حديث: نُصرتُ بالصبا، وأهلكتْ عاد بالدبور

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب أخبار هود ﵇ وهلاك قومه

عن ابن عباس أن النبي ﷺ قال: «نُصرتُ بالصبا، وأهلكتْ عاد بالدبور».

متفق عليه: رواه البخاري في الاستسقاء (١٠٣٥)، ومسلم في الاستسقاء (٩٠٠: ١٧) كلاهما من حديث شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس .

عن ابن عباس أن النبي ﷺ قال: «نُصرتُ بالصبا، وأهلكتْ عاد بالدبور».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
فيسرني أن أقدم لكم شرحًا لهذا الحديث النبوي الشريف، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة، مثل الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم"، وابن حجر العسقلاني في "فتح الباري"، وغيرهم من أئمة العلم.

نص الحديث:


عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ».

1. شرح المفردات:


* نُصِرْتُ: أي حُزْتُ النصرَ والتأييد من الله تعالى في غزواتي، وأشهرها غزوة الأحزاب (الخندق).
* بِالصَّبَا: الريح التي تهب من جهة المشرق. وهي ريح طيبة معتدلة، تأتي بالخير والبركة.
* أُهْلِكَتْ عَادٌ: قوم عاد هم قوم النبي هود عليه السلام، الذين كفروا وعتوا عن أمر ربهم، فأهلكهم الله تعالى بعذاب شديد.
* بِالدَّبُورِ: الريح التي تهب من جهة المغرب. وهي في هذا السياق ريح شديدة قوية، عاتية، مهلكة.

2. شرح الحديث:


يخبر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن معجزة من معجزاته، وعن آية من آيات الله في الكون، حيث جعل الله تعالى الرياح وسيلةً للعقاب والثواب، للنصر والهزيمة، بحسب مشيئته تعالى.
* قوله: «نُصِرْتُ بِالصَّبَا»: هذا إشارة إلى نصر الله لنبيه صلى الله عليه وسلم في غزوة الأحزاب، حيث أرسل الله على المشركين الذين حاصروا المدينة ريحًا شديدة (وهي الصَّبا في هذا السياق) قلبت قدورهم، واقتلعت خيامهم، وأطفأت نيرانهم، وألقَتِ الرعب في قلوبهم، فاضطروا للرحيل وانفضَّ حِصارُهم. فكانت هذه الريح جندًا من جنود الله، نصر بها نبيه والمؤمنين من غير قتال، تحقيقًا لوعد الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: 9].
* وقوله: «وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ»: هذا إشارة إلى قصة قوم عاد، الذين أرسل الله عليهم ريحًا صرصرًا عاتية (وهي الدَّبور في هذا السياق) استمرت سبع ليالٍ وثمانية أيام، فدمرتهم وأهلكتهم، وجعلتهم كأعجاز نخل خاوية، عقابًا لهم على كفرهم وعنادهم. كما قال تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ} [فصلت: 16].

3. الدروس المستفادة منه:


1- إثبات معجزات النبي صلى الله عليه وسلم: فالحديث دليل على أن نصر النبي صلى الله عليه وسلم كان بتأييد إلهي ومعجزة ربانية، مما يزيد المؤمنين يقينًا بنبوته وصدقه.
2- القدرة المطلقة لله تعالى: فالله سبحانه هو الذي يسخر الرياح، فتكون سببًا للنصر لقوم، وسببًا للهلاك لقوم آخرين، {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} [فاطر: 2].
3- العبرة من قصص الأمم السابقة: الحديث يربط بين حدثين؛ نصر الأمة المسلمة وهلاك الأمة الكافرة، ليكون فيه عظة وعبرة بأن العاقبة للمتقين، وأن الهلاك لمن كفر وعصى.
4- أن النصر من عند الله: يذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن النصر كان بالريح، ليؤكد أن النصر ليس بالعدد والعدة فقط، بل هو من عند الله يتفضل به على من يشاء من عباده المؤمنين.
5- الحكمة الإلهية في الخلق: فالله خلق الرياح ذات أنواع مختلفة، لكل منها حكمة ومنفعة، فهي قد تكون رحمة ونعمة، وقد تكون نقمة وعذابًا.

4. معلومات إضافية مفيدة:


* روى هذا الحديث الإمام أحمد في مسنده، والإمام مسلم في صحيحه، وغيرهم.
* الفرق بين الصَّبا والدَّبور ليس مطلقًا من حيث طبيعتها، بل المراد هو الوظيفة التي سُخِّرت لها بإذن الله. فالصَّبا في أصلها ريح طيبة، والدَّبور ريح شديدة، والله هو الذي يسخرها كيف يشاء.
* يستحب للمسلم أن يتفكر في مخلوقات الله، ومنها الرياح، ويستدل بها على عظمة الخالق وقدرته، ويدعو الله كما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أسألك من خيرها، وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الاستسقاء (١٠٣٥)، ومسلم في الاستسقاء (٩٠٠: ١٧) كلاهما من حديث شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس .. فذكره.
ولمسلم وجه آخر من طريقين عن الأعمش، عن مسعود بن مالك، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس .. فذكره.
الصبا: بفتح الصاد ومقصورة: هي الريح الشرقية.
الدبور: بفتح الدال هي الريح الغربية.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 42 من أصل 185 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نُصرتُ بالصبا، وأهلكتْ عاد بالدبور

  • 📜 حديث: نُصرتُ بالصبا، وأهلكتْ عاد بالدبور

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: نُصرتُ بالصبا، وأهلكتْ عاد بالدبور

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: نُصرتُ بالصبا، وأهلكتْ عاد بالدبور

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: نُصرتُ بالصبا، وأهلكتْ عاد بالدبور

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب