حديث: لا صفر ولا هامة ولا يعدي صحيح سقيم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر، ولا نوء، ولا غول

عن عليّ بن أبي طالب قال: قال رسول الله ﷺ: «لا صفر ولا هامة ولا يُعدي صحيح سقيمٌ».

حسن: رواه أبو يعلى (٤٣٠، ٤٣١)، وابن جرير في مسند عليّ من تهذيب الآثار (١) كلاهما من طرق، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ثعلبة بن يزيد الحماني قال: سمعت عليا فذكره.

عن عليّ بن أبي طالب قال: قال رسول الله ﷺ: «لا صفر ولا هامة ولا يُعدي صحيح سقيمٌ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا صفر ولا هامة ولا يُعدي صحيح سقيمٌ»، هو من الأحاديث العظيمة التي تُصحح المعتقد وتزيل الخرافات من النفوس.

أولاً. شرح المفردات:


● لا صفر: المقصود به إنكار اعتقاد كان شائعاً في الجاهلية، حيث كانوا يعتقدون أن في البطن دابة (تُسمى الصفر) تكون جائعة فتمرض الإنسان أو تقتله.
● ولا هامة: الهامة هي طائر (كالبومة) كانوا في الجاهلية إذا سمعوا صوتها اعتقدوا أنها روح قتيل لم تُؤخذ بثأره، فتصيح طالبة الانتقام.
● ولا يعدي صحيح سقيم: أي لا تعدي المرض بذاته من الشخص المريض إلى الشخص السليم بمجرد المخالطة، دون إرادة الله تعالى وقدره.

ثانياً. شرح الحديث:


يأتي هذا الحديث في سياق تصحيح النبي صلى الله عليه وسلم لمعتقدات خاطئة كانت سائدة في الجاهلية، основанные على الخرافات والأوهام:
1- إنكار اعتقاد "الصفر": فقد كان العرب يعتقدون أن في جوف الإنسان دابة (حشرة) تسمى "الصفر" تجوع فتُمرضه، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم لينفي هذا الاعتقاد الباطل ويؤكد أن المرض والشفاء بيد الله وحده.
2- إنكار اعتقاد "الهامة": حيث كانوا يخافون من طائر الهامة (البومة) ويظنون أنها شؤم أو أنها روح إنسان مقتول تطلب الثأر، فبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم بطلان هذا الظن، وأن الأرواح بيد الله تعالى لا تتصرف بمشيئتها.
3- إنكار العدوى بمجردها: وهذا من أهم ما جاء في الحديث، حيث كان الاعتقاد السائد أن المرض ينتقل حتمًا بمجرد مخالطة المريض، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الاعتقاد الجبري، مؤكدًا أن الأمر كله بقدر الله، فلا يعدي شيء بذاته إلا بإذن الله تعالى.

ثالثاً. الدروس المستفادة:


1- تصحيح العقيدة: الحديث يؤصل لعقيدة التوحيد والإيمان بالقدر خيره وشره، وأنه لا يجوز الاعتقاد في أسباب وهمية لا أصل لها في الشرع.
2- محاربة الخرافات: النبي صلى الله عليه وسلم جاء ليحرر العقول من الأوهام والخرافات التي لا تستند إلى دليل صحيح.
3- التوكل على الله: لا يعني نفي العدوى أن يتهاون الإنسان بالأسباب الشرعية والحسية، بل يأخذ بها مع التوكل على الله، فالأمراض قد تنتقل بالأسباب التي جعلها الله وسائل للعدوى، ولكن المؤمن يعلم أن القضاء والقدر بيد الله.
4- الجمع بين الأخذ بالأسباب والتوكل: وردت أحاديث أخرى تؤكد على اجتناب المجذوم (مريض الجذام) كما في الحديث: «فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الأَسَدِ» (رواه البخاري)، مما يدل على وجوب الأخذ بالأسباب مع اليقين بأن القدرة لله وحده.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث جزء من مجموعة أحاديث تسمى "أحاديث الأمراض والطب النبوي"، والتي تجمع بين بيان العقيدة الصحيحة والتوجيه الصحي.
- العلماء جمعوا بين هذا الحديث والأحاديث التي تأمر بالحذر من الأمراض المعدية، بأن نفي العدوى في الحديث مقصود به نفي ما كان يعتقده الجاهليون من العدوى المستقلة بذاتها، أما العدوى كسبب فقد أثبتها الشرع والحس، ولكنها لا تؤثر إلا بمشيئة الله.
- من فوائد الحديث: الطمأنينة النفسية للمسلم، وعدم الخوف من الخرافات والأوهام التي تسبب الوسواس والقلق.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، ويبصرنا بشرعه، ويحفظنا من كل سوء.
والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو يعلى (٤٣٠، ٤٣١)، وابن جرير في مسند عليّ من تهذيب الآثار (١) كلاهما من طرق، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ثعلبة بن يزيد الحماني قال: سمعت عليا فذكره.
وإسناده حسن من أجل ثعلبة بن يزيد الحماني؛ فإنه حسن الحديث إذا لم يروِ ما يُشيد بدعته.
وقال الهيثميّ في «المجمع» (٥/ ١٠١): «رواه أبو يعلى وفيه ثعلبة بن يزيد الحماني، وثّقه النسائيّ وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات» اهـ.
وفي معناه ما رُوي عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول الله ﷺ: «لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا حسد، والعين حق».
رواه أحمد (٧٠٧٠) عن قُتَيبة، حَدَّثَنَا رشدين بن سعد، عن الحسن بن ثوبان، عن هشام بن أبي رقية، عن عبد الله بن عمرو بن العاص فذكره.
ورشدين بن سعد بن مفلح المهري. قال ابن يونس: كان صالحًا في دينه فأدركتْه غفلةُ الصالحين، فخلط في الحديث، وقال النسائيّ: «متروك»، وضعّفه الأئمة الآخرون، وزاد في الحديث«ولا حسد» وباقي الفقرات لها شواهد كما مضى.
شرح غريب أحاديث الباب
قوله ﷺ: (ولا صفر) فيه تأويلان: أحدهما: المراد تأخيرهم تحريم المحرم إلى صفر وهو
النسيء الذى كانوا يفعلونه. وبهذا قال مالك وأبو عبيدة. والثاني: أن الصفر دواب في البطن وهي دود، وكانوا يعتقدون أن في البطن دابة تهيج عند الجوع. وربما قتلت صاحبها. وكانت العرب تراها أعدى من الجرب. وهذا التفسير هو الصَّحيح. وبه قال مطرف وابن وهب وابن حبيب وأبو عبيد وخلائق من العلماء. وقد ذكره مسلم عن جابر بن عبد الله راوي الحديث فيتعين اعتماده، ويجوز أن يكون المراد هذا. والأوّل جميعًا، وأن الصفرين جميعًا باطلان لا أصل لهما.
قوله ﷺ (ولاهامة) فيه تأويلان: أحدهما: أن العرب كانت تتشاءم بالهامة وهي الطائر المعروف من طير الليل، وقيل: هي البومة قالوا: كانت إذا سقطت على دار أحدهم رآها ناعية له نفسه أو بعض أهله وهذا تفسير مالك بن أنس. والثاني: أن العرب كانت تعتقد أن عظام الميت - وقيل: روحه- تنقلب هامة تطير، وهذا تفسير أكثر العلماء، وهو المشهور، ويجوز أن يكون المراد النوعين، فإنهما جميعًا باطلان فبين النَّبِيّ ﷺ إبطال ذلك وضلالة الجاهليّة فيما تعتقده من ذلك. والهامة بتخفيف الميم على المشهور.
قوله ﷺ (ولانوء) أي لا تقولوا: «مطرنا بنوء كذا» ولا تعتقدوه.
قوله ﷺ (ولاغول) قال جمهور العلماء: كانت العرب تزعم أن الغيلان في الفلوات، وهي جنس من الشياطين، فتتراءى للناس، وتتغول تغولا أي تتلون تلونا، فتضلهم عن الطريق، فتهلكهم، فأبطل النَّبِيّ ﷺ.
وقال آخرون: ليس المراد بالحديث نفي وجود الغول، وإنما معناه إبطال ما تزعمه العرب من تلون الغول بالصور المختلفة واغتيالها. قالوا: ومعنى الا غول) أى لا تستطيع أن تضل أحدًا.
ويشهد له حديث آخر: «لا غول، ولكن السعالى» قال العلماء: السعالى بالسين المفتوحة والعين المهملتين وهم سحرة الجن أي ولكن في الجن سحرة لهم تلبيس وتخيل. وفي الحديث الآخر: «إذا تغولت الغيلان فنادوا بالأذان» أي ارفعوا شرها بذكر الله تعالى، وهذا دليل على أنه ليس المراد نفي أصل وجودها. اهـ (انظر: شرح النوويّ على صحيح مسلم).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 114 من أصل 128 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا صفر ولا هامة ولا يعدي صحيح سقيم

  • 📜 حديث: لا صفر ولا هامة ولا يعدي صحيح سقيم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا صفر ولا هامة ولا يعدي صحيح سقيم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا صفر ولا هامة ولا يعدي صحيح سقيم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا صفر ولا هامة ولا يعدي صحيح سقيم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب