حديث: قضاء عمر بين علي و العباس رضي الله عنهم جميعا
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء في الفيء
رسول الله ﷺ ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال، ثمّ يأخذ ما بقي، فيجعله مجعل مال الله فعمل رسول الله ﷺ بذلك حياته أنشدكم بالله هل تعلمون ذلك؟ قالوا: نعم ثمّ قال لعلي وعباس: أنشدكما بالله هل تعلمان ذلك؟ قال عمر: ثمّ توفى الله نبيه ﷺ فقال أبو بكر: أنا ولي رسول الله ﷺ فقبضها أبو بكر فعمل فيها بما عمل رسول الله ﷺ والله يعلم إنه فيها لصادق بارّ راشد تابع للحق ثمّ توفى الله أبا بكر فكنت أنا ولي أبي بكر فقبضتها سنتين من إمارتي أعمل فيها بما عمل رسول الله ﷺ وما عمل فيها أبو بكر والله يعلم إني فيها لصادق بار راشد تابع للحق ثمّ جئتماني تكلماني وكلمتكما واحدة وأمركما واحد جئتني يا عباس تسألني نصيبك من ابن أخيك وجاءني هذا - يريد عليا - يريد نصيب امرأته من أبيها فقلت لكما إن رسول الله ﷺ قال: «لا نورث ما تركنا صدقة». فلمّا بدا لي أن أدفعه إليكما قلت: إن شئتما دفعتها إليكما على أن عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيها بما عمل فيها رسول الله ﷺ وبما عمل فيها أبو بكر وبما عملت فيها منذ وليتها فقلتما: ادفعها إلينا فبذلك دفعتها إليكما فأنشدكم بالله هل دفعتها إليهما بذلك؟ قال الرهط: نعم، ثمّ أقبل على عليّ وعباس فقال: أنشدكما بالله هل دفعتها إليكما بذلك؟ قالا: نعم قال: فتلتمسان مني قضاء غير ذلك، فوالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيها قضاء غير ذلك، فإن عجزتما عنها فادفعاها إلي فإني أكفيكماها.
متفق عليه: رواه البخاريّ في فرض الخمس (٣٠٩٤)، ومسلم في الجهاد والسير (١٧٥٦: ٤٩) من طريق مالك بن أنس، عن ابن شهاب الزّهريّ، أن مالك بن أوس حدَّثه قال فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فإن هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه يحوي قصة عظيمة ودرسًا بليغًا في عدل الخلفاء الراشدين وتطبيقهم لسنة النبي صلى الله عليه وسلم. وإليك الشرح المفصل:
1. شرح المفردات:
● متع النهار: أي ارتفع النهار واشتدَّ حرّه.
● الرمال: حشو السرير، وهو ما يوضع عليه.
● أدم: جلد مدبوغ.
● يرفا: اسم حاجب عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
● الرهط: الجماعة من الرجال (هنا: عثمان، عبدالرحمن بن عوف، الزبير، سعد).
● تيدكم: كلمة تعجب وتحذير، مثل "احذركم" أو "أنبّهكم".
● أنشدكم بالله: أي أسألكم وتحلفكم بالله.
● ما أفاء الله: أي ما رده الله على رسوله من أموال الكفار من غير قتال.
● احتازها: استأثر بها وحازها لنفسه.
● بثها: فرقها وأنفقها.
● رضخ: عطاء من المال دون مقدار محدد.
● اقض بيننا: احكم بيننا.
2. شرح الحديث:
يبدأ الحديث بمالك بن أوس الذي دُعي إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فوجده متواضعًا في بيته جالسًا على سرير بسيط. ثم يدخل عليه كبار الصحابة مثل عثمان وعبدالرحمن بن عوف والزبير وسعد، ثم يدخل عليّ وعباس رضي الله عنهم جميعًا.
وكان الخلاف بين علي وعباس حول ميراث النبي صلى الله عليه وسلم من مال بني النضير (وهو فيءٌ أفاءه الله على رسوله). فطلب عباس من عمر أن يقضي بينهما.
هنا يوقفهم عمر موقفًا عظيمًا؛ فيستشهدهم جميعًا على قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا نورث، ما تركنا صدقة"، أي أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يورث، بل ما تركه يكون صدقة للمسلمين. فيشهد الجميع بما فيهم علي وعباس أنهم سمعوا ذلك من النبي.
ثم يبيّن عمر أن هذا المال (فيء بني النضير) كان خاصًا بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم كان ينفق على أهله منه ويجعل الباقي في مصالح المسلمين. ثم تولاه أبو بكر بعده ثم عمر بنفس الطريقة.
ثم يذكر عمر أنه عندما طلب منه علي وعباس هذا المال، دفعه إليهما بشرط أن يعملا فيه بما عمل النبي وأبو بكر وعمر، فأخذا المال بهذا الشرط. والآن يطلبان حكمًا آخر!
فيرفض عمر أن يحكم بينهما إلا بالحق الذي يعرفه، ويقول: إن عجزتما عن الالتزام بالشرط فارددا المال إليَّ لأتكفّلهكما.
3. الدروس المستفادة:
● عدل الخلفاء الراشدين وتحرِّيهم للحق واتباعهم لسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
● عدم توريث النبي صلى الله عليه وسلم، بل ما تركه صدقة لأمة الإسلام.
● الحكم بالشهادة والبيّنة، واستشهاد العدول من الصحابة على الحق.
● التواضع في العيش كما كان عمر أمير المؤمنين يجلس على سرير بسيط.
● الوفاء بالعهود والمواثيق، حيث يشترط عمر على علي وعباس الالتزام بطريقة الإنفاق الشرعية.
● رفض التحكيم بالهوى، وتمسك عمر بالحق حتى لو كان الخصمان من أقرب الناس إليه.
4. معلومات إضافية:
- هذا الحديث أصل في بيان أن أموال النبي صلى الله عليه وسلم لم تورث، بل هي صدقة.
- وهو من الأحاديث التي استدل بها أهل السنة على عدالة الصحابة واتباعهم للنبي صلى الله عليه وسلم.
- وفيه بيانٌ لمنهج عمر رضي الله عنه في القضاء بالشهادة واليمين.
- وهو أيضًا يدل على حرص كبار الصحابة على المشورة والاجتماع للخير والحق.
فالحمد لله الذي جعل في هذه الأمة من يقيم الحق ويذب عن سنة نبيه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
ورواه أبو عبيد في الأموال (٤١) عن إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، عن عكرمة بن خالد، عن مالك بن أوس بن الحدثان، عن عمر بن الخطّاب نحو الحديث الذي ذكرنا في قول العباس وعلي وزاد في آخر حديثه بعضه عن أيوب، عن الزّهريّ، عن مالك بن أوس بن الحدثان، عن عمر نحو الحديث الذي ذكرناه قال:
ثمّ قرأ: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [الأنفال: ٤١]، هذه لهولاء. ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [التوبة: ٦٠]، هذه لهولاء: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [الحشر: ٧] وللفقراء والمهاجرين أو قال: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ﴾ [الحشر: ٨] ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ [الحشر: ٩] ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ قال: فاستوعبت هذه الآية الناس.
فلم يبق أحد من المسلمين إِلَّا له فيها حق - أو قال: حظ - إِلَّا بعض من تملكون من أرقّائكم. وإن عشت إن شاء الله ليؤتين كل مسلم حقه - أو قال: حظه - حتَّى يأتي الراعي بسَرْو حمير ولم يعرق فيه جبينه.
ومن طريق أيوب عن عكرمة بن خالد رواه أيضًا النسائيّ (٤١٤٨) ثمّ قال: قال الزهري وذكر الآية الكريمة. ورواه أبو داود (٢٩٦٦) من طريق أيوب، عن الزهري قال: قال عمر. فذكر الحديث. فهما لم يقما إسناد الزهري وأقامه أبو عبيد.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 340 من أصل 424 حديثاً له شرح
- 315 كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه
- 316 غنموا طعاما وعسلا فلم يؤخذ منهم الخمس
- 317 ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه
- 318 النهبة لا تحل
- 319 سمعت رسول الله ﷺ ينهى عن النهبى
- 320 ليست النهبة بأحل من الميتة
- 321 على رقبته شاة لها ثغاء يوم القيامة
- 322 أخذ الشملة من المغانم لتشتعل عليه نارًا
- 323 لا يدخل الجنة إلا المؤمنون
- 324 من مات وعليه غلول فهو في النار
- 325 من مات وهو بريء من الكبر والغلول والدين دخل الجنة
- 326 منعك أن تجيء به يوم القيامة
- 327 ما لي فيه إلا مثل ما لأحدكم منه، إياكم والغلول
- 328 المغضوب عليهم والضالون في حديث النبي ﷺ
- 329 إياكم والغلول ينكح المرأة قبل أن يقسم
- 330 من كتم غالًّا فإنه مثله
- 331 إذا وجدتم الرجل قد غل فأحرقوا متاعه واضربوه
- 332 بعث سرية فيها عبد الله بن عمر قبل نجد فغنموا...
- 333 نفّلنا رسول الله ﷺ نفلا سوى نصيبنا من الخمس
- 334 ينفّل بعض السرايا لأنفسهم خاصة سوى قسم عامة الجيش
- 335 ضع السيف من حيث أخذته
- 336 سيف النبي ﷺ ذو الفقار يوم بدر
- 337 لا نفل إلا بعد الخمس
- 338 نفل الثلث بعد الخمس
- 339 كان ينفق على أهله نفقة سنته، ثم يجعل ما بقي...
- 340 قضاء عمر بين علي و العباس رضي الله عنهم جميعا
- 341 فاطمة تسأل أبا بكر ميراثها من رسول الله
- 342 عطاء المحررين
- 343 أعطيت دحية صفية بنت حيي سيدة قريظة والنضير
- 344 صفية من الصفي
- 345 صفايا رسول الله الثلاث: بنو النضير وخيبر وفدك
- 346 كانت لي شارف من نصيبي من المغنم يوم بدر
- 347 من محمد رسول الله إلى بني زهير بن أقيش
- 348 أنهاكم عن الدباء والنقير والحنتم والمزفت
- 349 أيما قرية عصت الله ورسوله فإن خمسها لله ولرسوله ثم...
- 350 لا يحل لي من غنائمكم مثل هذا إلا الخمس
- 351 لا يحل لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس والخمس...
- 352 إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد
- 353 إنا وبنو المطلب لا نفترق في جاهلية ولا إسلام
- 354 سهم ذي القربى لمن هو؟ قال: هو لنا لقربى رسول...
- 355 عمر بن الخطاب يقول: بل الله يقسمه وأنا بادئ بأهل...
- 356 لا يكلم أحد في سبيل الله جاء يوم القيامة وجرحه...
- 357 لولا أن رجالا من المؤمنين لا تطيب أنفسهم ما تخلفت...
- 358 يتمنى الشهيد أن يرجع إلى الدنيا فيُقتل عشر مرات
- 359 يؤتى بالرجل من أهل الجنة فيسأل أن يرد إلى الدنيا...
- 360 ما من نفس مسلمة يقبضها ربها تحب أن ترجع إليكم
- 361 من مات ولها عند الله خير تحب أن ترجع إلى...
- 362 دار الشهداء هي أحسن وأفضل دار
- 363 يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة
- 364 ما يجد الشهيد من مس القتل إلا كما يجد أحدكم...
معلومات عن حديث: قضاء عمر بين علي و العباس رضي الله عنهم جميعا
📜 حديث: قضاء عمر بين علي و العباس رضي الله عنهم جميعا
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: قضاء عمر بين علي و العباس رضي الله عنهم جميعا
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: قضاء عمر بين علي و العباس رضي الله عنهم جميعا
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: قضاء عمر بين علي و العباس رضي الله عنهم جميعا
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








