لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصاحبني

حديث: لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصاحبني

عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصاحبني، والله! لا تزالون بخير ما دام فيكم من رأى من رآني، وصاحب من صاحبني، والله! لا تزالون بخير ما دام فيكم من رأى من رأى من رآني، وصاحب من صاحب من صاحبني».

حسن: رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (١٢/ ١٧٨)، ومن طريقه ابن أبي عاصم في السنة (١٥٢٢)،
والطبراني في الكبير (٢٢/ ٨٥) عن زيد بن الحباب، ثنا عبد الله بن العلاء أبو الزبير الدمشقي، ثنا عبد الله بن عامر، عن واثلة بن الأسقع فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام أحمد في مسنده، وغيره، وهو حديث صحيح بشواهده. وفيه يبشرنا النبي صلى الله عليه وسلم بعلامة عظيمة من علامات الخيرية والاستقامة لهذه الأمة.

أولاً. شرح المفردات:

● لا تزالون بخير: ستستمرون على الخيرية والصلاح والاستقامة.
● رآني: أي رأى النبي صلى الله عليه وسلم شخصياً وكان مؤمناً به.
● وصاحبني: أي صاحَبَ النبي صلى الله عليه وسلم ولازمه وقارنه، وهذه منزلة أعلى من مجرد الرؤية.
● من رأى من رآني: أي الشخص الذي التقى بصحابي من الصحابة رضي الله عنهم.
● وصاحب من صاحبني: أي الشخص الذي صاحب صحابياً من الصحابة رضي الله عنهم.

ثانياً. شرح الحديث:

يؤكد النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ثلاث مراتب للخيرية مرتبطة بثلاث طبقات من الأمة:
1- المرتبة الأولى (الصحابة): «لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصاحبني». هذه أعلى المراتب، وهي وجود الصحابة رضي الله عنهم أنفسهم، الذين رأوا النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبوه وآمنوا به. وجودهم بين الناس هو نبراس يهتدي به، وهم القدوة العملية في تطبيق الإسلام.
2- المرتبة الثانية (تابعو الصحابة): «والله! لا تزالون بخير ما دام فيكم من رأى من رآني، وصاحب من صاحبني». هذه الطبقة هي طبقة التابعين، الذين لقوا الصحابة رضي الله عنهم وأخذوا عنهم العلم والهدي مباشرة. فخيرية الأمة تستمر بوجود هؤلاء التابعين الأبرار الذين نقلوا العلم نقياً من منبعه الأول.
3- المرتبة الثالثة (أتباع التابعين): «والله! لا تزالون بخير ما دام فيكم من رأى من رأى من رآني، وصاحب من صاحب من صاحبني». هذه الطبقة هي طبقة أتباع التابعين، الذين لقوا التابعين وأخذوا عنهم. فاستمرار وجود من أخذ العلم عن التابعين، الذين أخذوا عن الصحابة، هو ضمان لاستمرار نقل السنة نقية، وبقاء الأمة على المحجة البيضاء.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- مكانة الصحابة رضي الله عنهم: الحديث يرفع من شأن الصحابة ويبين فضلهم وعظيم منزلتهم، فهم جسر الأمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ووجودهم كان ضماناً للخيرية. وهذا يوجب محبتهم وتوقيرهم والدفاع عنهم.
2- أهمية سند العلم والعلماء: الحديث يشير إلى أهمية سلسلة نقل العلم (الإسناد) التي كانت من خصائص هذه الأمة. فخيرية الأمة مرتبطة بوجود من يحمل العلم الشرعي وينقله كما تلقاه عن شيوخه متصلاً بالنبي صلى الله عليه وسلم.
3- بقاء الخيرية في الأمة: الحديث بشرى عظيمة بأن الخير لن يفارق هذه الأمة إلى قيام الساعة، وأنه سيكون فيها دائماً من أهل العلم والصلاح الذين هم ورثة الأنبياء، يحملون راية السنة ويذودون عنها.
4- الحث على ملازمة العلماء والصالحين: فيه حثٌ غير مباشر على التمسك بأهل العلم والاستفادة من وجودهم، والاقتداء بهم، لأن في وجودهم واستفادة الناس منهم خيراً عظيماً للأمة.
5- التفاؤل وعدم اليأس: مهما كثرت الفتن والانحرافات، فإن الله تعالى قد تكفل بحفظ هذا الدين، وسيوجد دائماً من يعمل به ويذب عنه، وهم الطائفة المنصورة التي لا تضرها من خذلها حتى تقوم الساعة.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث من الأحاديث التي تُستدل بها على فضل القرون الثلاثة الأولى (الصحابة، التابعون، أتباع التابعين) التي شهد لها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها خير القرون.
- انقطاع هذه الطبقات العمريّة لا يعني انقطاع الخيرية، بل الخيرية باقية ببقاء العلماء العاملين الذين يسيرون على منهج هؤلاء السلف الصالح، وينقلون علمهم، ويقتدون بهم في العمل والدعوة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (١٢/ ١٧٨)، ومن طريقه ابن أبي عاصم في السنة (١٥٢٢)،
والطبراني في الكبير (٢٢/ ٨٥) عن زيد بن الحباب، ثنا عبد الله بن العلاء أبو الزبير الدمشقي، ثنا عبد الله بن عامر، عن واثلة بن الأسقع فذكره.
وإسناده حسن من أجل زيد بن الحباب، فإنه حسن الحديث، وقد توبع، فقد رواه ابن أبي عاصم في السنة (١٥٢٣) عن الْحَوطي -وهو عبد الوهاب بن نجدة-، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا عبد الله بن العلاء، ثني عبد الله بن عامر، عن واثلة.
والوليد مدلس لكنه صرّح بالتحديث.
وفي الباب: عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله ﷺ: «اللهم اغفر للصحابة، ولمن رأى، ولمن رأى». قال: قلت: ما قوله: «ولمن رأى، ولمن رأى؟» قال: «من رأى من رآهم».
رواه الطبراني في الكبير (٦/ ٢٠٤)، وأبو نعيم في المعرفة (١/ ١٥) وفي الحلية (٣/ ٢٥٤) كلاهما من حديث محمد بن عمرو بن عون قال: ثنا أبي، ثنا هشيم، عن أبي يحيى، عن عبد الجبار بن أبي حازم، عن أبيه، عن سهل بن سعد قال: فذكره.
قال أبو نعيم في الحلية: «لم يرو هذا الحديث عنه -أي أبي يحيى- إلا هشيم».
وأبو يحيى المدني: قيل: إنه فليح بن سليمان، كما في المعرفة والحلية، وهو مختلف فيه، ولكن شيخه عبد الجبار بن أبي حازم لم يوثّقه أحد، وإنما ذكره ابن حبان في الثقات (٧/ ١٣٥)، وترجم له ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، وكذا البخاري في التاريخ الكبير، ولم يذكرا فيه شيئا، فهو مجهول الحال، والله أعلم.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 9 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصاحبني

📜 حديث: لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصاحبني

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصاحبني

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصاحبني

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصاحبني

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية