حديث: المحيا محياكم، والممات مماتكم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ترتيب وتحديد مواقع القواد وإسلام أبي سفيان بن حرب

عن أبي هريرة، قال: وفدت وفود إلى معاوية، وذلك في رمضان، فكان يصنع بعضنا لبعض الطعام، فكان أبو هريرة مما يكثر أن يدعونا إلى رحله، فقلت: ألا أصنع طعامًا فأدعوهم إلى رحلي؟ فأمرت بطعام يصنع، ثم لقيت أبا هريرة من العشي، فقلت: الدعوة عندي الليلة، فقال: سبقتني، قلت: نعم، فدعوتهم، فقال أبو هريرة: ألا أعلمكم بحديث من حديثكم؟ يا معشر الأنصار! ثم ذكر فتح مكة فقال: أقبل رسول الله ﷺ حتى قدم مكة، فبعث الزبير على إحدى المجنبتين، وبعث خالدا على المجنبة الأخرى، وبعث أبا عبيدة على الحسر، فأخذوا بطن الوادي، ورسول الله ﷺ في كتيبة، قال: فنظر فرآني، فقال أبو هريرة: قلت: لبيك، يا رسول الله! فقال: لا يأتيني إلا أنصاري».
زاد غير شيبان: فقال: «اهتف لي بالأنصار» قال: فأطافوا به، ووبشت قريش أوباشًا لها وأتباعًا، فقالوا: نقدم هؤلاء، فإن كان لهم شيء كنا معهم، وإن أصيبوا أعطينا الذي سئلنا، فقال رسول الله ﷺ: «ترون إلى أوباش قريش وأتباعهم» ثم قال بيديه، إحداهما على الأخرى، ثم قال: «حتى توافوني بالصفا» قال: فانطلقنا، فما شاء أحد منا أن يقتل أحدًا إلا قتله، وما أحد منهم يوجه إلينا شيئًا، قال: فجاء أبو
سفيان فقال: يا رسول الله! أبيحت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم، ثم قال: «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن»فقالت الأنصار بعضهم لبعض: أما الرجل فأدركته رغبة في قريته، ورأفة بعشيرته، قال أبو هريرة: وجاء الوحي، وكان إذا جاء الوحي لا يخفى علينا، فإذا جاء فليس أحد يرفع طرفه إلى رسول الله ﷺ حتى ينقضي الوحي، فلما انقضى الوحي قال رسول الله ﷺ: «يا معشر الأنصار!» قالوا: لبيك، يا رسول الله لله! قال «قلتم: أما الرجل فأدركته رغبة في قريته»، قالوا: قد كان ذاك، قال: «كلا، إني عبد الله ورسوله، هاجرت إلى الله وإليكم، والمحيا محياكم، والممات مماتكم»، فأقبلوا إليه يبكون ويقولون: والله! ما قلنا الذي قلنا إلا الضن بالله وبرسوله، فقال رسول الله ﷺ: «إن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم» قال: فأقبل الناس إلى دار أبي سفيان، وأغلق الناس أبوابهم، قال: وأقبل رسول الله ﷺ حتى أقبل إلى الحجر، فاستلمه، ثم طاف بالبيت، قال: فأتى على صنم إلى جنب البيت كانوا يعبدونه، قال: وفي يد رسول الله ﷺ قوس، وهو آخذ بسية القوس، فلما أتى على الصنم جعل يطعنه في عينه ويقول: «جاء الحق وزهق الباطل»، فلما فرغ من طوافه أتى الصفا فعلا عليه، حتى نظر إلى البيت، ورفع يديه، فجعل يحمد الله ويدعو بما شاء أن يدعو.
وفي لفظ آخر: قال: «فما اسمي إذا؟ كلا إني عبد الله ورسوله».

صحيح: رواه مسلم في الجهاد والسير «٨٤: ١٧٨٠» عن شيبان بن فرّوخ، حدثنا سليمان بن المغيرة، حدثنا ثابت البناني، عن عبد الله بن رباح، عن أبي هريرة قال: فذكره.

عن أبي هريرة، قال: وفدت وفود إلى معاوية، وذلك في رمضان، فكان يصنع بعضنا لبعض الطعام، فكان أبو هريرة مما يكثر أن يدعونا إلى رحله، فقلت: ألا أصنع طعامًا فأدعوهم إلى رحلي؟ فأمرت بطعام يصنع، ثم لقيت أبا هريرة من العشي، فقلت: الدعوة عندي الليلة، فقال: سبقتني، قلت: نعم، فدعوتهم، فقال أبو هريرة: ألا أعلمكم بحديث من حديثكم؟ يا معشر الأنصار! ثم ذكر فتح مكة فقال: أقبل رسول الله ﷺ حتى قدم مكة، فبعث الزبير على إحدى المجنبتين، وبعث خالدا على المجنبة الأخرى، وبعث أبا عبيدة على الحسر، فأخذوا بطن الوادي، ورسول الله ﷺ في كتيبة، قال: فنظر فرآني، فقال أبو هريرة: قلت: لبيك، يا رسول الله! فقال: لا يأتيني إلا أنصاري».
زاد غير شيبان: فقال: «اهتف لي بالأنصار» قال: فأطافوا به، ووبشت قريش أوباشًا لها وأتباعًا، فقالوا: نقدم هؤلاء، فإن كان لهم شيء كنا معهم، وإن أصيبوا أعطينا الذي سئلنا، فقال رسول الله ﷺ: «ترون إلى أوباش قريش وأتباعهم» ثم قال بيديه، إحداهما على الأخرى، ثم قال: «حتى توافوني بالصفا» قال: فانطلقنا، فما شاء أحد منا أن يقتل أحدًا إلا قتله، وما أحد منهم يوجه إلينا شيئًا، قال: فجاء أبو
سفيان فقال: يا رسول الله! أبيحت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم، ثم قال: «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن»فقالت الأنصار بعضهم لبعض: أما الرجل فأدركته رغبة في قريته، ورأفة بعشيرته، قال أبو هريرة: وجاء الوحي، وكان إذا جاء الوحي لا يخفى علينا، فإذا جاء فليس أحد يرفع طرفه إلى رسول الله ﷺ حتى ينقضي الوحي، فلما انقضى الوحي قال رسول الله ﷺ: «يا معشر الأنصار!» قالوا: لبيك، يا رسول الله لله! قال «قلتم: أما الرجل فأدركته رغبة في قريته»، قالوا: قد كان ذاك، قال: «كلا، إني عبد الله ورسوله، هاجرت إلى الله وإليكم، والمحيا محياكم، والممات مماتكم»، فأقبلوا إليه يبكون ويقولون: والله! ما قلنا الذي قلنا إلا الضن بالله وبرسوله، فقال رسول الله ﷺ: «إن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم» قال: فأقبل الناس إلى دار أبي سفيان، وأغلق الناس أبوابهم، قال: وأقبل رسول الله ﷺ حتى أقبل إلى الحجر، فاستلمه، ثم طاف بالبيت، قال: فأتى على صنم إلى جنب البيت كانوا يعبدونه، قال: وفي يد رسول الله ﷺ قوس، وهو آخذ بسية القوس، فلما أتى على الصنم جعل يطعنه في عينه ويقول: «جاء الحق وزهق الباطل»، فلما فرغ من طوافه أتى الصفا فعلا عليه، حتى نظر إلى البيت، ورفع يديه، فجعل يحمد الله ويدعو بما شاء أن يدعو.
وفي لفظ آخر: قال: «فما اسمي إذا؟ كلا إني عبد الله ورسوله».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن الحديث الذي أورده الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه يحكي قصة عظيمة من قصص فتح مكة، ويبرز موقفًا نبويًا كريمًا في تثبيت قلوب الأنصار وتطييب خواطرهم، وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا مع بيان الدروس والعبر المستفادة منه.

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● وفدت وفود: أي قدمت جماعات من الناس.
● المجنبتين: الجانبين أو الجناحين في الجيش.
● الحسر: الذين لا دروع لهم من الفقراء والضعفاء.
● بطن الوادي: وسط الوادي.
● كتيبة: جماعة من الجيش.
● أوباش: الأخلاط من الناس وليسوا من أشراف القبيلة.
● وبشت قريش أوباشًا: أي جمعت قريش الأخلاط والأتباع.
● بيديه إحداهما على الأخرى: كناية عن الاجتماع والالتئام.
● الصفا: جبل معروف في مكة.
● أبيحت خضراء قريش: أي أهلكت وأصيبت قريش في أعز ما لديها.
● الضن بالله ورسوله: أي الحرص على الله ورسوله وخوفًا من فقدانه.

ثانيًا. شرح الحديث:


يبدأ الحديث بقصة اجتماع بعض الوفود في رمضان عند معاوية رضي الله عنه، وكان أبو هريرة رضي الله عنه يكرم ضيوفه بدعوتهم إلى طعامه، فدعاهم أحد الصحابة إلى طعامه، فاجتمعوا عنده، فانتهز أبو هريرة هذه الفرصة ليذكرهم بحديث عظيم عن فضل الأنصار وموقفهم في فتح مكة.
ثم ينتقل إلى ذكر فتح مكة، حيث قسم النبي صلى الله عليه وسلم الجيش إلى ثلاث فرق:
- الزبير بن العوام على إحدى المجنبتين.
- خالد بن الوليد على المجنبة الأخرى.
- أبو عبيدة بن الجراح على الحسر (وهم الفقراء الذين لا دروع لهم).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم في كتيبة خاصة، فلما رأى أبا هريرة ناداه وقال: "لا يأتيني إلا أنصاري"، وفي رواية: "اهتف لي بالأنصار"، فاجتمع الأنصار حوله، وكانت قريش قد جمعت الأوباش والأتباع وقالوا: "نقدم هؤلاء، فإن كان لهم شيء كنا معهم، وإن أصيبوا أعطينا الذي سئلنا"، أي أنهم أرادوا أن يجعلوا هؤلاء الأوباش درعًا بشريًا يتقدمون بهم، فإن انتصروا انضموا إليهم، وإن هزموا تبرؤوا منهم.
فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك قال: "ترون إلى أوباش قريش وأتباعهم"، ثم أشار بيديه إحداهما على الأخرى كناية عن الاجتماع والالتئام، وأمرهم أن يلتقوا به عند الصفا.
فانطلق الأنصار فقاتلوا، وكان النصر حليفهم، فما أراد أحد من الأنصار أن يقتل أحدًا من المشركين إلا قتله، ولم يستطع المشركون أن يصمدوا أمامهم.
ثم جاء أبو سفيان وقال: "يا رسول الله! أبيحت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم"، أي أن قريشًا قد هُزمت وانتهت قوتها، فأعلن النبي صلى الله عليه وسلم الأمان لمن دخل دار أبي سفيان.
وهنا ظن بعض الأنصار أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مال إلى قريش وعشيرته، فقالوا: "أما الرجل فأدركته رغبة في قريته، ورأفة بعشيرته"، أي ظنوا أنه صلى الله عليه وسلم قد فضل قريشًا عليهم.
فجاء الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وعرف الصحابة بذلك لأنه كان يظهر عليه علامات الوحي، فسكتوا جميعًا حتى انقضى الوحي، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار: "قلتم: أما الرجل فأدركته رغبة في قريته"، فأقروا بذلك، فرد عليهم صلى الله عليه وسلم بقوله: "كلا، إني عبد الله ورسوله، هاجرت إلى الله وإليكم، والمحيا محياكم، والممات مماتكم"، أي أنا لست متحيزًا لقريش، بل أنا عبد الله ورسوله، وهجرتي كانت إلى الله وإليكم، وحياتي وموتي معكم.
فبكى الأنصار وندموا على ما قالوه، وأخبروه أنهم ما قالوا ذلك إلا حرصًا على الله ورسوله وخوفًا من أن يميل إلى قريش فيفقدوه، فطيب خاطرهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "إن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم".
ثم ذهب الناس إلى دار أبي سفيان، وأغلقوا أبوابهم آمِنين، وطاف النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت، وكسر الأصنام وكان يطعنها بقوسه ويقول: "جاء الحق وزهق الباطل"، ثم صعد على الصفا ودعا الله وحمده.

ثالثًا. الدروس المستفادة من الحديث:


1- فضل الأنصار ومكانتهم: فقد خصهم النبي صلى الله عليه وسلم بالدعوة في هذا الموقف العظيم، وذكرهم بفضلهم ووفائهم.
2- حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في القيادة: حيث قسم الجيش بشكل استراتيجي، ووضع كل قائد في المكان المناسب.
3- الرحمة بالناس حتى في الحرب: حيث أمن النبي صلى الله عليه وسلم من دخل دار أبي سفيان، يظهر compassion even in victory.
4- الرد على الظنون بطريقة حكيمة: عندما ظن الأنصار أن النبي صلى الله عليه وسلم مال إلى قريش، لم يغضب بل بين لهم حقيقة الأمر بطمأنة وتؤدة.
5- التواضع والوفاء: حيث أكد النبي صلى الله عليه وسلم أنه عبد الله ورسوله، وأن حياته وموته مع الأنصار.
6- كسر الأصنام وإعلان التوحيد: حيث طاف بالبيت وحطم الأصنام معلن
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الجهاد والسير «٨٤: ١٧٨٠» عن شيبان بن فرّوخ، حدثنا سليمان بن المغيرة، حدثنا ثابت البناني، عن عبد الله بن رباح، عن أبي هريرة قال: فذكره.
قوله: «المجنبتين» هما الميمنة والميسرة، ويكون القلب بينهما.
قوله: «الحسر» أي الذين لا دروع لهم.
قوله: «اهتف لي بالأنصار» أي ادعهم لي.
قوله: «أبيحت خضراء قريش»وفي رواية: «أبيدت».
وهما متقاربان أي استوطئت قريش بالقتل وأفنيت، وخضراؤهم بمعنى جماعتهم.
قوله: «إلا الضن»: هو الشح.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 641 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: المحيا محياكم، والممات مماتكم

  • 📜 حديث: المحيا محياكم، والممات مماتكم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: المحيا محياكم، والممات مماتكم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: المحيا محياكم، والممات مماتكم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: المحيا محياكم، والممات مماتكم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب