حديث: أبو بكر يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ابن الدغنة سيد القارة يصف أبا بكر كما وصفت خديجة النبي ﷺ لما بعث، فتواردا فيهما على نعت واحد من غير أن يتواطآ على ذلك.

عن عائشة زوج النبي ﷺ قالت: لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله ﷺ طرفي النهار بكرة وعشية. فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا قبل الحبشة حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة -وهو سيد القارة- فقال: أين تريد يا أبا بكر؟ فقال أبو بكر: أخرجني قومي، فأنا أريد أن أسيح في الأرض، فأعبد ربي. قال ابن الدغنة: إن مثلك لا يَخرج، ولا يُخرج؛ فإنك تكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، وأنا لك جار، فارجع فاعبد ربك ببلادك، فارتحل ابن الدغنة، فرجع مع أبي بكر، فطاف في أشراف كفار قريش، فقال لهم: إن أبا بكر لا يَخرج مثله ولا يُخرج، أتخرجون رجلا يكسب المعدوم، ويصل الرحم، ويحمل الكل، ويقري الضيف، ويعين على نوائب الحق؟ .
فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة، وآمنوا أبا بكر، وقالوا لابن الدغنة: مر أبا بكر فليعبد ربه في داره، فليصل وليقرأ ما شاء، ولا يؤذينا بذلك، ولا يستعلن به، فإنا قد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا. قال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر، فطفق أبو بكر يعبد ربه في داره، ولا يستعلن بالصلاة ولا القراءة في غير داره.
ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره، وبرز، فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن، فيتقصَّف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون وينظرون إليه، وكان أبو بكر رجلا بكاء لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن، فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين، فأرسلوا إلى ابن الدغنة، فقدم عليهم، فقالوا له: إنا كنا أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربه في داره، وإنه جاوز ذلك، فابتنى مسجدا بفناء داره، وأعلن الصلاة والقراءة، وقد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا، فأته فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل، وإن أبى إلا أن يعلن ذلك فسله أن يرد إليك ذمتك، فإنا كرهنا أن نخفرك، ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان.
قالت عائشة: فأتى ابن الدغنة أبا بكر فقال: قد علمت الذي عقدت لك عليه، فإما أن تقتصر على ذلك، وإما أن ترد إلي ذمتي، فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له. قال أبو بكر: فإني أرد إليك جوارك، وأرضى بجوار الله، -ورسول الله ﷺ يومئذ بمكة- فقال رسول الله ﷺ: «قد أريت دار هجرتكم، رأيت سبخة ذات نخل بين لابتين» وهما الحرتان. فهاجر من هاجر قِبل المدينة حين ذكر ذلك رسول الله ﷺ، ورجع إلى المدينة بعض من كان هاجر إلى أرض الحبشة، وتجهز أبو بكر مهاجرا، فقال له رسول الله ﷺ: «على رسلك، فإني أرجو أن يؤذن لي» قال أبو بكر: هل ترجو ذلك بأبي أنت؟ قال: «نعم» فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله ﷺ ليصحبه، وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر أربعة أشهر.

صحيح: رواه البخاري في الكفالة (٢٢٩٧) عن يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عُقيل، قال ابن شهاب: فأخبرني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي ﷺ قالت.

عن عائشة زوج النبي ﷺ قالت: لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله ﷺ طرفي النهار بكرة وعشية. فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا قبل الحبشة حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة -وهو سيد القارة- فقال: أين تريد يا أبا بكر؟ فقال أبو بكر: أخرجني قومي، فأنا أريد أن أسيح في الأرض، فأعبد ربي. قال ابن الدغنة: إن مثلك لا يَخرج، ولا يُخرج؛ فإنك تكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، وأنا لك جار، فارجع فاعبد ربك ببلادك، فارتحل ابن الدغنة، فرجع مع أبي بكر، فطاف في أشراف كفار قريش، فقال لهم: إن أبا بكر لا يَخرج مثله ولا يُخرج، أتخرجون رجلا يكسب المعدوم، ويصل الرحم، ويحمل الكل، ويقري الضيف، ويعين على نوائب الحق؟ .
فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة، وآمنوا أبا بكر، وقالوا لابن الدغنة: مر أبا بكر فليعبد ربه في داره، فليصل وليقرأ ما شاء، ولا يؤذينا بذلك، ولا يستعلن به، فإنا قد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا. قال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر، فطفق أبو بكر يعبد ربه في داره، ولا يستعلن بالصلاة ولا القراءة في غير داره.
ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره، وبرز، فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن، فيتقصَّف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون وينظرون إليه، وكان أبو بكر رجلا بكاء لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن، فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين، فأرسلوا إلى ابن الدغنة، فقدم عليهم، فقالوا له: إنا كنا أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربه في داره، وإنه جاوز ذلك، فابتنى مسجدا بفناء داره، وأعلن الصلاة والقراءة، وقد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا، فأته فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل، وإن أبى إلا أن يعلن ذلك فسله أن يرد إليك ذمتك، فإنا كرهنا أن نخفرك، ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان.
قالت عائشة: فأتى ابن الدغنة أبا بكر فقال: قد علمت الذي عقدت لك عليه، فإما أن تقتصر على ذلك، وإما أن ترد إلي ذمتي، فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له. قال أبو بكر: فإني أرد إليك جوارك، وأرضى بجوار الله، -ورسول الله ﷺ يومئذ بمكة- فقال رسول الله ﷺ: «قد أريت دار هجرتكم، رأيت سبخة ذات نخل بين لابتين» وهما الحرتان. فهاجر من هاجر قِبل المدينة حين ذكر ذلك رسول الله ﷺ، ورجع إلى المدينة بعض من كان هاجر إلى أرض الحبشة، وتجهز أبو بكر مهاجرا، فقال له رسول الله ﷺ: «على رسلك، فإني أرجو أن يؤذن لي» قال أبو بكر: هل ترجو ذلك بأبي أنت؟ قال: «نعم» فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله ﷺ ليصحبه، وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر أربعة أشهر.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، يروي قصة هجرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وما حدث له من أحداث في مكة قبل الهجرة إلى المدينة. وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا مع بيان الدروس والعبر المستفادة منه.

شرح المفردات:


● لم أعقل أبوي: أي لم أدركهما وأنا عاقلة إلا وهما على الإسلام.
● يدينان الدين: أي يعبدان الله على دين الإسلام.
● طرفي النهار بكرة وعشية: أول النهار وآخره.
● ابتلي المسلمون: أي اختبروا بالتعذيب والإيذاء من كفار قريش.
● برك الغماد: مكان بعيد عن مكة.
● ابن الدغنة: هو حليف لقريش وسيد من سادات العرب.
● تسيح في الأرض: أي تنتقل وتتجول لعبادة الله.
● تكسب المعدوم: تساعد الفقير وتغنيه.
● تحمل الكل: تساعد المحتاج وتقضي حوائجه.
● تقري الضيف: تكرم الضيف وتقدم له الطعام والشراب.
● تعين على نوائب الحق: تساعد في المصائب والأحداث الجسام.
● جوار: حماية وعهد بالأمان.
● لا نخفرك: لا ننقض عهدك ولا نسيء إلى جوارك.
● سبخة ذات نخل بين لابتين: أرض ملحية بها نخل بين منطقتين حجريتين (وهي المدينة المنورة).

شرح الحديث:


