حديث: إنا قد بايعناك فارجع

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الفرار من المجذوم

عن الشريد قال: كان في وفد ثقيف رجل مجذوم فأرسل إليه رسول الله ﷺ: «إنا قد بايعناك فارجع».

صحيح: رواه مسلم في السّلام (٢٢٣١) من طرق، عن يعلى بن عطاء، عن عمرو بن الشريد، عن أبيه فذكره.

عن الشريد قال: كان في وفد ثقيف رجل مجذوم فأرسل إليه رسول الله ﷺ: «إنا قد بايعناك فارجع».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث رواه مسلم في صحيحه، وهو من الأحاديث التي تُظهر حرص الشريعة الإسلامية على حفظ الصحة العامة ودرء المفاسد.

أولاً. شرح المفردات:


● الشريد: هو الشريد بن سويد الثقفي، راوي الحديث.
● وفد ثقيف: مجموعة من الوفد الذين قدموا من قبيلة ثقيف للقاء النبي صلى الله عليه وسلم.
● مجذوم: المصاب بمرض الجذام، وهو مرض معدي معروف.
● بايعناك: قبلنا بيعة الإسلام منك.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا الصحابي الشريد رضي الله عنه أن في الوفد القادم من قبيلة ثقيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم كان هناك رجل مصاب بمرض الجذام. فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم بأمره، أرسل إليه رسالة يقول فيها: "إنا قد قبلنا بيعتك على الإسلام، فارجع" إلى بلدك، ولم يأذن له بالقدوم إلى المجلس العام حيث يكون الناس.

ثالثاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:


1- الحفاظ على الصحة العامة: يُستفاد من الحديث حرص الإسلام على منع انتشار الأمراض المعدية، وحماية المجتمع من أضرارها. وهذا من مقاصد الشريعة العظيمة في حفظ النفس.
2- التدابير الوقائية: أمر النبي صلى الله عليه وسلم المجذوم بالرجوع وهو تطبيق عملي للعزل الصحي (الحجر الصحي) الذي نعرفه اليوم، مما يدل على سبق الإسلام في تشريعات الصحة العامة.
3- الفرق بين قبول الإسلام ووجوب الاختلاط: قبول الإسلام من الشخص لا يعني إلغاء التدابير الصحية اللازمة. فالنبي قبل بيعته لكن منعه من الدخول إلى المجمع العام حماية للآخرين.
4- رحمة النبي صلى الله عليه وسلم: في فعله هذا جمع بين رحمة بالشخص بقبول إسلامه، ورحمة بالجماعة بحمايتهم من العدوى.
5- عدم إيذاء الآخرين: لا يجور للمسلم أن يتسبب في إيذاء غيره حتى لو كان عن غير قصد، ومن ذلك نشر الأمراض المعدية.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أصل من أصول الطب الوقائي في الإسلام، وقد استنبط منه العلماء أحكاماً كثيرة تتعلق بالتعامل مع الأمراض المعدية.
- ليس في هذا الحديث ما ينقص من قدر المجذوم أو يحط من إنسانيته، بل هو تدبير صحي محض.
- من الأدلة الأخرى على هذا المبدأ قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ» رواه البخاري ومسلم.
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في السّلام (٢٢٣١) من طرق، عن يعلى بن عطاء، عن عمرو بن الشريد، عن أبيه فذكره.
وأمّا ما رُوي عن ابن عباس أن النَّبِيّ ﷺ قال: «لا تديموا النظر إلى المجذومين» فلا يصح.
رواه ابن ماجه (٣٥٤٣)، وأحمد (٢٠٧٥)، والبيهقي (٧/ ٢١٩) كلّهم من طريق محمد بن عبد الله ابن عمرو بن عثمان، عن أمه فاطمة بنت الحسين، عن ابن عباس فذكره.
ومحمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان الأموي المعروف بالديباج لحسنه، قال البخاريّ في ضعفائه: «عنده عجائب»، وقال في الأوسط: «لا يكاد يتابع في حديثه» وكذا قال ابن الجارود، وقال النسائيّ مرة: «ثقة» وقال مرة: «ليس بالقوي».
ثمّ هو اضطرب في إسناده فمرةً رواه هكذا، ومرة رواه عن أمه فاطمة بنت الحسين، عن أبيها، عن النَّبِيّ ﷺ قال: «لا تديموا النظرَ إلى المُجَذمين، وإذا كلمتموهم فليكن بينكم وبينهم قيدُ رمحٍ».
رواه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (٥٨١) عن أبي إبراهيم الترجمانيّ، حَدَّثَنَا الفرج بن فضالة، عن عبد الله بن عامر، عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، عن أمه فاطمة بنت الحسين فذكرته.
وقد وقع تحريف في الإسناد، وأثبتناه من حاشية محققي المسند.
وفرج بن فضالة ضعيف عند جمهور أهل العلم، وشيخه عبد الله بن عامر الأسلمي ضعيف، وقال أبو حاتم: متروك.
وقد قيل: عن مسند فاطمة بنت النَّبِيّ ﷺ.
وله طريق آخر عن ابن عباس رواه الطبراني (١١/ ١٠٦ - ١٠٧) عن يحيى بن عثمان بن صالح، حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا ابن لهيعة، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس نحوه.
وعبد الله بن لهيعة فيه كلام معروف، والراوي عنه عثمان بن صالح ليس بذاك، قال البرذعي: قلت: (أي لأبي زرعة) رأيت بمصر نحوا من مائة حديث، عن عثمان بن صالح، عن ابن لهيعة، عن عمرو بن دينار وعطاء، عن ابن عباس، عن النَّبِيّ ﷺ منها: «لا تكرم أخاك بما يشق عليه».
فقال: لم يكن عندي عثمان ممن يكذب، ولكنه كان يكتب الحديث مع خالد بن نجيح، وكان خالد -إذا سمعوا من الشيخ- أملى عليهم ما لم يسمعوا قبلوا به» اهـ. أسئلة البرذعي (ص ٤١٨)
قال الأعظمي: خالد بن نجيح هذا كان يفتعل الأحاديث ويضعها في كتب الناس.
وكذلك لا يصح ما روي عن معاذ بن جبل مرفوعا: «لا تديموا النظر إلى المجذومين» رواه الطبرانيّ في الأوسط (٩٢٥٩)، والكبير (٢٠/ ١١٢) عن الوليد بن حمّاد الرمليّ، حَدَّثَنَا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقيّ، حدثتا سعدان بن يحيى، عن عبد الحميد بن جعفر، عن صالح بن أبي غريب، عن كثير بن مرة، عن معاذ بن جبل فذكره.
وقال: «لا يروى هذا الحديث عن معاذ إِلَّا بهذا الإسناد، تفرّد به سليمان بن عبد الرحمن» اهـ وقال الهيثميّ في «المجمع» (٥/ ١٠١): «رواه الطبرانيّ ... عن شيخه الوليد بن حمّاد الرمليّ، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات» اهـ.
قال الأعظمي: ترجم له ابن حجر في «اللسان»، ولم يذكر فيه جرحا أو تعديلًا.
وفي سنده صالح بن أبي عريب -واسمه قليب- الحضرمي، روى عنه غير واحد، ولم يوثقه أحد إِلَّا أن ابن حبَّان ذكره في الثقات، ولذا قال الحافظ في التقريب: «مقبول» إي عند المتابعة، وإلَّا فلين الحديث، ولم أجد له متابعا.
وأمّا ما رُوي عن جابر أن رسول الله ﷺ أخذ بيد مجذوم، فأدخله معه في القصعة ثمّ قال: «كلْ باسم الله، ثقةً بالله، وتوكلا عليه» فضعيف.
رواه أبو داود (٣٩٢٥)، والترمذي (١٨١٧)، وابن ماجه (٣٥٤٢)، وصحّحه ابن حبَّان (٦١٢٠)، والحاكم (٤/ ١٣٦ - ١٣٧) كلّهم من طرق، عن يونس بن محمد، حَدَّثَنَا المفضل بن فضالة، عن حبيب بن الشهيد، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله فذكره.
وإسناده ضعيف من أجل المفضل بن فضالة، قال ابن عدي بعد ما أخرج هذا الحديث في ترجمته من الكامل (٦/ ٢٤٠٤): «لم أرَ في حديثه أنكر من هذا الحديث» اهـ
وقال الترمذي: «هذا حديث غريب لا نعرفه إِلَّا من حديث يونس بن محمد، عن المفضل بن فضالة، والمفضل بن فضالة هذا شيخ بصري ... وقد روى شعبة هذا الحديث عن حبيب بن الشهيد، عن ابن بريدة أن عمر أخذ بيد مجذوم، وحديث شعبة أشبه عندي وأصح» اهـ.
وذكر في العلل الكبير (٢/ ٧٧٠) عن البخاريّ نحوه.
قال الأعظمي: وقول الترمذيّ: «أصح» يعني أن رواية شعبة أصح من رواية المفضل وإلَّا فرواية شعبة فيها انقطاع بين عبد الله بن بريدة وبين عمر. قال أبو زرعة: عبد الله بن بريدة عن عمر مرسل.
المراسيل لابن أبي حاتم (١١١).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 117 من أصل 128 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إنا قد بايعناك فارجع

  • 📜 حديث: إنا قد بايعناك فارجع

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إنا قد بايعناك فارجع

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إنا قد بايعناك فارجع

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إنا قد بايعناك فارجع

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب