حديث: آمرك باثنتين وأنهاك عن اثنتين

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب وصية نوح ﵇ لابنه

عن عبد الله بن عمرو قال: كنا عند رسول الله ﷺ .. وفيه: «إن نبي الله نوحا ﷺ لما حضرته الوفاة قال لابنه: إني قاص عليك الوصية، آمرك باثنتين، وأنهاك عن اثنتين، آمرك بلا إله إلا الله فإن السموات السبع والأرضين السبع لو وضعت في كفة ووضعت لا إله إلا الله في كفة رجحت بهن لا إله إلا الله، ولو أن السموات السبع والأرضين السبع كن حلقة مبهمة قصمتهن لا إله إلا الله. وسبحان الله وبحمده فإنها صلاة كل شيء وبها يرزق الخلق. وأنهاك عن الشرك والكبر، قال: قلت: - أو قيل -: يا رسول الله، هذا الشرك قد عرفناه فما الكبر؟ قال: أن يكون لأحدنا نعلان حسنتان لهما شراكان حسنان؟ قال: «لا» قال: هو أن يكون لأحدنا حلة يلبسها؟ قال: «لا». قال: الكبر هو أن يكون لأحدنا دابة يركبها؟ قال: «لا» قال: أفهو أن يكون لأحدنا أصحاب يجلسون إليه؟ قال: «لا» قيل: يا رسول الله، فما الكبر؟ قال: «سفه الحق، وغمص الناس».

صحيح: رواه أحمد (٦٥٨٣) عن سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن العقعب بن زهير، عن زيد بن أسلم قال حماد: أظنه عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عمرو قال .

عن عبد الله بن عمرو قال: كنا عند رسول الله ﷺ .. وفيه: «إن نبي الله نوحا ﷺ لما حضرته الوفاة قال لابنه: إني قاص عليك الوصية، آمرك باثنتين، وأنهاك عن اثنتين، آمرك بلا إله إلا الله فإن السموات السبع والأرضين السبع لو وضعت في كفة ووضعت لا إله إلا الله في كفة رجحت بهن لا إله إلا الله، ولو أن السموات السبع والأرضين السبع كن حلقة مبهمة قصمتهن لا إله إلا الله. وسبحان الله وبحمده فإنها صلاة كل شيء وبها يرزق الخلق. وأنهاك عن الشرك والكبر، قال: قلت: - أو قيل -: يا رسول الله، هذا الشرك قد عرفناه فما الكبر؟ قال: أن يكون لأحدنا نعلان حسنتان لهما شراكان حسنان؟ قال: «لا» قال: هو أن يكون لأحدنا حلة يلبسها؟ قال: «لا». قال: الكبر هو أن يكون لأحدنا دابة يركبها؟ قال: «لا» قال: أفهو أن يكون لأحدنا أصحاب يجلسون إليه؟ قال: «لا» قيل: يا رسول الله، فما الكبر؟ قال: «سفه الحق، وغمص الناس».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه الذي ذكرته حديث عظيم، رواه الإمام أحمد في مسنده، والحاكم في مستدركه، وصححه الألباني. وهو يحوي وصية نبي الله نوح عليه السلام لابنه عند وفاته، ثم بيانًا من النبي ﷺ لمعنى الكبر. وسأشرحه لك جزءًا جزءًا بإذن الله.

أولاً. شرح المفردات:


● قاص عليك الوصية: أي مُبلِّغ لك الوصية ومُوصٍ بها.
● حلقة مبهمة: أي كتلة واحدة ملتحمة لا فصْل فيها.
● قصمتهن: كسرهن وحطمهن.
● سبحان الله وبحمده: تنزيه الله تعالى مع الثناء عليه.
● سفه الحق: احتقار الحق ورده، أو الاستخفاف به.
● غمص الناس: احتقارهم والازدراء بهم.

ثانيًا. شرح الحديث:


يبدأ الحديث بوصية نبي الله نوح عليه السلام لابنه عند وفاته، حيث أوصاه بأمرين ونهاه عن أمرين:
الأمران اللذان أوصاه بهما:
1- كلمة "لا إله إلا الله": وهي كلمة التوحيد، وهي أساس الدين، وقد بين نبي الله نوح عليه السلام عظم مكانتها بأن السموات السبع والأرضين السبع لو وُزِنَت بكلمة "لا إله إلا الله" لرجحت هذه الكلمة، ولو كانت السموات والأرض حلقة واحدة ملتحمة لقَصَمَتْها هذه الكلمة (أي حطمتها). وهذا بيان لعظمة التوحيد وقوته، فهو أثقل في الميزان من كل المخلوقات، وأقوى من كل الموجودات، لأنه كلمة الله تعالى التي هي أساس الخلق والأمر.
2- كلمة "سبحان الله وبحمده": وهي من أذكار التنزيه والثناء، وقد بين نوح عليه السلام أنها "صلاة كل شيء" أي أن كل المخلوقات تسبح بحمد الله، كما قال تعالى: *{وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ}* [الإسراء: 44]. وبها يرزق الخلق، أي أن الرزق مقرون بهذا الذكر، وهو سبب للبركة في الرزق.
النهيان اللذان نهاه عنهما:
1- الشرك: وهو أن تجعل لله ندًا أو شريكًا في العبادة، وهو أعظم الذنوب وأكبر الكبائر.
2- الكبر: وهو التكبر على الخلق واحتقارهم.
ثم ينتقل الحديث إلى بيان النبي ﷺ لمعنى الكبر، حيث يسأل الصحابة عن الكبر بعد أن عرفوا الشرك، فيظنون أنه في أمور ظاهرية مثل:
- أن يكون للإنسان نعلان (حذاء) حسناان لهما شراكان (رباطان) حسان.
- أو أن يكون له حلة (ثوب) يلبسها.
- أو أن يكون له دابة (مركوب) يركبها.
- أو أن يكون له أصحاب يجلسون إليه.
فينفي النبي ﷺ أن يكون الكبر في هذه الأمور الظاهرية، لأنها من زينة الله التي أخرج لعباده، كما قال تعالى: *{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ}* [الأعراف: 32]. بل الكبر حقيقة هو:
● سفه الحق: أي رده واحتقاره والاستخفاف به، كأن يتكبر الإنسان على قبول الحق إذا جاءه من شخص يراه أقل منه.
● غمص الناس: أي احتقارهم وازدراؤهم والتكبر عليهم.

ثالثًا. الدروس المستفادة من الحديث:


1- عظمة كلمة التوحيد: فهي أثقل في الميزان من السموات والأرض، وهي الأساس الذي تقوم عليه جميع الأعمال.
2- أهمية الذكر: خاصة "سبحان الله وبحمده"، فهو من أسباب الرزق والبركة، وهو تسبيح لله تعالى يشترك فيه كل المخلوقات.
3- تحريم الشرك والكبر: وهما من أخطر الأمراض القلبية التي تهلك صاحبها.
4- حقيقة الكبر: ليست في الأمور الظاهرية من اللباس أو المركوب أو الجلساء، بل هي في السلوك والموقف من الحق والناس. فالكبر هو رفض الحق واحتقار الناس.
5- التواضع: وهو خلق عظيم، وهو ضد الكبر، فيجب على المسلم أن يتواضع للحق ويقبله من أي أحد، وأن يتواضع للناس ولا يحقرهم.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث يبين أن الكبر من الأخلاق الذميمة التي حذر منها الإسلام، وقد قال النبي ﷺ: «لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر» (رواه مسلم).
- التواضع من صفات المؤمنين، كما قال تعالى: *{وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ}* [الحجر: 88].
- ينبغي للمسلم أن يحذر من الكبر الخفي، وهو أن يتكبر على الناس لسبب من الأسباب كالغنى أو العلم أو الجاه، وأن يتذكر أن الله تعالى هو الذي أعطاه هذه النعم.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتواضعين للحق وللناس، وأن يحفظنا من الشرك والكبر، وأن يوفقنا لطاعته وذكره وشكره.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٦٥٨٣) عن سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن العقعب بن زهير، عن زيد بن أسلم قال حماد: أظنه عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عمرو قال .. فذكره.
وهذا الشك من حماد بن زيد لا يؤثر في صحة الحديث لأن الإمام أحمد رواه أيضا (٧١٠١) من وجه آخر بدون الشك قال: حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي، سمعت الصقب بن زهير يحدث عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عمرو .. فذكر مثله.
قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (١/ ٢٨٠): «وهذا إسناد صحيح ولم يخرجوه» وقال:
ورواه أبو القاسم الطبراني من حديث عبد الرحيم بن سليمان، عن محمد بن إسحاق، عن عمرو بن دينار، عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله ﷺ قال: كان من وصية نوح لابنه: أوصيك بخصلتين، وأنهاك عن خصلتين .. فذكر نحوه.
ورواه البزار (٣٠٦٩ - كشف الأستار) فجعله من مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب.
قال ابن كثير: «والظاهر أنه عن عبد الله بن عمرو بن العاص كما رواه أحمد والطبراني».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 41 من أصل 185 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: آمرك باثنتين وأنهاك عن اثنتين

  • 📜 حديث: آمرك باثنتين وأنهاك عن اثنتين

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: آمرك باثنتين وأنهاك عن اثنتين

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: آمرك باثنتين وأنهاك عن اثنتين

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: آمرك باثنتين وأنهاك عن اثنتين

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب