حديث: فاطمة تحرق الحصير وتلصقه على جرح النبي ليمسك الدم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب دواء الجروح

عن سهل بن سعد الساعدي قال: لما كُسِرَتْ على رأس رسول الله ﷺ البيضةُ، وأُدْمِيَ وجهُه، وكُسِرَتْ رباعيتُه، وكان عليٌّ يختلف بالماء في المِجَنِّ، وجاءتْ فاطمةُ تغسِلُ عن وجهه الدمَ، فلمّا رأت فاطمةُ الدمَ يزيد على الماء كثرةً، عَمِدَتْ إلى حصيرٍ فأحرَقتْها، وألصقتْها على جُرْح رسول الله ﷺ، فرقأ الدمُ.
وفي رواية: أخذتْ قطعةَ حصيرٍ فأحرقتْه حتّى صار رمادا، ثمّ ألصقتْه بالجرح، فاستمسك الدمُ.

متفق عليه: رواه البخاريّ في الطب (٥٧٢٢)، ومسلم في الجهاد والسير (١٧٩٠: ١٠٢) كلاهما من طريق يعقوب بن عبد الرحمن القاريّ، عن أبي حازم، أنه سمع سهل بن سعد فذكره.

عن سهل بن سعد الساعدي قال: لما كُسِرَتْ على رأس رسول الله ﷺ البيضةُ، وأُدْمِيَ وجهُه، وكُسِرَتْ رباعيتُه، وكان عليٌّ يختلف بالماء في المِجَنِّ، وجاءتْ فاطمةُ تغسِلُ عن وجهه الدمَ، فلمّا رأت فاطمةُ الدمَ يزيد على الماء كثرةً، عَمِدَتْ إلى حصيرٍ فأحرَقتْها، وألصقتْها على جُرْح رسول الله ﷺ، فرقأ الدمُ.
وفي رواية: أخذتْ قطعةَ حصيرٍ فأحرقتْه حتّى صار رمادا، ثمّ ألصقتْه بالجرح، فاستمسك الدمُ.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا وإياك بسنّة نبيه ﷺ. هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه، يروي لنا موقفاً مؤثراً من مواقف الشجاعة والتضحية في غزوة أُحُد، ويظهر لنا جانباً من حنان البنت لأبيها، وفقهها العملي في التداوي.

أولاً. شرح المفردات:


● كُسِرَتْ عَلَى رَأْسِهِ البَيْضَةُ: البيضة هي القطعة من الحديد التي كانت تُوضَع داخل الخوذة (الْمِغْفَر) لحماية الرأس. أي أن هذه القطعة تحطمت من شدة الضربة.
● رَبَاعِيَتُهُ: هي الأسنان الأربع التي بين الثنايا والناب، والمقصود هنا السن التي بجانب الثنيتين العلويتين.
● الْمِجَنِّ: هو الترس الذي يُتَّقى به السهام والضربات في الحرب، وكان عليٌّ رضي الله عنه يستخدمه ليحمل فيه الماء.
● يَزِيدُ عَلَى الْمَاءِ كَثْرَةً: أي أن كمية الدم كانت أكثر من كمية الماء، فكلما غسلت الدم بالماء، عاد ونزف أكثر.
● حَصِيرٍ: سُفْطَة أو قطعة منسوجة من سَعف النخيل.
● فَأَحْرَقَتْهَا: أحرقت قطعة الحصير حتى صارت رماداً.
● فَرَقَأَ الدَّمُ: توقف وسكن نزوله.


ثانياً. شرح الحديث:


يحدثنا الصحابي الجليل سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه عن ذلك اليوم العصيب في غزوة أُحُد، حين اشتد القتال، وتراجع الرماة عن مواقعهم، فانكشف المسلمون، ووقع ما وقع من إصابة النبي ﷺ.
1- شجاعة النبي ﷺ وتضحيته: وقف النبي ﷺ في قلب المعركة يدافع عن دين الله، حتى أصيب بإصابات بالغة: كُسرت البيضة على رأسه الشريف، وشُجَّ وجهه، وكُسرت إحدى رباعياته. وهذا يدل على مشاركته الفعلية في القتال وتحملّه للأذى في سبيل الله.
2- بطولة عليٍّ رضي الله عنه: كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يتردد بالماء في ترسه (المجن) لسقاية الجرحى ولبطولة النبي ﷺ، مما يدل على شجاعته وثباته مع النبي في أحلك الظروف.
3- حنان فاطمة وبرها بأبيها: جاءت السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها، ابنة النبي ﷺ، وهي التي كانت تُكنى بـ "أم أبيها" لحنانها الشديد عليه، لتعالج جراحه وتغسل الدم عن وجهه الكريم. كان مشهداً مؤلماً لها، فهي ترى الدم لا يتوقف عن الجرح.
4- ذكاؤها العملي وطبها البدائي: عندما رأت أن الماء لا يكفي لوقف النزيف، ولم يكن هناك أدوية متوفرة، استخدمت فطنتها وذكاءها. فأخذت قطعة من الحصير (وهي مادة قابلة للاحتراق بسهولة)، وأحرقتها حتى صارت رماداً ناعماً، ثم لصقت هذا الرماد على الجرح. والرماد مادة قابلة للامتصاص وتساعد على تجلط الدم وتوقف النزيف، فاستمسك الدم بفضل الله ثم بهذا الإجراء البدائي الحكيم.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- الشجاعة والثبات في سبيل الله: الموقف أعظم درس في الشجاعة والتضحية بالنفس في سبيل إعلاء كلمة الله، يتجلى في شخص النبي ﷺ وأصحابه.
2- بر الوالدين والإحسان إليهما: تظهر السيدة فاطمة أروع أمثلة بر الابنة بأبيها في أشد أوقاته احتياجاً لها، بحنانها وحرصها على تخفيف الألم عنه.
3- السعي في اتخاذ الأسباب: لم تيأس فاطمة من نزيف الدم، بل سعت واجتهدت في البحث عن سبب لوقف النزيف، وهذا يعلمنا to always seek solutions and not surrender to despair.
4- التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب: أخذت بالأسباب المتاحة (الرماد) وتوكلت على الله، فكانت النتيجة أن استمسك الدم بفضل الله.
5- الجهاد ذو ثمن: يذكرنا هذا الحديث بأن طريق الدعوة والجهاد ليس مفروشاً بالورود، بل هو طريق التضحيات والآلام، والذي يتحمله أصحاب الإيمان الراسخ.


رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


● الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو أعلى درجة في الصحة والثبوت.
- هذه الحادثة كانت في غزوة أحد في السنة الثالثة للهجرة.
- استشهد في هذه الغزوة عدد من كبار الصحابة، مثل حمزة بن عبد المطلب عم النبي ﷺ.
- فعل السيدة فاطمة رضي الله عنها يندرج تحت ما يعرف اليوم بالإسعافات الأولية، حيث استخدمت مادة ماصة (الرماد) لوقف النزيف.
نسأل الله أن يرزقنا حب نبيه ﷺ والاقتداء به، وأن يجمّعنا به في جنات النعيم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الطب (٥٧٢٢)، ومسلم في الجهاد والسير (١٧٩٠: ١٠٢) كلاهما من طريق يعقوب بن عبد الرحمن القاريّ، عن أبي حازم، أنه سمع سهل بن سعد فذكره.
والرّواية الأخرى لمسلم (١٧٩٠: ١٠١) من طريق عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه أنه سمع سهل بن سعد به.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 85 من أصل 128 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: فاطمة تحرق الحصير وتلصقه على جرح النبي ليمسك الدم

  • 📜 حديث: فاطمة تحرق الحصير وتلصقه على جرح النبي ليمسك الدم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: فاطمة تحرق الحصير وتلصقه على جرح النبي ليمسك الدم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: فاطمة تحرق الحصير وتلصقه على جرح النبي ليمسك الدم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: فاطمة تحرق الحصير وتلصقه على جرح النبي ليمسك الدم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب