرقيق، ويؤكد على إكرامهم.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يحافظ على الصلاة، ويحسن إلى من تحت أيدينا، وأن يتوفانا على الإيمان والتقوى.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.