حديث: عطاء المحررين
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء في الفيء
حسن: رواه ابن الجارود (١١١٤)، والطحاوي في شرح المشكل (٤٢٧٤)، والبيهقي (٦/ ٣٤٩) من طريق محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، حَدَّثَنَا عبد الله بن نافع الصائغ، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقرأ. هذا حديثٌ طيبٌ ذو معنى عظيم، يتعلق بفضل المحررين (الموالي) وبيان مكانتهم في الإسلام، وسأشرحه لك على النحو التالي:
1. شرح المفردات:
● لما قدم المدينة حاجًّا: عندما وصل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه إلى المدينة المنورة قاصدًا أداء فريضة الحج.
● حاجتك يا أبا عبد الرحمن: ما الذي تريد أو تطلب؟ (وهي صيغة أدب للاستفسار عن حاجة الشخص).
● عطاء المحررين: العطاء هنا指的是 العطايا والهبات التي كانت توزع من بيت مال المسلمين (الخزينة العامة) على المستحقين، كالجنود والفقراء وأهل السابقة في الإسلام. والمحررين: هم الموالي، وهم الذين كانوا عبيدًا فأعتقهم سادتهم، فأصبحوا أحرارًا، وانتسبوا إلى القبيلة التي أعتقتهم (موالي القبيلة).
● أول ما جاءه شيء: أول ما يرد إلى بيت المال من أموال الفيء أو الغنائم.
2. شرح الحديث:
يخبرنا الصحابي الجليل زيد بن أسلم عن أبيه (أسلم مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه) أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وهو الخليفة آنذاك، قد جاء إلى المدينة المنورة لأداء مناسك الحج.
فلما علم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما بمجيئه، ذهب إليه. وسأله معاوية بأدب وتبجيل قائلاً: "ما حاجتك يا أبا عبد الرحمن؟" (كنية عبد الله بن عمر).
فأجابه ابن عمر رضي الله عنهما بأن حاجته هي المطالبة بحق "المحررين" (الموالي) في العطاء من بيت مال المسلمين، ومساواتهم بغيرهم في التوزيع. ثم استدل على ذلك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: "فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما جاءه شيء بدأ بالمحررين".
أي أن عبد الله بن عمر شهد بنفسه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا وزع العطاء أو الغنائم، يقدم المحررين ويعطيهم من أول ما يرد إليه، قبل أن يعطي غيره، تكريمًا لهم ورفعًا لشأنهم.
3. الدروس المستفادة منه:
1- العدل والمساواة في الإسلام: يوضح الحديث أن الإسلام ساوى بين الناس جميعًا، regardless of their origins. فالمولى الذي كان عبدًا أصبح حرًا له كامل الحقوق، ولا فرق بينه وبين العربي الأصيل إلا بالتقوى.
2- الرفق بالضعفاء وإكرامهم: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخص المحررين بالعطاء أولاً لسببين:
● نفسي: لرفع معنوياتهم وزرع الثقة في نفوسهم بعدما عانوا من ذل العبودية، وإشعارهم بأنهم جزءٌ أصيلٌ في المجتمع.
● اجتماعي: لأنهم غالبًا ما يكونون فقراء بعد عتقهم، وليس لهم عشيرة أو قبيلة تدعمهم ماديًا كغيرهم، فكان عطاء الدولة لهم بمثابة رعاية اجتماعية.
3- اتباع السنة النبوية: حرص عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وهو من أشد الناس تمسكًا بالسنة، على تذكير الخليفة معاوية بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر، مما يدل على وجوب تطبيق سنة النبي في الحكم وإدارة شؤون الدولة.
4- الشجاعة في النصيحة: لم يتردد ابن عمر، وهو عالم المدينة، في تذكير أمير المؤمنين بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا من النصيحة التي أمر بها الإسلام لولاة الأمور.
5- أدب الصحابة: نلاحظ الأدب الجم في الحوار بين الصحابيين، فمعاوية يسأل بأدب ("حاجتك يا أبا عبد الرحمن") وابن عمر يطلب حاجة عامة ليست له شخصيًا، بل لمصلحة فئة من المسلمين.
4. معلومات إضافية مفيدة:
● الموالي (المحررين) كان لهم دور عظيم في تاريخ الإسلام، فمنهم كبار العلماء والمحدثين والقراء والقادة، مثل: سالم مولى أبي حذيفة، وعكرمة مولى ابن عباس، ونافع مولى ابن عمر (مقرئ المدينة).
- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حديث صحيح بشواهده.
- المبدأ الذي أرساه الحديث (رعاية المستضعفين والمحرومين) هو مبدأ إسلامي أصيل يجب تطبيقه في كل زمان ومكان، بصور تتناسب مع ظروف العصر.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
ورواه أبو داود (٢٩٥١) عن هارون بن زيد بن أبي الزرقاء، حَدَّثَنَا أبيّ، حَدَّثَنَا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم: أن عبد الله بن عمر دخل على معاوية. فذكر نحوه. ولم يذكر: «عن أبيه».
وزيد بن أسلم وأبوه كل منهما أدرك عبد الله بن عمر وروى عنه، فالخطب فيه يسير.
والإسناد حسن من أجل هشام بن سعد فإنه حسن الحديث.
قال الخطّابي في معالم السنن (٤/ ٢٠٤): «يريد بالمحررين المُعتَقين وذلك أنهم قوم لا ديوان لهم وإنما يدخلون تبعًا في جملة مواليهم، وكان الديوان موضوعا على تقديم بني هاشم ثمّ الذين يلونهم في القرابة والسابقة وكان هؤلاء مؤخرين في الذكر فاذكر بهم عبد الله بن عمر وتشفع في تقديم أعطيتهم لما علم من ضعفهم وحاجتهم».
ومن الآثار: عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: ذكر عمر بن الخطّاب يومًا الفيئ فقال: ما أنا بأحق بهذا الفيئ منكم وما أحد منا بأحق به من أحد، إِلَّا أنا على منازلنا من كتاب الله عز وجل وقسم رسول الله ﷺ فالرجل وقِدمه، والرجل وبلاؤه، والرجل وعياله، والرجل وحاجته.
رواه أبو داود (٢٩٥٠)، وأحمد (٢٩٢)، والبيهقي (٦/ ٣٤٦ - ٣٤٧) من طريق محمد بن إسحاق قال: عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن مالك بن أوس بن الحدثان قال فذكره. والسياق لأبي داود.
وفيه عنعنة ابن إسحاق وهو مدلِّس لكن له طرق أخرى عند الطبرانيّ في الأوسط (١٣١٢).
قال أبو عبيد في الأموال (١/ ٣٧٧): «وقد كان رأي عمر الأوّل التفضيل على السوابق والغناء عن الإسلام، وهذا هو المشهور من رأيه، وكان رأي أبي بكر التسوية، ثمّ قد جاء عن عمر شبيه بالرجوع إلى رأي أبي بكر» اهـ.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 342 من أصل 424 حديثاً له شرح
- 317 ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه
- 318 النهبة لا تحل
- 319 سمعت رسول الله ﷺ ينهى عن النهبى
- 320 ليست النهبة بأحل من الميتة
- 321 على رقبته شاة لها ثغاء يوم القيامة
- 322 أخذ الشملة من المغانم لتشتعل عليه نارًا
- 323 لا يدخل الجنة إلا المؤمنون
- 324 من مات وعليه غلول فهو في النار
- 325 من مات وهو بريء من الكبر والغلول والدين دخل الجنة
- 326 منعك أن تجيء به يوم القيامة
- 327 ما لي فيه إلا مثل ما لأحدكم منه، إياكم والغلول
- 328 المغضوب عليهم والضالون في حديث النبي ﷺ
- 329 إياكم والغلول ينكح المرأة قبل أن يقسم
- 330 من كتم غالًّا فإنه مثله
- 331 إذا وجدتم الرجل قد غل فأحرقوا متاعه واضربوه
- 332 بعث سرية فيها عبد الله بن عمر قبل نجد فغنموا...
- 333 نفّلنا رسول الله ﷺ نفلا سوى نصيبنا من الخمس
- 334 ينفّل بعض السرايا لأنفسهم خاصة سوى قسم عامة الجيش
- 335 ضع السيف من حيث أخذته
- 336 سيف النبي ﷺ ذو الفقار يوم بدر
- 337 لا نفل إلا بعد الخمس
- 338 نفل الثلث بعد الخمس
- 339 كان ينفق على أهله نفقة سنته، ثم يجعل ما بقي...
- 340 قضاء عمر بين علي و العباس رضي الله عنهم جميعا
- 341 فاطمة تسأل أبا بكر ميراثها من رسول الله
- 342 عطاء المحررين
- 343 أعطيت دحية صفية بنت حيي سيدة قريظة والنضير
- 344 صفية من الصفي
- 345 صفايا رسول الله الثلاث: بنو النضير وخيبر وفدك
- 346 كانت لي شارف من نصيبي من المغنم يوم بدر
- 347 من محمد رسول الله إلى بني زهير بن أقيش
- 348 أنهاكم عن الدباء والنقير والحنتم والمزفت
- 349 أيما قرية عصت الله ورسوله فإن خمسها لله ولرسوله ثم...
- 350 لا يحل لي من غنائمكم مثل هذا إلا الخمس
- 351 لا يحل لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس والخمس...
- 352 إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد
- 353 إنا وبنو المطلب لا نفترق في جاهلية ولا إسلام
- 354 سهم ذي القربى لمن هو؟ قال: هو لنا لقربى رسول...
- 355 عمر بن الخطاب يقول: بل الله يقسمه وأنا بادئ بأهل...
- 356 لا يكلم أحد في سبيل الله جاء يوم القيامة وجرحه...
- 357 لولا أن رجالا من المؤمنين لا تطيب أنفسهم ما تخلفت...
- 358 يتمنى الشهيد أن يرجع إلى الدنيا فيُقتل عشر مرات
- 359 يؤتى بالرجل من أهل الجنة فيسأل أن يرد إلى الدنيا...
- 360 ما من نفس مسلمة يقبضها ربها تحب أن ترجع إليكم
- 361 من مات ولها عند الله خير تحب أن ترجع إلى...
- 362 دار الشهداء هي أحسن وأفضل دار
- 363 يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة
- 364 ما يجد الشهيد من مس القتل إلا كما يجد أحدكم...
- 365 قطرة من دموع في خشية الله
- 366 من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة
معلومات عن حديث: عطاء المحررين
📜 حديث: عطاء المحررين
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: عطاء المحررين
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: عطاء المحررين
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: عطاء المحررين
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