تبدأ أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها الحديث بأنها منذ وعت وإدراكها لأمور الحياة كانت ترى والديها (أبو بكر وأم رومان) على دين الإسلام، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يزورهم كل يوم في الصباح والمساء.
ثم تصف اللحظة التي اشتد فيها اضطهاد قريش للمسلمين، فهاجر أبو بكر رضي الله عنه قاصدًا الحبشة، ولكن عند وصوله إلى "برك الغماد" لقيه ابن الدغنة (سيد من سادات العرب وحليف لقريش)، فسأله عن وجهته، فرد أبو بكر بأن قومه أخرجوه وهو يريد أن يعبد ربه في الأرض. فعرض عليه ابن الدغنة حمايته (جواره) وأقنعه بالعودة لأنه رجل معروف بفضله وكرمه (يكسب المعدوم، يصل الرحم، إلخ).
فوافق أبو بكر وعاد إلى مكة تحت حماية ابن الدغنة، الذي ذهب إلى زعماء قريش وأخبرهم بأنه قد أجار أبا بكر ولا يجوز لهم إيذاؤه. فوافقت قريش على ذلك بشرط أن يعبد أبو بكر ربه في بيته دون إعلان ذلك حتى لا يؤثر على نسائهم وأبنائهم.
ولكن أبو بكر رضي الله عنه بعد فترة بنى مسجدًا في فناء داره وأخذ يصلي ويقرأ القرآن openly، وكان رجلاً بكاءً عند تلاوة القرآن، فجذب انتباه نساء المشركين وأبنائهم الذين كانوا يتعجبون من منظره ويستمعون إليه. فخافت قريش من تأثير ذلك، فشكوا إلى ابن الدغنة الذي طلب من أبي بكر إما أن يلتزم بالعهد أو يرفض الجوار.
فقال أبو بكر كلمته المشهورة: "فإني أرد إليك جوارك، وأرضى بجوار الله". أي أنه فضل حماية الله على حماية البشر. وفي هذا الوقت كان النبي صلى الله عليه وسلم ينتظر الإذن بالهجرة، وقد أخبر الصحابة بأنه رأى في المنزل دار هجرتهم (المدينة). فهاجر بعض الصحابة إلى المدينة، وأعد أبو بكر رضي الله عنه راحلتين للهجرة وانتظر النبي صلى الله عليه وسلم حتى يأذن له بالخروج معه.

الدروس المستفادة من الحديث:


1- ثبات أبي بكر رضي الله عنه على الإسلام: على الرغم من الاضطهاد والتعذيب، لم يتردد في الهجرة من أجل الحفاظ على دينه.
2- فضل أبي بكر وصفاته الحميدة: كان معروفًا بالكرم وصلة الرحم وإغاثة الملهوف، حتى أقر أعداؤه بذلك.
3- أهمية الجوار والحماية في المجتمع الجاهلي: كان للجوار قيمة عظيمة عند العرب، وكان نقضه عارًا كبيرًا.
4- التضحية بالدنيا من أجل الآخرة: عندما اضطر أبو بكر للاختيار بين حماية ابن الدغنة وحماية الله، اختار حماية الله تعالى.
5- صبر النبي صلى الله عليه وسلم وانتظاره الوحي: لم يهاجر حتى أذن الله له، مما يدل على أهمية التوكل على الله وعدم الاستعجال.
6- التأثير الإيجابي للعبادة الظاهرة: عندما كان أبو بكر يقرأ القرآن ويصعلن بالصلاة، attracted انتباه الناس وأثر فيهم، مما يدل على أهمية الدعوة بالقدوة الحسنة.
7- قوة تأثير القرآن على القلوب: كان أبو بكر يبكي عند تلاوة القرآن، وهذا يدل على خشوعه وتأثره بكلام الله.

معلومات إضافية:


- الهجرة إلى الحبشة كانت الهجرة الأولى في الإسلام، ثم تلتها الهجرة إلى المدينة.
- أبو بكر رضي الله عنه هو أول الخلفاء الراشدين وأقرب الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
- قصة هجرة أبي بكر مع النبي صلى الله عليه وسلم من أشهر قصص الإيمان والتضحية في التاريخ الإسلامي.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يعيننا على تطبيق lessons هذا الحديث في حياتنا. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الكفالة (٢٢٩٧) عن يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عُقيل، قال ابن شهاب: فأخبرني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي ﷺ قالت. وقال أبو صالح: حدثني عبد الله، عن يونس، عن الزهري قال: أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة قالت: فذكرته.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 24 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أبو بكر يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل

  • 📜 حديث: أبو بكر يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أبو بكر يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أبو بكر يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أبو بكر يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب