أنهاكم عن الدباء والنقير والحنتم والمزفت

حديث: أنهاكم عن الدباء والنقير والحنتم والمزفت

عن ابن عباس قال: قدم وفد عبد القيس فقالوا: يا رسول الله، إنا هذا الحي من ربيعة بيننا وبينك كفار مضر فلسنا نصل إليك إِلَّا في الشهر الحرام، فمرنا بأمر نأخذ به وندعو إليه من وراءنا قال: «آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع: الإيمان بالله شهادة أن لا إله إِلَّا الله» - وعقد بيده - «وإقام الصّلاة، وإيتاء الزّكاة، وصيام رمضان، وأن تؤدوا لله خمس ما غنمتم، وأنهاكم عن الدباء والنقير والحنتم والمزفت».

متفق عليه: رواه البخاريّ في فرض الخمس (٣٥٩٥)، ومسلم في الإيمان (١٧: ٢٣) كلاهما من طريق حمّاد بن زيد، عن أبي جمرة الضبعي قال: سمعت ابن عباس.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فحديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي ذكرته من الأحاديث العظيمة التي جمعت بين أصول الإيمان وأركان الإسلام، مع التحذير من بعض المنكرات. وسأشرحه لك جزءًا جزءًا بما تيسر، مستندًا إلى كتب أهل العلم المعتمدة.

أولًا:

شرح المفردات:
● وفد عبد القيس: هم جماعة من قبيلة عبد القيس، وهي من ربيعة، وقد جاءوا من البحرين إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
● كفار مضر: قبيلة مضر كانت لا تزال على الكفر، فكانت تحول بينهم وبين الوصول إلى النبي إلا في الأشهر الحرم التي يُكف فيها الناس عن القتال.
● الشهر الحرام: الأشهر الحرم هي: ذو القعدة، ذو الحجة، المحرم، ورجب.
● الدباء: القرع اليابس، وكانوا يتخذونه آنية للخمر.
● النقير: أصل النخلة ينقرونه ويجعلونه وعاءً للخمر.
● الحنتم: جرار خضر كانت تصنع من الفخار، وتستخدم للخمر.
● المزفت: الآنية المطلية بالزفت (القار) لتحفظ السوائل، وكانوا يستعملونها للخمر.

ثانيًا. شرح الحديث:

جاء وفد عبد القيس إلى النبي صلى الله عليه وسلم وشكوا له أن بينهم وبينه كفار مضر، فلا يستطيعون الوصول إليه إلا في الأشهر الحرم، فطلبوا منه تعليمهم أمورًا واضحة يأخذون بها ويدعون إليها قومهم.
فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بأربع ونهاهم عن أربع:
الأمر بأربع:
1- الإيمان بالله وشهادة أن لا إله إلا الله: وهذا أصل الدين، وهو التوحيد الذي من أجله بُعثت الرسل. وقوله: "وعقد بيده" أي أشار بأصابع يده ليوضح العدد، أو ليبين أهمية هذه الأركان.
2- إقام الصلاة: وهي عمود الدين، فمن أقامها فقد أقام الدين، ومن هدمها فقد هدم الدين.
3- إيتاء الزكاة: وهي حق المال، وطهارة للنفس والمال.
4- صيام رمضان: وهو ركن من أركان الإسلام، وفيه تزكية للنفس وتربية على التقوى.
5- أن تؤدوا لله خمس ما غنمتم: وهذا خاص بالغنائم الحربية، حيث يجب إخراج خمسها لله تعالى، يصرف في مصارف الزكاة والغنائم المحددة شرعًا.
النهي عن أربع:
1- عن الدباء: وهو القرع اليابس، وكانوا يتخذونه آنية للخمر.
2- عن النقير: وهو أصل النخلة المنقور، وكانوا يستعملونه وعاءً للخمر.
3- عن الحنتم: وهي الجرار الخضر، وكانت تستخدم لصنع الخمر وحفظها.
4- عن المزفت: وهي الآنية المطلية بالزفت، والتي كانت تستخدم للخمر أيضًا.
والنهي عن هذه الآنية لأنها كانت معدة للخمر، فنهى عنها سدًا لذريعة التعاطي مع الخمر، وتحريمًا لاستعمال آنيتها المعروفة، حتى لا يكون وسيلة إلى شرب الخمر.

ثالثًا. الدروس المستفادة من الحديث:

1- حرص الصحابة على التعلم: حيث جاء الوفد من بلاد بعيدة، وطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمهم ما ينفعهم.
2- بيان النبي صلى الله عليه وسلم للأمور المهمة باختصار: حيث جمع لهم أصول الإسلام وأركانه في كلمات قليلة.
3- أهمية التوحيد والصلاة والزكاة والصوم: فهي أسس الإسلام العظيمة.
4- تحريم الخمر وسد الذرائع إليها: حيث نهى عن استعمال الآنية التي كانت معدة للخمر، حتى لا تكون وسيلة إلى المحرم.
5- مراعاة الظروف الخاصة: حيث خاطبهم النبي صلى الله عليه وسلم بما يناسب حالهم، وهم لا يستطيعون الوصول إليه إلا في أوقات محددة.

رابعًا. معلومات إضافية:

- هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، مما يدل على صحته وعظم موقعه.
- النهي عن هذه الآنية كان في بداية الإسلام، حيث كانت الخمر محرمة، ولكن بعض الناس كانوا يتلاعبون باستعمال هذه الآنية، فنهى النبي عنها سدًا للذرائع.
- العلماء اختلفوا في حكم استعمال هذه الآنية اليوم، فمنهم من قال بالكراهة، ومنهم من قال بالتحريم إذا كانت معدة للمحرم، والأولى تركها احتياطًا.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يوفقنا لطاعته، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في فرض الخمس (٣٥٩٥)، ومسلم في الإيمان (١٧: ٢٣) كلاهما من طريق حمّاد بن زيد، عن أبي جمرة الضبعي قال: سمعت ابن عباس. فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 348 من أصل 424 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أنهاكم عن الدباء والنقير والحنتم والمزفت

📜 حديث: أنهاكم عن الدباء والنقير والحنتم والمزفت

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أنهاكم عن الدباء والنقير والحنتم والمزفت

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أنهاكم عن الدباء والنقير والحنتم والمزفت

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أنهاكم عن الدباء والنقير والحنتم والمزفت

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية