ابن عباس: أبو سفيان وعبد الله بن أبي أمية يطلبان الدخول على النبي

حديث: ابن عباس: أبو سفيان وعبد الله بن أبي أمية يطلبان الدخول على النبي

عن ابن عباس قال: وقد كان أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وعبد الله بن أبي أمية قد لقيا رسول الله ﷺ أيضًا بنيق العقاب فيما بين مكة والمدينة، والتمسا الدخول عليه، فكلّمته أم سلمة فيهما، فقالت: يا رسول الله! ابن عمك وابن عمتك وصهرك، قال: «لا حاجة لي بهما أما ابن عمي فهتك عرضي، وأما ابن عمتي فهو الذي قال لي بمكة ما قال» قال: فلما خرج إليهما الخبر بذلك ومع أبي سفيان بني له، فقال: والله ليأذنن لي أو لآخذن بيد بني هذا، ثم لنذهبن في الأرض حتى نموت عطشًا وجوعًا، فلما بلغ ذلك النبي ﷺ رق لهما، ثم أذن لهما فدخلا عليه فأسلما، وأنشد أبو سفيان قوله في إسلامه، واعتذر إليه مما كان مضى منه:
لعمرك إني يوم أحمل راية ... لتغلب خيل اللات خيل محمد
لكالمدلج الحيران أظلم ليلُه ... فهذا أواني حين أُهدى وأهتدي
هداني هاد غيرُ نفسي ونالني ... مع الله من طردت كل مطرد
أصد وأنأى جاهدًا عن محمد ... وأُدعى وإن لم أَنَتسِب من محمد
هُم ما هم من لم يقل بهواهم ... وإن كان ذا رأي يُلم ويفنَّد
أريد لأَرْضِيهم ولست بلائط ... مع القوم ما لم أُهَد في كل مقعد
فقل لثقيف لا أريد قتالها ... وقل لثقيف تلك غيري أوعِدي
فما كنت في الجيش الذي نال عامرًا ... وما كان عن جرّا لساني ولا يدي
قبائل جاءت من بلاد بعيدة ... نزائع جاءت من سهام وسردد
قال ابن إسحاق: فزعموا أنه حين أنشد رسول الله ﷺ ونالني مع الله من طردت كل مطرد، ضرب رسول الله بيده في صدره وقال: «أنت طردتني كل مطرد».

حسن: رواه الحاكم (٣/ ٤٣ - ٤٤) وعنه البيهقي في الدلائل (٥/ ٢٧ - ٢٨) من حديث يونس بن
بكير، عن ابن إسحاق قال: حَدَّثَنِي الزّهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس فذكره، وهو في سيرة ابن هشام (٢/ ٣٩٩ - ٤٠٠) من هذا الوجه مطولًا.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم يحكي قصة توبة أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب -ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم- وعبد الله بن أبي أمية، وصورة من صور رحمة النبي صلى الله عليه وسلم وعفوه.

شرح المفردات:

● نِيق العقاب: موضع بين مكة والمدينة.
● هتك عرضي: أي أذاني وشتمني.
● رَقَّ لهما: رق قلبه ورحمهما.
● المدلج الحيران: المسافر ليلاً الحائر الذي لا يعرف الطريق.
● أُهدى وأهتدي: أُرشد إلى الحق وأهتدي به.
● مطرد: منبوذ مُبعد.
● أصد وأنأى: أبعد وأبتعد.
● ثقيف: قبيلة معروفة.
● نزائع: جماعات متفرقة.

شرح الحديث:

يحكي الحديث أن أبا سفيان بن الحارث (ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم) وعبد الله بن أبي أمية (ابن عمته وأخو أم سلمة زوج النبي) جاءا إلى النبي صلى الله عليه وسلم عند مكان يسمى "نيق العقاب" بين مكة والمدينة، وطلبا الدخول عليه ليعتذرا ويسلما، لكن النبي رفض في البداية لقاءهما بسبب أذاهما السابق له.
فقد كان أبو سفيان قد هجا النبي صلى الله عليه وسلم وشتمه، وعبد الله بن أبي أمية قال له في مكة كلامًا جارحًا. فلما سمعا برد النبي، توعد أبو سفيان بأنه إن لم يؤذن له فسيأخذ ابنه ويموت عطشًا وجوعًا في الأرض، فلما بلغ ذلك النبي رق قلبه ورحمهما، فأذن لهما فدخلا وأسلما.
ثم أنشد أبو سفيان قصيدة يعتذر فيها عن أفعاله السابقة، ويعلن إسلامه واتباعه للنبي صلى الله عليه وسلم، ويعترف بفضله الله في هدايته. فلما سمع النبي قوله: "ونالني مع الله من طردت كل مطرد" ضرب بيده على صدره وقال: "أنت طردتني كل مطرد" أي: أنت الذي طردتني وبعدت عني.

الدروس المستفادة:

1- سعة رحمة النبي صلى الله عليه وسلم وعفوه: فقد رحمهما بعد أن رفض لقاءهما في البداية.
2- قبول التوبة مهما بلغ الذنب: فقد كان أبو سفيان من أشد الناس عداوة للنبي، ثم تاب فقبل منه.
3- الصدق في التوبة والندم على الماضي: ظهر ذلك في اعتذار أبي سفيان وشعوره بالندم.
4- الاعتراف بالخطأ والمسارعة إلى التوبة: وهذا من أسباب قبول التوبة.
5- الشفاعة الحسنة: حيث شفعت أم سلمة فيهما، مما يدل على جواز الشفاعة في الخير.

معلومات إضافية:

- أبو سفيان بن الحارث هو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأسلم قبل فتح مكة بقليل، وكان من الفضلاء بعد إسلامه.
- عبد الله بن أبي أمية هو أخو أم سلمة زوج النبي، وكان من المسارعين إلى الإسلام.
- القصيدة التي أنشدها أبو سفيان تدل على صدق توبته واعترافه بفضل الله عليه في الهداية.
نسأل الله أن يهدينا جميعًا إلى صراطه المستقيم، وأن يتوب علينا إنه هو التواب الرحيم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الحاكم (٣/ ٤٣ - ٤٤) وعنه البيهقي في الدلائل (٥/ ٢٧ - ٢٨) من حديث يونس بن
بكير، عن ابن إسحاق قال: حَدَّثَنِي الزّهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس فذكره، وهو في سيرة ابن هشام (٢/ ٣٩٩ - ٤٠٠) من هذا الوجه مطولًا.
قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، وأبو سفيان بن الحارث أخو رسول الله ﷺ من الرضاعة أرضعتهما حليمة وابن عمه، ثمّ عامل النَّبِيّ ﷺ بمعاملات قبيحة. وهجاه غير مرة حتَّى أجابه حسان بن ثابت بقصيدته التي يقول فيها:
هجوت محمدًا فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء
والحديث والقصيدة بطولها مخرجة في الحديث الصَّحيح لمسلم ﵀. وقد كان حسان بن ثابت يستأذن رسول الله ﷺ أن يهجوه فلا يأذن له» انتهى قول الحاكم.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 644 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ابن عباس: أبو سفيان وعبد الله بن أبي أمية يطلبان الدخول على النبي

📜 حديث: ابن عباس: أبو سفيان وعبد الله بن أبي أمية يطلبان الدخول على النبي

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ابن عباس: أبو سفيان وعبد الله بن أبي أمية يطلبان الدخول على النبي

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ابن عباس: أبو سفيان وعبد الله بن أبي أمية يطلبان الدخول على النبي

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ابن عباس: أبو سفيان وعبد الله بن أبي أمية يطلبان الدخول على النبي

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية