حديث: إني ما أخاف عليكم أن تشركوا ولكن أخاف أن تتنافسوا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قول النبي ﷺ: «أنا فرط لكم»

عن عقبة بن عامر أن رسول الله ﷺ خرج يوما فصلى على أهل أحد صلاته على الميت، ثم انصرف إلى المنبر، فقال: «إني فرط لكم، وأنا شهيد عليكم، وإني والله! لأنظر إلى حوضي الآن، وإني قد أعطيت مفاتيح خزائن الأرض أو مفاتيح الأرض، وإني والله! ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكن أخاف عليكم أن تتنافسوا فيها».

متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (٤٠٤٢)، ومسلم في الفضائل (٢٢٩٦ - ٣٠) كلاهما من طريق يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر قال: فذكره.

عن عقبة بن عامر أن رسول الله ﷺ خرج يوما فصلى على أهل أحد صلاته على الميت، ثم انصرف إلى المنبر، فقال: «إني فرط لكم، وأنا شهيد عليكم، وإني والله! لأنظر إلى حوضي الآن، وإني قد أعطيت مفاتيح خزائن الأرض أو مفاتيح الأرض، وإني والله! ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكن أخاف عليكم أن تتنافسوا فيها».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه عن الصحابي الجليل عقبة بن عامر رضي الله عنه:

أولاً. شرح المفردات:


● فرط: السابق الذي يعد الطعام والشراب ويجهزها لمن يأتي بعده. وفي هذا السياق، يعني أن النبي ﷺ هو السابق لأمته إلى الحوض، ينتظرهم ويهيئ لهم الأمر.
● شهيد: الشاهد الذي يشهد على أعمال أمته يوم القيامة.
● حوضي: الحوض هو مجمع الماء العظيم الذي أكرم الله به نبيه  في يوم القيامة، ليشرب منه المؤمنون قبل دخول الجنة.
● مفاتيح خزائن الأرض: يعني سلطان الأرض وكنوزها وخيراتها.
● تتنافسوا فيها: أي تتباروا وتتسابقوا على الدنيا وزينتها، مما يؤدي إلى التحاسد والتباغض والعداوة.

ثانياً. شرح الحديث:


يصف لنا الصحابي عقبة بن عامر رضي الله عنه موقفاً مؤثراً، حيث خرج النبي ﷺ في يوم إلى مقبرة شهداء أحد فصلى عليهم صلاة الجنازة (أي دعا لهم بالمغفرة والرحمة). ثم انصرف إلى المنبر ليعظ الناس ويذكرهم.
فبدأ خطبته ﷺ بمجموعة من التصريحات الجليلة:
1- «إني فرط لكم»: أي أنا سابقكم إلى الحوض، وسأكون هناك منتظراً لكم لأستقبلكم وأسقيكم منه. هذا وعد منه ﷺ لأمته بالشفاعة والكرم يوم القيامة.
2- «وأنا شهيد عليكم»: أي أنا شاهد على أعمالكم يوم القيامة، سأشهد لكل من أطاعني أنه قد بلغته الرسالة، وسأشهد على من عصاني وكذبني. وهذه مسؤولية عظيمة لأمته، فوجود النبي شاهدا عليهم يقتضي منهم الحرص على طاعته.
3- «وإني والله! لأنظر إلى حوضي الآن»: هذا تصريح عجيب عن قدرة النبي ﷺ على رؤية بعض أمور الغيب التي أطلعه الله عليها. فهو يرى حوضه في الجنة بعين يقينه، مما يزيد المؤمنين ثقة وطمأنينة بتحقق هذا الوعد.
4- «وإني قد أعطيت مفاتيح خزائن الأرض»: هذا بشارة من النبي ﷺ بأن الله سيفتح على أمته من خيرات الأرض وكنوزها ما لم يُعط لأمة قبله. وهو إخبار عن حدث غيبي تحقق بعد وفاته ﷺ بفتوح الإسلام العظيمة واتساع رقعة الدولة.
ثم ينتقل النبي ﷺ إلى تحذير أمته من الفتنة الحقيقية التي يخافها عليهم:
5- «وإني والله! ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي»: هذا تطمين من النبي ﷺ لأمته بأن الشرك الأكبر (كعبادة الأصنام) لن يعود إلى الأمة ككل، بخلاف الأمم السابقة التي ارتدت عن دينها. وهذا من خصوصيات هذه الأمة وحفظ الله لدينها.
6- «ولكن أخاف عليكم أن تتنافسوا فيها»: هنا جوهر التحذير. الخوف ليس على أصل العقيدة، ولكن على السلوك والأخلاق. يخاف النبي ﷺ على أمته من فتنة المال والسلطة، ومن التنافس غير المشروع على الدنيا الذي يورث العداوة والبغضاء، ويضعف الأمة، ويصرف القلوب عن الله والآخرة.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- عظم مكانة شهداء أحد: حيث خصهم النبي ﷺ بالزيارة والصلاة عليهم، مما يدل على فضلهم ومكانتهم عند الله ورسوله.
2- اليقين بالغيب: الحديث يربي في المؤمن روح اليقين بما أخبر به النبي ﷺ من أمور الغيب، كالحوض والشفاعة.
3- تحقق البشارات النبوية: فقد تحققت نبوءة فتح خزائن الأرض في عهد الخلفاء الراشدين، حيث فتحت فارس والروم وامتدت دولة الإسلام.
4- التحذير من فتنة الدنيا: أكبر تهديد للأمة ليس بالضرورة من الخارج، بل من داخلها إذا انشغلت بالدنيا وتنافست عليها تنافساً محرماً. الفتنة الحقيقية هي فتنة المال والمنصب والصراع الداخلي.
5- حفظ الله لهذه الأمة: تطمين النبي ﷺ بعدم رجوع الشرك الأكبر للأمة دليل على أن الله سيحفظ دينه إلى قيام الساعة.
6- شفقة النبي ﷺ على أمته: فقد كان ﷺ يخاف على أمته ويحذرها من كل ما يؤذيها في دينها ودنياها، وهذه من صفات النبي الرحيم بأمته.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أصل عظيم في التحذير من التنافس على الدنيا، وهو من أشراط الساعة الصغرى.
- ينبغي للمسلم أن يجعل الدنيا وسيلة للآخرة، لا أن يجعلها غاية، فإذا تنافس الناس عليها نسوا الآخرة وضيعوا دينهم.
- على الدعاة والعلماء وولاة الأمور أن يوجهوا الناس إلى التعاون على البر والتقوى، والتنافس في الطاعات، لا إلى التنافس المحرم على الدنيا الذي يهلك الحرث والنسل.
نسأل الله أن يعيذنا من فتنة الدنيا، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في المغازي (٤٠٤٢)، ومسلم في الفضائل (٢٢٩٦ - ٣٠) كلاهما من طريق يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر قال: فذكره.
وقوله: «إني فرط لكم» أي: سابقكم، يقال: فرط القوم؛ أي: سبقوا إلى الماء.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 11 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إني ما أخاف عليكم أن تشركوا ولكن أخاف أن تتنافسوا

  • 📜 حديث: إني ما أخاف عليكم أن تشركوا ولكن أخاف أن تتنافسوا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إني ما أخاف عليكم أن تشركوا ولكن أخاف أن تتنافسوا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إني ما أخاف عليكم أن تشركوا ولكن أخاف أن تتنافسوا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إني ما أخاف عليكم أن تشركوا ولكن أخاف أن تتنافسوا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب