تفسير سورة الشعراء كاملة مختصر

  1. التفسير
  2. سور أخرى
  3. السورة mp3
تفسير القرآن | surah (الشعراء) - تفسير سورة الشعراء - تفاسير معتمدة | رقم السورة 26 - عدد آياتها 227 - مدنية صفحتها في القرآن 367.

قراءة و تفسير سورة الشعراء Ash-Shuara.

bismillah & auzubillah

الشعراء مكتوبة سورة الشعراء mp3

طسم(1)

التفسير المختصر:
(طسم) تقدم الكلام على نظائرها في بداية سورة البقرة.
تفسير الجلالين:
 «طسَمَ» الله أعلم بمراده بذلك.

تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ(2)

التفسير المختصر:
تلك آيات القرآن المبين للحق من الباطل.
تفسير الجلالين:
 «تلك» أي هذه الآيات «آيات الكتاب» القرآن والإضافة بمعنى من «المبين» المظهر الحق من الباطل.
تفسير السعدي:
يشير الباري تعالى إشارة, تدل على التعظيم لآيات الكتاب المبين البين الواضح, الدال على جميع المطالب الإلهية, والمقاصد الشرعية, بحيث لا يبقى عند الناظر فيه, شك ولا شبهة فيما أخبر به, أو حكم به, لوضوحه, ودلالته على أشرف المعاني, وارتباط الأحكام بحكمها, وتعليقها بمناسبها، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينذر به الناس, ويهدي به الصراط المستقيم، فيهتدي بذلك عباد الله المتقون, ويعرض عنه من كتب عليه الشقاء، فكان يحزن حزنا شديدا, على عدم إيمانهم, حرصا منه على الخير, ونصحا لهم.

لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ(3)

التفسير المختصر:
لعلك - أيها الرسول - لحرصك على هدايتهم قاتل نفسك حزنًا وحرصًا على هدايتهم.
تفسير الجلالين:
 «لعلك» يا محمد «باخعٌ نفسك» قاتلها غما من أجل «ألا يكونوا» أي أهل مكة «مؤمنين» ولعل هنا للإشفاق أي أشفق عليها بتخفيف هذا الغم.
تفسير السعدي:
فلهذا قال تعالى عنه: ( لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ ) أي: مهلكها وشاق عليها، ( أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) أي: فلا تفعل, ولا تذهب نفسك عليهم حسرات, فإن الهداية بيد الله, وقد أديت ما عليك من التبليغ، وليس فوق هذا القرآن المبين آية, حتى ننزلها, ليؤمنوا [بها], فإنه كاف شاف, لمن يريد الهداية.

إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ(4)

التفسير المختصر:
إنْ نَشَأْ إنزال آية عليهم من السماء أنزلناها عليهم، فتظل أعناقهم خاضعة لها ذليلة، لكنا لم نشأ ذلك ابتلاء لهم: هل يؤمنون بالغيب؟
تفسير الجلالين:
 «إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلّت» بمعنى المضارع: أي تظل، أي تدوم «أعناقهم لها خاضعين» فيؤمنون، ولما وصفت الأعناق بالخضوع الذي هو لأربابها جمعت الصفة جمع العقلاء.
تفسير السعدي:
ولهذا قال: ( إِنْ نَشَأْ نُنزلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً ).
أي: من آيات الاقتراح، ( فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ ) أي: أعناق المكذبين ( لَهَا خَاضِعِينَ ) ولكن لا حاجة إلى ذلك, ولا مصلحة فيه, فإنه إذ ذاك الوقت, يكون الإيمان غير نافع، وإنما الإيمان النافع, الإيمان بالغيب, كما قال تعالى: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا الآية.

وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَٰنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ(5)

التفسير المختصر:
وما يجيء هؤلاء المشركين من تذكير مُحْدَث إنزاله من الرحمن بحججه الدالة على توحيده وصدق نبيه إلا أعرضوا عن سماعه والتصديق به.
تفسير الجلالين:
 «وما يأتيهم من ذكر» قرآن «من الرحمن مُحدّث» صفة كاشفة «إلا كانوا عنه معرضين».
تفسير السعدي:
( وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ ) يأمرهم وينهاهم, ويذكرهم ما ينفعهم ويضرهم.
( إِلا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ ) بقلوبهم وأبدانهم، هذا إعراضهم عن الذكر المحدث, الذي جرت العادة, أنه يكون موقعه أبلغ من غيره, فكيف بإعراضهم عن غيره، وهذا لأنهم لا خير فيهم, ولا تنجع فيهم المواعظ,

فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ(6)

التفسير المختصر:
فقد كذبوا بما جاءهم به رسولهم، فسيأتيهم تحقيق أنباء ما كانوا به يسخرون، ويحل عليهم العذاب.
تفسير الجلالين:
 «فقد كذبوا» به «فسيأتيهم أنباء» عواقب «ما كانوا به يستهزءُون».
تفسير السعدي:
( فَقَدْ كَذَّبُوا ).
أي: بالحق, وصار التكذيب لهم سجية, لا تتغير ولا تتبدل، ( فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ) أي: سيقع بهم العذاب, ويحل بهم ما كذبوا به, فإنهم قد حقت عليهم كلمة العذاب.

أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ(7)

التفسير المختصر:
أبقي هؤلاء مُصِرِّين على كفرهم فلم ينظروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل نوع من أنواع النبات حسن المنظر كثير المنافع؟!
تفسير الجلالين:
 «أوَلم يروا» ينظروا «إلى الأرض كم أنبتنا فيها» أي كثيرا «من كل زوجِ كريم» نوع حسن.
تفسير السعدي:
قال الله منبها على التفكر الذي ينفع صاحبه: ( أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الأرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ) من جميع أصناف النباتات, حسنة المنظر, كريمة في نفعها.

إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ(8)

التفسير المختصر:
إن في إنبات الأرض بأنواع مختلفة من النبات لدلالة واضحة على قدرة من أنبتها على إحياء الموتى، وما كان معظمهم مؤمنين.
تفسير الجلالين:
 «إن في ذلك لآية» دلالة على كمال قدرته تعالى «وما كان أكثرهم مؤمنين» في علم الله، وكان قال سيبويه: زائدة.
تفسير السعدي:
( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً ) على إحياء الله الموتى بعد موتهم, كما أحيا الأرض بعد موتها ( وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ) كما قال تعالى: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ .

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ(9)

التفسير المختصر:
وإن ربك - أيها الرسول - لهو الغالب الذي لا يغلبه أحد، الرحيم بعباده.
تفسير الجلالين:
 «وإن ربك لهو العزيز» ذو العزة ينتقم من الكافرين «الرحيم» يرحم المؤمنين.
تفسير السعدي:
( وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ ) الذي قد قهر كل مخلوق, ودان له العالم العلوي والسفلي، ( الرَّحِيمِ ) الذي وسعت رحمته كل شيء, ووصل جوده إلى كل حي, العزيز الذي أهلك الأشقياء بأنواع العقوبات, الرحيم بالسعداء, حيث أنجاهم من كل شر وبلاء.

وَإِذْ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰ أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(10)

التفسير المختصر:
واذكر - أيها الرسول - حين نادى ربك موسى آمرًا إياه أن يأتي القوم الظالمين بكفرهم بالله واستعباد قوم موسى.
تفسير الجلالين:
 «و» اذكر يا محمد لقومك «إذ نادى ربك موسى» ليلة رأى النار والشجرة «أن» أي: بأن «ائت القوم الظالمين» رسولا.
تفسير السعدي:
أعاد الباري تعالى, قصة موسى وثناها في القرآن, ما لم يثن غيرها, لكونها مشتملة على حكم عظيمة, وعبر وفيها نبأه مع الظالمين والمؤمنين، وهو صاحب الشريعة الكبرى, وصاحب التوراة أفضل الكتب بعد القرآن فقال: واذكر حالة موسى الفاضلة, وقت نداء الله إياه, حين كلمه ونبأه وأرسله فقال: ( أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) الذين تكبروا في الأرض, وعلوا على أهلها وادعى كبيرهم الربوبية.

قَوْمَ فِرْعَوْنَ ۚ أَلَا يَتَّقُونَ(11)

التفسير المختصر:
وهم قوم فرعون، فيأمرهم برفق ولين بتقوى الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه.
تفسير الجلالين:
 «قوم فرعون» معه ظلموا أنفسهم بالكفر بالله وبني إسرائيل باستعبادهم «ألا» الهمزة للاستفهام الإنكارى «يتقون» الله بطاعته فيوحدونه.
تفسير السعدي:
قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ أي: قل لهم, بلين قول, ولطف عبارة" أَلا تَتَّقُونَ "الله الذي خلقكم ورزقكم, فتتركون ما أنتم عليه من الكفر.

قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ(12)

التفسير المختصر:
قال موسى عليه السلام: إني أخاف أن يكذبوني فيما أبلغهم به عنك.
تفسير الجلالين:
 «قال» موسى «ربِ إني أخاف أن يكذّبون».
تفسير السعدي:
فقال موسى عليه السلام, معتذرا من ربه, ومبينا لعذره, وسائلا له المعونة على هذا الحمل الثقيل: قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ

وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَىٰ هَارُونَ(13)

التفسير المختصر:
ويضيق صدري لتكذيبهم إياي، وينحبس لساني عن الكلام، فأرسل جبريل عليه السلام إلى أخي هارون ليكون معينًا لي.
تفسير الجلالين:
 «ويضيق صدري» من تكذيبهم لي «ولا ينطلق لساني» بأداء الرسالة للعقدة التي فيه «فأرسل إلى» أخي «هارون» معي.
تفسير السعدي:
وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسَانِي .
فقال: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ فأجاب الله طلبته ونبأ أخاه هارون كما نبأه فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا أي معاونا لي على أمري أن يصدقوني.

وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ(14)

التفسير المختصر:
ولهم علي ذنب بسبب قتلي القِبْطِي فأخاف أن يقتلوني.
تفسير الجلالين:
 «ولهم عليَّ ذنبٌ» بقتل القبطي منهم «فأخاف أن يقتلون» به.
تفسير السعدي:
وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ أي في قتل القبطي فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ

قَالَ كَلَّا ۖ فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا ۖ إِنَّا مَعَكُم مُّسْتَمِعُونَ(15)

التفسير المختصر:
قال الله لموسى عليه السلام: كلا، لن يقتلوك، فاذهب أنت وأخوك هارون بآياتنا الدالة على صدقكما، فإنا معكما بالنصر والتأييد مستمعون لما تقولون ولما يقال لكم، لا يفوتنا من ذلك شيء.
تفسير الجلالين:
 «قال» تعالى: «كلا» لا يقتلونك «فاذهبا» أي أنت وأخوك، ففيه تغليب الحاضر على الغائب «بآياتنا إنا معكم مستمعون» ما تقولون وما يقال لكم، أجريا مجرى الجماعة.
تفسير السعدي:
قَالَ كَلا أي لا يتمكنون من قتلك فإنا سنجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون ولهذا لم يتمكن فرعون من قتل موسى مع منابذته له غاية المنابذة وتسفيه رأيه وتضليله وقومه فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا الدالة على صدقكما وصحة ما جئتما به إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ أحفظكما وأكلؤكما.

فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ(16)

التفسير المختصر:
فَأْتِيَا فرعون، فقولا له: إنا رسولان إليك من رب المخلوقات كلها.
تفسير الجلالين:
 «فأتِيَا فرعون فقولا إنا» كلاً منا «رسول رب العالمين» إليك.
تفسير السعدي:
فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ أي أرسلنا إليك لتؤمن به وبنا وتنقاد لعبادته وتذعن لتوحيده.

أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ(17)

التفسير المختصر:
أن ابعث معنا بني إسرائيل.
تفسير الجلالين:
 «أن» أي: بأن «أرسل معنا» إلى الشام «بني إسرائيل» فأتياه فقالا له ما ذكر.
تفسير السعدي:
أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ فكف عنهم عذابك وارفع عنهم يدك ليعبدوا ربهم ويقيموا أمر دينهم.

قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ(18)

التفسير المختصر:
قال فرعون لموسى عليه السلام: ألم نربّك لدينا صغيرًا، ومكثت فينا من عمرك سنين، فما الذي دعاك إلى ادعاء النبوة؟
تفسير الجلالين:
 «قال» فرعون لموسى «ألم نربِّك فينا» في منازلنا «وليدا» صغيرا قريبا من الولادة بعد فطامه «ولبثت فينا من عمرك سنين» ثلاثين سنة يلبس من ملابس فرعون ويركب من مراكبه وكان يسمى ابنه.
تفسير السعدي:
فلما جاءا فرعون وقالا له ما قال الله لهما لم يؤمن فرعون ولم يلن وجعل يعارض موسى ف قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا أي ألم ننعم عليك ونقم بتربيتك منذ كنت وليدا في مهدك ولم تزل كذلك.
وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ

وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ(19)

التفسير المختصر:
وفعلت أمرًا عظيمًا حين قتلت القِبْطِي انتصارًا لرجل من قومك، وأنت من الجاحدين لنعمي عليك.
تفسير الجلالين:
 «وفعلت فعلتك التي فعلت» هي قتله القبطي «وأنت من الكافرين» الجاحدين لنعمتي عليك بالتربية وعدم الاستعباد.
تفسير السعدي:
وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وهي قتل موسى للقبطي, حين استغاثه الذي من شيعته, على الذي من عدوه فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ الآية.
وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ أي: وأنت إذ ذاك طريقك طريقنا, وسبيلك سبيلنا, في الكفر, فأقر على نفسه بالكفر, من حيث لا يدري.

قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ(20)

التفسير المختصر:
قال موسى عليه السلام لفرعون معترفًا: قتلت ذلك الرجل وأنا من الجاهلين قبل أن يأتيني الوحي.
تفسير الجلالين:
 «قال» موسى «فعلتها إذاً» أي حينئذ «وأنا من الضالين» عما آتاني الله بعدها من العلم والرسالة.
تفسير السعدي:
فقال موسى: فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ أي: عن غير كفر, وإنما كان عن ضلال وسفه, فاستغفرت ربي فغفر لي.

فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ(21)

التفسير المختصر:
فهربت منكم بعد قتله إلى قرية مَدْيَن لما خفت من قتلكم إياي به، فأعطاني ربي علمًا، وصيرني من رسله الذين يرسلهم إلى الناس.
تفسير الجلالين:
 «ففررتُ منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما» علما «وجعلني من المرسلين».
تفسير السعدي:
فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ حين تراجعتم بقتلي, فهربت إلى مدين, ومكثت سنين, ثم جئتكم.
فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ .
فالحاصل أن اعتراض فرعون على موسى, اعتراض جاهل أو متجاهل، فإنه جعل المانع من كونه رسولا أن جرى منه القتل، فبين له موسى, أن قتله كان على وجه الضلال والخطأ, الذي لم يقصد نفس القتل، وأن فضل الله تعالى غير ممنوع منه أحد, فلم منعتم ما منحني الله, من الحكم والرسالة؟ بقي عليك يا فرعون إدلاؤك بقولك: أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وعند التحقيق, يتبين أن لا منة لك فيها.

وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ(22)

التفسير المختصر:
وتربيتك إياي من غير أن تستعبدني مع استعبادك بني إسرائيل نعمة تمنّ بها علي بحق، لكن ذلك لا يمنعني من دعوتك.
تفسير الجلالين:
 «وتلك نعمةٌ تمنُّها عليَّ» أصله تمن بها عليَّ «أن عبدت بني إسرائيل» بيان لتلك: أي اتخذتهم عبيدا ولم تستعبدني لا نعمة لك بذلك لظلمك باستعبادهم وقدر بعضهم أول الكلام همزة استفهام للإنكار.
تفسير السعدي:
وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ .
أي: تدلي علي بهذه المنة لأنك سخرت بني إسرائيل, وجعلتهم لك بمنزلة العبيد، وأنا قد أسلمتني من تعبيدك وتسخيرك, وجعلتها علي نعمة، فعند التصور, يتبين أن الحقيقة, أنك ظلمت هذا الشعب الفاضل, وعذبتهم وسخرتهم بأعمالك، وأنا قد سلمني الله من أذاك, مع وصول أذاك لقومي، فما هذه المنة التي تبت بها وتدلي بها؟.

قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ(23)

التفسير المختصر:
قال فرعون لموسى عليه السلام : وما رب المخلوقات الذي زعمت أنك رسوله؟!
تفسير الجلالين:
 «قال فرعون» لموسى «وما رب العالمين» الذي قلت إنك رسوله أي: أي شيء هو ولما لم يكن سبيل للخلق إلى معرفة حقيقته تعالى وإنما يعرفونه بصفاته أجابه موسى عليه الصلاة والسلام ببعضها.
تفسير السعدي:
قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ وهذا إنكار منه لربه, ظلما وعلوا، مع تيقن صحة ما دعاه إليه موسى،

قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ(24)

التفسير المختصر:
قال موسى مجيبًا فرعون: رب المخلوقات هو رب السماوات ورب الأرض، ورب ما بينهما إن كنتم موقنين أنه ربهم فاعبدوه وحده.
تفسير الجلالين:
 «قال ربُّ السماوات والأرض وما بينهما» أي خالق ذلك «إن كنتم موقنين» بأنه تعالى خالقه فآمنوا به وحده.
تفسير السعدي:
قال: رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا .
أي: الذي خلق العالم العلوي والسفلي, ودبره بأنواع التدبير, ورباه بأنواع التربية.
ومن جملة ذلك, أنتم أيها المخاطبون, فكيف تنكرون خالق المخلوقات, وفاطر الأرض والسماوات إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ

قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ(25)

التفسير المختصر:
قال فرعون لمن حوله من سادة قومه: ألا تستمعون إلى جواب موسى، وما فيه من زعم كاذب؟!
تفسير الجلالين:
 «قال» فرعون «لمن حوله» من أشراف قومه «ألا تستمعون» جوابه الذي لم يطابق السؤال.
تفسير السعدي:
فقال فرعون متجرهما, ومعجبا لقومه: أَلا تَسْتَمِعُونَ ما يقول هذا الرجل

قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ(26)

التفسير المختصر:
قال لهم موسى: الله ربكم ورب آبائكم السابقين.
تفسير الجلالين:
 «قال» موسى «ربكم ورب آبائكم الأولين» وهذا وإن كان داخلا فيما قبله يغيظ فرعون ولذلك.
تفسير السعدي:
فقال موسى: رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ تعجبتم أم لا استكبرتم, أم أذعنتم.

قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ(27)

التفسير المختصر:
قال فرعون: إن الذي يزعم أنه رسول إليكم لمجنون لا يعي كيف يجيب، ويقول ما لا يعقل.
تفسير الجلالين:
 «قال إنَّ رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون».
تفسير السعدي:
فقال فرعون معاندا للحق, قادحا بمن جاء به: إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ حيث قال خلاف ما نحن عليه, وخالفنا فيما ذهبنا إليه، فالعقل عنده وأهل العقل, من زعموا أنهم لم يخلقوا, أو أن السماوات والأرض, ما زالتا موجودتين من غير موجد وأنهم, بأنفسهم, خلقوا من غير خالق، والعقل عنده, أن يعبد المخلوق الناقص, من جميع الوجوه، والجنون عنده, أن يثبت الرب الخالق للعالم العلوي والسفلي, والمنعم بالنعم الظاهرة والباطنة, ويدعو إلى عبادته، وزين لقومه هذا القول, وكانوا سفهاء الأحلام, خفيفي العقول فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ

قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ(28)

التفسير المختصر:
قال موسى: الله الذي أدعوكم إليه هو رب المشرق، ورب المغرب، ورب ما بينهما إن كانت لكم عقول تعقلون بها.
تفسير الجلالين:
 «قال» موسى «ربُّ المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون» إنه كذلك فآمنوا به وحده.
تفسير السعدي:
فقال موسى عليه السلام, مجيبا لإنكار فرعون وتعطيله لرب العالمين: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا .
من سائر المخلوقات إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ فقد أديت لكم من البيان والتبيين, ما يفهمه كل من له أدنى مسكة من عقل، فما بالكم تتجاهلون فيما أخاطبكم به؟ وفيه إيماء وتنبيه إلى أن الذي رميتم به موسى من الجنون, أنه داؤكم فرميتم أزكى الخلق عقلا وأكملهم علما، بالجنون، والحال أنكم أنتم المجانين, حيث ذهبت عقولكم لإنكار أظهر الموجودات, خالق الأرض والسماوات وما بينهما, فإذا جحدتموه, فأي شيء تثبتون؟ وإذا جهلتموه, فأي شيء تعلمون؟ وإذا لم تؤمنوا به وبآياته, فبأي شيء - بعد الله وآياته - تؤمنون؟ تالله, إن المجانين الذين بمنزلة البهائم, أعقل منكم, وإن الأنعام السارحة, أهدى منكم.

قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَٰهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ(29)

التفسير المختصر:
قال فرعون لموسى بعد عجزه عن مُحَاجَّته: لئن عبدت معبودًا غيري لأصيّرنك من المسجونين.
تفسير الجلالين:
 «قال» فرعون لموسى «لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنَّك من المسجونين» كان سجنه شديدا يحبس الشخص في مكان تحت الأرض وحده لا يبصر ولا يسمع فيه أحدا.
تفسير السعدي:
فلما خنقت فرعون الحجة, وعجزت قدرته وبيانه عن المعارضة قَالَ متوعدا لموسى بسلطانه لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ زعم - قبحه الله - أنه قد طمع في إضلال موسى, وأن لا يتخذ إلها غيره, وإلا فقد تقرر أنه هو ومن معه, على بصيرة من أمرهم.

قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ(30)

التفسير المختصر:
قال موسى عليه السلام لفرعون: أتصيرني من المسجونين حتى لو جئتك بما يبين صدقي فيما جئتك به من عند الله؟
تفسير الجلالين:
 «قال» له موسى «أوَلوْ» أي: أتفعل ذلك ولو «جئتك بشيءٍ مبينِ» برهان بيِّن على رسالتي.
تفسير السعدي:
فقال له موسى: أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ أي: آية ظاهرة جلية, على صحة ما جئت به, من خوارق العادات.

قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ(31)

التفسير المختصر:
قال: فأت بما ذكرت أنه يدل على صدقك إن كنت من الصادقين فيما تدّعيه.
تفسير الجلالين:
 «قال» فرعون له «فأتِ به إن كنت من الصادقين» فيه.
تفسير السعدي:
قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ

فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ(32)

التفسير المختصر:
فرمى موسى عصاه في الأرض فانقلبت فجأة ثعبانًا واضحًا للعيان.
تفسير الجلالين:
 «فألقى عصاه فإذا هي ثعبانٌ مبينٌ» حية عظيمة.
تفسير السعدي:
فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ أي: ذكر الحيات، مُبِينٌ ظاهر لكل أحد, لا خيال, ولا تشبيه.

وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ(33)

التفسير المختصر:
وأدخل يده في جيبه غير بيضاء، فأخرجها بيضاء بياضًا نورانيًّا لا بياض بَرَص، يشاهده الناظرون كذلك.
تفسير الجلالين:
 «ونزع يده» أخرجها من جيبه «فإذا هي بيضاء» ذات شعاع «للناظرين» خلاف ما كانت عليه من الأدمة.
تفسير السعدي:
وَنَزَعَ يَدَهُ من جيبه فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ أي: لها نور عظيم, لا نقص فيه لمن نظر إليها.

قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ(34)

التفسير المختصر:
قال فرعون لسادة قومه من حوله: إن هذا الرجل لساحر عليم بالسحر.
تفسير الجلالين:
 «قال» فرعون «للملإ حوله إنَّ هذا لساحر عليم» فائق في علم السحر.
تفسير السعدي:
قَالَ فرعون لِلْمَلإِ حَوْلَهُ معارضا للحق, ومن جاء به: إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ

يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ(35)

التفسير المختصر:
يريد بسحره أن يخرجكم من أرضكم، فما رأيكم فيما نتخذه فيه؟
تفسير الجلالين:
 «يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون».
تفسير السعدي:
يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ موَّه عليهم لعلمه بضعف عقولهم, أن هذا من جنس ما يأتي به السحرة, لأنه من المتقرر عندهم, أن السحرة يأتون من العجائب, بما لا يقدر عليه الناس, وخوَّفهم أن قصده بهذا السحر, التوصل إلى إخراجهم من وطنهم, ليجدوا ويجتهدوا في معاداة من يريد إجلاءهم عن أولادهم وديارهم، فَمَاذَا تَأْمُرُونَ أن نفعل به؟

قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ(36)

التفسير المختصر:
قالوا له: أَخِّرْه وأخِّرْ أخاه، ولا تبادر بعقوبتهما، وأرسل في مدائن مصر من يجمعون السحرة.
تفسير الجلالين:
 «قالوا أرجه وأخاه» أخّر أمرهما «وابعث في المدائن حاشرين» جامعين.
تفسير السعدي:
قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ أي: أخرهما وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ جامعين للناس.
يَأْتُوكَ أولئك الحاشرون بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ أي: ابعث في جميع مدنك, التي هي مقر العلم, ومعدن السحر.

يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ(37)

التفسير المختصر:
يأتوك بكل سحَّار عليم بالسحر.
تفسير الجلالين:
 «يأتوك بكل سَحَّار عليم» يفضل موسى في علم السحر.
تفسير السعدي:
من يجمع لك كل ساحر ماهر, عليم في سحره فإن الساحر يقابل بسحر من جنس سحره.

فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ(38)

التفسير المختصر:
فجمع فرعون سحرته لمباراة موسى في مكان وزمان محددين.
تفسير الجلالين:
 «فجمع السحرة لميقات يوم معلوم» وهو وقت الضحى من يوم الزينة.
تفسير السعدي:
وهذا من لطف الله أن يري العباد, بطلان ما موه به فرعون الجاهل الضال, المضل أن ما جاء به موسى سحر, قيضهم أن جمعوا أهل المهارة بالسحر, لينعقد المجلس عن حضرة الخلق العظيم, فيظهر الحق على الباطل, ويقر أهل العلم وأهل الصناعة, بصحة ما جاء به موسى, وأنه ليس بسحر، فعمل فرعون برأيهم, فأرسل في المدائن, من يجمع السحرة, واجتهد في ذلك, وجد.
فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ قد واعدهم إياه موسى, وهو يوم الزينة, الذي يتفرغون فيه من أشغالهم.

وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُم مُّجْتَمِعُونَ(39)

التفسير المختصر:
وقيل للناس: هل أنتم مجتمعون لتروا الغالب أهو موسى أم السحرة؟
تفسير الجلالين:
 «وقيل للناس هل أنتم مجتمعون».
تفسير السعدي:
وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ أي: نودي بعموم الناس بالاجتماع في ذلك اليوم الموعود.

لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِن كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ(40)

التفسير المختصر:
رجاء أن نتبع السحرة في دينهم إن كانت الغلبة لهم على موسى.
تفسير الجلالين:
 «لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين» الاستفهام للحث على الاجتماع والترجي على تقدير غلبتهم ليستمروا على دينهم فلا يتبعوا موسى.
تفسير السعدي:
لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ أي: قالوا للناس: اجتمعوا لتنظروا غلبة السحرة لموسى, وأنهم ماهرون في صناعتهم, فنتبعهم, ونعظمهم, ونعرف فضيلة علم السحر، فلو وفقوا للحق, لقالوا: لعلنا نتبع المحق منهم, ولنعرف الصواب، فلذلك ما أفاد فيهم ذلك, إلا قيام الحجة عليهم.

فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ(41)

التفسير المختصر:
فلما جاء السحرة إلى فرعون ليغالبوا موسى قالوا له: هل لنا جزاء مادي أو معنوي إن كانت الغلبة لنا على موسى؟
تفسير الجلالين:
 «فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أئن» بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية وإدخال ألف بينهما على الوجيهين «لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين».
تفسير السعدي:
فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ ووصلوا لفرعون قالوا له: أَئِنَّ لَنَا لأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ لموسى؟

قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ(42)

التفسير المختصر:
قال لهم فرعون: نعم لكم جزاء، وإنكم في حال فوزكم عليه لمن المقربين عندي بإعطائكم المناصب الرفيعة.
تفسير الجلالين:
 «قال نعم وإنكم إذاً» أي حينئذ «لمن المقربين».
تفسير السعدي:
قَالَ نَعَمْ لكم أجر وثواب وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ عندي، وعدهم الأجر والقربة منه, ليزداد نشاطهم, ويأتوا بكل مقدورهم في معارضة ما جاء به موسى.

قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ(43)

التفسير المختصر:
قال لهم موسى واثقًا بنصر الله ومبينًا أن ما عنده ليس سحرًا: ألقوا ما أنتم مُلْقُوه من حبالكم وعصيكم.
تفسير الجلالين:
 «قال لهم موسى» بعد ما قالوا له (إما أن تُلقي وإما أن نكون نحن الملقين) «ألقوا ما أنتم ملقون» فالأمر فيه للإذن بتقديم إلقائهم توسلا به إلى إظهار الحق.
تفسير السعدي:
فلما اجتمعوا للموعد, هم وموسى, وأهل مصر, وعظهم موسى وذكرهم وقال: وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى فتنازعوا وتخاصموا ثم شجعهم فرعون, وشجع بعضهم بعضا.
ف قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ أي: ألقوا كل ما في خواطركم إلقاؤه، ولم يقيده بشيء دون شيء, لجزمه ببطلان ما جاءوا به من معارضة الحق.

فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ(44)

التفسير المختصر:
فألقوا حبالهم وعصيهم، وقالوا عند إلقائها: بعظمة فرعون إنا لنحن الغالبون، وموسى هو المغلوب.
تفسير الجلالين:
 «فألقوْا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون».
تفسير السعدي:
فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ فإذا هي حيات تسعى, وسحروا بذلك أعين الناس، وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ فاستعانوا بعزة عبد ضعيف, عاجز من كل وجه, إلا أنه قد تجبر, وحصل له صورة ملك وجنود، فغرتهم تلك الأبهة, ولم تنفذ بصائرهم إلى حقيقة الأمر، أو أن هذا قسم منهم بعزة فرعون والمقسم عليه, أنهم غالبون.

فَأَلْقَىٰ مُوسَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ(45)

التفسير المختصر:
فألقى موسى عصاه فانقلبت حية، فإذا هي تبتلع ما يُمَوِّهون به على الناس من السحر.
تفسير الجلالين:
 «فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف» بحذف إحدى التاءين من الأصل تبتلع «ما يأفكون» يقلبونه بتمويههم فيخيلون حبالهم وعصيهم أنها حيات تسعى.
تفسير السعدي:
فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ تبتلع وتأخذ مَا يَأْفِكُونَ فالتفت جميع ما ألقوا من الحبال والعصي, لأنها إفك, وكذب, وزور وذلك كله باطل لا يقوم للحق, ولا يقاومه.
فلما رأى السحرة هذه الآية العظيمة, تيقنوا - لعلمهم - أن هذا ليس بسحر, وإنما هو آية من آيات الله, ومعجزة تنبئ بصدق موسى, وصحة ما جاء به.

فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ(46)

التفسير المختصر:
فلما أبصر السحرة عصا موسى تبتلع ما ألقوه من سحرهم سقطوا ساجدين.
تفسير الجلالين:
 «فألقيَ السحرة ساجدين».
تفسير السعدي:
فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ لربهم.

قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ(47)

التفسير المختصر:
قالوا: آمنا برب المخلوقات كلها.
تفسير الجلالين:
 «قالوا آمنا برب العالمين».
تفسير السعدي:
قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ وانقمع الباطل, في ذلك المجمع, وأقر رؤساؤه, ببطلانه, ووضح الحق, وظهر حتى رأى ذلك الناظرون بأبصارهم.

رَبِّ مُوسَىٰ وَهَارُونَ(48)

التفسير المختصر:
رب موسى ورب هارون عليهما السلام.
تفسير الجلالين:
 «رب موسى وهارون» لعلمهم بأن ما شاهدوه من العصا لا يتأتى بالسحر.
تفسير السعدي:
قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ وانقمع الباطل, في ذلك المجمع, وأقر رؤساؤه, ببطلانه, ووضح الحق, وظهر حتى رأى ذلك الناظرون بأبصارهم.

قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ۚ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ(49)

التفسير المختصر:
قال فرعون منكرًا على السحرة إيمانهم: أآمنتم بموسى قبل أن آذن لكم بذلك؟! إن موسى لهو كبيركم الذي علمكم السحر، وقد تآمرتم جميعًا على إخراج أهل مصر منها، فلسوف تعلمون ما أوقعه بكم من عقاب، فلأقطعنّ رجْل كل واحد ويده مخالفًا بينهما بقطع الرجل اليمنى مع اليد اليسرى أو العكس، ولأصلبنكم أجمعين على جذوع النخل، لا أستبقي منكم أحدًا.
تفسير الجلالين:
 «قال» فرعون «أآمنتم» بتحقيق الهمزتين وإبدال الثانية ألفا «له» لموسى «قبل أن آذن» أنا «لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر» فعلَّمك شيئا منه وغلبكم بآخر «فلسوف تعلمون» ما ينالكم مني «لأقطعنَّ أيديكم وأرجلكم من خلاف» أي يد كل واحد اليمنى ورجله اليسرى «ولأصلبنكم أجمعين».
تفسير السعدي:
ولكن أبى فرعون, إلا عتوا وضلالا وتماديا في غيه وعنادا، فقال للسحرة: آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ .
يتعجب ويعجب قومه من جراءتهم عليه, وإقدامهم على الإيمان من غير إذنه ومؤامرته.
إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ هذا, وهو الذي جمع السحرة, وملأه, الذين أشاروا عليه بجمعهم من مدائنهم، وقد علموا أنهم ما اجتمعوا بموسى, ولا رأوه قبل ذلك, وأنهم جاءوا من السحر, بما يحير الناظرين ويهيلهم, ومع ذلك, فراج عليهم هذا القول, الذي هم بأنفسهم, وقفوا على بطلانه، فلا يستنكر على أهل هذه العقول, أن لا يؤمنوا بالحق الواضح, والآيات الباهرة, لأنهم لو قال لهم فرعون عن أي شيء كان, إنه على خلاف حقيقته, صدقوه.
ثم توعد السحرة فقال: لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ أي: اليد اليمنى, والرجل اليسرى, كما يفعل بالمفسد في الأرض، وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ لتختزوا, وتذلوا.

قَالُوا لَا ضَيْرَ ۖ إِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ(50)

التفسير المختصر:
قال السحرة لفرعون: لا ضرر فيما تهددنا به من القطع والصلب في الدنيا، فعذابك يزول، ونحن إلى ربنا منقلبون، وسيدخلنا في رحمته الدائمة.
تفسير الجلالين:
 «قالوا لا ضَيْرَ» لا ضرر علينا في ذلك «إنا إلى ربنا» بعد موتنا بأي وجه كان «منقلبون» راجعون في الآخرة.
تفسير السعدي:
فقال السحرة - حين وجدوا حلاوة الإيمان وذاقوا لذته -: لا ضَيْرَ أي: لا نبالي بما توعدتنا به إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ

إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَن كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ(51)

التفسير المختصر:
إنا نرجو أن يمحو الله عنا خطايانا السابقة التي ارتكبناها لأجل أن كنا أول من آمن بموسى وصدَّق به.
تفسير الجلالين:
 «إنا نطمع» نرجوا «أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن» أي بأن «كنَّا أول المؤمنين» في زماننا.
تفسير السعدي:
إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا من الكفر والسحر, وغيرهما أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ بموسى, من هؤلاء الجنود، فثبتهم الله وصبرهم.
فيحتمل أن فرعون فعل بهم ما توعدهم به, لسلطانه, واقتداره إذ ذاك ويحتمل, أن الله منعه منهم، ثم لم يزل فرعون وقومه, مستمرين على كفرهم, يأتيهم موسى بالآيات البينات، وكلما جاءتهم آية, وبلغت منهم كل مبلغ, وعدوا موسى, وعاهدوه لئن كشف الله عنهم, ليؤمنن به, وليرسلن معه بني إسرائيل, فيكشفه الله, ثم ينكثون، فلما يئس موسى من إيمانهم, وحقت عليهم كلمة العذاب, وآن لبني إسرائيل أن ينجيهم من أسرهم, ويمكن لهم في الأرض,

۞ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ(52)

التفسير المختصر:
وأوحينا إلى موسى آمرين إياه أن يسري ببني إسرائيل ليلًا، فإن فرعون ومن معه متبعوهم ليردوهم.
تفسير الجلالين:
 «وأوحينا إلى موسى» بعد سنين أقامها بينهم يدعوهم بآيات الله إلى الحق فلم يزيدوا إلا عتوا «أن أسر بعبادي» بني إسرائيل وفي قراءة بكسر النون ووصل همزة أسر من سرى لغة في أسرى أي سر بهم ليلا إلى البحر «إنكم مُتَّبعون» يتبعكم فرعون وجنوده فيلجون وراءكم البحر فأنجيكم وأغرقهم.
تفسير السعدي:
أوحى الله إلى موسى: أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي أي: اخرج ببني إسرائيل أول الليل, ليتمادوا ويتمهلوا في ذهابهم.
إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ أي: سيتبعكم فرعون وجنوده.
ووقع كما أخبر, فإنهم لما أصبحوا, وإذا بنو إسرائيل قد سروا كلهم مع موسى.

فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ(53)

التفسير المختصر:
فبعث فرعون بعض جنوده في المدائن جامعين يجمعون الجيوش ليردوا بني إسرائيل لما علم بمسيرهم من مصر.
تفسير الجلالين:
 «فأرسل فرعون» حين أخبر بسيرهم «في المدائن» قيل كان له ألف مدينة واثنا عشر ألف قرية «حاشرين» جامعين الجيش قائلا.
تفسير السعدي:
فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ يجمعون الناس, ليوقع ببني إسرائيل,

إِنَّ هَٰؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ(54)

التفسير المختصر:
قال فرعون مقللًا من شأن بني إسرائيل: إن هؤلاء لطائفة قليلة.
تفسير الجلالين:
 «إن هؤلاء لشرذمةٌ» طائفة «قليلون» قيل كانوا ستمائة ألف وسبعين ومقدمة جيشه سبعمائة ألف فقللهم بالنظر إلى كثرة جيشه.
تفسير السعدي:
ويقول مشجعا لقومه: إِنَّ هَؤُلاءِ أي: بني إسرائيل لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ

وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ(55)

التفسير المختصر:
وإنهم لفاعلون ما يغيظنا عليهم.
تفسير الجلالين:
 «وإنهم لنا لغائظون» فاعلون ما يغيظنا.
تفسير السعدي:
وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ ونريد أن ننفذ غيظنا في هؤلاء العبيد, الذين أبِقُوا منا.

وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ(56)

التفسير المختصر:
وإنا لمستعدون لهم متيقظون.
تفسير الجلالين:
 «وإنا لجميعٌ حذرون» مستعدون وفي قراءة حاذرون متيقظون.
تفسير السعدي:
وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ أي: الحذر على الجميع منهم, وهم أعداء للجميع, والمصلحة مشتركة، فخرج فرعون وجنوده, في جيش عظيم, ونفير عام, لم يتخلف منهم سوى أهل الأعذار, الذين منعهم العجز.

فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ(57)

التفسير المختصر:
فأخرجنا فرعون وقومه من أرض مصر ذات الحدائق الغناء، والعيون الجارية بالماء.
تفسير الجلالين:
 قال تعالى: «فأخرجناهم» أي فرعون وقومه من مصر ليلحقوا موسى وقومه «من جنات» بساتين كانت على جانبي النيل «وعيون» أنهار جارية في الدور من النيل.
تفسير السعدي:
قال الله تعالى: فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ أي: بساتين مصر وجناتها الفائقة, وعيونها المتدفقة, وزروع قد ملأت أراضيهم, وعمرت بها حاضرتهم وبواديهم.

وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ(58)

التفسير المختصر:
وذات خزائن المال، والمساكن الحسنة.
تفسير الجلالين:
 «وكنوز» أموال ظاهرة من الذهب والفضة، وسميت كنوزا لأنه لم يعط حق الله تعالى منها «ومقامٍ كريمٍ» مجلس حسن للأمراء والوزراء يحفه أتباعهم.
تفسير السعدي:
وَمَقَامٍ كَرِيمٍ يعجب الناظرين, ويلهي المتأملين، تمتعوا به دهرا طويلا وقضوا بلذته وشهواته, عمرا مديدا, على الكفر والفساد, والتكبر على العباد والتيه العظيم .

كَذَٰلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ(59)

التفسير المختصر:
وكما أخرجنا فرعون وقومه من هذه النعم صيرنا جنس هذه النعم من بعدهم لبني إسرائيل في بلاد الشام.
تفسير الجلالين:
 «كذلك» أي إخراجنا كما وصفنا «وأورثناها بني إسرائيل» بعد إغراق فرعون وقومه.
تفسير السعدي:
كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا أي: هذه البساتين والعيون, والزروع, والمقام الكريم، بَنِي إِسْرَائِيلَ الذين جعلوهم من قبل عبيدهم, وسخروا في أعمالهم الشاقة، فسبحان من يؤتي الملك من يشاء, وينزعه ممن يشاء, ويعز من يشاء بطاعته, ويذل من يشاء بمعصيته.

فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ(60)

التفسير المختصر:
فسار فرعون وقومه في إثر بني إسرائيل في وقت شروق الشمس.
تفسير الجلالين:
 «فأتبعوهم» لحقوهم «مشرقين» وقت شروق الشمس.
تفسير السعدي:
فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ أي: اتبع قوم فرعون قوم موسى, وقت شروق الشمس, وساقوا خلفهم محثين, على غيظ وحنق قادرين.

فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ(61)

التفسير المختصر:
فلما تقابل فرعون وقومه مع موسى وقومه بحيث صار يرى كل فريق الفريق الآخر، قال أصحاب موسى: إن فرعون وقومه سيلحقوننا، ولا قِبَل لنا بهم.
تفسير الجلالين:
 «فلما تراءى الجمعان» رأى كل منهما الآخر «قال أصحاب موسى إنا لمدركون» يدركنا جمع فرعون ولا طاقة لنا به.
تفسير السعدي:
فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ أي رأى كل منهما صاحبه، قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى شاكين لموسى وحزنين إِنَّا لَمُدْرَكُونَ

قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ(62)

التفسير المختصر:
قال موسى لقومه: ليس الأمر كما تصورتم، فإن معي ربي بالتأييد والنصر، سيرشدني ويدلني إلى طريق النجاة.
تفسير الجلالين:
 «قال» موسى «كلا» أي لن يدركونا «إن معي ربي» ينصره «سيهدين» طريق النجاة.
تفسير السعدي:
قَالَ موسى, مثبتا لهم, ومخبرا لهم بوعد ربه الصادق: كُلا أي: ليس الأمر كما ذكرتم, أنكم مدركون، إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ لما فيه نجاتي ونجاتكم.

فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ ۖ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ(63)

التفسير المختصر:
فأوحينا إلى موسى آمرين إياه أن يضرب البحر بعصاه، فضربه بها، فانشقّ البحر وتحوّل إلى اثني عشر مَسْلكًا بعدد قبائل بني إسرائيل، فكانت كل قطعة منشقة من البحر مثل الجبل العظيم في العِظَم والثبات بحيث لا يسيل منها ماء.
تفسير الجلالين:
 قال تعالى: «فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر» فضربه «فانفلق» فانشق اثنى عشر فرقا «فكان كل فرق كالطود العظيم» الجبل الضخم بينهما مسالك سلكوها لم يبتل منها سرج الراكب ولا لبده.
تفسير السعدي:
فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فضربه فَانْفَلَقَ اثني عشر طريقا فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ أي: الجبل الْعَظِيمِ فدخله موسى وقومه.

وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ(64)

التفسير المختصر:
وقربنا فرعون وقومه حتى دخلوا البحر ظانين أن الطريق سالك.
تفسير الجلالين:
 «وأزلفنا» قرَّبنا «ثمَّ» هناك «الآخرين» فرعون وقومه حتى سلكوا مسالكهم.
تفسير السعدي:
وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ في ذلك المكان الآخَرِينَ أي فرعون وقومه, قربناهم, وأدخلناهم في ذلك الطريق, الذي سلك منه موسى وقومه.

وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ(65)

التفسير المختصر:
وأنقذنا موسى ومن معه من بني إسرائيل، فلم يهلك منهم أحد.
تفسير الجلالين:
 «وأنجينا موسى ومن معه أجمعين» بإخراجهم من البحر على هيئته المذكورة.
تفسير السعدي:
وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ استكملوا خارجين, لم يتخلف منهم أحد.

ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ(66)

التفسير المختصر:
ثم أهلكنا فرعون وقومه بالغرق في البحر.
تفسير الجلالين:
 «ثم أغرقنا الآخرين» فرعون وقومه بإطباق البحر عليهم لما تم دخولهم في البحر وخروج بني إسرائيل منه.
تفسير السعدي:
ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ لم يتخلف منهم عن الغرق أحد.

إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ(67)

التفسير المختصر:
إن في انفلاق البحر لموسى ونجاته وهلاك فرعون وقومه لآية دالة على صدق موسى، وما كان أكثرُ مَنْ مَعَ فرعون بمؤمنين.
تفسير الجلالين:
 «إن في ذلك» إغراق فرعون وقومه «لآيةٌ» عبرة لمن بعدهم «وما كان أكثرهم مؤمنين» بالله لم يؤمن منهم غير آسية امرأة فرعون وحزقيل مؤمن آل فرعون ومريم بنت ناموصى التي دلت على عظام يوسف عليه السلام.
تفسير السعدي:
إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً عظيمة, على صدق ما جاء به موسى عليه السلام, وبطلان ما عليه فرعون وقومه، وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ مع هذه الآيات المقتضية للإيمان, لفساد قلوبكم.

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ(68)

التفسير المختصر:
وإن ربك - أيها الرسول - لهو العزيز الذي ينتقم من أعدائه، الرحيم بمن تاب منهم.
تفسير الجلالين:
 «وإن ربك لهو العزيز» فانتقم من الكافرين بإغراقهم «الرحيم» بالمؤمنين فأنجاهم من الغرق.
تفسير السعدي:
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ بعزته أهلك الكافرين المكذبين، وبرحمته نجى موسى, ومن معه أجمعين.

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ(69)

التفسير المختصر:
واتلُ عليهم - أيها الرسول - قصة إبراهيم.
تفسير الجلالين:
 «واتل عليهم» أي كفار مكة «نبأ» خبر «إبراهيم» ويبدل منه.
تفسير السعدي:
أي: واتل يا محمد على الناس, نبأ إبراهيم الخليل, وخبره الجليل, في هذه الحالة بخصوصها, وإلا فله أنباء كثيرة، ولكن من أعجب أنبائه, وأفضلها, هذا النبأ المتضمن لرسالته, ودعوته قومه, ومحاجته إياهم, وإبطاله ما هم عليه.

إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ(70)

التفسير المختصر:
حين قال لأبيه آزر وقومه: ما الذي تعبدونه من دون الله؟
تفسير الجلالين:
 «إذا قال لأبيه وقومه ما تعبدون».
تفسير السعدي:
ولذلك قيده بالظرف فقال: إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ

قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ(71)

التفسير المختصر:
قال له قومه: نعبد أصنامًا فنظلّ مقيمين على عبادتها ملازمين لها.
تفسير الجلالين:
 «قالوا نعبد أصناما» صرحوا بالفعل ليعطفوا عليه «فنظل لها عاكفين» نقيم نهارا على عبادتها زادوه في الجواب افتخارا به.
تفسير السعدي:
قَالُوا متبجحين بعبادتهم: نَعْبُدُ أَصْنَامًا ننحتها ونعملها بأيدينا.
فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ أي مقيمين على عبادتها في كثير من أوقاتنا.

قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ(72)

التفسير المختصر:
قال لهم إبراهيم: هل تسمع الأصنام دعاءكم حين تدعونهم؟
تفسير الجلالين:
 «قال هل يسمعونكم إذ» حين «تدعون».
تفسير السعدي:
فقال لهم إبراهيم, مبينا لعدم استحقاقها للعبادة: هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ فيستجيبون دعاءكم, ويفرجون كربكم, ويزيلون عنكم كل مكروه؟.

أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ(73)

التفسير المختصر:
أو ينفعونكم إن أطعتموهم، أو يضرونكم إن عصيتموهم؟
تفسير الجلالين:
 «أو ينفعونكم» إن عبدتموهم «أو يضرونـ» كم إن لم تعبدوهم.
تفسير السعدي:
أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ فأقروا أن ذلك كله, غير موجود فيها, فلا تسمع دعاء, ولا تنفع, ولا تضر، ولهذا لما كسرها وقال: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ قالوا له: لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاءِ يَنْطِقُونَ أي: هذا أمر متقرر من حالها, لا يقبل الإشكال والشك.

قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ(74)

التفسير المختصر:
قالوا: لا يسمعوننا إذا دعوناهم، ولا ينفعوننا إن أطعناهم، ولا يضروننا إن عصيناهم، بل الحاصل أنا وجدنا آباءنا يفعلون ذلك، فنحن نقلدهم.
تفسير الجلالين:
 «قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون» أي مثل فعلنا.
تفسير السعدي:
فلجأوا إلى تقليد آبائهم الضالين, فقالوا: بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ فتبعناهم على ذلك, وسلكنا سبيلهم, وحافظنا على عاداتهم، فقال لهم إبراهيم: أنتم وآباءكم, كلكم خصوم في الأمر, والكلام مع الجميع واحد.

قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ(75)

التفسير المختصر:
قال إبراهيم: أتأملتم فرأيتم ما كنتم تعبدون من الأصنام من دون الله.
تفسير الجلالين:
 «قال أفرآيتم ما كنتم تعبدون».
تفسير السعدي:
أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ

أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ(76)

التفسير المختصر:
وما كان يعبده آباؤكم الأولون.
تفسير الجلالين:
 «أنتم وآبائكم الأقدمون».
تفسير السعدي:
أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ

فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ(77)

التفسير المختصر:
فإنهم كلهم أعداء لي؛ لأنهم باطل إلا الله رب المخلوقات كلها.
تفسير الجلالين:
 «فإنهم عدو لي» لا أعبدهم «إلا» لكن «ربَّ العالمين» فإني أعبده.
تفسير السعدي:
فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي فليضروني بأدنى شيء من الضرر, وليكيدوني, فلا يقدرون.
إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ

الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ(78)

التفسير المختصر:
الذي خلقني، فهو يرشدني إلى خيري الدنيا والآخرة.
تفسير الجلالين:
 «الذي خلقني فهو يهدين» إلى الدين.
تفسير السعدي:
الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ هو المنفرد بنعمة الخلق, ونعمة الهداية للمصالح الدينية والدنيوية.

وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ(79)

التفسير المختصر:
والذي هو وحده يطعمني إذا جعت، ويسقيني إذا عطشت.
تفسير الجلالين:
 «والذي هو يطعمني ويسقين».
تفسير السعدي:
ثم خصص منها بعض الضروريات فقال: وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ

وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ(80)

التفسير المختصر:
وإذا مرضت فهو وحده الذي يشفيني من المرض لا شافي لي غيره.
تفسير الجلالين:
 «وإذا مرضت فهو يشفين».
تفسير السعدي:
وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ

وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ(81)

التفسير المختصر:
والذي هو وحده يتوفاني إذا انقضى أجلي، ويحييني بعد موتي.
تفسير الجلالين:
 «والذي يُميتني ثم يحيين».
تفسير السعدي:
وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ

وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ(82)

التفسير المختصر:
والذي أرجوه وحده أن يغفر لي خطيئتي يوم الجزاء.
تفسير الجلالين:
 «والذي أطمع» أرجو «أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين» الجزاء.
تفسير السعدي:
وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ فهذا هو وحده المنفرد بذلك, فيجب أن يفرد بالعبادة والطاعة, وتترك هذه الأصنام, التي لا تخلق, ولا تهدي, ولا تمرض, ولا تشفي, ولا تطعم ولا تسقي, ولا تميت, ولا تحيي, ولا تنفع عابديها, بكشف الكروب, ولا مغفرة الذنوب.
فهذا دليل قاطع, وحجة باهرة, لا تقدرون أنتم وآباؤكم على معارضتها، فدل على اشتراككم في الضلال, وترككم طريق الهدى والرشد.
قال الله تعالى: وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ الآيات.

رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ(83)

التفسير المختصر:
قال إبراهيم داعيًا ربه: رب أعطني فقهًا في الدين، وألحقني بالصالحين من الأنبياء قبلي بأن تدخلني الجنة معهم.
تفسير الجلالين:
 «رب هب لي حكما» علما «وألحقني بالصالحين» النبيين.
تفسير السعدي:
ثم دعا عليه السلام ربه فقال: رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا أي: علما كثيرا, أعرف به الأحكام, والحلال والحرام, وأحكم به بين الأنام، وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ من إخوانه الأنبياء والمرسلين.

وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ(84)

التفسير المختصر:
واجعل لي ذكرًا جميلًا وثناء حسنًا فيمن يجيء من القرون بعدي.
تفسير الجلالين:
 «واجعل لي لسان صدق» ثناء حسنا «في الآخرين» الذين يأتون بعدي إلى يوم القيامة.
تفسير السعدي:
وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ أي: اجعل لي ثناء صدق, مستمر إلى آخر الدهر.
فاستجاب الله دعاءه, فوهب له من العلم والحكم, ما كان به من أفضل المرسلين, وألحقه بإخوانه المرسلين, وجعله محبوبا مقبولا معظما مثنًى عليه, في جميع الملل, في كل الأوقات.
قال تعالى: وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ * سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ .

وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ(85)

التفسير المختصر:
واجعلني ممن يرث منازل الجنة التي يتنعم فيها عبادك المؤمنون، وأسكنِّي فيها.
تفسير الجلالين:
 «واجعلني من ورثة جنة النعيم» ممن يعطاها.
تفسير السعدي:
وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ أي: من أهل الجنة, التي يورثهم الله إياها، فأجاب الله دعاءه, فرفع منزلته في جنات النعيم.

وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ(86)

التفسير المختصر:
واغفر لأبي؛ إنه كان من الضالين عن الحق بسبب الشرك، دعا إبراهيم لأبيه قبل أن يتبين له أنه من أصحاب الجحيم، فلما تبين له ذلك تبرأ منه ولم يَدْعُ له.
تفسير الجلالين:
 «واغفر لأبي إنه كان من الضالين» بأن تتوب عليه فتغفر له وهذا قبل أن يتبين له أنه عدو لله كما ذكر في سورة براءة.
تفسير السعدي:
وَاغْفِرْ لأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ وهذا الدعاء, بسبب الوعد الذي قال لأبيه: سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا قال تعالى: وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ .

وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ(87)

التفسير المختصر:
ولا تفضحني بالعذاب يوم يبعث الناس للحساب.
تفسير الجلالين:
 «ولا تخزني» تفضحني «يوم يُبعثون» الناس.
تفسير السعدي:
وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ أي: بالتوبيخ على بعض الذنوب, والعقوبة عليها والفضيحة، بل أسعدني في ذلك اليوم .

يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ(88)

التفسير المختصر:
يوم لا ينفع فيه مال قد جمعه الإنسان في دنياه، ولا بنون كان ينتصر بهم.
تفسير الجلالين:
 قال تعالى فيه: «يوم لا ينفع مال ولا بنون» أحدا
تفسير السعدي:
لا يَنْفَعُ فيه مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ فهذا الذي ينفعه عندك وهذا الذي ينجو به من العقاب ويستحق جزيل الثواب

إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ(89)

التفسير المختصر:
إلا من جاء الله بقلب سليم؛ لا شرك فيه ولا نفاق ولا رياء ولا عجب، فإنه ينتفع بماله الذي أنفقه في سبيل الله، وبأبنائه الذين يدعون له.
تفسير الجلالين:
 «إلا» لكن «من أتى الله بقلب سليم» من الشرك والنفاق وهو قلب المؤمن فإنه ينفعه ذلك.
تفسير السعدي:
لا يَنْفَعُ فيه مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ فهذا الذي ينفعه عندك وهذا الذي ينجو به من العقاب ويستحق جزيل الثوابوالقلب السليم معناه الذي سلم من الشرك والشك ومحبة الشر والإصرار على البدعة والذنوب ويلزم من سلامته مما ذكر اتصافه بأضدادها من الإخلاص والعلم واليقين ومحبة الخير وتزيينه في قلبه وأن تكون إرادته ومحبته تابعة لمحبة الله وهواه تابعا لما جاء عن الله

وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ(90)

التفسير المختصر:
وقربت الجنة للمتقين لربهم بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه.
تفسير الجلالين:
 «وأُزلفت الجنة» قربت «للمتقين» فيرونها.
تفسير السعدي:
ثم ذكر من صفات ذلك اليوم العظيم وما فيه من الثواب والعقاب فقال وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ أي قربت لِلْمُتَّقِينَ ربهم الذين امتثلوا أوامره واجتنبوا زواجره واتقوا سخطه وعقابه

وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ(91)

التفسير المختصر:
وأظهرت النار في المحشر للضالين الذين ضلوا عن دين الحق.
تفسير الجلالين:
 «وبرزت الجحيم» أظهرت «للغاوين» الكافرين.
تفسير السعدي:
وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ أي برزت واستعدت بجميع ما فيها من العذاب لِلْغَاوِينَ الذين أوضعوا في معاصي الله وتجرأوا على محارمه وكذبوا رسله وردوا ما جاءوهم به من الحق

وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ(92)

التفسير المختصر:
وقيل لهم تقريعًا لهم: أين ما كنتم تعبدونه من الأصنام؟
تفسير الجلالين:
 «وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون».
تفسير السعدي:
وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ

مِن دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ(93)

التفسير المختصر:
تعبدونهم من دون الله؟ هل ينصرونكم بمنعكم من عذاب الله، أو ينتصرون هم لأنفسهم؟
تفسير الجلالين:
 «من دون الله» أي غيره من الأصنام «هل ينصرونكم» بدفع العذاب عنكم «أو ينتصرون» بدفعه عن أنفسهم، لا.
تفسير السعدي:
مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ بأنفسهم أي فلم يكن من ذلك من شيء وظهر كذبهم وخزيهم ولاحت خسارتهم وفضيحتهم وبان ندمهم وضل سعيهم

فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ(94)

التفسير المختصر:
فَرُمِي بعضهم في الجحيم فوق بعض هم ومن أضلوهم.
تفسير الجلالين:
 «فكُبْكِبوا» ألقوا «فيها هم والغاوون».
تفسير السعدي:
فَكُبْكِبُوا فِيهَا أي ألقوا في النار هُمْ أي ما كانوا يعبدون وَالْغَاوُونَ العابدون لها

وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ(95)

التفسير المختصر:
وأعوان إبليس من الشياطين كلهم، لا يُسْتَثْنَى منهم أحد.
تفسير الجلالين:
 «وجنود إبليس» أتباعه، ومن أطاعه من الجن والإنس «أجمعون».
تفسير السعدي:
وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ من الإنس والجن الذين أزَّهم إلى المعاصي أزًّا وتسلط عليهم بشركهم وعدم إيمانهم فصاروا من دعاته والساعين في مرضاته وهم ما بين داع لطاعته ومجيب لهم ومقلد لهم على شركهم

قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ(96)

التفسير المختصر:
قال المشركون الذين كانوا يعبدون غير الله، ويتخذونهم شركاء من دونه، وهم يتخاصمون مع من كانوا يعبدونهم من دونه:
تفسير الجلالين:
 «قالوا» أي الغاوون «وهم فيها يختصمون» مع معبوديهم.
تفسير السعدي:
قَالُوا أي جنود إبليس الغاوون لأصنامهم وأوثانهم التي عبدوها تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ في العبادة والمحبة والخوف والرجاء وندعوكم كما ندعوه فتبين لهم حينئذ ضلالهم وأقروا بعدل الله في عقوبتهم وأنها في محلها وهم لم يسووهم برب العالمين إلا في العبادة لا في الخلق بدليل قولهم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ إنهم مقرون أن الله رب العالمين كلهم الذين من جملتهم أصنامهم وأوثانهم

تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ(97)

التفسير المختصر:
تالله لقد كنا في ضلال واضح عن الحق.
تفسير الجلالين:
 «تالله إن» مخففة من الثقلية واسمها محذوف أي إنه «كنا لفي ضلال مبين» بين.
تفسير السعدي:
قَالُوا أي جنود إبليس الغاوون لأصنامهم وأوثانهم التي عبدوها تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ في العبادة والمحبة والخوف والرجاء وندعوكم كما ندعوه فتبين لهم حينئذ ضلالهم وأقروا بعدل الله في عقوبتهم وأنها في محلها وهم لم يسووهم برب العالمين إلا في العبادة لا في الخلق بدليل قولهم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ إنهم مقرون أن الله رب العالمين كلهم الذين من جملتهم أصنامهم وأوثانهم

إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ(98)

التفسير المختصر:
إذ نجعلكم مثل رب المخلوقات كلها، فنعبدكم كما نعبده.
تفسير الجلالين:
 «إذ» حيث «نسويكم برب العالمين» في العبادة.
تفسير السعدي:
قَالُوا أي جنود إبليس الغاوون لأصنامهم وأوثانهم التي عبدوها تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ في العبادة والمحبة والخوف والرجاء وندعوكم كما ندعوه فتبين لهم حينئذ ضلالهم وأقروا بعدل الله في عقوبتهم وأنها في محلها وهم لم يسووهم برب العالمين إلا في العبادة لا في الخلق بدليل قولهم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ إنهم مقرون أن الله رب العالمين كلهم الذين من جملتهم أصنامهم وأوثانهم

وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ(99)

التفسير المختصر:
وما أضلنا عن طريق الحق إلا المجرمون الذين دعونا إلى عبادتهم من دون الله.
تفسير الجلالين:
 «وما أضلنا» عن الهدى «إلا المجرمون» أي الشياطين أو أوّلونا الذين اقتدينا بهم.
تفسير السعدي:
وَمَا أَضَلَّنَا عن طريق الهدى والرشد ودعانا إلى طريق الغي والفسق إِلا الْمُجْرِمُونَ وهم الأئمة الذين يدعون إلى النار

فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ(100)

التفسير المختصر:
فليس لنا شافعون يشفعون لنا عند الله لينجينا من عذابه.
تفسير الجلالين:
 «فما لنا من شافعين» كما للمؤمنين من الملائكة والنبيين والمؤمنين.
تفسير السعدي:
فَمَا لَنَا حينئذ مِنْ شَافِعِينَ يشفعون لنا لينقذونا من عذابه

وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ(101)

التفسير المختصر:
وليس لنا صديق خالص المودة يدافع عنا ويشفع لنا.
تفسير الجلالين:
 «ولا صديق حميم» يهمه أمرنا.
تفسير السعدي:
وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ أي قريب مصاف ينفعنا بأدنى نفع كما جرت العادة بذلك في الدنيا فأيسوا من كل خير وأبلسوا بما كسبوا وتمنوا العودة إلى الدنيا ليعملوا صالحا

فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ(102)

التفسير المختصر:
فلو أن لنا رجعة إلى الحياة الدنيا فنكون من المؤمنين بالله.
تفسير الجلالين:
 «فلو أن لنا كرَّة» رجعة إلى الدنيا «فنكون من المؤمنين» لو هنا للتمني ونكون جوابه.
تفسير السعدي:
فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً أي رجعة إلى الدنيا وإعادة إليها فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لنسلم من العقاب ونستحق الثواب هيهات هيهات قد حيل بينهم وبين ما يشتهون وقد غلقت منهم الرهون

إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ(103)

التفسير المختصر:
إن في ذلك المذكور من قصة إبراهيم عليه السلام، ومصير المكذبين لعبرة للمعتبرين، وما كان معظمهم مؤمنين.
تفسير الجلالين:
 «إن في ذلك» المذكور من قصة إبراهيم وقومه «لآية وما كان أكثرهم مؤمنين».
تفسير السعدي:
إِنَّ فِي ذَلِكَ الذي ذكرنا لكم ووصفنا لآيَةً لكم وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ مع نزول الآيات

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ(104)

التفسير المختصر:
وإن ربك - أيها الرسول - لهو العزيز الذي ينتقم من أعدائه، الرحيم بمن تاب منهم.
تفسير الجلالين:
 «وإن ربك لهم العزيز الرحيم».
تفسير السعدي:
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ

كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ(105)

التفسير المختصر:
كذبت قوم نوح المرسلين حين كذبوا نوحًا عليه السلام.
تفسير الجلالين:
 «كذبت قوم نوح المرسلين» بتكذيبهم له لاشتراكهم في المجيء بالتوحيد، أو لأنه لطول لبثه فيهم كأنه رسل وتأنيث قوم باعتبار معناه وتذكيره باعتبار لفظه.
تفسير السعدي:
يذكر تعالى, تكذيب قوم نوح لرسولهم نوح, وما رد عليهم وردوا عليه, وعاقبة الجميع فقال: ( كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ ) جميعهم, وجعل تكذيب نوح, كتكذيب جميع المرسلين، لأنهم كلهم, اتفقوا على دعوة واحدة, وأخبار واحدة، فتكذيب أحدهم, تكذيب, بجميع ما جاءوا به من الحق.

إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ(106)

التفسير المختصر:
إذ قال لهم أخوهم في النسب نوح: ألا تتقون الله بترك عبادة غيره خوفًا منه؟!
تفسير الجلالين:
 «إذ قال لهم أخوهم» نسبا «نوح ألا تتقون» الله.
تفسير السعدي:
كذّبوه إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ في النسب نُوحٌ وإنما ابتعث الله الرسل, من نسب من أرسل إليهم, لئلا يشمئزوا من الانقياد له, ولأنهم يعرفون حقيقته, فلا يحتاجون أن يبحثوا عنه، فقال لهم مخاطبا بألطف خطاب - كما هي طريقة الرسل, صلوات الله وسلامه عليهم - : أَلا تَتَّقُونَ الله, تعالى, فتتركون ما أنتم مقيمون عليه, من عبادة الأوثان, وتخلصون العبادة لله وحده.

إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ(107)

التفسير المختصر:
إني لكم رسول أرسلني الله إليكم، أمين لا أزيد على ما أوحاه الله إلي ولا أنقص.
تفسير الجلالين:
 «إني لكم رسول أمين» على تبليغ ما أرسلت به.
تفسير السعدي:
إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فكونه رسولا إليهم بالخصوص, يوجب لهم تلقي ما أرسل به إليهم, والإيمان به, وأن يشكروا الله تعالى, على أن خصهم بهذا الرسول الكريم، وكونه أمينا يقتضي أنه لا يتقول على الله, ولا يزيد في وحيه, ولا ينقص، وهذا يوجب لهم التصديق بخبره والطاعة لأمره.

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ(108)

التفسير المختصر:
فاتقوا الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وأطيعوني فيما آمركم به، وفيما أنهاكم عنه.
تفسير الجلالين:
 «فاتقوا الله وأطيعون» فيما آمركم به من توحيد الله وطاعته.
تفسير السعدي:
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ فيما آمركم به, وأنهاكم عنه, فإن هذا هو الذي يترتب على كونه رسولا إليهم, أمينا, فلذلك رتبه بالفاء الدالة على السبب، فذكر السبب الموجب.

وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ(109)

التفسير المختصر:
وما أطلب منكم ثوابًا على ما أبلغكم من ربي، ليس ثوابي إلا على الله رب المخلوقات لا على غيره.
تفسير الجلالين:
 «وما أسألكم عليه» على تبليغه «من أجر إن» ما «أجريَ» أي ثوابي «إلا على رب العالمين».
تفسير السعدي:
ثم ذكر انتفاء المانع فقال: وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ .
فتتكلفون من المغرم الثقيل، إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ أرجو بذلك القرب منه, والثواب الجزيل، وأما أنتم فمنيتي, ومنتهى إرادتي منكم, النصح لكم, وسلوككم الصراط المستقيم.

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ(110)

التفسير المختصر:
فاتقوا الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وأطيعوني فيما آمركم به، وفيما أنهاكم عنه.
تفسير الجلالين:
 «فاتقوا الله وأطيعون» كرره تأكيدا.
تفسير السعدي:
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ كرر ذلك عليه السلام, لتكريره دعوة قومه, وطول مكثه في ذلك, كما قال تعالى فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خَمْسِينَ عَامًا وقال: رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلا وَنَهَارًا * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلا فِرَارًا الآيات.

۞ قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ(111)

التفسير المختصر:
قال له قومه: أنؤمن بك - يا نوح - ونتبع ما جئت به ونعمل والحال أن أتباعك إنما هم السفلة من الناس، فلا يوجد فيهم السادة والأشراف؟!
تفسير الجلالين:
 «قالوا أنؤمن» نصدق «لك» لقولك «واتبعك» وفي قراءة وأتباعك جمع تابع مبتدأ «الأرذلون» السفلة كالحاكة والأساكفة.
تفسير السعدي:
فقالوا ردا لدعوته, ومعارضة له بما ليس يصلح للمعارضة: أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ أي: كيف نتبعك ونحن لا نرى أتباعك إلا أسافل الناس, وأراذلهم, وسقطهم.
بهذا يعرف تكبرهم عن الحق, وجهلهم بالحقائق, فإنهم لو كان قصدهم الحق, لقالوا - إن كان عندهم إشكال وشك في دعوته - بيّن لنا صحة ما جئت به بالطرق الموصلة إلى ذلك، ولو تأملوا حق التأمل, لعلموا أن أتباعه, هم الأعلون, خيار الخلق, أهل العقول الرزينة, والأخلاق الفاضلة, وأن الأرذل, من سلب خاصية عقله, فاستحسن عبادة الأحجار, ورضي أن يسجد لها, ويدعوها, وأبى الانقياد لدعوة الرسل الكمل.
وبمجرد ما يتكلم أحد الخصمين في الكلام الباطل, يعرف فساد ما عنده بقطع النظر عن صحة دعوى خصمه، فقوم نوح, لما سمعنا عنهم, أنهم قالوا في ردهم دعوة نوح: أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ فبنوا على هذا الأصل, الذي كل أحد يعرف فساده, رد دعوته - عرفنا أنهم ضالون مخطئون, ولو لم نشاهد من آيات نوح ودعوته العظيمة, ما يفيد الجزم واليقين, بصدقه وصحة ما جاء به.

قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(112)

التفسير المختصر:
قال لهم نوح عليه السلام: وما علمي بما كان هؤلاء المؤمنون يعملون؟ فلست وكيلًا عليهم أحصي أعمالهم.
تفسير الجلالين:
 «قال وما علمي» أيّ علم لي «بما كانوا يعلمون».
تفسير السعدي:
فقال نوح عليه السلام: وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ

إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّي ۖ لَوْ تَشْعُرُونَ(113)

التفسير المختصر:
ما حسابهم إلا على الله الذي يعلم سرائرهم وعلانياتهم وليس إلي، لو تشعرون لما قلتم ما قلتم.
تفسير الجلالين:
 «إن» ما «حسابهم إلا على ربي» فيجازيهم «لو تشعرون» تعلمون ذلك ما عبَّدتموهم.
تفسير السعدي:
إِنْ حِسَابُهُمْ إِلا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ أي أعمالهم وحسابهم على الله إنما علي التبليغ وأنتم دعوهم عنكم إن كان ما جئتكم به الحق فانقادوا له وكل له عمله

وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ(114)

التفسير المختصر:
ولست بطارد المؤمنين عن مجلسي استجابة لطلبكم كي تؤمنوا.
تفسير الجلالين:
 «وما أنا بطارد المؤمنين».
تفسير السعدي:
وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ كأنهم - قبحهم الله - طلبوا منه أن يطردهم عنه تكبرا وتجبرا ليؤمنوا فقال وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ فإنهم لا يستحقون الطرد والإهانة وإنما يستحقون الإكرام القولي والفعلي كما قال تعالى وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ

إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ(115)

التفسير المختصر:
ما أنا إلا نذير واضح النذارة أحذركم عذاب الله.
تفسير الجلالين:
 «إن» ما «أنا إلا نذير مبين» بيَّن الإنذار.
تفسير السعدي:
إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ مُبِينٌ أي ما أنا إلا منذر ومبلغ عن الله ومجتهد في نصح العباد وليس لي من الأمر شيء إن الأمر إلا لله .

قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ(116)

التفسير المختصر:
قال له قومه: لئن لم تَكُفَّ عَمَّا تدعونا إليه لتكونن من المشتومين والمقتولين بالرمي بالحجارة.
تفسير الجلالين:
 «قالوا لئن لم تنته يا نوح» عما تقول لنا «لتكونن من المرجومين» بالحجارة أو بالشتم.
تفسير السعدي:
فاستمر نوح عليه الصلاة والسلام على دعوتهم ليلا ونهارا سرا وجهارا فلم يزدادوا إلا نفورا و قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ من دعوتك إيانا إلى الله وحده لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ أي لنقتلك شر قتلة بالرمي بالحجارة كما يقتل الكلب فتبا لهم ما أقبح هذه المقابلة يقابلون الناصح الأمين الذي هو أشفق عليهم من أنفسهم بشر مقابلة لا جرم لما انتهى ظلمهم واشتد كفرهم دعا عليهم نبيهم بدعوة أحاطت بهم فقال رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا الآيات.

قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ(117)

التفسير المختصر:
قال نوح داعيًا ربه: رب إن قومي كذبوني، ولم يصدقوني فيما جئت به من عندك.
تفسير الجلالين:
 «قال» نوح «رب إن قومي كذبون».
تفسير السعدي:
وهنا قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ

فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَن مَّعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ(118)

التفسير المختصر:
فاحكم بيني وبينهم حكمًا يهلكهم لإصرارهم على الباطل، وأنقذني ومن معي من المؤمنين مما تهلك به الكفار من قومي.
تفسير الجلالين:
 «فافتح بيني وبينهم فتحا» أي احكم «ونجني ومن معي من المؤمنين».
تفسير السعدي:
فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا أي أهلك الباغي منا وهو يعلم أنهم البغاة الظلمة ولهذا قال وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ

فَأَنجَيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ(119)

التفسير المختصر:
فاستجبنا له دعاءه، وأنجيناه ومن معه من المؤمنين في السفينة المملوءة من الناس والحيوان.
تفسير الجلالين:
 قال تعالى «فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون» المملوء من الناس والحيوان والطير.
تفسير السعدي:
فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ أي السفينة الْمَشْحُونِ من الخلق والحيوانات.

ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ(120)

التفسير المختصر:
ثم أغرقنا بعدهم الباقين، وهم قوم نوح.
تفسير الجلالين:
 «ثم أغرقنا بعد» بعد إنجائهم «الباقين» من قومه.
تفسير السعدي:
ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ أي بعد نوح ومن معه من المؤمنين الْبَاقِينَ أي جميع قومه.

إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ(121)

التفسير المختصر:
إن في ذلك المذكور من قصة نوح وقومه، ونجاة نوح ومن معه من المؤمنين، وهلاك الكافرين من قومه لعبرة للمعتبرين، وما كان معظمهم مؤمنين.
تفسير الجلالين:
 «إن ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين».
تفسير السعدي:
إِنَّ فِي ذَلِكَ أي نجاة نوح وأتباعه وإهلاك من كذبه لآيَةً دالة على صدق رسلنا وصحة ما جاءوا به وبطلان ما عليه أعداؤهم المكذبون بهم .

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ(122)

التفسير المختصر:
وإن ربك - أيها الرسول - هو العزيز الذي ينتقم من أعدائه، الرحيم بمن تاب منهم.
تفسير الجلالين:
 «وإن ربك لهو العزيز الرحيم».
تفسير السعدي:
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الذي قهر بعزه أعداءه فأغرقهم بالطوفان الرَّحِيمُ بأوليائه حيث نجى نوحا ومن معه من أهل الإيمان.

كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ(123)

التفسير المختصر:
كذبت عاد المرسلين حين كذبوا رسولهم هودًا عليه السلام.
تفسير الجلالين:
 «كذبت عادٌ المرسلين».
تفسير السعدي:
أي: كذبت القبيلة المسماة عادا, رسولهم هودا، وتكذيبهم له تكذيب لغيره, لاتفاق الدعوة.

إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ(124)

التفسير المختصر:
اذكر حين قال لهم أخوهم في النسب هود: ألا تتقون الله بترك عبادة غيره خوفًا منه؟!
تفسير الجلالين:
 «إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون».
تفسير السعدي:
إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ في النسب هُودٌ بلطف وحسن خطاب: أَلا تَتَّقُونَ الله, فتتركون الشرك وعبادة غيره.

إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ(125)

التفسير المختصر:
إني لكم رسول أرسلني الله إليكم، أمين لا أزيد على ما أمرني الله بتبليغه ولا أنقصه.
تفسير الجلالين:
 «إني لكم رسول أمين».
تفسير السعدي:
إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ أي: أرسلني الله إليكم, رحمة بكم, واعتناء بكم، وأنا أمين, تعرفون ذلك مني.

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ(126)

التفسير المختصر:
فاتقوا الله؛ بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، وأطيعوني فيما أمرتكم به، وفيما نهيتكم عنه.
تفسير الجلالين:
 «فاتقوا الله وأطيعون».
تفسير السعدي:
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ أي: أدوا حق الله تعالى, وهو التقوى, وأدوا حقي, بطاعتي فيما آمركم به, وأنهاكم عنه, فهذا موجب, لأن تتبعوني وتطيعوني وليس ثَمَّ مانع يمنعكم من الإيمان،

وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ(127)

التفسير المختصر:
وما أطلب منكم ثوابًا على ما أبلغكم من ربي، ليس ثوابي إلا على الله رب المخلوقات، لا على غيره.
تفسير الجلالين:
 «وما أسألكم عليه من أجر إن» ما «أجري إلا على رب العالمين».
تفسير السعدي:
فلست أسألكم على تبليغي إياكم, ونصحي لكم, أجرا, حتى تستثقلوا ذلك المغرم.
إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ الذي رباهم بنعمه, وأدرَّ عليهم فضله وكرمه, خصوصا ما ربَّى به أولياءه وأنبياءه.

أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ(128)

التفسير المختصر:
أتبنون بكل مكان مشرف مرتفع بنيانًا عَلَمًا عبثًا دون فائدة تعود عليكم في دنياكم أو آخرتكم؟!
تفسير الجلالين:
 «أتبنون بكل ريع» مكان مرتفع «آية» بنا علما للمارة «تعبثون» ممن يمر بكم وتسخرون منهم والجملة حال من ضمير تبنون.
تفسير السعدي:
أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ أي: مدخل بين الجبال آيَةً أي: علامة تَعْبَثُونَ أي: تفعلون ذلك عبثا لغير فائدة تعود بمصالح دينكم ودنياكم.

وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ(129)

التفسير المختصر:
وتتخذون حصونًا وقصورًا كأنكم تخلدون في هذه الدنيا، ولا تنتقلون عنها؟!
تفسير الجلالين:
 «وتتخذون مصانع» للماء تحت الأرض «لعلكم» كأنكم «تخلدون» فيها لا تموتون.
تفسير السعدي:
وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ أي: بركا ومجابي للحياة لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ والحال أنه لا سبيل إلى الخلود لأحد.

وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ(130)

التفسير المختصر:
وإذا سطوتم بالقتل أو الضرب سطوتم جبارين من غير رأفة ولا رحمة.
تفسير الجلالين:
 «وإذا بطشتم» بضرب أو قتل «بطشتم جبارين» من غير رأفة.
تفسير السعدي:
وَإِذَا بَطَشْتُمْ بالخلق بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ قتلا وضربا, وأخذ أموال.
وكان الله تعالى قد أعطاهم قوة عظيمة, وكان الواجب عليهم أن يستعينوا بقوتهم على طاعة الله, ولكنهم فخروا, واستكبروا, وقالوا: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً واستعملوا قوتهم في معاصي الله, وفي العبث والسفه, فلذلك نهاهم نبيهم عن ذلك.

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ(131)

التفسير المختصر:
فاتقوا الله بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، وأطيعوني فيما آمركم به، وفيما أنهاكم عنه.
تفسير الجلالين:
 «فاتقوا الله» في ذلك «وأطيعون» فيما أمرتكم به.
تفسير السعدي:
فَاتَّقُوا اللَّهَ واتركوا شرككم وبطركم وَأَطِيعُونِ حيث علمتم أني رسول الله إليكم, أمين ناصح.

وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ(132)

التفسير المختصر:
وخافوا من سخط الله الذي أعطاكم من نعمه ما تعلمون.
تفسير الجلالين:
 «واتقوا الذي أمدكم» أنعم عليكم «بما تعملون».
تفسير السعدي:
وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ أي: أعطاكم بِمَا تَعْلَمُونَ أي: أمدكم بما لا يجهل ولا ينكر من الإنعام.

أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ(133)

التفسير المختصر:
أعطاكم أنعامًا، وأعطاكم أولادًا.
تفسير الجلالين:
 «أمدكم بأنعام وبنين».
تفسير السعدي:
أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ من إبل وبقر وغنم وَبَنِينَ أي: وكثرة نسل، كثر أموالكم, وكثر أولادكم, خصوصا الذكور, أفضل القسمين.

وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ(134)

التفسير المختصر:
أعطاكم بساتين وعيونًا جارية.
تفسير الجلالين:
 «وجنات» بساتين «وعيون» أنهار.
تفسير السعدي:
هذا تذكيرهم بالنعم.

إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ(135)

التفسير المختصر:
إني أخاف عليكم - يا قومي - عذاب يوم عظيم هو يوم القيامة.
تفسير الجلالين:
 «إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم» في الدنيا والآخرة إن عصيتموني.
تفسير السعدي:
ثم ذكرهم حلول عذاب الله فقال: إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ .
أي: إني - من شفقتي عليكم وبري بكم - أخاف أن ينزل بكم عذاب يوم عظيم, إذا نزل لا يرد, إن استمريتم على كفركم وبغيكم.

قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الْوَاعِظِينَ(136)

التفسير المختصر:
قال له قومه: يستوي عندنا تذكيرك لنا وعدم تذكيرك، فلن نؤمن بك، ولن نرجع عما نحن عليه.
تفسير الجلالين:
 «قالوا سواء علينا» مستو عندنا «أوعظت أم لم تكن من الواعظين» أصلا أي لا نرعوي لوعظك.
تفسير السعدي:
فقالوا معاندين للحق مكذبين لنبيهم: سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ أي: الجميع على حد سواء، وهذا غاية العتو, فإن قوما بلغت بهم الحال إلى أن صارت مواعظ الله, التي تذيب الجبال الصم الصلاب, وتتصدع لها أفئدة أولي الألباب, وجودها وعدمها -عندهم- على حد سواء، لقوم انتهى ظلمهم, واشتد شقاؤهم, وانقطع الرجاء من هدايتهم، ولهذا قالوا:

إِنْ هَٰذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ(137)

التفسير المختصر:
ليس هذا إلا دين الأَوَّلِين وعاداتهم وأخلاقهم.
تفسير الجلالين:
 «إن» ما «هذا» الذي خوفنا به «إلا خَلْق الأولين» اختلافهم وكذبهم وفي قراءة بضم الخاء واللام أي ما هذا الذي نحن عليه من إنكار للبعث إلا خلق الأولين أي طبيعتهم وعادتهم.
تفسير السعدي:
إِنْ هَذَا إِلا خُلُقُ الأَوَّلِينَ .
أي: هذه الأحوال والنعم, ونحو ذلك, عادة الأولين, تارة يستغنون, وتارة يفتقرون، وهذه أحوال الدهر, لا أن هذه محن ومنح من الله تعالى, وابتلاء لعباده.

وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ(138)

التفسير المختصر:
ولسنا بمُعَذبين.
تفسير الجلالين:
 «وما نحن بمعذبين».
تفسير السعدي:
وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ وهذا إنكار منهم للبعث، أو تنزل مع نبيهم وتهكم به، إننا على فرض أننا نبعث, فإننا كما أدرَّت علينا النعم في الدنيا, كذلك لا تزال مستمرة علينا إذا بعثنا.

فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ(139)

التفسير المختصر:
فاستمروا على تكذيب نبيهم هود عليه السلام، فأهلكناهم بسبب تكذيبهم بالريح العقيم، إن في ذلك الإهلاك لعبرة للمعتبرين، وما كان معظمهم مؤمنين.
تفسير الجلالين:
 «فكذبوه» بالعذاب «فأهلكناهم» في الدنيا بالريح «إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين».
تفسير السعدي:
فَكَذَّبُوهُ أي: صار التكذيب سجية لهم وخلقا, لا يردعهم عنه رادع، فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍإِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً على صدق نبينا هود عليه السلام وصحة ما جاء به وبطلان ما عليه قومه من الشرك والجبروت وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ مع وجود الآيات المقتضية للإيمان

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ(140)

التفسير المختصر:
وإن ربك - أيها الرسول - لهو العزيز الذي ينتقم من أعدائه، الرحيم بمن تاب من عباده.
تفسير الجلالين:
 ««إن ربك لهو العزيز الرحيم».
تفسير السعدي:
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الذي أهلك بقوته قوم هود على قوتهم وبطشهمالرَّحِيمُ بنبيه هود حيث نجاه ومن معه من المؤمنين

كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ(141)

التفسير المختصر:
كذبت ثمود الرسل بتكذيبهم نبيهم صالحًا عليه السلام.
تفسير الجلالين:
 «كذبت ثمود المرسلين».
تفسير السعدي:
( كَذَّبَتْ ثَمُودُ ) القبيلة المعروفة في مدائن الحجر ( الْمُرْسَلِينَ ) كذبوا صالحا عليه السلام, الذي جاء بالتوحيد, الذي دعت إليه المرسلون, فكان تكذيبهم له تكذيبا للجميع.

إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ(142)

التفسير المختصر:
إذ قال لهم أخوهم في النسب صالح: ألا تتقون الله بترك عبادة غيره خوفًا منه؟!
تفسير الجلالين:
 «إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون».
تفسير السعدي:
إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ في النسب, برفق ولين: أَلا تَتَّقُونَ الله تعالى, وتدعون الشرك والمعاصي.

إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ(143)

التفسير المختصر:
إني لكم رسول أرسلني الله إليكم، أمين فيما أبلغه عنه لا أزيد عليه ولا أنقص منه.
تفسير الجلالين:
 «إني لكم رسول أمين».
تفسير السعدي:
إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ من الله ربكم, أرسلني إليكم, لطفا بكم ورحمة, فتلقوا رحمته بالقبول, وقابلوها بالإذعان، أَمِينٌ تعرفون ذلك مني, وذلك يوجب عليكم أن تؤمنوا بي, وبما جئت به.

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ(144)

التفسير المختصر:
فاتقوا الله بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، وأطيعوني فيما أمرتكم به، ونهيتكم عنه.
تفسير الجلالين:
 «فاتقوا الله وأطيعون».
تفسير السعدي:
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ

وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ(145)

التفسير المختصر:
وما أطلب منكم ثوابًا على ما أبلغكم من ربي، ليس ثوابي إلا على الله رب المخلوقات، لا على غيره.
تفسير الجلالين:
 «وما أسألكم عليه من أجر إن» ما «أجري إلا على رب العالمين».
تفسير السعدي:
وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ فتقولون: يمنعنا من اتباعك, أنك تريد أخذ أموالنا، إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ أي: لا أطلب الثواب إلا منه.

أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ(146)

التفسير المختصر:
أتطمعون أن تُتْركوا فيما أنتم فيه من الخيرات والنعم آمنين لا تخافون؟!
تفسير الجلالين:
 «أتتركون في ما ههنا» من الخيرات «آمنين».
تفسير السعدي:
أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ

فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ(147)

التفسير المختصر:
في بساتين وعيون جارية.
تفسير الجلالين:
 «في جنات وعيون».
تفسير السعدي:
فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ

وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ(148)

التفسير المختصر:
وزروع ونخل ثمرها لين نضيج.
تفسير الجلالين:
 «وزروع ونخل طلعها هضيم» لطيف لين.
تفسير السعدي:
وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ أي نضيد كثير أي أتحسبون أنكم تتركون في هذه الخيرات والنعم سدى تتنعمون وتتمتعون كما تتمتع الأنعام وتتركون سدى لا تؤمرون ولا تنهون وتستعينون بهذه النعم على معاصي الله

وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ(149)

التفسير المختصر:
وتقطعون الجبال لتصنعوا بيوتًا تسكنونها وأنتم ماهرون بنحتها.
تفسير الجلالين:
 «وتنحتون من الجبال بيوتا فرهين» بطرين وفي قراءة فارهين حاذقين.
تفسير السعدي:
وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ أي بلغت بكم الفراهة والحذق إلى أن اتخذتم بيوتا من الجبال الصم الصلاب

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ(150)

التفسير المختصر:
فاتقوا الله بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، وأطيعوني فيما أمرتكم به، وفيما نهيتكم عنه.
تفسير الجلالين:
 «فاتقوا الله وأطيعون» فيما أمرتكم به.
تفسير السعدي:
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ

وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ(151)

التفسير المختصر:
ولا تنقادوا لأمر المسرفين على أنفسهم بارتكاب المعاصي.
تفسير الجلالين:
 «ولا تطيعوا أمر المسرفين».
تفسير السعدي:
وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ الذين تجاوزوا الحد

الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ(152)

التفسير المختصر:
الذين يفسدون في الأرض بما ينشرونه من المعاصي، ولا يصلحون أنفسهم بالتزام طاعة الله.
تفسير الجلالين:
 «الذين يفسدون في الأرض» بالمعاصي «ولا يصلحون» بطاعة الله.
تفسير السعدي:
الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ أي الذين وصفهم ودأبهم الإفساد في الأرض بعمل المعاصي والدعوة إليها إفسادا لا إصلاح فيه وهذا أضر ما يكون لأنه شر محض وكأن أناسا عندهم مستعدون لمعارضة نبيهم موضعون في الدعوة لسبيل الغي فنهاهم صالح عن الاغترار بهم ولعلهم الذين قال الله فيهم وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ فلم يفد فيهم هذا النهي والوعظ شيئا.

قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ(153)

التفسير المختصر:
قال له قومه: إنما أنت ممن سُحِروا مرارًا حتى غلب السحر على عقولهم فأذهبها.
تفسير الجلالين:
 «قالوا إنما أنت من المسحرين» الذين سحروا كثيرا حتى غلب على عقلهم.
تفسير السعدي:
فقالوا لصالح إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ أي قد سحرت فأنت تهذي بما لا معنى له

مَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ(154)

التفسير المختصر:
لستَ إلا بشرًا مثلنا فلا مزية لك علينا حتى تكون رسولًا، فأت بعلامة تدل على أنك رسول إن كنت صادقًا فيما تدّعيه من أنك رسول.
تفسير الجلالين:
 «ما أنت» أيضا «إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنتم من الصادقين» في رسالتك.
تفسير السعدي:
مَا أَنْتَ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا فأي فضيلة فقتنا بها حتى تدعونا إلى اتباعك؟ فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ هذا مع أن مجرد اعتبار حالته وحالة ما دعا إليه من أكبر الآيات البينات على صحة ما جاء به وصدقه ولكنهم من قسوتهم سألوا آيات الاقتراح التي في الغالب لا يفلح من طلبها لكون طلبه مبنيا على التعنت لا على الاسترشاد

قَالَ هَٰذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ(155)

التفسير المختصر:
قال لهم صالح - وقد أعطاه الله علامة، وهي ناقة أخرجها الله من الصخرة -: هذه ناقة تُرى وتُلمس، لها نصيب من الماء، ولكم نصيب معلوم، لا تشرب في اليوم الذي هو نصيبكم، ولا تشربون أنتم في اليوم الذي هو نصيبها.
تفسير الجلالين:
 «قال هذه ناقة لها شرب» نصيب من الماء «ولكم شرب يوم معلوم».
تفسير السعدي:
فقال صالح هَذِهِ نَاقَةٌ تخرج من صخرة صماء ملساء ترونها وتشاهدونها بأجمعكم لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ أي تشرب ماء البئر يوما وأنتم تشربون لبنها ثم تصدر عنكم اليوم الآخر وتشربون أنتم ماء البئر

وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ(156)

التفسير المختصر:
ولا تمسوها بما يسوؤها من عَقْرٍ أو ضربٍ، فَيَنَالَكُم بسبب ذلك عذاب من الله يهلككم به في يوم عظيم لما فيه من البلاء النازل عليكم.
تفسير الجلالين:
 «ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم» بعظم العذاب.
تفسير السعدي:
وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ بعقر أو غيره فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ فخرجت واستمرت عندهم بتلك الحال فلم يؤمنوا واستمروا على طغيانهم

فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ(157)

التفسير المختصر:
فاتفقوا على عَقْرها، فَعَقَرها أشقاهم، فأصبحوا نادمين على ما أقدموا عليه لمَّا علموا أن العذاب نازل بهم لا محالة، لكن الندم عند معاينة العذاب لا ينفع.
تفسير الجلالين:
 «فعقروها» عقرها بعضهم برضاهم «فأصبحوا نادمين» على عقرها.
تفسير السعدي:
فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ

فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ(158)

التفسير المختصر:
فأخذهم العذاب الذي أُوعِدوا به وهو الزلزلة والصيحة، إن في ذلك المذكور من قصة صالح وقومه لعبرة للمعتبرين، وما كان معظمهم مؤمنين.
تفسير الجلالين:
 «فأخذهم العذاب» الموعود به فهلكوا «إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين».
تفسير السعدي:
فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وهي صيحة نزلت عليهم, فدمرتهم أجمعين، إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً على صدق ما جاءت به رسلنا, وبطلان قول معارضيهم، وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ(159)

التفسير المختصر:
وإن ربك - أيها الرسول - لهو العزيز الذي ينتقم من أعدائه، الرحيم بمن تاب من عباده.
تفسير الجلالين:
 «وإن ربك لهو العزيز الرحيم».
تفسير السعدي:
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ .

كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ(160)

التفسير المختصر:
كذبت قوم لوط المرسلين لتكذيبهم نبيهم لوطًا عليه السلام.
تفسير الجلالين:
 «كذبت قوم لوط المرسلين».
تفسير السعدي:
قال لهم وقالوا كما قال من قبلهم, تشابهت قلوبهم في الكفر, فتشابهت أقوالهم، وكانوا - مع شركهم - يأتون فاحشة لم يسبقهم إليها أحد من العالمين، يختارون نكاح الذكران, المستقذر الخبيث, ويرغبون عما خلق لهم من أزواجهم لإسرافهم وعدوانهم فلم يزل ينهاهم حتى قَالُوا له لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ أي: من البلد، فلما رأى استمرارهم عليه قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ أي: المبغضين له الناهين عنه، المحذرين.

إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ(161)

التفسير المختصر:
إذ قال لهم أخوهم في النسب لوط: ألا تتقون الله بترك الشرك به خوفًا منه؟!
تفسير الجلالين:
 «إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون».
تفسير السعدي:
قال لهم وقالوا كما قال من قبلهم, تشابهت قلوبهم في الكفر, فتشابهت أقوالهم، وكانوا - مع شركهم - يأتون فاحشة لم يسبقهم إليها أحد من العالمين، يختارون نكاح الذكران, المستقذر الخبيث, ويرغبون عما خلق لهم من أزواجهم لإسرافهم وعدوانهم فلم يزل ينهاهم حتى قَالُوا له لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ أي: من البلد، فلما رأى استمرارهم عليه قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ أي: المبغضين له الناهين عنه، المحذرين.

إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ(162)

التفسير المختصر:
إني لكم رسول أرسلني الله إليكم، أمين فيما أبلغه عنه، لا أزيد عليه ولا أنقص.
تفسير الجلالين:
 «إني لكم رسول أمين».
تفسير السعدي:
قال لهم وقالوا كما قال من قبلهم, تشابهت قلوبهم في الكفر, فتشابهت أقوالهم، وكانوا - مع شركهم - يأتون فاحشة لم يسبقهم إليها أحد من العالمين، يختارون نكاح الذكران, المستقذر الخبيث, ويرغبون عما خلق لهم من أزواجهم لإسرافهم وعدوانهم فلم يزل ينهاهم حتى قَالُوا له لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ أي: من البلد، فلما رأى استمرارهم عليه قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ أي: المبغضين له الناهين عنه، المحذرين.

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ(163)

التفسير المختصر:
فاتقوا الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وأطيعوني فيما آمركم به، وفيما أنهاكم عنه.
تفسير الجلالين:
 «فاتقوا الله وأطيعون».
تفسير السعدي:
قال لهم وقالوا كما قال من قبلهم, تشابهت قلوبهم في الكفر, فتشابهت أقوالهم، وكانوا - مع شركهم - يأتون فاحشة لم يسبقهم إليها أحد من العالمين، يختارون نكاح الذكران, المستقذر الخبيث, ويرغبون عما خلق لهم من أزواجهم لإسرافهم وعدوانهم فلم يزل ينهاهم حتى قَالُوا له لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ أي: من البلد، فلما رأى استمرارهم عليه قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ أي: المبغضين له الناهين عنه، المحذرين.

وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ(164)

التفسير المختصر:
وما أطلب منكم ثوابًا على ما أبلغكم من ربي، ليس ثوابي إلا على الله رب المخلوقات، لا على غيره.
تفسير الجلالين:
 «وما أسألكم عليه من أجر إن» ما «أجري إلا على رب العالمين».
تفسير السعدي:
قال لهم وقالوا كما قال من قبلهم, تشابهت قلوبهم في الكفر, فتشابهت أقوالهم، وكانوا - مع شركهم - يأتون فاحشة لم يسبقهم إليها أحد من العالمين، يختارون نكاح الذكران, المستقذر الخبيث, ويرغبون عما خلق لهم من أزواجهم لإسرافهم وعدوانهم فلم يزل ينهاهم حتى قَالُوا له لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ أي: من البلد، فلما رأى استمرارهم عليه قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ أي: المبغضين له الناهين عنه، المحذرين.

أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ(165)

التفسير المختصر:
أتأتون الذكور من الناس في أدبارهم؟!
تفسير الجلالين:
 «أتأتون الذكران من العالمين» الناس.
تفسير السعدي:
قال لهم وقالوا كما قال من قبلهم, تشابهت قلوبهم في الكفر, فتشابهت أقوالهم، وكانوا - مع شركهم - يأتون فاحشة لم يسبقهم إليها أحد من العالمين، يختارون نكاح الذكران, المستقذر الخبيث, ويرغبون عما خلق لهم من أزواجهم لإسرافهم وعدوانهم فلم يزل ينهاهم حتى قَالُوا له لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ أي: من البلد، فلما رأى استمرارهم عليه قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ أي: المبغضين له الناهين عنه، المحذرين.

وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ(166)

التفسير المختصر:
وتتركون إتيان ما خلقه الله لتقضوا شهواتكم منه من فروج زوجاتكم؟! بل أنتم متجاوزون لحدود الله بهذا الشذوذ المنكر.
تفسير الجلالين:
 «وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم» أي أقبالهن «بل أنتم قوم عادون» متجاوزون الحلال إلى الحرام.
تفسير السعدي:
قال لهم وقالوا كما قال من قبلهم, تشابهت قلوبهم في الكفر, فتشابهت أقوالهم، وكانوا - مع شركهم - يأتون فاحشة لم يسبقهم إليها أحد من العالمين، يختارون نكاح الذكران, المستقذر الخبيث, ويرغبون عما خلق لهم من أزواجهم لإسرافهم وعدوانهم فلم يزل ينهاهم حتى قَالُوا له لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ أي: من البلد، فلما رأى استمرارهم عليه قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ أي: المبغضين له الناهين عنه، المحذرين.

قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ(167)

التفسير المختصر:
قال له قومه: لئن لم تكفّ يا لوط عن نهينا عن هذا الفعل وإنكاره علينا لتكونن أنت ومن معك من المُخْرَجين من قريتنا.
تفسير الجلالين:
 «قالوا لئن لم تنته يا لوط» عن إنكارك علينا «لتكونن من المخرجين» من بلدتنا.
تفسير السعدي:
قال لهم وقالوا كما قال من قبلهم, تشابهت قلوبهم في الكفر, فتشابهت أقوالهم، وكانوا - مع شركهم - يأتون فاحشة لم يسبقهم إليها أحد من العالمين، يختارون نكاح الذكران, المستقذر الخبيث, ويرغبون عما خلق لهم من أزواجهم لإسرافهم وعدوانهم فلم يزل ينهاهم حتى قَالُوا له لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ أي: من البلد، فلما رأى استمرارهم عليه قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ أي: المبغضين له الناهين عنه، المحذرين.

قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُم مِّنَ الْقَالِينَ(168)

التفسير المختصر:
قال لهم لوط: إني لعملكم هذا الذي تعملونه لمن الكارهين المبغضين.
تفسير الجلالين:
 «قال» لوط «إني لعملكم من القالين» المبغضين.
تفسير السعدي:
قال لهم وقالوا كما قال من قبلهم, تشابهت قلوبهم في الكفر, فتشابهت أقوالهم، وكانوا - مع شركهم - يأتون فاحشة لم يسبقهم إليها أحد من العالمين، يختارون نكاح الذكران, المستقذر الخبيث, ويرغبون عما خلق لهم من أزواجهم لإسرافهم وعدوانهم فلم يزل ينهاهم حتى قَالُوا له لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ أي: من البلد، فلما رأى استمرارهم عليه قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ أي: المبغضين له الناهين عنه، المحذرين.

رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ(169)

التفسير المختصر:
قال داعيًا ربه: رب نجّني ونجّ أهلي مما سيصيب هؤلاء من العذاب بسبب ما يفعلونه من المنكر.
تفسير الجلالين:
 «رب نجني وأهلي مما يعلمون» أي من عذابه.
تفسير السعدي:
رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ من فعله وعقوبته فاستجاب الله له.

فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ(170)

التفسير المختصر:
فأجبنا دعاءه فنجيناه وأهله كلهم.
تفسير الجلالين:
 «فنجيناه وأهله أجمعين».
تفسير السعدي:
فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ

إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ(171)

التفسير المختصر:
إلا زوجته فقد كانت كافرة، فكانت من الذاهبين الهالكين.
تفسير الجلالين:
 «إلا عجوزا» امرأته «في الغابرين» الباقين أهلكناها.
تفسير السعدي:
إِلا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ أي الباقين في العذاب وهي امرأته.

ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ(172)

التفسير المختصر:
ثم بعدما خرج لوط وأهله من قرية (سَدُوم) أهلكنا قومه الباقين بعده أشدّ إهلاك.
تفسير الجلالين:
 «ثم دمرنا الآخرين» أهلناهم.
تفسير السعدي:
ثُمَّ دَمَّرْنَا الآخَرِينَ

وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ۖ فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ(173)

التفسير المختصر:
وأنزلنا عليهم حجارة من السماء مثل إنزال المطر، فقبح مطر هؤلاء الذين كان ينذرهم لوط ويحذرهم من عذاب الله إن هم استمرّوا على ما هم عليه من ارتكاب المنكر.
تفسير الجلالين:
 «وأمطرنا عليهم مطرا» حجارة من جملة الإهلاك «فساء مطر المنذرين» مطرهم.
تفسير السعدي:
وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا أي حجارة من سجيل فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ أهلكهم الله عن آخرهم.

إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ(174)

التفسير المختصر:
إن في ذلك المذكور من العذاب النازل على قوم لوط بسبب فعل الفاحشة، لعبرة للمعتبرين، وما كان معظمهم مؤمنين.
تفسير الجلالين:
 «إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين».
تفسير السعدي:
إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ(175)

التفسير المختصر:
وإن ربك - أيها الرسول - لهو العزيز الذي ينتقم من أعدائه، الرحيم بمن تاب من عباده.
تفسير الجلالين:
 «وإن ربك لهو العزيز الرحيم».
تفسير السعدي:
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ

كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ(176)

التفسير المختصر:
كذب أصحاب القرية ذات الشجر الملتف المرسلين حين كذبوا نبيهم شعيبًا عليه السلام.
تفسير الجلالين:
 «كذب أصحاب الأيكة» وفي قراءة بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على اللام وفتح الهاء: هي غيضة شجر قرب مدين «المرسلين».
تفسير السعدي:
كَذَّبَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ .
أصحاب الأيكة: أي: البساتين الملتفة أشجارها وهم أصحاب مدين, فكذبوا نبيهم شعيبا, الذي جاء بما جاء به المرسلون.

إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ(177)

التفسير المختصر:
إذ قال لهم نبيهم شعيب: ألا تتقون الله بترك الشرك به خوفًا منه؟!
تفسير الجلالين:
 «إذ قال لهم شعيب» لم يقل أخوهم لأنه لم يكن منهم «ألا تتقون».
تفسير السعدي:
إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ الله تعالى, فتتركون ما يسخطه; ويغضبه, من الكفر والمعاصي.

إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ(178)

التفسير المختصر:
إني لكم رسول أرسلني الله إليكم، أمين فيما أبلغه عنه، لا أزيد على ما أمرني بتبليغه ولا أنقص.
تفسير الجلالين:
 «إني لكم رسول أمين».
تفسير السعدي:
إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ يترتب على ذلك, أن تتقوا الله وتطيعون.

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ(179)

التفسير المختصر:
فاتقوا الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وأطيعوني فيما أمرتكم به، وفيما نهيتكم عنه.
تفسير الجلالين:
 «فاتقوا الله وأطيعون».
تفسير السعدي:
أن تتقوا الله وتطيعون.

وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ(180)

التفسير المختصر:
وما أطلب منكم ثوابًا على ما أبلغكم من ربي، ليس ثوابي إلا على الله رب المخلوقات، لا على غيره.
تفسير الجلالين:
 «وما أسألكم عليه من أجر إن» ما «أجري إلا على رب العالمين».
تفسير السعدي:
وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ

۞ أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ(181)

التفسير المختصر:
أتموا للناس الكيل عندما تبيعونهم، ولا تكونوا ممن ينقص الكيل إذا باع للناس.
تفسير الجلالين:
 «أوْفوا الكيل» أتموه «ولا تكونوا من المخسرين» الناقصين.
تفسير السعدي:
وكانوا - مع شركهم - يبخسون المكاييل والموازين, فلذلك قال لهم: أَوْفُوا الْكَيْلَ أي: أتموه وأكملوه وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ الذين ينقصون الناس أموالهم ويسلبونها ببخس المكيال والميزان.

وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ(182)

التفسير المختصر:
وزنوا إذا وزنتم لغيركم بالميزان المستقيم.
تفسير الجلالين:
 «وزنوا بالقسطاس المستقيم» الميزان السوي.
تفسير السعدي:
وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ أي: بالميزان العادل, الذي لا يميل.

وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ(183)

التفسير المختصر:
ولا تنقصوا الناس حقوقهم، ولا تكثروا في الأرض الفساد بارتكاب المعاصي.
تفسير الجلالين:
 «ولا تبخسوا الناس أشياءهم» لا تنقصوهم من حقهم شيئا «ولا تعثوْا في الأرض مفسدين» بالقتل وغيره من عَثِيَ بكسر المثلثة أفسد ومفسدين حال مؤكدة لمعنى عاملها.

وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ(184)

التفسير المختصر:
واتقوا الذي خلقكم، وخلق الأمم السابقة بالخوف منه أن ينزل بكم عقابه.
تفسير الجلالين:
 «واتقوا الذي خلقكم والجبلة» الخليقة «الأولين».
تفسير السعدي:
وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الأَوَّلِينَ أي: الخليقة الأولين، فكما انفرد بخلقكم, وخلق من قبلكم من غير مشارك له في ذلك, فأفردوه بالعبادة والتوحيد، وكما أنعم عليكم بالإيجاد والإمداد بالنعم, فقابلوه بشكره.

قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ(185)

التفسير المختصر:
قال قوم شعيب لشعيب: إنما أنت من الذين أصابهم السحر مرارًا حتى غلب السحر على عقلك، فَغَيَّبه.
تفسير الجلالين:
 «قالوا إنما أنت من المسحرين».
تفسير السعدي:
قالوا له, مكذبين له, رادين لقوله: إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ فأنت تهذي وتتكلم كلام المسحور, الذي غايته أن لا يؤاخذ به.

وَمَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ(186)

التفسير المختصر:
ولست إلا بشرًا مثلنا فلا مزية لك علينا، فكيف تكون رسولًا؟ ولا نظنك إلا كاذبًا فيما تدّعيه من أنك رسول.
تفسير الجلالين:
 «وما أنت إلا بشر مثلنا وإن» مخففة من الثقيلة واسمها محذوف أي إنه «نظنك لمن الكاذبين».
تفسير السعدي:
وَمَا أَنْتَ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا فليس فيك فضيلة, اختصصت بها علينا, حتى تدعونا إلى اتباعك، وهذا مثل قول من قبلهم ومن بعدهم, ممن عارضوا الرسل بهذه الشبهة، التي لم يزالوا, يدلون بها ويصولون, ويتفقون عليها, لاتفاقهم على الكفر, وتشابه قلوبهم.
وقد أجابت عنها الرسل بقولهم: إِنْ نَحْنُ إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ .
وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وهذا جراءة منهم وظلم, وقول زور, قد انطووا على خلافه، فإنه ما من رسول من الرسل, واجه قومه ودعاهم, وجادلهم وجادلوه, إلا وقد أظهر الله على يديه من الآيات, ما به يتيقنون صدقه وأمانته, خصوصا شعيبا عليه السلام, الذي يسمى خطيب الأنبياء, لحسن مراجعته قومه, ومجادلتهم بالتي هي أحسن، فإن قومه قد تيقنوا صدقه, وأن ما جاء به حق, ولكن إخبارهم عن ظن كذبه, كذب منهم.

فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِّنَ السَّمَاءِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ(187)

التفسير المختصر:
فأسقط علينا قطعًا من السماء إن كنت صادقًا فيما تدّعيه.
تفسير الجلالين:
 «فأسقط علينا كسْفا» بسكون السين وفتحها قطعا «من السماء إن كنت من الصادقين» في رسالتك.
تفسير السعدي:
فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ أي: قطع عذاب تستأصلنا.
إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ كقول إخوانهم وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ أو أنهم طلبوا بعض آيات الاقتراح, التي لا يلزم تتميم مطلوب من سألها.

قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ(188)

التفسير المختصر:
قال لهم شعيب: ربي أعلم بما تعملون من الشرك والمعاصي لا يخفى عليه من أعمالكم شيء.
تفسير الجلالين:
 «قال ربي أعلم بما تعملون» فيجازيكم به.
تفسير السعدي:
قَالَ شعيب عليه السلام: رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ أي: نزول العذاب, ووقوع آيات الاقتراح, لست أنا الذي آتي بها وأنزلها بكم, وليس علي إلا تبليغكم ونصحكم وقد فعلت، وإنما الذي يأتي بها ربي، العالم بأعمالكم وأحوالكم, الذي يجازيكم ويحاسبكم.

فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ(189)

التفسير المختصر:
فاستمرّوا على تكذيبه، فأصابهم عذاب عظيم حيث أظلتهم سحابة بعد يوم شديد الحر، فأمطرت عليهم نارًا فأحرقتهم، إن يوم إهلاكهم كان يومًا عظيم الهول.
تفسير الجلالين:
 «فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة» هي سحابة أظلتهم بعد حر شديد أصابهم فأمطرت عليهم نارا فاحترقوا «إنه كان عذاب يوم عظيم».
تفسير السعدي:
فَكَذَّبُوهُ أي: صار التكذيب لهم, وصفا والكفر لهم ديدنا, بحيث لا تفيدهم الآيات, وليس بهم حيلة إلا نزول العذاب.
فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ أظلتهم سحابة فاجتمعوا تحتها مستلذين, لظلها غير الظليل, فأحرقتهم بالعذاب, فظلوا تحتها خامدين, ولديارهم مفارقين, ولدار الشقاء والعذاب نازلين.
إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ لا كرة لهم إلى الدنيا, فيستأنفوا العمل، ولا يفتر عنهم العذاب ساعة, ولا هم ينظرون.

إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ(190)

التفسير المختصر:
إن في ذلك المذكور من إهلاك قوم شعيب لعبرة للمعتبرين، وما كان معظمهم مؤمنين.
تفسير الجلالين:
 «إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين».
تفسير السعدي:
إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً دالة على صدق شعيب, وصحة ما دعا إليه, وبطلان رد قومه عليه، وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ مع رؤيتهم الآيات, لأنهم لا زكاء فيهم, ولا خير لديهم وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ .

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ(191)

التفسير المختصر:
وإن ربك - أيها الرسول - لهو العزيز الذي ينتقم من أعدائه، الرحيم بمن تاب من عباده.
تفسير الجلالين:
 «وإن ربك لهو العزيز الرحيم».
تفسير السعدي:
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الذي امتنع بقدرته, عن إدراك أحد, وقهر كل مخلوق.
الرَّحِيمُ الذي الرحمة وصفه ومن آثارها, جميع الخيرات في الدنيا والآخرة, من حين أوجد الله العالم إلى ما لا نهاية له.
ومن عزته أن أهلك أعداءه حين كذبوا رسله، ومن رحمته, أن نجى أولياءه ومن اتبعهم من المؤمنين.

وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ(192)

التفسير المختصر:
وإن هذا القرآن المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم منزل من رب المخلوقات.
تفسير الجلالين:
 «وإنه» أي القرآن «لتنزيل رب العالمين».
تفسير السعدي:
لما ذكر قصص الأنبياء مع أممهم, وكيف دعوهم, و [ما] ردوا عليهم به; وكيف أهلك الله أعداءهم, وصارت لهم العاقبة.
ذكر هذا الرسول الكريم, والنبي المصطفى العظيم وما جاء به من الكتاب, الذي فيه هداية لأولي الألباب فقال: (وَإِنَّهُ لَتَنزيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ) فالذي أنزله, فاطر الأرض والسماوات, المربي جميع العالم, العلوي والسفلي، وكما أنه رباهم بهدايتهم لمصالح دنياهم وأبدانهم, فإنه يربيهم أيضا, بهدايتهم لمصالح دينهم وأخراهم، ومن أعظم ما رباهم به, إنزال هذا الكتاب الكريم, الذي اشتمل على الخير الكثير, والبر الغزير، وفيه من الهداية, لمصالح الدارين, والأخلاق الفاضلة, ما ليس في غيره، وفي قوله: (وَإِنَّهُ لَتَنزيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ) من تعظيمه وشدة الاهتمام فيه, من كونه نزل من الله, لا من غيره, مقصودا فيه نفعكم وهدايتكم.

نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ(193)

التفسير المختصر:
نزل به جبريل الأمين عليه السلام.
تفسير الجلالين:
 «نزل به الروح الأمين» جبريل.
تفسير السعدي:
(نزلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ) وهو جبريل عليه السلام, الذي هو أفضل الملائكة وأقواهم (الأمِينُ) الذي قد أمن أن يزيد فيه أو ينقص.

عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ(194)

التفسير المختصر:
نزل به على قلبك - أيها الرسول- لتكون من الرسل الذين ينذرون الناس، ويخوفونهم من عذاب الله.
تفسير الجلالين:
 «على قلبك لتكون من المنذرين».
تفسير السعدي:
(عَلَى قَلْبِكَ) يا محمد (لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ) تهدي به إلى طريق الرشاد, وتنذر به عن طريق الغي.

بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ(195)

التفسير المختصر:
نزل به بلسان عربي واضح.
تفسير الجلالين:
 «بلسان عربي مبين» بيَّن وفي قراءة بتشديد نزل ونصب الروح والفاعل الله.
تفسير السعدي:
(بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ) وهو أفضل الألسنة, بلغة من بعث إليهم, وباشر دعوتهم أصلا اللسان البين الواضح.
وتأمل كيف اجتمعت هذه الفضائل الفاخرة في هذا الكتاب الكريم، فإنه أفضل الكتب, نزل به أفضل الملائكة, على أفضل الخلق, على أفضل بضعة فيه وهي قلبه، على أفضل أمة أخرجت للناس, بأفضل الألسنة وأفصحها, وأوسعها, وهو: اللسان العربي المبين.

وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ(196)

التفسير المختصر:
وإن هذا القرآن لمذكور في كتب الأولين، فقد بشرت به الكتب السماوية السابقة.
تفسير الجلالين:
 «وإنه» ذكر القرآن المنزل على محمد «لفي زُبُر» كتب «الأولين» كالتوراة والإنجيل.
تفسير السعدي:
(وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأوَّلِينَ) أي: قد بشرت به كتب الأولين وصدقته، وهو لما نزل, طبق ما أخبرت به, صدقها, بل جاء بالحق, وصدق المرسلين.

أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ(197)

التفسير المختصر:
أولم يكن لهؤلاء المكذبين بك علامة على صدقك أن يعلم حقيقة ما نزل عليك علماء بني إسرائيل، مثل عبدالله بن سلام.
تفسير الجلالين:
 «أو لم يكن لهم» لكفار مكة «آية» على ذلك «أن يعلمه علماء بني إسرائيل» كعبد الله بن سلام وأصحابه من الذين آمنوا فإنهم يخبرون بذلك، ويكن بالتحتانية ونصب آية وبالفوقانية ورفع آية.
تفسير السعدي:
(أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً) على صحته, وأنه من الله (أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ) الذي قد انتهى إليهم العلم, وصاروا أعلم الناس, وهم أهل الصنف، فإن كل شيء يحصل به اشتباه, يرجع فيه إلى أهل الخبرة والدراية, فيكون قولهم حجة على غيرهم، كما عرف السحرة الذين مهروا في علم السحر, صدق معجزة موسى, وأنه ليس بسحر، فقول الجاهلين بعد هذا, لا يؤبه به.

وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَىٰ بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ(198)

التفسير المختصر:
ولو نزلنا هذا القرآن على بعض الأعاجم الذين لا يتكلمون باللسان العربي.
تفسير الجلالين:
 «ولو نزلناه على بعض الأعجمين» جمع أعجم.
تفسير السعدي:
(وَلَوْ نزلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الأعْجَمِينَ) الذين لا يفقهون لسانهم, ولا يقدرون على التعبير لهم كما ينبغي.

فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ(199)

التفسير المختصر:
فقرأه عليهم ما صاروا به مؤمنين؛ لأنهم سيقولون: لا نفهمه، فليحمدوا الله أن نزل بلغتهم.
تفسير الجلالين:
 «فقرأه عليهم» كفار مكة «ما كانوا به مؤمنين» أنفة من اتباعه.
تفسير السعدي:
(فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ) يقولون: ما نفقه ما يقول, ولا ندري ما يدعو إليه، فليحمدوا ربهم, أن جاءهم على لسان أفصح الخلق, وأقدرهم على التعبير عن المقاصد, بالعبارات الواضحة, وأنصحهم، وليبادروا إلى التصديق به, وتلقيه بالتسليم والقبول، ولكن تكذيبهم له من غير شبهة, إن هو إلا محض الكفر والعناد, وأمر قد توارثته الأمم المكذبة.

كَذَٰلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ(200)

التفسير المختصر:
كذلك أدخلنا التكذيب والكفر في قلوب المجرمين.
تفسير الجلالين:
 «كذلك» أي مثل إدخالنا التكذيب به بقراءة الأعجمي «سلكناه» أدخلنا التكذيب به «في قلوب المجرمين» كفار مكة بقراءة النبي.
تفسير السعدي:
(كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ) أي: أدخلنا التكذيب, وأنظمناه في قلوب أهل الإجرام, كما يدخل السلك في الإبرة, فتشربته, وصار وصفا لها، وذلك بسبب ظلمهم وجرمهم,

لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ(201)

التفسير المختصر:
لا يتغيرون عما هم عليه من الكفر ولا يؤمنون حتى يروا العذاب الموجع.
تفسير الجلالين:
 «لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم».
تفسير السعدي:
(لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الألِيمَ) على تكذيبهم.

فَيَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ(202)

التفسير المختصر:
فيأتيهم هذا العذاب فجأة، وهم لا يعلمون بمجيئه حتى يباغتهم.
تفسير الجلالين:
 «فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون».
تفسير السعدي:
(فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) أي: يأتيهم على حين غفلة, وعدم إحساس منهم, ولا استشعار بنزوله, ليكون أبلغ في عقوبتهم والنكال بهم.

فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ(203)

التفسير المختصر:
فيقولوا حين ينزل بهم العذاب بغتة من شدة الحسرة: هل نحن مُمْهَلون فنتوب إلى الله؟!
تفسير الجلالين:
 «فيقولوا هل نحن منظرون» لنؤمن فيقال لهم: لا قالوا: متى هذا العذاب، قال تعالى.
تفسير السعدي:
(فَيَقُولُوا) إذ ذاك: (هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ) أي: يطلبون أن ينظروا ويمهلوا، والحال إنه قد فات الوقت, وحل بهم العذاب الذي لا يرفع عنهم, ولا يفتر ساعة.

أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ(204)

التفسير المختصر:
أفبعذابنا يستعجل هؤلاء الكفار قائلين: لن نؤمن لك حتى تُسْقِط السماء كما زعمت علينا كسفًا؟!
تفسير الجلالين:
 «أفبعذابنا يستعجلون».
تفسير السعدي:
يقول تعالى: (أَفَبِعَذَابِنَا) الذي هو العذاب الأليم العظيم, الذي لا يستهان به, ولا يحتقر، (يَسْتَعْجِلُونَ) فما الذي غرهم؟ هل فيهم قوة وطاقة, للصبر عليه؟ أم عندهم قوة يقدرون على دفعه أو رفعه إذا نزل؟ أم يعجزوننا, ويظنون أننا لا نقدر على ذلك؟.

أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ(205)

التفسير المختصر:
فأخبرني - أيها الرسول - إن متعنا هؤلاء الكافرين المعرضين عن الإيمان بما جئت به، بالنعم زمنًا ممتدًّا.
تفسير الجلالين:
 «أفرأيت» أخبرني «إن متَّعناهم سنين».
تفسير السعدي:
(أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ) أي: أفرأيت إذا لم نستعجل عليهم, بإنزال العذاب, وأمهلناهم عدة سنين, يتمتعون في الدنيا

ثُمَّ جَاءَهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ(206)

التفسير المختصر:
ثم جاءهم بعد ذلك الزمن الذي نالوا فيه تلك النعم ما كانوا يوعدون به من العذاب.
تفسير الجلالين:
 «ثم جاءهم ما كانوا يوعدون» من العذاب.
تفسير السعدي:
(ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ) من العذاب.

مَا أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ(207)

التفسير المختصر:
ماذا ينفعهم ما كانوا عليه من نعم في الدنيا؟! فقد انقطعت تلك النعم، ولم تُجْد شيئًا.
تفسير الجلالين:
 «ما» إستفهامية بمعنى: أي شيء «أغنى عنهم ما كانوا يمتعون» في دفع العذاب أو تخفيفه أي: لم يغن.
تفسير السعدي:
مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ من اللذات والشهوات، أي: أي شيء يغني عنهم, ويفيدهم, وقد مضت وبطلت واضمحلت, وأعقبت تبعاتها, وضوعف لهم العذاب عند طول المدة.
القصد أن الحذر, من وقوع العذاب, واستحقاقهم له.
وأما تعجيله وتأخيره, فلا أهمية تحته, ولا جدوى عنده.

وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنذِرُونَ(208)

التفسير المختصر:
وما أهلكنا من أمة من الأمم إلا بعد الإعذار إليها بإرسال الرسل وإنزال الكتب.
تفسير الجلالين:
 «وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون» رسل تنذر أهلها.
تفسير السعدي:
يخبر تعالى عن كمال عدله, في إهلاك المكذبين, وأنه ما أوقع بقرية, هلاكا وعذابا, إلا بعد أن يعذر بهم, ويبعث فيهم النذر بالآيات البينات, ويدعونهم إلى الهدى, وينهونهم عن الردى, ويذكرونهم بآيات الله, وينبهونهم على أيامه في نعمه ونقمه.

ذِكْرَىٰ وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ(209)

التفسير المختصر:
عظة وتذكيرًا لهم، وما كنا ظالمين بتعذيبهم بعد الإعذار إليهم بإرسال الرسل وإنزال الكتب.
تفسير الجلالين:
 «ذكرى» عظة لهم «وما كنا ظالمين» في إهلاكهم بعد إنذارهم ونزل ردا لقول المشركين.
تفسير السعدي:
( ذِكْرَى ) لهم وإقامة حجة عليهم.
( وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ ) فنهلك القرى, قبل أن ننذرهم, ونأخذهم وهم غافلون عن النذر, كما قال تعالى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ .

وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ(210)

التفسير المختصر:
وما تنزلت الشياطين بهذا القرآن على قلب الرسول صلى الله عليه وسلم .
تفسير الجلالين:
 «وما تنزلت به» بالقرآن «الشياطين».
تفسير السعدي:
ولما بيَّن تعالى كمال القرآن وجلالته, نزهه عن كل صفة نقص, وحماه - وقت نزوله, وبعد نزوله - من شياطين الجن والإنس فقال: ( وَمَا تَنزلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ)

وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ(211)

التفسير المختصر:
وما يصح أن يتنزلوا به على قلبه، وما يستطيعون ذلك.
تفسير الجلالين:
 «وما ينبغي» يصلح «لهم» أن ينزلوا به «وما يستطيعون» ذلك.
تفسير السعدي:
وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ ) أي: لا يليق بحالهم ولا يناسبهم ( وَمَا يَسْتَطِيعُونَ ) ذلك.

إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ(212)

التفسير المختصر:
ما يستطيعونه لأنهم معزولون عن مكانه من السماء، فكيف يصلون إليه، ويتنزلون به؟!
تفسير الجلالين:
 «إنهم عن السمع» لكلام الملائكة «لمعزولون» بالشهب.
تفسير السعدي:
( إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ ) قد أبعدوا عنه, وأعدت لهم الرجوم لحفظه, ونزل به جبريل, أقوى الملائكة, الذي لا يقدر شيطان أن يقربه, أو يحوم حول ساحته، وهذا كقوله: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ .

فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ(213)

التفسير المختصر:
فلا تعبد مع الله معبودًا آخر تشركه معه، فتكون بسبب ذلك من المعذبين.
تفسير الجلالين:
 «فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين» إن فعلت ذلك الذي دعوك إليه.
تفسير السعدي:
ينهى تعالى رسوله أصلا وأمته أسوة له في ذلك, عن دعاء غير الله, من جميع المخلوقين, وأن ذلك موجب للعذاب الدائم, والعقاب السرمدي, لكونه &; 1-599 &; شركا، و مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ والنهي عن الشيء, أمر بضده، فالنهي عن الشرك, أمر بإخلاص العبادة لله وحده لا شريك له, محبة, وخوفا, ورجاء, وذلا وإنابة إليه في جميع الأوقات.

وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ(214)

التفسير المختصر:
وأنذر - أيها الرسول - الأقرب فالأقرب من قومك حتى لا يصيبهم عذاب الله إن بقوا على الشرك.
تفسير الجلالين:
 (وأنذر عشيرتك الأقربين) وهم بنو هاشم وبنو عبد المطلب "" وقد أنذرهم جهارا "" رواه البخاري ومسلم.
تفسير السعدي:
ولما أمره بما فيه كمال نفسه, أمره بتكميل غيره فقال: ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ ).
الذين هم أقرب الناس إليك, وأحقهم بإحسانك الديني والدنيوي, وهذا لا ينافي أمره بإنذار جميع الناس، كما إذا أمر الإنسان بعموم الإحسان, ثم قيل له " أحسن إلى قرابتك "فيكون هذا خصوصا دالا على التأكيد, وزيادة الحق، فامتثل صلى الله عليه وسلم, هذا الأمر الإلهي, فدعا سائر بطون قريش, فعمم وخصص, وذكرهم ووعظهم, ولم يُبْق صلى الله عليه وسلم من مقدوره شيئا, من نصحهم, وهدايتهم, إلا فعله, فاهتدى من اهتدى, وأعرض من أعرض.

وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ(215)

التفسير المختصر:
وأَلِنْ جانبك فعلًا وقولًا لمن اتبعك من المؤمنين رحمة بهم ورفقًا.
تفسير الجلالين:
 «واخفض جناحكْ» ألن جانبك «لمن اتبعك من المؤمنين» الموحدين.
تفسير السعدي:
( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) بلين جانبك, ولطف خطابك لهم, وتوددك, وتحببك إليهم, وحسن خلقك والإحسان التام بهم، وقد فعل صلى الله عليه وسلم, ذلك كما قال تعالى: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فهذه أخلاقه صلى الله عليه وسلم, أكمل الأخلاق, التي يحصل بها من المصالح العظيمة, ودفع المضار, ما هو مشاهد، فهل يليق بمؤمن بالله ورسوله, ويدعي اتباعه والاقتداء به, أن يكون كلا على المسلمين, شرس الأخلاق, شديد الشكيمة عليهم , غليظ القلب, فظ القول, فظيعه؟ [و] إن رأى منهم معصية, أو سوء أدب, هجرهم, ومقتهم, وأبغضهم، لا لين عنده, ولا أدب لديه, ولا توفيق، قد حصل من هذه المعاملة, من المفاسد, وتعطيل المصالح ما حصل, ومع ذلك تجده محتقرا لمن اتصف بصفات الرسول الكريم, وقد رماه بالنفاق والمداهنة, وقد كمَّل نفسه ورفعها, وأعجب بعمله، فهل هذا إلا من جهله, وتزيين الشيطان وخدعه له.

فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ(216)

التفسير المختصر:
فإن عصوك، ولم يستجيبوا لما أمرتهم به من توحيد الله وطاعته، فقل لهم: إني بريء مما تعملون من الشرك والمعاصي.
تفسير الجلالين:
 «فإن عصوك» عشيرتك «فقل» لهم «إني بريء مما تعملون» من عبادة غير الله.
تفسير السعدي:
( فَإِنْ عَصَوْكَ ) في أمر من الأمور, فلا تتبرأ منهم, ولا تترك معاملتهم, بخفض الجناح, ولين الجانب، بل تبرأ من عملهم, فعظهم عليه وانصحهم, وابذل قدرتك في ردهم عنه, وتوبتهم منه، وهذا لدفع احتراز وهم من يتوهم, أن قوله ( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ ) للمؤمنين, يقتضي الرضاء بجميع ما يصدر منهم, ما داموا مؤمنين, فدفع هذا بهذا والله أعلم.

وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ(217)

التفسير المختصر:
واعتمد في أمورك كلها على العزيز الذي ينتقم من أعدائه، الرحيم بمن أناب منهم إليه.
تفسير الجلالين:
 «وتوكل» بالواو والفاء «على العزيز الرحيم» الله أي فوض إليه جميع أمورك.
تفسير السعدي:
أعظم مساعد للعبد على القيام بما أمر به, الاعتماد على ربه, والاستعانة بمولاه على توفيقه للقيام بالمأمور, فلذلك أمر الله تعالى بالتوكل عليه فقال: ( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ) والتوكل هو اعتماد القلب على الله تعالى, في جلب المنافع, ودفع المضار, مع ثقته به, وحسن ظنه بحصول مطلوبه, فإنه عزيز رحيم, بعزته يقدر على إيصال الخير, ودفع الشر عن عبده, وبرحمته به, يفعل ذلك.

الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ(218)

التفسير المختصر:
الذي يراك سبحانه حين تقوم إلى الصلاة.
تفسير الجلالين:
 «الذي يراك حين تقوم» إلى الصلاة.
تفسير السعدي:
ثم نبهه على الاستعانة باستحضار قرب الله, والنزول في منزل الإحسان فقال: ( الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ)

وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ(219)

التفسير المختصر:
ويرى سبحانه تقلبك من حال إلى حال في المصلين، لا يخفى عليه شيء مما تقوم به، ولا مما يقوم به غيرك.
تفسير الجلالين:
 «وتقلبك» في أركان الصلاة قائما وقاعدا وراكعا وساجدا «في الساجدين» المصلين.
تفسير السعدي:
( وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ) أي: يراك في هذه العبادة العظيمة, التي هي الصلاة, وقت قيامك, وتقلبك راكعا وساجدا خصها بالذكر, لفضلها وشرفها, ولأن من استحضر فيها قرب ربه, خشع وذل, وأكملها, وبتكميلها, يكمل سائر عمله, ويستعين بها على جميع أموره.

إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(220)

التفسير المختصر:
إنه هو السميع لما تتلوه من قرآن وذكر في صلاتك، العليم بنيتك.
تفسير الجلالين:
 «إنه هو السميع العليم».
تفسير السعدي:
( إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ ) لسائر الأصوات على اختلافها وتشتتها وتنوعها، ( الْعَلِيمُ) الذي أحاط بالظواهر والبواطن, والغيب والشهادة.
فاستحضار العبد رؤية الله له في جميع أحواله, وسمعه لكل ما ينطق به, وعلمه بما ينطوي عليه قلبه, من الهم, والعزم, والنيات, مما يعينه على منزلة الإحسان.

هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ(221)

التفسير المختصر:
هل أخبركم على من تتنزل الشياطين الذين زعمتم أنهم تنزلوا بهذا القرآن؟
تفسير الجلالين:
 «هل أنبئكم» يا كفرا مكة «على من تنزل الشياطين» بحذف إحدى التاءين من الأصل.
تفسير السعدي:
هذا جواب لمن قال من مكذبي الرسول: إن محمدا ينزل عليه شيطان.
وقول من قال: إنه شاعر فقال: (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ ) أي: أخبركم الخبر الحقيقي الذي لا شك فيه ولا شبهة, على من تنزل الشياطين، أي: بصفة الأشخاص, الذين تنزل عليهم الشياطين.

تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ(222)

التفسير المختصر:
تتنزل الشياطين على كل كذاب كثير الإثم والمعصية من الكهان.
تفسير الجلالين:
 «تنزل على كل أفاك» كذاب «أثيم» فاجر مثل مسيلمة وغيره من الكهنة.
تفسير السعدي:
( تَنزلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ ) أي: كذاب, كثير القول للزور, والإفك بالباطل، ( أَثِيمٍ ) في فعله, كثير المعاصي، هذا الذي تنزل عليه الشياطين, وتناسب حاله حالهم.

يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ(223)

التفسير المختصر:
يسترق الشياطين السمع من الملإ الأعلى، فيلقونه إلى أوليائهم من الكهان، وأكثر الكهان كاذبون، إن صدقوا في كلمة كذبوا معها مئة كذبة.
تفسير الجلالين:
 «يلقون» الشياطين «السمع» ما سمعوه من الملائكة إلى الكهنة «وأكثرهم كاذبون» يضمنون إلى المسموع كذبا وكان هذا قبل أن حجبت الشياطين عن السماء.
تفسير السعدي:
( يُلْقُونَ ) عليه ( السَّمْعَ ) الذي يسترقونه من السماء، ( وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ ) أي: أكثر ما يلقون إليه كذب فيصدق واحدة, ويكذب معها مائة, فيختلط الحق بالباطل, ويضمحل الحق بسبب قلته, وعدم علمه.
فهذه صفة الأشخاص الذين تنزل عليهم الشياطين, وهذه صفة وحيهم له.
وأما محمد صلى الله عليه وسلم, فحاله مباينة لهذه الأحوال أعظم مباينة, لأنه الصادق الأمين, البار الراشد, الذي جمع بين بر القلب, وصدق اللهجة, ونزاهة الأفعال من المحرم.
والوحي الذي ينزل عليه من عند الله, ينزل محروسا محفوظا, مشتملا على الصدق العظيم, الذي لا شك فيه ولا ريب، فهل يستوي - يا أهل العقول - هذا وأولئك؟ وهل يشتبهان, إلا على مجنون, لا يميز, ولا يفرق بين الأشياء؟.

وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ(224)

التفسير المختصر:
والشعراء الذين زعمتم أن محمدًا صلى الله عليه وسلم منهم يتبعهم المنحرفون عن طريق الهدى والاستقامة، فيروون ما يقولونه من شعر.
تفسير الجلالين:
 «والشعراء يتبعهم الغاوون» في شعرهم فيقولن به ويرونه عنهم فهم مذمومون.
تفسير السعدي:
فلما نزهه عن نزول الشياطين عليه, برَّأه أيضا من الشعر فقال: ( وَالشُّعَرَاءُ ) أي: هل أنبئكم أيضا عن حالة الشعراء, ووصفهم الثابت، فإنهم ( يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ ) عن طريق الهدى, المقبلون على طريق الغي والردى، فهم في أنفسهم غاوون, وتجد أتباعهم كل غاو ضال فاسد.

أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ(225)

التفسير المختصر:
ألم تر - أيها الرسول - أن من مظاهر غوايتهم أنهم تائهون في كل واد يمضون في المدح تارة، وفي الذم تارة، وفي غيرهما تارات.
تفسير الجلالين:
 «ألم تر» تعلم «أنهم في كل واد» من أودية الكلام وفنونه «يهيمون» يمضون فيجازون الحد مدحا وهجاء.
تفسير السعدي:
( أَلَمْ تَرَ ) غوايتهم وشدة ضلالهم ( أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ ) من أودية الشعر، ( يَهِيمُونَ ) فتارة في مدح, وتارة في قدح, وتارة في صدق، وتارة في كذب، وتارة يتغزلون, وأخرى يسخرون, ومرة يمرحون, وآونة يحزنون, فلا يستقر لهم قرار, ولا يثبتون على حال من الأحوال.

وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ(226)

التفسير المختصر:
وأنهم يكذبون، فيقولون: فعلنا كذا، ولم يفعلوه.
تفسير الجلالين:
 «وأنهم يقولون» فعلنا «مالا يفعلون» يكذبون.
تفسير السعدي:
( وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ ) أي: هذا وصف الشعراء, أنهم تخالف أقوالهم أفعالهم، فإذا سمعت الشاعر يتغزل بالغزل الرقيق, قلت: هذا أشد الناس غراما, وقلبه فارغ من ذاك, وإذا سمعته يمدح أو يذم, قلت: هذا صدق, وهو كذب، وتارة يتمدح بأفعال لم يفعلها, وتروك لم يتركها, وكرم لم يحم حول ساحته, وشجاعة يعلو بها على الفرسان, وتراه أجبن من كل جبان، هذا وصفهم.
فانظر, هل يطابق حالة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم, الراشد البار, الذي يتبعه كل راشد ومهتد, الذي قد استقام على الهدى, وجانب الردى, ولم تتناقض أفعاله ولم تخالف أقواله أفعاله؟ الذي لا يأمر إلا بالخير, ولا ينهى إلا عن الشر، ولا أخبر بشيء إلا صدق, ولا أمر بشيء إلا كان أول الفاعلين له, ولا نهى عن شيء إلا كان أول التاركين له.
فهل تناسب حاله, حالة الشعراء, أو يقاربهم؟ أم هو مخالف لهم من جميع الوجوه؟ فصلوات الله وسلامه على هذا الرسول الأكمل, والهمام الأفضل, أبد الآبدين, ودهر الداهرين, الذي ليس بشاعر, ولا ساحر, ولا مجنون, ولا يليق به إلا كل كمال.

إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ۗ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ(227)

التفسير المختصر:
إلا الذين آمنوا من الشعراء وعملوا الأعمال الصالحات، وذكروا الله ذكرًا كثيرًا، وانتصروا من أعداء الله بعدما ظلموهم مثل حسان بن ثابت رضي الله عنه، وسيعلم الذين ظلموا بالشرك بالله والاعتداء على عباده أي مرجع يرجعون إليه، فسيرجعون إلى موقف عظيم، وحساب دقيق.
تفسير الجلالين:
 «إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات» من الشعراء. «وذكروا الله كثيرا» لم يشغلهم الشعر عن الذكر «وانتصروا» بهجوهم الكفار «من بعد ما ظلموا» بهجو الكفار لهم في جملة المؤمنين فليسو مذمومين قال الله تعالى: (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم) وقال تعالى (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدي عليكم) «وسيعلم الذين ظلموا» من الشعراء وغيرهم «أي منقلب» مرجع «ينقلبون» يرجعون بعد الموت.
تفسير السعدي:
ولما وصف الشعراء بما وصفهم به, استثنى منهم من آمن بالله ورسوله, وعمل صالحا, وأكثر من ذكر الله, وانتصر من أعدائه المشركين من بعد ما ظلموهم.
فصار شعرهم من أعمالهم الصالحة, وآثار إيمانهم, لاشتماله على مدح أهل الإيمان, والانتصار من أهل الشرك والكفر, والذب عن دين الله, وتبيين العلوم النافعة, والحث على الأخلاق الفاضلة فقال: ( إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) ينقلبون إلى موقف وحساب, لا يغادر صغيرة ولا كبيرة, إلا أحصاها, ولا حقا إلا استوفاه.
والحمد لله رب العالمين.


الجلالين&الميسر تفسير ابن كثير تفسير القرطبي
التفسير المختصر تفسير الطبري تفسير السعدي
Ash-Shuara إعراب الشعراء تفسير الشوكاني

تفسير المزيد من سور القرآن الكريم :

تفسير البقرة آل عمران تفسير النساء
تفسير المائدة تفسير يوسف تفسير ابراهيم
تفسير الحجر تفسير الكهف تفسير مريم
تفسير الحج تفسير القصص العنكبوت
تفسير السجدة تفسير يس تفسير الدخان
تفسير الفتح تفسير الحجرات تفسير ق
تفسير النجم تفسير الرحمن تفسير الواقعة
تفسير الحشر تفسير الملك تفسير الحاقة
تفسير الانشقاق تفسير الأعلى تفسير الغاشية

تحميل سورة الشعراء بصوت أشهر القراء :

سورة الشعراء  بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة الشعراء  بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة الشعراء  بصوت سعود الشريم
سعود الشريم
سورة الشعراء  بصوت عبد الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة الشعراء  بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة الشعراء  بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة الشعراء  بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة الشعراء  بصوت الحصري
الحصري
سورة الشعراء  بصوت العفاسي
مشاري العفاسي
سورة الشعراء  بصوت ياسر الدوسري
ياسر الدوسري


لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب