حديث: نفل الثلث بعد الخمس

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في الأنفال

عن حبيب بن مسلمة الفهري: كان رسول الله ﷺ ينفل الثلث بعد الخمس.
وفي لفظ: أن رسول الله ﷺ نفل الربع بعد الخمس في بدأته، ونفل الثلث بعد الخمس.

صحيح: رواه أبو داود (٢٧٤٨ - ٢٧٥٠)، وابن ماجة (٢٨٥١)، وأحمد (١٧٤٦٢)، وابن حبَّان (٤٨٣٥)، والحاكم (٢/ ١٣٣)، والبيهقي (٦/ ٣١٤) كلّهم من طرق عن مكحول، عن زياد بن جارية - أو زيد بن جارية - عن حبيب بن مسلمة الفهري فذكره.

عن حبيب بن مسلمة الفهري: كان رسول الله ﷺ ينفل الثلث بعد الخمس.
وفي لفظ: أن رسول الله ﷺ نفل الربع بعد الخمس في بدأته، ونفل الثلث بعد الخمس.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما وفقها في الدين، وأن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويجعلنا هداة مهتدين.
هذا الحديث الذي ذكر رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام أبو داود في سننه، وغيرهما، عن الصحابي الجليل حبيب بن مسلمة الفهري رضي الله عنه، وهو من كبار قادة الفتح في عهد الخلفاء الراشدين.

أولاً. شرح المفردات:


● يَنْفُلُ / نَفَلَ: النفل في اللغة: العطية والهبة الزائدة على الواجب. وفي الاصطلاح الشرعي: هو الزيادة في الغنيمة التي يعطيها الإمام (القائد) لبعض المجاهدين تفوقاً لهم وتشجيعاً على البذل والتضحية، وهي غير السهم الأساسي من الغنيمة.
● الخُمُس: هو حصة معينة من الغنائم (أي الأموال المنقولة التي استولي عليها من العدو في المعركة) كانت تُؤخذ وتصرف في مصارفها المحددة في القرآن الكريم في سورة الأنفال: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: 41]. أي أنه كان يُستخرج خمس الغنيمة أولاً ليوضع في بيت المال للمصارف المذكورة.
● بعد الخمس: أي بعد استخراج الخمس من إجمالي الغنيمة وتخزينه.
● الرُّبْع / الثُّلث: هما نسبتان من صافي الغنيمة (الـ 80% المتبقية بعد إخراج الخمس).
● في بَدْأَتِهِ: البَدأة (بفتح الباء) تعني الغزوة الأولى أو السريّة الأولى، أي في بداية الأمر أو في أول غزوة.


ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا الصحابي حبيب بن مسلمة رضي الله عنه عن سنة نبوية في تقسيم الغنائم، حيث كان النبي ﷺ يمنح قادة الجيوش والمجاهدين المتميزين عطاءً إضافياً (نفلاً) من الغنيمة بعد أن يتم أولاً استخراج الخمس الشرعي.
والحديث يذكر صورتين من هذا النفل:
1- نَفَلَ الرُّبْعَ بَعْدَ الْخُمُسِ فِي بَدْأَتِهِ: أي في بعض الغزوات أو السرايا الأولى، كان النبي ﷺ يعطي زيادة مقدارها ربع الغنيمة المتبقية (أي ربع الـ 80%) للمجاهدين.
2- وَنَفَلَ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ: وفي حالات أخرى، كان يعطي زيادة أكبر، وهي ثلث الغنيمة المتبقية (ثلث الـ 80%).
فالمعادلة تكون كالتالي:
- المجموع الكلي للغنيمة = 100%
- يُستخرج الخمس (20%) لبيت المال.
- تتبقى (80%) هي حصة المجاهدين الأساسية.
- النفل (الربع أو الثلث) يُؤخذ من هذه الـ 80% المتبقية ويعطى للمجاهدين المتفوقين كعطية تشجيعية، وليس من الخمس.


ثالثاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:


1- مشروعية النفل: يجوز للإمام (الحاكم أو القائد العام) أن يمنح جنوده عطاءً إضافياً من الغنائم كنوع من التحفيز والتشجيع على الجهاد والبسالة، وهذا من حكمته ﷺ في قيادة الجيوش.
2- مرونة التشريع والحكمة: أن مقدار هذا النفل (ربع أو ثلث) ليس مقداراً ثابتاً بل هو discretionary (تقديري) يرجع إلى اجتهاد الإمام وحكمته، حسب ظروف المعركة وشجاعة المجاهدين وحاجة الوقت. وهذا من مرونة الشريعة الإسلامية.
3- الأصل في الغنائم: أن القاعدة الأساسية هي تقسيم الغنائم بعد إخراج الخمس بالتساوي بين المجاهدين، كما جاء في القرآن والسنة. والنفل هو استثناء على هذه القاعدة لأسباب وحكمة.
4- الحكمة من النفل: تشجيع الأبطال والمقدمين في القتال، وجبر خواطر من قد يكون قد بذل أكثر أو أصيب، وتحفيز الهمم للمستقبل.
5- ضبط الأمور المالية: الحديث يظهر الدقة والضبط في التعامل مع المال العام (الغنائم)، حيث يحدد أولاً الحقوق الواجبة (الخمس) ثم يتم التصرف في الباقي، مما يمنع العشوائية والظلم.


رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحكم (جواز النفل) هو رأي جمهور العلماء من أهل السنة والجماعة.
- النفل لا يعني حرمان بقية الجيش من حقوقهم، فالباقي بعد أخذ النفل يقسم بالتساوي على جميع المجاهدين المستحقين.
- هذه السنة العملية من النبي ﷺ هي تطبيق لقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ ۖ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: 1]، حيث جعل الله تعالى قسمة الغنائم إلى رأيه واجتهاده ﷺ بما فيه مصلحة المسلمين.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا الفقه في دينه، والاتباع لسنة نبيه ﷺ.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٧٤٨ - ٢٧٥٠)، وابن ماجة (٢٨٥١)، وأحمد (١٧٤٦٢)، وابن حبَّان (٤٨٣٥)، والحاكم (٢/ ١٣٣)، والبيهقي (٦/ ٣١٤) كلّهم من طرق عن مكحول، عن زياد بن جارية - أو زيد بن جارية - عن حبيب بن مسلمة الفهري فذكره.
واللّفظ الثاني عند أحمد وابن حبَّان وغيرهما.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
وهو كما قال وقد جاء عند أبي داود (٢٧٥٠) أن مكحولا لقي زياد بن جارية التميمي فقال له: هل سمعتَ في النفل شيئًا؟ قال: نعم سمعت حبيب بن مسلمة الفهري يقول: فذكره.
وقوله: «ونفل بعد الخمس» أي أخذ الخمس أولا من تمام الغنيمة ثمّ أعطى الثلث أو الربع مما بقي من الأخماس الأربعة ثمّ قسم البقية بين الغانمين.
وفيه دليل على أنه يجوز للإمام أن يزيد بعض المقاتلين على نصيبه بمقدار الثلث أو الربع من الأخماس الأربعة، وهذا قول أنس بن مالك، وفقهاء الشام منهم: رجاء بن حيوة، ومكحول، والأوزاعي. وبه قال أحمد، وإسحاق، وأبو عبيد. وكان مالك يرى أنه لا نفل إِلَّا من الخمس.
وقال النخعي وغيره: إن شاء الإمام نفله قبل الخمس وإن شاء بعده. انظر: المغني (١٣/ ٦٠).
وكان بعض الصّحابة يرى أنه لا نفل بعد رسول الله ﷺ منهم: عبد الله بن عمرو بن العاص فقد روى ابن ماجة (٢٨٥٣) من طريق رجاء بن أبي سلمة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: لا نفل بعد رسول الله ﷺ يرد المسلمون قويهم على ضعيفهم.
وقوله: «في بدأته» أي: في ابتداء الغزو وذلك بأن نهضت سرية من العسكر وابتدروا إلى العدو في أول الغزو فما غنموا كان يعطيهم منها الربع، والبقية يقسم لتمام العسكر، وإن فعل طائفة مثل ذلك حين رجوع العسكر يعطيهم ثلث ما غنموا؛ لأن فعلهم ذلك حين رجوع العسكر أشقُّ لضعف الظهر والعدة والفتور، وزيادة الاشتهاء إلى الأوطان فزاد لذلك.
وأمّا ما رُوي عن عبادة بن الصَّامت: «أن النَّبِيّ ﷺ كان ينفل في البدأة الربع، وفي القفول الثلث» فلا يصح.
رواه الترمذيّ (١٥٦١)، وابن ماجة (٢٨٥٢)، وأحمد (٢٢٧٢٦) كلّهم من طرق عن سفيان، عن عبد الرحمن بن الحارث بن عَيَّاش بن أبي ربيعة، عن سليمان بن موسى (هو الأشدق)، عن مكحول، عن أبي سلام الأعرج، عن أبي أمامة، عن عبادة بن الصَّامت .. فذكره.
قال الترمذيّ في العلل (٢/ ٦٦٥): «سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: لا يصح، إنّما روى هذا الحديث داود بن عمرو، عن أبي سلّام، عن النَّبِيّ ﷺ مرسلًا».
قال محمد (يعني البخاريّ): «وسليمان بن موسى منكر الحديث، أنا لا أرُوي عنه شيئًا، روى سليمان بن موسى أحاديث عامتها مناكير». ثمّ ساق له عدة مناكير.
قال الأعظمي: وفي سنده عبد الرحمن بن الحارث بن عَيَّاش بن أبي ربيعة صدوق له أوهام، وقد اختلف عليه أيضًا.
وأمّا الترمذيّ فقال: «حديث حسن».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 338 من أصل 424 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نفل الثلث بعد الخمس

  • 📜 حديث: نفل الثلث بعد الخمس

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: نفل الثلث بعد الخمس

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: نفل الثلث بعد الخمس

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: نفل الثلث بعد الخمس

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, December 18, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب