حديث: المحيا محياكم، والممات مماتكم
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ترتيب وتحديد مواقع القواد وإسلام أبي سفيان بن حرب
زاد غير شيبان: فقال: «اهتف لي بالأنصار» قال: فأطافوا به، ووبشت قريش أوباشًا لها وأتباعًا، فقالوا: نقدم هؤلاء، فإن كان لهم شيء كنا معهم، وإن أصيبوا أعطينا الذي سئلنا، فقال رسول الله ﷺ: «ترون إلى أوباش قريش وأتباعهم» ثم قال بيديه، إحداهما على الأخرى، ثم قال: «حتى توافوني بالصفا» قال: فانطلقنا، فما شاء أحد منا أن يقتل أحدًا إلا قتله، وما أحد منهم يوجه إلينا شيئًا، قال: فجاء أبو
سفيان فقال: يا رسول الله! أبيحت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم، ثم قال: «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن»فقالت الأنصار بعضهم لبعض: أما الرجل فأدركته رغبة في قريته، ورأفة بعشيرته، قال أبو هريرة: وجاء الوحي، وكان إذا جاء الوحي لا يخفى علينا، فإذا جاء فليس أحد يرفع طرفه إلى رسول الله ﷺ حتى ينقضي الوحي، فلما انقضى الوحي قال رسول الله ﷺ: «يا معشر الأنصار!» قالوا: لبيك، يا رسول الله لله! قال «قلتم: أما الرجل فأدركته رغبة في قريته»، قالوا: قد كان ذاك، قال: «كلا، إني عبد الله ورسوله، هاجرت إلى الله وإليكم، والمحيا محياكم، والممات مماتكم»، فأقبلوا إليه يبكون ويقولون: والله! ما قلنا الذي قلنا إلا الضن بالله وبرسوله، فقال رسول الله ﷺ: «إن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم» قال: فأقبل الناس إلى دار أبي سفيان، وأغلق الناس أبوابهم، قال: وأقبل رسول الله ﷺ حتى أقبل إلى الحجر، فاستلمه، ثم طاف بالبيت، قال: فأتى على صنم إلى جنب البيت كانوا يعبدونه، قال: وفي يد رسول الله ﷺ قوس، وهو آخذ بسية القوس، فلما أتى على الصنم جعل يطعنه في عينه ويقول: «جاء الحق وزهق الباطل»، فلما فرغ من طوافه أتى الصفا فعلا عليه، حتى نظر إلى البيت، ورفع يديه، فجعل يحمد الله ويدعو بما شاء أن يدعو.
وفي لفظ آخر: قال: «فما اسمي إذا؟ كلا إني عبد الله ورسوله».
صحيح: رواه مسلم في الجهاد والسير «٨٤: ١٧٨٠» عن شيبان بن فرّوخ، حدثنا سليمان بن المغيرة، حدثنا ثابت البناني، عن عبد الله بن رباح، عن أبي هريرة قال: فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فإن الحديث الذي أورده الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه يحكي قصة عظيمة من قصص فتح مكة، ويبرز موقفًا نبويًا كريمًا في تثبيت قلوب الأنصار وتطييب خواطرهم، وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا مع بيان الدروس والعبر المستفادة منه.
أولاً. شرح مفردات الحديث:
● وفدت وفود: أي قدمت جماعات من الناس.
● المجنبتين: الجانبين أو الجناحين في الجيش.
● الحسر: الذين لا دروع لهم من الفقراء والضعفاء.
● بطن الوادي: وسط الوادي.
● كتيبة: جماعة من الجيش.
● أوباش: الأخلاط من الناس وليسوا من أشراف القبيلة.
● وبشت قريش أوباشًا: أي جمعت قريش الأخلاط والأتباع.
● بيديه إحداهما على الأخرى: كناية عن الاجتماع والالتئام.
● الصفا: جبل معروف في مكة.
● أبيحت خضراء قريش: أي أهلكت وأصيبت قريش في أعز ما لديها.
● الضن بالله ورسوله: أي الحرص على الله ورسوله وخوفًا من فقدانه.
ثانيًا. شرح الحديث:
يبدأ الحديث بقصة اجتماع بعض الوفود في رمضان عند معاوية رضي الله عنه، وكان أبو هريرة رضي الله عنه يكرم ضيوفه بدعوتهم إلى طعامه، فدعاهم أحد الصحابة إلى طعامه، فاجتمعوا عنده، فانتهز أبو هريرة هذه الفرصة ليذكرهم بحديث عظيم عن فضل الأنصار وموقفهم في فتح مكة.
ثم ينتقل إلى ذكر فتح مكة، حيث قسم النبي صلى الله عليه وسلم الجيش إلى ثلاث فرق:
- الزبير بن العوام على إحدى المجنبتين.
- خالد بن الوليد على المجنبة الأخرى.
- أبو عبيدة بن الجراح على الحسر (وهم الفقراء الذين لا دروع لهم).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم في كتيبة خاصة، فلما رأى أبا هريرة ناداه وقال: "لا يأتيني إلا أنصاري"، وفي رواية: "اهتف لي بالأنصار"، فاجتمع الأنصار حوله، وكانت قريش قد جمعت الأوباش والأتباع وقالوا: "نقدم هؤلاء، فإن كان لهم شيء كنا معهم، وإن أصيبوا أعطينا الذي سئلنا"، أي أنهم أرادوا أن يجعلوا هؤلاء الأوباش درعًا بشريًا يتقدمون بهم، فإن انتصروا انضموا إليهم، وإن هزموا تبرؤوا منهم.
فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك قال: "ترون إلى أوباش قريش وأتباعهم"، ثم أشار بيديه إحداهما على الأخرى كناية عن الاجتماع والالتئام، وأمرهم أن يلتقوا به عند الصفا.
فانطلق الأنصار فقاتلوا، وكان النصر حليفهم، فما أراد أحد من الأنصار أن يقتل أحدًا من المشركين إلا قتله، ولم يستطع المشركون أن يصمدوا أمامهم.
ثم جاء أبو سفيان وقال: "يا رسول الله! أبيحت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم"، أي أن قريشًا قد هُزمت وانتهت قوتها، فأعلن النبي صلى الله عليه وسلم الأمان لمن دخل دار أبي سفيان.
وهنا ظن بعض الأنصار أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مال إلى قريش وعشيرته، فقالوا: "أما الرجل فأدركته رغبة في قريته، ورأفة بعشيرته"، أي ظنوا أنه صلى الله عليه وسلم قد فضل قريشًا عليهم.
فجاء الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وعرف الصحابة بذلك لأنه كان يظهر عليه علامات الوحي، فسكتوا جميعًا حتى انقضى الوحي، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار: "قلتم: أما الرجل فأدركته رغبة في قريته"، فأقروا بذلك، فرد عليهم صلى الله عليه وسلم بقوله: "كلا، إني عبد الله ورسوله، هاجرت إلى الله وإليكم، والمحيا محياكم، والممات مماتكم"، أي أنا لست متحيزًا لقريش، بل أنا عبد الله ورسوله، وهجرتي كانت إلى الله وإليكم، وحياتي وموتي معكم.
فبكى الأنصار وندموا على ما قالوه، وأخبروه أنهم ما قالوا ذلك إلا حرصًا على الله ورسوله وخوفًا من أن يميل إلى قريش فيفقدوه، فطيب خاطرهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "إن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم".
ثم ذهب الناس إلى دار أبي سفيان، وأغلقوا أبوابهم آمِنين، وطاف النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت، وكسر الأصنام وكان يطعنها بقوسه ويقول: "جاء الحق وزهق الباطل"، ثم صعد على الصفا ودعا الله وحمده.
ثالثًا. الدروس المستفادة من الحديث:
1- فضل الأنصار ومكانتهم: فقد خصهم النبي صلى الله عليه وسلم بالدعوة في هذا الموقف العظيم، وذكرهم بفضلهم ووفائهم.
2- حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في القيادة: حيث قسم الجيش بشكل استراتيجي، ووضع كل قائد في المكان المناسب.
3- الرحمة بالناس حتى في الحرب: حيث أمن النبي صلى الله عليه وسلم من دخل دار أبي سفيان، يظهر compassion even in victory.
4- الرد على الظنون بطريقة حكيمة: عندما ظن الأنصار أن النبي صلى الله عليه وسلم مال إلى قريش، لم يغضب بل بين لهم حقيقة الأمر بطمأنة وتؤدة.
5- التواضع والوفاء: حيث أكد النبي صلى الله عليه وسلم أنه عبد الله ورسوله، وأن حياته وموته مع الأنصار.
6- كسر الأصنام وإعلان التوحيد: حيث طاف بالبيت وحطم الأصنام معلن
تخريج الحديث
قوله: «المجنبتين» هما الميمنة والميسرة، ويكون القلب بينهما.
قوله: «الحسر» أي الذين لا دروع لهم.
قوله: «اهتف لي بالأنصار» أي ادعهم لي.
قوله: «أبيحت خضراء قريش»وفي رواية: «أبيدت».
وهما متقاربان أي استوطئت قريش بالقتل وأفنيت، وخضراؤهم بمعنى جماعتهم.
قوله: «إلا الضن»: هو الشح.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 641 من أصل 1279 حديثاً له شرح
- 616 ثم أخذها خالد بن الوليد عن غير إمرة ففتح له
- 617 بعث رسول الله ﷺ جيش الأمراء وقال: عليكم زيد بن...
- 618 أخذ الراية خالد بن الوليد ودافع القوم
- 619 انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف
- 620 لما جاء قتل ابن حارثة وجعفر وعبد الله جلس النبي...
- 621 لما أتى نعي جعفر عرفنا في وجه رسول الله الحزن
- 622 خُذْ عَلَيْكَ ثِيَابَكَ وَسِلَاحَكَ ثُمَّ ائْتِنِي
- 623 أي الناس أحب إليك قال عائشة
- 624 بعث رسول الله ﷺ عمرو بن العاص في ذات السلاسل
- 625 احتلمت في ليلة باردة فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك
- 626 بعث سرية عبد الله بن عمر وغنائم الإبل في نجد
- 627 بعثنا رسول الله إلى إضَم فقتلنا عامرًا الأشجعي فنزل القرآن
- 628 صلح الحديبية ووثوب بني بكر على خزاعة
- 629 انصر هداك الله نصرًا أعتدا
- 630 صيام المسافر في رمضان ونهي النبي عن المشقة
- 631 أمركم رسول الله ﷺ بالجهاز
- 632 لعل الله اطلع على من شهد بدرا، قال: اعملوا ما...
- 633 يا حاطب أفعلت؟
- 634 كتب حاطب بن أبي بلتعة كتابًا إلى أهل مكة
- 635 من اطلع الله عليه من أهل بدر فقال اعملوا ما...
- 636 كتاب حاطب إلى كفار قريش
- 637 خروج النبي في رمضان إلى مكة مع عشرة آلاف
- 638 من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه...
- 639 أمرنا رسول الله ﷺ بالفطر في السفر
- 640 خروج أبي سفيان لطلب خبر رسول الله ﷺ عام الفتح
- 641 المحيا محياكم، والممات مماتكم
- 642 قلتم: أما الرجل فقد أخذته رأفة بعشيرته ورغبة في قريته،...
- 643 من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق عليه...
- 644 ابن عباس: أبو سفيان وعبد الله بن أبي أمية يطلبان...
- 645 اهجوا قريشًا فإنه أشد عليها من رشق بالنبل
- 646 منزلنا إن شاء الله إذا فتح الله الخيف
- 647 لا يرث المؤمن الكافر ولا يرث الكافر المؤمن
- 648 دخل النبي ﷺ عام الفتح من كداء.
- 649 اقتلوه إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة
- 650 دخل النبي مكة يوم الفتح وعليه عمامة سوداء
- 651 عليه عمامة سوداء
- 652 دخل النبي مكة ولواؤه أبيض وعليه عمامة سوداء
- 653 رسول الله ﷺ يقرأ سورة الفتح ويرجع فيها
- 654 اليوم يوم يعظم الله فيه الكعبة
- 655 لما قدم رسول الله مكة كان قيس في مقدمته
- 656 النبي ﷺ يطوف على بعير ويستلم الركن بمحجن
- 657 رسول الله ﷺ يدخل الكعبة ويكسر حمامة العيدان
- 658 النبي ﷺ يطعن الأصنام حول الكعبة ويقول جاء الحق وزهق...
- 659 أمر النبي بإخراج الآلهة من البيت ودخل فكبر في نواحيه
- 660 الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة
- 661 فأمر بها رسول الله ﷺ فكبّت كلها لوجوهها
- 662 لما كان يوم حنين التقى هوازن
- 663 المهاجرون والأنصار أولياء بعضهم لبعض إلى يوم القيامة
- 664 لا يقتل قرشي صبرًا بعد هذا اليوم
- 665 لا تغزى هذه بعد اليوم إلى يوم القيامة
معلومات عن حديث: المحيا محياكم، والممات مماتكم
📜 حديث: المحيا محياكم، والممات مماتكم
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: المحيا محياكم، والممات مماتكم
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: المحيا محياكم، والممات مماتكم
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: المحيا محياكم، والممات مماتكم
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








