حديث: غير عتبة بابك. قال: ذاك أبي، وقد أمرني أن أفارقك
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب سفر إبراهيم ﵇ إلى مكة لتجديد بناء الكعبة
سعي الناس بينهما» فلما أشرفت على المروة سمعت صوتا فقالت: صَهٍ - تريد نفسها - ثم تسمعت فسمعت أيضا فقالت: قد أسمعت إن كان عندك غواث، فإذا هي بالملك عند موضع زمزم، فبحث بعقبه - أو قال: بجناحه - حتى ظهر الماء، فجعلت تحوضه وتقول بيدها هكذا، وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعد ما تغرف.
قال ابن عباس: قال النبي ﷺ: «يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم - أو قال: لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عينا معينا» قال: فشربت وأرضعت ولدها، فقال لها الملك: لا تخافوا الضيعة، فإن ها هنا بيت الله يبني هذا الغلام وأبوه، وإن الله لا يضيع أهله، وكان البيت مرتفعا من الأرض كالرابية، تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وشماله، فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من جرهم - أو أهل بيت من جرهم - مقبلين من طريق كداء، فنزلوا في أسفل مكة، فرأوا طائرا عائفا فقالوا: إن هذا الطائر ليدور على ماء لعهدُنا بهذا الوادي وما فيه ماء، فأرسلوا جريا - أو جريين - فإذا هم بالماء، فرجعوا فأخبروهم بالماء، فأقبلوا - قال: وأم إسماعيل عند الماء - فقالوا: أتأذنين لنا أن ننزل عندك؟ فقالت: نعم، ولكن لا حق لكم في الماء. قالوا: نعم. قال ابن عباس: قال النبي ﷺ: «فألفى ذلك أم إسماعيل وهي تحب الإنس» فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم، حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم، وشبَّ الغلام وتعلم العربية منهم، وأنفسهم وأعجبهم حين شبَّ، فلما أدرك زوجوه امرأة منهم. وماتت أم إسماعيل، فجاء إبراهيم بعدما تزوج إسماعيل يطالع تركته، فلم يجد إسماعيل فسأل امرأته عنه فقالت: خرج يبتغي لنا، ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت: نحن بشرٍّ، نحن في ضيق وشدة، فشكت إليه. قال: فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له: يغير عتبة بابه.
فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئا فقال: هل جاءكم من أحد؟ قالت: نعم جاءنا شيخ كذا وكذا، فسألنا عنك فأخبرته، وسألني كيف عيشنا، فأخبرته أنا في جهد وشدة، قال: فهل أوصاك بشيء؟ قالت: نعم، أمرني أن أقرأ عليك السلام، ويقول: غيِّرْ عتبة بابك. قال: ذاك أبي، وقد أمرني أن أفارقك، الحقي بأهلك. فطلقها وتزوج منهم أخرى، فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله، ثم أتاهم بعد فلم يجده، فدخل على امرأته فسألها عنه فقالت: خرج يبتغي لنا. قال: كيف أنتم؟ وسألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت: نحن بخير وسعة، وأثنت على الله. فقال: ما طعامكم؟ قالت:
اللحم. قال: فما شرابكم؟ قالت: الماء. قال: اللهم بارك لهم في اللحم والماء قال النبي ﷺ: «ولم يكن لهم يومئذ حب ولو كان لهم دعا لهم فيه» قال: فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه. قال: فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام، ومريه يثبت عتبة بابه، فلما جاء إسماعيل قال: هل أتاكم من أحد؟ قالت: نعم، أتانا شيخ حسن الهيئة، وأثنت عليه فسألني عنك فأخبرته، فسألني كيف عيشنا؟ فأخبرته أنا بخير، قال: فأوصاك بشيء؟ قالت: نعم، هو يقرأ عليك السلام، ويأمرك أن تثبت عتبة بابك. قال: ذاك أبي وأنت العتبة، أمرني أن أمسكك. ثم لبث عنهم ما شاء الله، ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يبري نبلا له تحت دوحة قريبا من زمزم، فلما رآه قام إليه، فصنعا كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد ثم قال: يا إسماعيل، إن الله أمرني بأمر. قال: فاصنع ما أمرك ربك، قال: وتعينني؟ قال: وأعينك قال: فإن الله أمرني أن أبني ها هنا بيتا - وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها - قال: فعند ذلك رفعا القواعد من البيت، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة، وإبراهيم يبني، حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له، فقام عليه وهو يبني، وإسماعيل يناوله الحجارة، وهما يقولان: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [البقرة: ١٢٧] قال: فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت وهما يقولان: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾.
صحيح: رواه البخاري في أحاديث الأنبياء (٣٣٦٤) عن عبد الله بن محمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن أيوب السختياني وكثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة، يزيد أحدهما على الآخر، عن سعيد بن جبير، قال ابن عباس .
![عن ابن عباس قال: أول ما اتخذ النساء المنطق من قبل أم إسماعيل اتخذت منطقا لتعفي أثرها على سارة، ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل وهي ترضعه، حتى وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد، وليس بها ماء فوضعهما هنالك، ووضع عندهما جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء، ثم قفّى إبراهيم منطلقا فتبعته أم إسماعيل فقالت: يا إبراهيم، أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء؟ فقالت له ذلك مرارًا، وجعل لا يلتفت إليها، فقالت له: آلله الذي أمرك بهذا؟ قال: نعم. قالت: إذن لا يضيعنا، ثم رجعت. فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ثم دعا بهؤلاء الكلمات ورفع يديه فقال: حتى بلغ: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ﴾ حتى بلغ ﴿يَشْكُرُونَ﴾ [إبراهيم: ٣٧] وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء، حتى إذا نفد ما في السقاء عطشت وعطش ابنها، وجعلت تنظر إليه يتلوى - أو قال: يتلبط - فانطلقت كراهية أن تنظر إليه، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها، فقامت عليه، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدًا فلم تر أحدًا، فهبطت من الصفا، حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها، ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي، ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت هل ترى أحدًا، فلم تر أحدًا، ففعلت ذلك سبع مرات، قال ابن عباس: قال النبي ﷺ: «فذلك
سعي الناس بينهما» فلما أشرفت على المروة سمعت صوتا فقالت: صَهٍ - تريد نفسها - ثم تسمعت فسمعت أيضا فقالت: قد أسمعت إن كان عندك غواث، فإذا هي بالملك عند موضع زمزم، فبحث بعقبه - أو قال: بجناحه - حتى ظهر الماء، فجعلت تحوضه وتقول بيدها هكذا، وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعد ما تغرف.
قال ابن عباس: قال النبي ﷺ: «يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم - أو قال: لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عينا معينا» قال: فشربت وأرضعت ولدها، فقال لها الملك: لا تخافوا الضيعة، فإن ها هنا بيت الله يبني هذا الغلام وأبوه، وإن الله لا يضيع أهله، وكان البيت مرتفعا من الأرض كالرابية، تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وشماله، فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من جرهم - أو أهل بيت من جرهم - مقبلين من طريق كداء، فنزلوا في أسفل مكة، فرأوا طائرا عائفا فقالوا: إن هذا الطائر ليدور على ماء لعهدُنا بهذا الوادي وما فيه ماء، فأرسلوا جريا - أو جريين - فإذا هم بالماء، فرجعوا فأخبروهم بالماء، فأقبلوا - قال: وأم إسماعيل عند الماء - فقالوا: أتأذنين لنا أن ننزل عندك؟ فقالت: نعم، ولكن لا حق لكم في الماء. قالوا: نعم. قال ابن عباس: قال النبي ﷺ: «فألفى ذلك أم إسماعيل وهي تحب الإنس» فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم، حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم، وشبَّ الغلام وتعلم العربية منهم، وأنفسهم وأعجبهم حين شبَّ، فلما أدرك زوجوه امرأة منهم. وماتت أم إسماعيل، فجاء إبراهيم بعدما تزوج إسماعيل يطالع تركته، فلم يجد إسماعيل فسأل امرأته عنه فقالت: خرج يبتغي لنا، ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت: نحن بشرٍّ، نحن في ضيق وشدة، فشكت إليه. قال: فإذا جاء زوجك فاقرئي ﵇ وقولي له: يغير عتبة بابه.
فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئا فقال: هل جاءكم من أحد؟ قالت: نعم جاءنا شيخ كذا وكذا، فسألنا عنك فأخبرته، وسألني كيف عيشنا، فأخبرته أنا في جهد وشدة، قال: فهل أوصاك بشيء؟ قالت: نعم، أمرني أن أقرأ عليك السلام، ويقول: غيِّرْ عتبة بابك. قال: ذاك أبي، وقد أمرني أن أفارقك، الحقي بأهلك. فطلقها وتزوج منهم أخرى، فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله، ثم أتاهم بعد فلم يجده، فدخل على امرأته فسألها عنه فقالت: خرج يبتغي لنا. قال: كيف أنتم؟ وسألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت: نحن بخير وسعة، وأثنت على الله. فقال: ما طعامكم؟ قالت:
اللحم. قال: فما شرابكم؟ قالت: الماء. قال: اللهم بارك لهم في اللحم والماء قال النبي ﷺ: «ولم يكن لهم يومئذ حب ولو كان لهم دعا لهم فيه» قال: فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه. قال: فإذا جاء زوجك فاقرئي ﵇، ومريه يثبت عتبة بابه، فلما جاء إسماعيل قال: هل أتاكم من أحد؟ قالت: نعم، أتانا شيخ حسن الهيئة، وأثنت عليه فسألني عنك فأخبرته، فسألني كيف عيشنا؟ فأخبرته أنا بخير، قال: فأوصاك بشيء؟ قالت: نعم، هو يقرأ عليك السلام، ويأمرك أن تثبت عتبة بابك. قال: ذاك أبي وأنت العتبة، أمرني أن أمسكك. ثم لبث عنهم ما شاء الله، ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يبري نبلا له تحت دوحة قريبا من زمزم، فلما رآه قام إليه، فصنعا كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد ثم قال: يا إسماعيل، إن الله أمرني بأمر. قال: فاصنع ما أمرك ربك، قال: وتعينني؟ قال: وأعينك قال: فإن الله أمرني أن أبني ها هنا بيتا - وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها - قال: فعند ذلك رفعا القواعد من البيت، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة، وإبراهيم يبني، حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له، فقام عليه وهو يبني، وإسماعيل يناوله الحجارة، وهما يقولان: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [البقرة: ١٢٧] قال: فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت وهما يقولان: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾. عن ابن عباس قال: أول ما اتخذ النساء المنطق من قبل أم إسماعيل اتخذت منطقا لتعفي أثرها على سارة، ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل وهي ترضعه، حتى وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد، وليس بها ماء فوضعهما هنالك، ووضع عندهما جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء، ثم قفّى إبراهيم منطلقا فتبعته أم إسماعيل فقالت: يا إبراهيم، أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء؟ فقالت له ذلك مرارًا، وجعل لا يلتفت إليها، فقالت له: آلله الذي أمرك بهذا؟ قال: نعم. قالت: إذن لا يضيعنا، ثم رجعت. فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ثم دعا بهؤلاء الكلمات ورفع يديه فقال: حتى بلغ: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ﴾ حتى بلغ ﴿يَشْكُرُونَ﴾ [إبراهيم: ٣٧] وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء، حتى إذا نفد ما في السقاء عطشت وعطش ابنها، وجعلت تنظر إليه يتلوى - أو قال: يتلبط - فانطلقت كراهية أن تنظر إليه، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها، فقامت عليه، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدًا فلم تر أحدًا، فهبطت من الصفا، حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها، ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي، ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت هل ترى أحدًا، فلم تر أحدًا، ففعلت ذلك سبع مرات، قال ابن عباس: قال النبي ﷺ: «فذلك
سعي الناس بينهما» فلما أشرفت على المروة سمعت صوتا فقالت: صَهٍ - تريد نفسها - ثم تسمعت فسمعت أيضا فقالت: قد أسمعت إن كان عندك غواث، فإذا هي بالملك عند موضع زمزم، فبحث بعقبه - أو قال: بجناحه - حتى ظهر الماء، فجعلت تحوضه وتقول بيدها هكذا، وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعد ما تغرف.
قال ابن عباس: قال النبي ﷺ: «يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم - أو قال: لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عينا معينا» قال: فشربت وأرضعت ولدها، فقال لها الملك: لا تخافوا الضيعة، فإن ها هنا بيت الله يبني هذا الغلام وأبوه، وإن الله لا يضيع أهله، وكان البيت مرتفعا من الأرض كالرابية، تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وشماله، فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من جرهم - أو أهل بيت من جرهم - مقبلين من طريق كداء، فنزلوا في أسفل مكة، فرأوا طائرا عائفا فقالوا: إن هذا الطائر ليدور على ماء لعهدُنا بهذا الوادي وما فيه ماء، فأرسلوا جريا - أو جريين - فإذا هم بالماء، فرجعوا فأخبروهم بالماء، فأقبلوا - قال: وأم إسماعيل عند الماء - فقالوا: أتأذنين لنا أن ننزل عندك؟ فقالت: نعم، ولكن لا حق لكم في الماء. قالوا: نعم. قال ابن عباس: قال النبي ﷺ: «فألفى ذلك أم إسماعيل وهي تحب الإنس» فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم، حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم، وشبَّ الغلام وتعلم العربية منهم، وأنفسهم وأعجبهم حين شبَّ، فلما أدرك زوجوه امرأة منهم. وماتت أم إسماعيل، فجاء إبراهيم بعدما تزوج إسماعيل يطالع تركته، فلم يجد إسماعيل فسأل امرأته عنه فقالت: خرج يبتغي لنا، ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت: نحن بشرٍّ، نحن في ضيق وشدة، فشكت إليه. قال: فإذا جاء زوجك فاقرئي ﵇ وقولي له: يغير عتبة بابه.
فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئا فقال: هل جاءكم من أحد؟ قالت: نعم جاءنا شيخ كذا وكذا، فسألنا عنك فأخبرته، وسألني كيف عيشنا، فأخبرته أنا في جهد وشدة، قال: فهل أوصاك بشيء؟ قالت: نعم، أمرني أن أقرأ عليك السلام، ويقول: غيِّرْ عتبة بابك. قال: ذاك أبي، وقد أمرني أن أفارقك، الحقي بأهلك. فطلقها وتزوج منهم أخرى، فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله، ثم أتاهم بعد فلم يجده، فدخل على امرأته فسألها عنه فقالت: خرج يبتغي لنا. قال: كيف أنتم؟ وسألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت: نحن بخير وسعة، وأثنت على الله. فقال: ما طعامكم؟ قالت:
اللحم. قال: فما شرابكم؟ قالت: الماء. قال: اللهم بارك لهم في اللحم والماء قال النبي ﷺ: «ولم يكن لهم يومئذ حب ولو كان لهم دعا لهم فيه» قال: فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه. قال: فإذا جاء زوجك فاقرئي ﵇، ومريه يثبت عتبة بابه، فلما جاء إسماعيل قال: هل أتاكم من أحد؟ قالت: نعم، أتانا شيخ حسن الهيئة، وأثنت عليه فسألني عنك فأخبرته، فسألني كيف عيشنا؟ فأخبرته أنا بخير، قال: فأوصاك بشيء؟ قالت: نعم، هو يقرأ عليك السلام، ويأمرك أن تثبت عتبة بابك. قال: ذاك أبي وأنت العتبة، أمرني أن أمسكك. ثم لبث عنهم ما شاء الله، ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يبري نبلا له تحت دوحة قريبا من زمزم، فلما رآه قام إليه، فصنعا كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد ثم قال: يا إسماعيل، إن الله أمرني بأمر. قال: فاصنع ما أمرك ربك، قال: وتعينني؟ قال: وأعينك قال: فإن الله أمرني أن أبني ها هنا بيتا - وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها - قال: فعند ذلك رفعا القواعد من البيت، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة، وإبراهيم يبني، حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له، فقام عليه وهو يبني، وإسماعيل يناوله الحجارة، وهما يقولان: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [البقرة: ١٢٧] قال: فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت وهما يقولان: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾.](img/Hadith/hadith_8306.png)
شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فإن هذا الحديث العظيم الذي رواه الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يروي قصة بداية التواجد البشري في مكة المكرمة وبناء البيت العتيق، وهي قصة مليئة بالدروس والعبر. سأشرحه لكم جزءًا جزءًا معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
أولاً. شرح المفردات:
● المنطق: حزام أو وشاح تُشد به المرأة وسطها.
● تعفي أثرها: تخفي وتغطي أثر قدميها.
● دوحة: شجرة كبيرة ذات فروع منتشرة.
● قفّى: انصرف وولى مدبرًا.
● يتلوى أو يتلبط: يتمرغ على الأرض من شدة العطش والألم.
● عائفًا: طائرًا يطير حول مكان الماء.
● يبتغي: يطلب ويبحث.
● عتبة الباب: ما يُوطأ من أسفل الباب، ويراد به هنا الزوجة أو أساس البيت.
● يبري نبلاً: يصنع السهام ويشذبها.
ثانيًا. شرح الحديث:
1- بداية القصة وترك هاجر وإسماعيل في الوادي:
- كان أول من اتخذت المنطق (الحزام) هي هاجر أم إسماعيل، وذلك لإخفاء أثر قدميها على سارة زوجة إبراهيم الأولى، وهذا من فطنة النساء وحكمتهن.
- جاء إبراهيم عليه السلام بهاجر وابنها الرضيع إسماعيل إلى وادي مكة، وكانت مقفرة لا ماء فيها ولا أنيس، ووضعهما عند مكان البيت الحرام (زمزم الآن).
- ترك معهما جرابًا فيه تمر وسقاء فيه ماء، ثم انصرف. فتبعته هاجر متسائلة: إلى أين تذهب وتتركنا في هذا المكان المقفر؟ فلما أكدت أن الله هو الذي أمره بهذا، قالت: "إذن لا يضيعنا"، وهذا من كمال إيمانها وتوكلها على الله.
2- دعاء إبراهيم عليه السلام:
- وقف إبراهيم عند الثنية (مكان مرتفع) ودعا الله بأن يتقبل منه ويجعل هذا الوادي آمناً ويرزق أهله من الثمرات، كما في سورة إبراهيم: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}.
3- معجزة زمزم وسعي هاجر بين الصفا والمروة:
- عندما نفد الماء، عطشت هاجر وعطش ابنها، فذهبت تبحث عنhelp. صعدت على جبل الصفا ثم نزلت إلى الوادي وسعت إلى المروة، وفعلت ذلك سبع مرات.
- قال النبي ﷺ: "فذلك سعي الناس بينهما"، أي أن هذا هو أصل شعيرة السعي بين الصفا والمروة في الحج والعمرة.
- ثم سمعت صوتًا عند المروة، فإذا بالملك (جبريل عليه السلام) يضرب الأرض بعقبه أو جناحه فتفجرت عين زمزم.
- قال النبي ﷺ: "يرحم الله أم إسماعيل، لو تركت زمزم - أو لو لم تغرف من الماء - لكانت زمزم عينًا معينًا" (أي جارية دائمة بغزارة). ومع ذلك فقد بارك الله فيها وجعلها شربة ولدها وللناس إلى يوم القيامة.
4- استقرار قبيلة جرهم في مكة:
- رأت قبيلة جرهم طائرًا يحوم حول الماء فعرفوا أن هناك ماءً، فاستأذنوا هاجر في النزول عندها بشرط أن لا حق لهم في الماء (فأبقته لها ولولدها).
- قال النبي ﷺ: "فألفى ذلك أم إسماعيل وهي تحب الإنس"، أي وجدت في ذلك ما تسر به لكونها تحب الصحبة والإنسان.
5- زواج إسماعيل وتدبير إبراهيم عليه السلام:
- كبر إسماعيل وتزوج امرأة من جرهم.
- زار إبراهيم ابنه فلم يجده، وسأل زوجته عن حالهم، فشكت له الفقر والشدة، فنصحها أن تقول لإسماعيل أن يغير عتبة بابه (أي يطلقها لأنها غير صالحة لمعاشرة الصالحين).
- وعندما عاد إسماعيل وعرف أن الشيخ هو أبوه، طلقها وتزوج أخرى.
- في الزيارة الثانية، سأل إبراهيم الزوجة الجديدة عن حالهم، فأثنت على الله وقالت: نحن في خير وسعة. فدعا لهم بالبركة في اللحم والماء (وهما طعامهم وشرابهم).
- قال النبي ﷺ: "ولم يكن لهم يومئذ حب، ولو كان لهم دعا لهم فيه"، أي لو كان عندهم حبوب لدعا لهم بالبركة فيها أيضًا.
6- بناء الكعبة المشرفة:
- في زيارة أخرى، أمر الله إبراهيم ببناء البيت (الكعبة)، فتعاون الأب وابنه في البناء، وكان إسماعيل يناوله الحجارة وإبراهيم يبني.
- وضع إبراهيم الحجر الأسود (المقام) ليرتفع عليه ويكمل البناء.
- وكانا يدعوان أثناء البناء: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.
ثالثًا. الدروس المستفادة من الحديث:
1. **
تخريج الحديث
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 65 من أصل 185 حديثاً له شرح
- 40 صام نوح الدهر إلا يوم الفطر ويوم الأضحى
- 41 آمرك باثنتين وأنهاك عن اثنتين
- 42 نُصرتُ بالصبا، وأهلكتْ عاد بالدبور
- 43 يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم
- 44 ما رأيت رسول ﷺ ضاحكا حتى أرى منه لهواته
- 45 كان النبي إذا عصفت الريح ماذا يقول
- 46 ما فتح الله على عاد من الريح إلا مثل موضع...
- 47 قبر هود صلوات الله عليه في حضرموت
- 48 قصة وافد عاد
- 49 إذ انبعث أشقاها انبعث لها رجل عزيز عارم منيع
- 50 لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين...
- 51 نهي النبي ﷺ عن شرب ماء بئر ثمود واستعماله في...
- 52 لا تسألوا الآيات وقد سألها قوم صالح
- 53 يا إبراهيم، ما تحت رجليك؟ فينظر فإذا هو بذيخ ملتطخ،...
- 54 أكرم الناس أتقاهم
- 55 الله يجمع يوم القيامة الأولين والآخرين في صعيد واحد
- 56 ائتوا إبراهيم الذي اتخذه الله خليلا
- 57 إن الله تعالى قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا
- 58 كان ينفخ على إبراهيم
- 59 كانت الضفدع تطفئ النار عن إبراهيم، وكان الوزغ ينفخ فيه
- 60 حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم ومحمد ﷺ
- 61 معنى نحن أحق بالشك من إبراهيم
- 62 ختان النبي ابراهيم في سن الثمانين بالقدوم
- 63 دخل إبراهيم بسارة قرية فيها جبار
- 64 لم يكذب إبراهيم النبي قط إلا ثلاث كذبات
- 65 غير عتبة بابك. قال: ذاك أبي، وقد أمرني أن أفارقك
- 66 إبراهيم يترك هاجر وإسماعيل في مكة عند البيت الحرام
- 67 أعوذ بك من: البخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال
- 68 ألم تري أن قومك حين بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد...
- 69 الدجال مكتوب بين عينيه كافر
- 70 أخذت اللبن فشربته فقال: هديت الفطرة
- 71 أقرب الناس شبها بالأنبياء
- 72 يا خير البرية، فقال رسول الله ﷺ: ذاك إبراهيم
- 73 أُتيت بالبراق ثم عرج بي إلى السماء السابعة
- 74 رفع لي البيت المعمور
- 75 فرج عن سقف بيتي وأنا بمكة
- 76 إدريس في الثانية وهارون في الرابعة وإبراهيم في السادسة وموسى...
- 77 ابْتِلَاءُ إِبْرَاهِيمَ بِالطَّهَارَةِ: خَمْسٌ فِي الرَّأْسِ وَخَمْسٌ فِي الجَسَدِ
- 78 تُحشرون حفاة عراة غرلا ثم يؤخذ برجال من أصحابي
- 79 دخل النبي ﷺ البيت فوجد فيه صورة إبراهيم وصورة مريم
- 80 كان النبي ﷺ يعوذ الحسن والحسين ويقول: إن أباكما كان...
- 81 من مات من الأولاد فهو على الفطرة
- 82 قصر في الجنة من لؤلؤ لإبراهيم عليه السلام
- 83 قصة السيدة هاجر أم اسماعيل
- 84 أول من فتق الله لسانه بالعربية المبينة إسماعيل
- 85 أول من نطق بالعربية ووضع الكتاب إسماعيل بن إبراهيم
- 86 مر النبي ﷺ على نفر من أسلم ينتضلون
- 87 ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا، وأنا معكم كلكم
- 88 سعي النبي بين الصفا والمروة
- 89 دفن في الحجر مع أمه هاجر
معلومات عن حديث: غير عتبة بابك. قال: ذاك أبي، وقد أمرني أن أفارقك
📜 حديث: غير عتبة بابك. قال: ذاك أبي، وقد أمرني أن أفارقك
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: غير عتبة بابك. قال: ذاك أبي، وقد أمرني أن أفارقك
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: غير عتبة بابك. قال: ذاك أبي، وقد أمرني أن أفارقك
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: غير عتبة بابك. قال: ذاك أبي، وقد أمرني أن أفارقك
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








