أنا سيد القوم يوم القيامة

حديث: أنا سيد القوم يوم القيامة

عن أبي هريرة قال: كنا مع النبي ﷺ في دعوة فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه فنهس منها نهسة وقال: «أنا سيد القوم يوم القيامة ... فذكر حديث الشفاعة وجاء فيه: فيأتون نوحا فيقولون: يا نوح أنت أول الرسل إلى أهل الأرض، وسماك الله
عبدًا شكورًا، أما ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما بلغنا؟ ألا تشفع لنا إلى ربك؟ فيقول: ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولا يغضب بعده مثله، نفسي نفسي ...».

متفق عليه: رواه البخاري في أحاديث الأنبياء (٣٣٤٠)، ومسلم في الإيمان (١٩٤: ٣٢٧) كلاهما من طريق أبي حيان، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة .

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقرأ. هذا الحديث العظيم الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه، وهو في الصحيحين (البخاري ومسلم)، يحوي مشهداً من مشاهد يوم القيامة المهولة، ويجمع بين دلالتين: دلالة على فضل النبي صلى الله عليه وسلم، ودلالة على عظمة ذلك اليوم وأهواله.

أولاً. شرح المفردات:

● في دعوة: أي في وليمة أو طعام دُعي إليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
● الذراع: جزء من لحم الشاة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه.
● نهس منها نهسة: قضم منها قضمة.
● سيد القوم: الرئيس والمقدم الذي يُرجع إليه في المهمات.
● عبدًا شكورًا: هذا وصف الله تعالى لنوح عليه السلام في القرآن، كما في قوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا} (الإسراء: 3)، أي كثير الشكر لربه على نعمه.
● غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولا يغضب بعده مثله: هذا تصوير لعظمة غضب الله يوم القيامة على العصاة، وهو غضب لا يُقاس بغضب في الدنيا.

ثانياً. شرح الحديث:

يبدأ الحديث بموقف بشري جميل، حيث كان الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم في وليمة، وقد قَدِّم له لحم الذراع الذي كان يحبه، فأخذ منه قضمة ثم قال: «أنا سيد القوم يوم القيامة»، ثم شرع في ذكر قصة الشفاعة العظمى.
وملخص قصة الشفاعة كما جاء في هذا الحديث وفي غيره من الأحاديث الصحيحة:
يوم القيامة، بعد أن يقف الناس في الموقف الطويل، ويشتد بهم الكرب والهلع، يطلبون من يشفع لهم عند الله ليقضي بينهم ويخلصهم من هذا الموقف. فيذهبون إلى آدم، ثم إلى نوح، ثم إلى إبراهيم، ثم إلى موسى، ثم إلى عيسى -عليهم السلام- كلهم يعتذر ويذكر ذنبا له ويحيلهم إلى النبي الذي يليه، حتى ينتهي الأمر إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا المقطع الذي ذكره السائل، يذهب الناس إلى نوح عليه السلام، وهو أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض، فيلتمسون منه الشفاعة قائلين: "أنت أول الرسل، وقد سماك الله عبداً شكوراً، انظر إلى ما نحن فيه من الشدة والهول، اشفع لنا عند ربك". فيرد عليهم نوح قائلاً: إن ربي غضب اليوم غضباً عظيماً لم يغضب مثله قبلاً ولن يغضب مثله بعداً (أي في ذلك الموقف المهول)، ثم يقول: "نفسي نفسي"، أي إنشغالي بنفسي وخلاصي أولى، اذهبوا إلى غيري (وهو إبراهيم عليه السلام).
ثم تستمر السلسلة حتى تصل إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فيقوم ويشفع عند الله عز وجل بعد أن يأذن له، فيقضي الله بين الخلائق، وتتحقق له السيادة التي أخبر عنها في أول الحديث بتلك الشفاعة العظمى.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- سيادة النبي صلى الله عليه وسلم وفضله: فسيادته يوم القيامة حقيقة ثابتة، وهي سيادة شرف وفضل ووساطة عند الله لإنقاذ الخلق من هول الموقف.
2- عظمة يوم القيامة وأهواله: حتى الأنبياء والمرسلون -مع مكانتهم- يخافون ذلك اليوم ويشتغلون بإنقاذ أنفسهم أولاً.
3- تواضع الأنبياء واعترافهم بالتقصير: كل نبي يعتذر عن الشفاعة ويذكر ذنباً له، وهذا من كمال أدبهم وخشيتهم لربهم، مع أنهم معصومون من الكبائر.
4- مكانة الشفاعة: وهي من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم التي أكرمه الله بها، وهي شفاعة لا تكون إلا بعد إذن الله تعالى، كما قال: {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} (البقرة: 255).
5- الحكمة من ضرب الأمثال في الدعوة: استخدم النبي صلى الله عليه وسلم موقفاً حسياً (الأكل من الذراع) ليبين فيه حقيقة عظيمة (السيادة يوم القيامة)، مما يجعل المعنى راسخاً في الأذهان.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث جزء من "حديث الشفاعة الطويل" الذي هو من أطول الأحاديث في الصحيحين.
- شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة أنواع، وهذه التي في الحديث تسمى الشفاعة العظمى الخاصة بإراحة الناس من هول الموقف وبدء الحساب.
- قول الأنبياء "نفسي نفسي" لا يعني أنهم خائفون على أنفسهم من النار –حاشاهم– ولكن خوفاً من عظمة الموقف وجلال الله تعالى في ذلك اليوم.
نسأل الله تعالى أن يشفع فينا نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يجمّعنا به تحت لوائه يوم القيامة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في أحاديث الأنبياء (٣٣٤٠)، ومسلم في الإيمان (١٩٤: ٣٢٧) كلاهما من طريق أبي حيان، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة .. فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 31 من أصل 185 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أنا سيد القوم يوم القيامة

📜 حديث: أنا سيد القوم يوم القيامة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أنا سيد القوم يوم القيامة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أنا سيد القوم يوم القيامة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أنا سيد القوم يوم القيامة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية