حديث: كيف صنعتما حين سريت مع رسول الله ﷺ

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب دعائه ﷺ على سراقة في سفر الهجرة وظهور أثره عليه

عن البراء بن عازب يقول: جاء أبو بكر إلى أبي في منزله، فاشترى منه رحلا، فقال لعازب: ابعث ابنك يحمله معي، قال: فحملته معه، وخرج أبي ينتقد ثمنه، فقال له أبي: يا أبا بكر، حدثني كيف صنعتما حين سريت مع رسول الله ﷺ، قال:
نعم، أسرينا ليلتنا ومن الغد، حتى قام قائم الظهيرة وخلا الطريق لا يمر فيه أحد، فرفعت لنا صخرة طويلة لها ظل، لم تأت عليه الشمس، فنزلنا عنده، وسويت للنبي ﷺ مكانا بيدي ينام عليه، وبسطت عليه فروة، وقلت: نم يا رسول الله وأنا أنفض لك ما حولك، فنام وخرجت أنفض ما حوله، فإذا أنا براع مقبل بغنمه إلى الصخرة، يريد منها مثل الذي أردنا، فقلت: لمن أنت يا غلام، فقال: لرجل من أهل المدينة أو مكة، قلت: أفي غنمك لبن؟ قال: نعم، قلت: أفتحلب، قال: نعم، فأخذ شاة، فقلت: انفض الضرع من التراب والشعر والقذى، قال: فرأيت البراء يضرب إحدى يديه على الأخرى ينفض، فحلب في قعب كثبة من لبن، ومعي إداوة حملتها للنبي ﷺ يرتوي منها، يشرب ويتوضأ، فأتيت النبي ﷺ فكرهت أن أوقظه، فوافقته حين استيقظ، فصببت من الماء على اللبن حتى برد أسفله، فقلت: اشرب يا رسول الله، قال: فشرب حتى رضيت، ثم قال: «ألم يأن الرحيل». قلت: بلى، قال: فارتحلنا بعد ما مالت الشمس، واتبعنا سراقة بن مالك، فقلت: أتينا يا رسول الله، فقال: «لا تحزن إن الله معنا». فدعا عليه النبي ﷺ فارتطمت به فرسه إلى بطنها -أرى- في جلد من الأرض -شك زهير- فقال: إني أراكما قد دعوتما علي، فادعوا لي، فالله لكما أن أرد عنكما الطلب، فدعا له النبي ﷺ فنجا، فجعل لا يلقى أحدا إلا قال: كفيتكم ما هنا، فلا يلقى أحدًا إلا رده، قال: ووفى لنا.

متفق عليه: رواه البخاري في علامات النبوة (٣٦١٥) ومسلم في الزهد (٧٥: ٢٠٠٩) كلاهما من طريق زهير بن معاوية، حدثنا أبو إسحاق قال: سمعت البراء بن عازب يقول: فذكره.

عن البراء بن عازب يقول: جاء أبو بكر إلى أبي في منزله، فاشترى منه رحلا، فقال لعازب: ابعث ابنك يحمله معي، قال: فحملته معه، وخرج أبي ينتقد ثمنه، فقال له أبي: يا أبا بكر، حدثني كيف صنعتما حين سريت مع رسول الله ﷺ، قال:
نعم، أسرينا ليلتنا ومن الغد، حتى قام قائم الظهيرة وخلا الطريق لا يمر فيه أحد، فرفعت لنا صخرة طويلة لها ظل، لم تأت عليه الشمس، فنزلنا عنده، وسويت للنبي ﷺ مكانا بيدي ينام عليه، وبسطت عليه فروة، وقلت: نم يا رسول الله وأنا أنفض لك ما حولك، فنام وخرجت أنفض ما حوله، فإذا أنا براع مقبل بغنمه إلى الصخرة، يريد منها مثل الذي أردنا، فقلت: لمن أنت يا غلام، فقال: لرجل من أهل المدينة أو مكة، قلت: أفي غنمك لبن؟ قال: نعم، قلت: أفتحلب، قال: نعم، فأخذ شاة، فقلت: انفض الضرع من التراب والشعر والقذى، قال: فرأيت البراء يضرب إحدى يديه على الأخرى ينفض، فحلب في قعب كثبة من لبن، ومعي إداوة حملتها للنبي ﷺ يرتوي منها، يشرب ويتوضأ، فأتيت النبي ﷺ فكرهت أن أوقظه، فوافقته حين استيقظ، فصببت من الماء على اللبن حتى برد أسفله، فقلت: اشرب يا رسول الله، قال: فشرب حتى رضيت، ثم قال: «ألم يأن الرحيل». قلت: بلى، قال: فارتحلنا بعد ما مالت الشمس، واتبعنا سراقة بن مالك، فقلت: أتينا يا رسول الله، فقال: «لا تحزن إن الله معنا». فدعا عليه النبي ﷺ فارتطمت به فرسه إلى بطنها -أرى- في جلد من الأرض -شك زهير- فقال: إني أراكما قد دعوتما علي، فادعوا لي، فالله لكما أن أرد عنكما الطلب، فدعا له النبي ﷺ فنجا، فجعل لا يلقى أحدا إلا قال: كفيتكم ما هنا، فلا يلقى أحدًا إلا رده، قال: ووفى لنا.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه عن البراء بن عازب رضي الله عنهما، يحكي قصة هجرة النبي صلى الله عليه وسلم مع صاحبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وفيها من الدروس والعبر ما ينبغي للمسلم أن يتأملها.

شرح المفردات:


● رحلًا: وهو القتب الذي يوضع على ظهر البعير للركوب.
● ينتقد ثمنه: يطلب ثمن الرحل.
● أسرينا: سِرنا ليلًا.
● قائم الظهيرة: وقت ارتفاع الشمس وزوال الظل، أي وقت الظهر.
● صخرة طويلة لها ظل: جبل أو حجر كبير له ظل لم تصل إليه الشمس.
● فروة: قطعة من جلد الحيوان تُبسط للجلوس أو النوم.
● أنفض: أُنظف وأُزيل ما حوله من أذى.
● راعٍ: راعي غنم.
● إداوة: وعاء صغير من جلد يُحفظ فيه الماء.
● ارتطمت: غاصت وعلقت.
● كفيتكم ما هنا: أي أنا قد قامت بما تريدون، فلا تتعبوا في الطلب.

شرح الحديث:


يبدأ الحديث بحكاية البراء بن عازب أن أبا بكر رضي الله عنه جاء إلى أبيه (عازب) واشترى منه رحلًا، وطلب أن يبعث معه ابنه (البراء) لحمله، فحمل البراء الرحل مع أبي بكر، وخرج والده يطلب ثمنه، وسأل أبا بكر أن يحدثه عن قصة الهجرة.
فأخبره أبو بكر رضي الله عنه بأنهما سارا ليلتهم حتى وقت الظهيرة، وكان الطريق خاليًا، فرأيا صخرة كبيرة لها ظل، فنزلا عندها، وهيأ أبو بكر مكانًا للنبي صلى الله عليه وسلم لينام، وبسط له فروة، وطلب منه أن ينام بينما هو ينظف ما حوله.
ثم خرج أبو بكر ليتفقد المكان، فوجد راعي غنم يأتي إلى نفس الصخرة ليرتاح من الحر، فسأله: لمن أنت؟ فأجاب الراعي أنه لرجل من المدينة أو مكة، وسأله إن كان في غنمه لبن، فأجاب بنعم، فطلب منه أن يحلب، وأمره بتنظيف الضرع أولًا، فحلب الراعي في قعب (إناء) كمية من اللبن.
وكان مع أبي بكر إداوة ماء للنبي صلى الله عليه وسلم ليشرب ويتوضأ منها، فأتى باللبن إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوجده نائمًا، فلم يشأ أن يوقظه، فانتظر حتى استيقظ، ثم صب من الماء على اللبن لتبريده، ثم قدمه له فشرب حتى ارتوى.
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألم يأن الرحيل؟" فأجابه أبو بكر: بلى، فارتحلا بعد زوال الشمس (أي بعد الظهر)، وإذا بسُراقة بن مالك يلحق بهما، فخاف أبو بكر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تحزن إن الله معنا"، ثم دعا النبي على سراقة، فغاصت فرسه في الأرض حتى بطنها، فطلب سراقة منهما الدعاء له، ووعد أن يرد عنهم الطلب، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم فنجا، فكان سراقة بعد ذلك يرد كل من يلحق بهم، ووفى بوعده.

الدروس المستفادة:


1- صحبة أبي بكر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم وتضحيته: حيث كان خادمًا له، وهيأ له المكان، وحرص على راحته.
2- حرص أبي بكر على نظافة المكان وطعام النبي صلى الله عليه وسلم: حيث أمر الراعي بتنظيف الضرع قبل الحلب، وبرّد اللبن له.
3- توكل النبي صلى الله عليه وسلم على الله وثقته به: حيث طمأن أبا بكر بقوله: "لا تحزن إن الله معنا".
4- قوة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: حيث دعا على سراقة فارتطمت فرسه في الأرض، ثم دعا له فنجا.
5- الوفاء بالعهد: حيث وفى سراقة بوعده وردّ الطلب عن النبي وصاحبه.
6- التأني وعدم الاستعجال: حيث انتظر أبو بكر حتى استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم ولم يوقظه.

معلومات إضافية:


- هذه القصة من أحداث الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة.
- سراقة بن مالك كان من فرسان قريش الذين طلبوا النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر للقبض عليهما، ولكن الله عصمهما.
- بعد إسلام سراقة فيما بعد، أصبح من الصحابة، وحسن إسلامه.
هذا والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في علامات النبوة (٣٦١٥) ومسلم في الزهد (٧٥: ٢٠٠٩) كلاهما من طريق زهير بن معاوية، حدثنا أبو إسحاق قال: سمعت البراء بن عازب يقول: فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1189 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كيف صنعتما حين سريت مع رسول الله ﷺ

  • 📜 حديث: كيف صنعتما حين سريت مع رسول الله ﷺ

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: كيف صنعتما حين سريت مع رسول الله ﷺ

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: كيف صنعتما حين سريت مع رسول الله ﷺ

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: كيف صنعتما حين سريت مع رسول الله ﷺ

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب