لمشهد شهده رجل يغبر فيه وجهه مع رسول الله ﷺ، أفضل من عمل أحدكم

حديث: لمشهد شهده رجل يغبر فيه وجهه مع رسول الله ﷺ، أفضل من عمل أحدكم

عن رياح بن الحارث أن المغيرة بن شعبة كان في المسجد الأكبر، وعنده أهل الكوفة عن يمينه، وعن يساره، فجاءه رجل يدعى سعيد بن زيد، فحياه المغيرة وأجلسه عند رجليه على السرير. فجاء رجل من أهل الكوفة فاستقبل المغيرة، فسبَّ وسبَّ، فقال: من يسبُّ هذا يا مغيرة؟ قال: يسب علي بن أبي طالب، قال: يا مغير بن شعب، يا مغير بن شعب - ثلاثا - ألا أسمع أصحاب رسول الله ﷺ يسبون عندك؟ لا تُنكر ولا تُغَيِّر، فأنا أشهد على رسول الله ﷺ بما سمعت أذناي ووعاه قلبي من
رسول الله ﷺ فإني لم أكن أروي عنه كذبا يسألني عنه إذا لقيته، أنه قال: «أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعلي في الجنة، وعثمان في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن في الجنة، وسعد بن مالك في الجنة، وتاسع المؤمنين في الجنة» لو شئت أن أسمّيه لسمّيته، قال: فضجَّ أهل المسجد يناشدونه يا صاحب رسول الله ﷺ من التاسع؟ قال: ناشدتموني بالله، والله عظيم أنا تاسع المؤمنين، ورسول الله ﷺ، العاشر، ثم أتبع ذلك يمينا، قال: والله لمشهد شهده رجل يغبر فيه وجهه مع رسول الله ﷺ، أفضل من عمل أحدكم. ولو عمر عمر نوح عليه السلام.

صحيح: رواه أحمد (١٦٢٩) - واللفظ له - وأبو داود (٤٦٥٠)، وابن ماجه (١٣٣) كلهم من حديث صدقة بن المثنى النخعي، حدثني جدي رياح بن الحارث قال .

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا الحديث الذي ذكر حديث عظيم، رواه الإمام أحمد في مسنده وغيره، وهو حديث صحيح بشواهده، وفيه فوائد عظيمة، ودروس جليلة، سأشرحها لك على النحو التالي:

أولاً. شرح مفردات الحديث:

● حياه: أي سلم عليه.
● السرير: هنا المقصود به مجلس منخفض أو أريكة للجلوس.
● يسب: أي يشتم ويقدح.
● لا تُنكر ولا تُغيِّر: أي لا تنكر المنكر ولا تغير ما يحدث من سب.
● وعاه قلبي: أي حفظه وفهمه.
● فضج أهل المسجد: أي ارتفع صوتهم بالضجيج والاستعجال.
● يناشدونه: يطلبون منه ويستحلفونه.
● يغبر فيه وجهه: أي يتغبر وجهه من الغبار في سبيل الله، كناية عن الجهاد.

ثانيًا. شرح الحديث:

يحدثنا الصحابي رياح بن الحارث أن المغيرة بن شعبة - وكان واليًا على الكوفة - كان جالسًا في المسجد الأكبر (أي مسجد الكوفة)، وحوله أهل الكوفة، فجاءه الصحابي الجليل سعيد بن زيد رضي الله عنه (وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة)، فقام المغيرة إكرامًا له وأجلسه عند رجليه على السرير.
ثم جاء رجل من أهل الكوفة (وكان من الخوارج أو النواصب الذين يبغضون عليًا رضي الله عنه)، فبدأ يسب علي بن أبي طالب رضي الله عنه أمام الجميع. فسأل سعيد بن زيد المغيرة: من الذي يسب؟ فأجابه: يسب علي بن أبي طالب.
فغضب سعيد بن زيد غضبًا لله، ونادى المغيرة ثلاث مرات قائلاً: ألا أسمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبون عندك، ولا تنكر ولا تغير هذا المنكر؟!
ثم قال سعيد بن زيد: أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم بما سمعته منه وأحفظه في قلبي، وإني لا أكذب عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعلي في الجنة، وعثمان في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وتاسع المؤمنين في الجنة».
وقال سعيد: لو شئت أن أسميه لسميته. فاستعجل الناس في المسجد وسألوه: من التاسع؟ فقال: ناشدتموني بالله، والله العظيم أنا التاسع، ورسول الله صلى الله عليه وسلم العاشر.
ثم أكد ذلك بقسمه فقال: والله، لمشهد شهده رجل يغبر وجهه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (أي غبار الجهاد في سبيل الله) خير من عمل أحدكم ولو عاش عمر نوح عليه السلام.

ثالثًا. الدروس المستفادة من الحديث:

1- عظم منزلة الصحابة رضي الله عنهم: فهم أفضل الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وقد بشّر النبي صلى الله عليه وسلم العشرة المبشرين بالجنة، وهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم أجمعين.
2- وجوب محبة الصحابة والدفاع عنهم: فسعيد بن زيد غضب عندما سمع سب علي رضي الله عنه، لأن سب الصحابة منكر عظيم، وهو من أصول أهل السنة والجماعة محبة جميع الصحابة والترضي عنهم.
3- الإنكار على المنكر: يجب على المسلم أن ينكر المنكر إذا رآه، ولا يسكت عنه، كما فعل سعيد بن زيد مع المغيرة بن شعبة.
4- فضل الجهاد في سبيل الله: حيث شبه سعيد بن زيد فضل الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه أفضل من أعمال الخير كلها ولو طالت أعمارنا.
5- التواضع: حيث أن سعيد بن زيد لم يذكر نفسه في العشرة إلا عندما سأله الناس وألحوا عليه.
6- الوفاء للصحابة: فالحديث يذكر فضل العشرة المبشرين بالجنة، وهم قدوة للأمة.

رابعًا. معلومات إضافية:

- سعيد بن زيد هو ابن عم عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وأحد السابقين إلى الإسلام.
- هذا الحديث من الأحاديث التي ترد على الطوائف التي تسب الصحابة، كالرافضة والخوارج.
- فيه بيان لفضل العشرة المبشرين بالجنة، وهم معروفون في السنة.
- الحديث يدل على أن الصحابة كانوا يغارون على دين الله، ولا يسكتون عن المنكر.
أسأل الله أن يجعلنا من المحبين للصحابة والتابعين، وأن يوفقنا لاتباع سننهم، والحمد لله رب العالمين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (١٦٢٩) - واللفظ له - وأبو داود (٤٦٥٠)، وابن ماجه (١٣٣) كلهم من حديث صدقة بن المثنى النخعي، حدثني جدي رياح بن الحارث قال .. فذكره. وإسناده صحيح.
رُوي عن ابن عباس قال: «بُعث نوح لأربعين سنة، لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم، وعاش بعد الطوفان ستين سنة حتى كثر الناس وفشوا».
رواه ابن أبي شيبة (٣٤٦١٩)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٩/ ٣٠٤١)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٥٤٦) كلهم من طرق عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس .. فذكره.
وفي سنده علي بن زيد بن جدعان ويوسف بن مهران ضعيفان. ثم هو موقوف على ابن عباس إلا أن الحاكم رواه مرفوعا وسكت عنه.
ورُوي عن مجاهد قال: قال لي ابن عمركم لبث نوح في قومه؟ قال: قلت: ألف سنة إلا خمسين عاما قال: فإن الناس لم يزالوا في نقصان أعمارهم وأحلامهم وأخلاقهم إلى يومك هذا.
رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (٩/ ٣٠٤١) عن أحمد بن سنان، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن مجاهد قال .. فذكره.
ورجاله كلهم ثقات. وهو موقوف على ابن عمر، وذهب بعض أهل العلم إلى أن قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ﴾ [العنكبوت: ١٤] مدة الدعوة لا مدة حياته كلها قبل الدعوة وبعدها.
وعلى هذا فيكون عمره أكثر من ألف سنة. وقال غيرهم: إن مدة حياته كلها قبل الدعوة وبعدها هي ألف سنة إلا خمسين عاما تمشيا بنص القرآن.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 37 من أصل 185 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لمشهد شهده رجل يغبر فيه وجهه مع رسول الله ﷺ، أفضل من عمل أحدكم

📜 حديث: لمشهد شهده رجل يغبر فيه وجهه مع رسول الله ﷺ، أفضل من عمل أحدكم

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لمشهد شهده رجل يغبر فيه وجهه مع رسول الله ﷺ، أفضل من عمل أحدكم

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لمشهد شهده رجل يغبر فيه وجهه مع رسول الله ﷺ، أفضل من عمل أحدكم

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لمشهد شهده رجل يغبر فيه وجهه مع رسول الله ﷺ، أفضل من عمل أحدكم

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية