حديث: قصة وافد عاد

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في قصة قوم عاد الآخرة

عن الحارث بن يزيد البكري قال: خرجتُ لأشكوَ العلاء بن الحضرميّ إلى رسول الله ﷺ، فمررت بالرَّبَذَة، فإذا عجوزٌ منقَطعٌ بها من بني تميم، فقالت: يا عبد الله، إنّ لي إلى رسول الله ﷺ حاجةً، فهل أنت مبلغي إليه؟ قال: فحملتها، فقدمت المدينة. قال: فإذا رايات سود، قلت: ما شأن الناس؟ قالوا: يريد أن يبعث بعمرو بن العاص وجهًا. قال: فجلست حتى فرغ. قال: فدخل منزله أو قال: رَحْله فاستأذنت عليه فأذن لي، فدخلت فقعدت، فقال لي رسول الله ﷺ: «هل كان بينكم وبين تميم شيء؟» قلت: نعم! وكانت لنا الدَّبَرة عليهم، وقد مررت بالربذة، فإذا عجوز منهم مُنقطَعٌ بها، فسألتني أن أحملها إليك، وها هي بالباب. فأذن لها رسول الله ﷺ، فدخلت، فقلت: يا رسول الله، اجعل بيننا وبين تميم الدَّهنا حاجزًا، فحميت العجوزُ واستوفزت، وقالت: فأين تضطرُّ مُضَرَك يا رسول الله؟ قال، قلت: أنا كما قالوا: «معزى حملتَ حَتْفًا»! حملتُ هذه ولا أشعر أنها كانت لي خصمًا! أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد! قال: «وما وافدُ عادٍ؟» قلت: على الخبير سقطتَ! قال: وهو يستطعمني الحديثَ.
قال الأعظمي: إن عادًا قُحِطوا فبعثوا قَيْلا وافدًا، فنزل على بكرٍ، فسقاه الخمرَ شهرًا وتغنّيه جاريتان يقال لهما «الجرادتان»، فخرج إلى جبال مهرة، فنادى: «إني لم أجيء لمريض فأداويه، ولا لأسير فأفاديه، اللهم فاسقِ عادًا ما كنتَ تَسْقِيه»! فمرت به سحابات سُودٌ، فنودي منها: «خذها رمادًا رِمْدِدًا، لا تبقي من عادٍ أحدًا». قال: فكانت المرأة تقول: «لا تكن كوافد عادٍ»! فما بَلَغني أنَّه أرسل عليهم من الريح، يا رسول الله، إلا قَدْر ما يجري في خاتمي. قال أبو وائل: فكذلك بلغني».

حسن: رواه الترمذي (٣٢٧٤)، وأحمد (١٥٩٥٤)، والطبري في تفسيره (١٠/ ٢٧٦) وهذا لفظه - كلهم من طريق زيد بن الحباب قال: حدثنا سلام أبو المنذر النحوي قال، حدثنا عاصم، عن أبي وائل، عن الحارث بن يزيد البكري قال .

عن الحارث بن يزيد البكري قال: خرجتُ لأشكوَ العلاء بن الحضرميّ إلى رسول الله ﷺ، فمررت بالرَّبَذَة، فإذا عجوزٌ منقَطعٌ بها من بني تميم، فقالت: يا عبد الله، إنّ لي إلى رسول الله ﷺ حاجةً، فهل أنت مبلغي إليه؟ قال: فحملتها، فقدمت المدينة. قال: فإذا رايات سود، قلت: ما شأن الناس؟ قالوا: يريد أن يبعث بعمرو بن العاص وجهًا. قال: فجلست حتى فرغ. قال: فدخل منزله أو قال: رَحْله فاستأذنت عليه فأذن لي، فدخلت فقعدت، فقال لي رسول الله ﷺ: «هل كان بينكم وبين تميم شيء؟» قلت: نعم! وكانت لنا الدَّبَرة عليهم، وقد مررت بالربذة، فإذا عجوز منهم مُنقطَعٌ بها، فسألتني أن أحملها إليك، وها هي بالباب. فأذن لها رسول الله ﷺ، فدخلت، فقلت: يا رسول الله، اجعل بيننا وبين تميم الدَّهنا حاجزًا، فحميت العجوزُ واستوفزت، وقالت: فأين تضطرُّ مُضَرَك يا رسول الله؟ قال، قلت: أنا كما قالوا: «معزى حملتَ حَتْفًا»! حملتُ هذه ولا أشعر أنها كانت لي خصمًا! أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد! قال: «وما وافدُ عادٍ؟» قلت: على الخبير سقطتَ! قال: وهو يستطعمني الحديثَ.
قال الأعظمي: إن عادًا قُحِطوا فبعثوا قَيْلا وافدًا، فنزل على بكرٍ، فسقاه الخمرَ شهرًا وتغنّيه جاريتان يقال لهما «الجرادتان»، فخرج إلى جبال مهرة، فنادى: «إني لم أجيء لمريض فأداويه، ولا لأسير فأفاديه، اللهم فاسقِ عادًا ما كنتَ تَسْقِيه»! فمرت به سحابات سُودٌ، فنودي منها: «خذها رمادًا رِمْدِدًا، لا تبقي من عادٍ أحدًا». قال: فكانت المرأة تقول: «لا تكن كوافد عادٍ»! فما بَلَغني أنَّه أرسل عليهم من الريح، يا رسول الله، إلا قَدْر ما يجري في خاتمي. قال أبو وائل: فكذلك بلغني».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم ورد في مسند الإمام أحمد وغيره، يحمل دروسًا وعبرًا جليلة. وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا مع بيان فوائده ودروسه.

أولًا:

شرح المفردات:
● الرَّبَذَة: موضع معروف بين مكة والمدينة.
● عجوز منقطع بها: امرأة كبيرة في السن، منقطعة عن قومها، لا أحد معها.
● الدَّبَرة: الهزيمة والانكسار في الحرب.
● اجعل بيننا وبين تميم الدهنا حاجزًا: أي اجعل بيننا وبينهم حاجزًا منيعًا كالجبال (والدهناء هي منطقة معروفة).
● استوفزت: انتفضت وغضبت.
● معزى حملت حتفًا: مثل يضرب لمن يحمل شيئًا يهلكه (كمن يحمل عنزة ليهلك بها).
● وافد عاد: رسول قبيلة عاد الذي أهلكهم الله بسبب دعائه عليهم.
● رمادًا رمددًا: رمادًا متطايرًا.


ثانيًا. شرح الحديث:


يحكي الحارث بن يزيد البكري أنه خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشكو إليه العلاء بن الحضرمي، وفي طريقه مر بالربذة فوجد عجوزًا من بني تميم منقطعة عن قومها، فطلبت منه أن يحملها إلى النبي صلى الله عليه وسلم لحاجة لها، فحملها وأتى بها المدينة.
فلما وصل، رأى رايات سودًا准备 للغزو، فسأل فقيل له: إن النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يبعث عمرو بن العاص في سرية. فانتظر حتى انتهى النبي من شؤونه، ثم دخل عليه وأخبره بالعجوز التي معه.
فاستوقفه النبي صلى الله عليه وسلم بسؤاله الحكيم: "هل كان بينكم وبين تميم شيء؟" فأخبره الحارث بأنهم هزموهم في حرب. ثم دخلت العجوز وطلبت من النبي ألا يجعل بينهم وبين بني تميم حاجزًا (أي أن تبقى الطرق مفتوحة للصلح والتعايش)، فغضب الحارث وقال: "أنا كمن حمل عنزة لتهلكه! حملت هذه ولا أدري أنها خصمي!"
ثم استعاذ بالله أن يكون كوافد عاد، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم: "وما وافد عاد؟" فأخبره بقصة وافد عاد الذي دعا على قومه فاستجاب الله دعاءه وأهلكهم.


ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- رفق النبي صلى الله عليه وسلم وحكمته في فض النزاعات: حيث سأل عن الخلفية بين القبيلتين قبل أن يحكم.
2- إكرام الكبير والضعيف: فقد حمل الحارث العجوز وأوصله إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا من حسن الخلق.
3- العدل والإنصاف: النبي صلى الله عليه وسلم لم يحابِ أحدًا، بل استمع للطرفين.
4- تحذير من الدعاء على الآخرين بسوء: كما حدث مع وافد عاد الذي دعا على قومه فهلكوا.
5- الحذر من الغضب والعجلة: فالحارث ندم على حمله للعجوز عندما غضب، لكن النبي صلى الله عليه وسلم هدأ من روعه.
6- قبول الأعذار والاستعاذة من سوء العاقبة: كما فعل الحارث عندما استعاذ بالله أن يكون كوافد عاد.


رابعًا. فوائد إضافية:


- الحديث يدل على سماحة الإسلام وحرصه على المصالحة بين الناس.
- وفيه بيانٌ لأهمية الصبر والحلم في معالجة الخلافات.
- وفيه أيضًا بيان لعاقبة الدعاء على الآخرين بدون حق، وأنه قد يستجاب فيكون وبالًا على الداعي.
أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا، ويجعلنا من أهل الحكمة والعدل، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذي (٣٢٧٤)، وأحمد (١٥٩٥٤)، والطبري في تفسيره (١٠/ ٢٧٦) وهذا لفظه - كلهم من طريق زيد بن الحباب قال: حدثنا سلام أبو المنذر النحوي قال، حدثنا عاصم، عن أبي وائل، عن الحارث بن يزيد البكري قال .. فذكره.
ورواه ابن ماجه (٢٨١٦) مختصرًا من وجه آخر عن عاصم، عن الحارث بن حسان، فأسقط من الإسناد أبا وائل والصحيح إثباته.
وإسناده حسن من أجل عاصم بن بهدلة فإنه حسن الحديث.
قال الحافظ في قوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى﴾ [النجم: ٥٠]»يشعر بأن ثم عادًا أخرى، وقد أخرج قصة عاد الثانية أحمد بإسناد حسن عن الحارث بن حسان البكري .. فذكره.
وقال الحافظ ابن كثير: وقد يكون هذا السياق لإهلاك عاد الآخرة لذكره مكة، ولم تُبنَ إلا بعد إبراهيم الخليل حين أسكن فيها هاجر وابنه إسماعيل. فنزلت جُرهم عندهم، وعاد الأولى قبل الخليل. البداية والنهاية (١/ ٢٩٨).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 48 من أصل 185 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: قصة وافد عاد

  • 📜 حديث: قصة وافد عاد

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: قصة وافد عاد

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: قصة وافد عاد

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: قصة وافد عاد

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب