دعوا لي أصحابي أليس يشهد أن لا إله إلا الله

حديث: دعوا لي أصحابي أليس يشهد أن لا إله إلا الله

عن أنس بن مالك قال: ذكر أصحاب النبي ﷺ مالك بن الدُّخشم عند رسول الله
ﷺ، فوقعوا فيه، وشتموه، فقال رسول الله ﷺ: «دعوا لي أصحابي«فقالوا: يا رسول الله، إنه كهف المنافقين وملجؤهم الذي يلجؤون إليه، فقال رسول الله ﷺ: «أليس يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله؟ «قالوا: بلى، ولا خير في شهادته، فقال رسول الله ﷺ: «لا يشهد بها عبد صادقا من قلبه، ثم يموت على ذلك، إلا حرمه الله على النار».

صحيح: رواه النسائي في الكبرى (١٠٨٧٧)، والبزار في مسنده (٧٢٢١) من حديث آدم بن أبي إياس، ثنا شيبان، عن قتادة، عن أنس قال: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي الشريف، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

الحديث:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ذُكِرَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ مَالِكَ بْنَ الدُّخْشُنِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَوَقَعُوا فِيهِ، وَشَتَمُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «دَعُوا لِي أَصْحَابِي». فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ كَهْفُ الْمُنَافِقِينَ وَمَلْجَؤُهُمُ الَّذِي يَلْجَؤُونَ إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟» قَالُوا: بَلَى، وَلَا خَيْرَ فِي شَهَادَتِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا يَشْهَدُ بِهَا عَبْدٌ صَادِقًا مِنْ قَلْبِهِ، ثُمَّ يَمُوتُ عَلَى ذَلِكَ، إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ».

1. شرح المفردات:

● وَقَعُوا فِيهِ، وَشَتَمُوهُ: أي ذكروه بسوء، وانتقصوه، وعابوه.
● دَعُوا لِي أَصْحَابِي: أي اتركوا أصحابي، ولا تتعرضوا لهم بسوء.
● كَهْفُ الْمُنَافِقِينَ: الكهف هو الملجأ والمكان المحصّن. أي أنه ملجأ المنافقين ومكان اجتماعهم.
● مَلْجَؤُهُمُ الَّذِي يَلْجَؤُونَ إِلَيْهِ: أي هو الملاذ الذي يلجؤون إليه ويأوون عنده.
● صَادِقًا مِنْ قَلْبِهِ: أي مخلصًا في قوله، موقنًا به، غير شاك فيه.
● حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّار: أي منعه الله من دخول النار، وجعله في حماية من عذابها.

2. شرح الحديث:

يحدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن الصحابة ذكروا رجلاً يُدعى مالك بن الدخشم في مجلس النبي ﷺ، فبدأوا يذكرون مساوئه ويشتمونه. وكانوا يصفونه بأنه ملجأ المنافقين ومكان اجتماعهم، مما يدل على أن سلوكه ومواقفه كانت تثير الشكوك حول إيمانه، أو على الأقل جعلته قريبًا من دائرة المنافقين.
فنهاهم النبي ﷺ قائلاً: «دعوا لي أصحابي». وهذا النهي يحمل في طياته عدة معانٍ:
● الدفاع عن الظاهر: فأمر ﷺ بعدم الحكم على الناس بمجرد الظنون والتهم.
● التأدب مع المسلمين: فنهى عن الغيبة والسب، حتى لو كان المذكور فيه عيوب.
● التثبت في الأحكام: فحث على عدم التسرع في اتهام الآخرين.
ولما أصر الصحابة على وصفهم له، وساقوا دليلاً على شكهم فيه (وهو كونه ملجأ للمنافقين)، لم ينكر النبي ﷺ هذا الوصف بالكلية، بل انتقل إلى معيار آخر أعظم وهو معيار التوحيد والشهادة.
فسألهم: «أليس يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله؟». فأجابوا: نعم، لكنهم استدركوا بقولهم: «ولا خير في شهادته»، أي أنهم يشكون في صدق هذه الشهادة ونقاء قلبه منها.
فأجابهم النبي ﷺ بالحكم العام العظيم: «لا يشهد بها عبد صادقًا من قلبه، ثم يموت على ذلك، إلا حرمه الله على النار».
فهذا الحديث يقرر أصلًا عظيمًا من أصول العقيدة الإسلامية، وهو أن شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله هي المنجية من النار، بشرط أن تكون خالصة صادقة من القلب، وأن يموت الإنسان عليها.

3. الدروس المستفادة والعبر:

1- حرمة الغيبة والانتقاص من المسلمين: النهي عن ذكر المسلم بسوء حتى لو كان فيه ما يُعاب، والأمر بالدفاع عنه والذب عن عرضه.
2- الحكم على الظاهر وترك السرائر لله: يجب أن نحكم على الناس بما يظهرون من قول أو فعل، وأما ما في القلوب فموكول إلى الله تعالى، كما قال ﷺ: «إني لم أُؤمر أن أشق عن قلوب الناس».
3- عظم شأن كلمة التوحيد: فهي الأساس الذي تُبنى عليه الأعمال، وهي المفتاح الأول للجنة والنجاة من النار.
4- الرد على الخوارج والمرجئة: يرد هذا الحديث على طائفتين:
● الخوارج: الذين يكفِّرون المسلمين بالمعاصي والذنوب.
● المرجئة: الذين يقولون إن الإيمان مجرد قول باللسان دون عمل.
فالنبي ﷺ اشترط للنجاة الصدق القلبي في النطق بالشهادة، والاستمرار عليها حتى الموت، وهذا يتضمن فعل الواجبات واجتناب المحرمات ما استطاع الإنسان، لأن من صدق في قوله لا بد أن يظهر أثر ذلك على جوارحه.
5. **التفاؤل وحسن الظن

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه النسائي في الكبرى (١٠٨٧٧)، والبزار في مسنده (٧٢٢١) من حديث آدم بن أبي إياس، ثنا شيبان، عن قتادة، عن أنس قال: فذكره.
واللفظ للنسائي، ولفظ البزار مختصر، وفيه: «فقالوا: إنه رأس المنافقين، فقال النبي ﷺ: «دعوا لي أصحابي، لا تسبوا أصحابي».
وقال البزار: «هذا الحديث لا نعلم رواه عن قتادة، عن أنس إلا شيبان، ولا نعلم رواه عن شيبان إلا آدم».
ومالك بن الدُّخشم، ويقال: بالنون بدل الميم الأنصاري الأوسي، شهد بدرا.
قال ابن عبد البر: «لا يصح عنه النفاق، فقد ظهر من حسن إسلامه ما يمنع من اتهامه بذلك».
وهو الذي قال فيه النبي ﷺ لما قيل له: -ذاك منافق لا يحب الله ورسوله-: «لا تقل ذلك، ألا تراه قد قال: لا إله إلا الله، يريد بذلك وجه الله ...» الحديث.
رواه البخاري في الصلاة (٤٢٥)، ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة (٦٥٧ - ٢٦٣).
وفي الباب عن عبد الله بن مَوَلَة قال: بينما أنا أسير بالأهواز، إذا أنا برجل يسير بين يدي على بغل -أو بغلة- فإذا هو يقول: اللهم! ذهب قرني من هذه الأمة، فألحقني بهم، فقلت: وأنا فأدخل في دعوتك. قال: وصاحبي هذا إن أراد ذلك. ثم قال: قال رسول الله ﷺ: «خير أمتي قرني منهم، ثم الذين يلونهم -قال: ولا أدري أذكر الثالث، أم لا- ثم تخلف أقوام يظهر فيهم السمن، يهريقون الشهادة، ولا يُسألونَها». قال: «وإذا هو بريدة الأسلمي».
رواه أحمد (٢٢٩٦٠)، وابن أبي شيبة (٣٣٠٨١)، وابن أبي عاصم في السنة (١٥١٥) كلهم من طرق، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن عبد الله بن مولة فذكره.
والْجُريري هو سعيد بن إياس موصوف بالاختلاط، ولكن روى عنه من سمع منه قبل اختلاطه، وهم إسماعيل ابن علية، وحماد بن سلمة، وعبد الأعلى، ولكن فيه عبد الله بن مولة فإنه لم يرو عنه غير أبي نضرة وذكره ابن حبان في الثقات (٥/ ٤٨)، ولذا وصفه ابن حجر بأنه «مقبول» يعني حيث يتابع وإلا فلين الحديث، ولم يتابع على هذا الحديث.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 20 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: دعوا لي أصحابي أليس يشهد أن لا إله إلا الله

📜 حديث: دعوا لي أصحابي أليس يشهد أن لا إله إلا الله

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: دعوا لي أصحابي أليس يشهد أن لا إله إلا الله

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: دعوا لي أصحابي أليس يشهد أن لا إله إلا الله

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: دعوا لي أصحابي أليس يشهد أن لا إله إلا الله

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية