حديث: لا صفر ولا هامة ولا عدوى

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر، ولا نوء، ولا غول

عن أبي أمامة، عن النَّبِيّ ﷺ قال: «لا صفر ولا هامة ولا عدوى».

حسن: رواه ابن أبي عاصم في السنة (٢٩٠)، والطَّبرانيّ في الكبير (٨/ ٢١٦) كلاهما من طرق، عن عمرو بن هاشم البيروتيّ، حَدَّثَنَا الهيثم بن حميد، عن أبي مُعيد حفص بن غيلان، عن القاسم أبي عبد الرحمن، عن أبي أمامة فذكره.

عن أبي أمامة، عن النَّبِيّ ﷺ قال: «لا صفر ولا هامة ولا عدوى».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، و نسأل الله تعالى أن يرزقنا و إياكم العلم النافع والعمل الصالح، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما وفقها في الدين واجعلنا هداة مهتدين. هذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي تزيل الوهم والخرافة، وتؤصل العقيدة الصحيحة في نفوس المؤمنين. وإليك الشرح المفصل له:

الحديث بلفظه:


عن أبي أمامة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا صَفَرَ، ولا هَامَةَ، ولا عَدْوَى».


1. شرح المفردات:


● لا صَفَرَ:
● الصَّفَر في اللغة: اسم للشهر المعروف (شهر صفر)، وكان للعرب في الجاهلية اعتقادات متوارثة بشأنه، حيث يتشاءمون منه ويظنون أنه يجلب الشر والنحس.
- وقيل: إنه داء في البطن يصيب الإبل ثم ينتقل إلى البشر، فكانوا يتشاءمون منه.
- والمقصود في الحديث: نفي هذه التخويفات والاعتقادات الفاسدة المرتبطة به.
● ولا هَامَةَ:
● الهَامَة في اللغة: طائرٌ معروف (البومة)، وكانوا في الجاهلية يزعمون أن روح القتيل إذا لم تُنتَقَم تصير هامة (طيراً) تطلب الثأر، أو أن الميت يصير طيراً يطير، ويصوت بصوت حزين!
- فجاء الحديث ليدحض هذه الخرافة.
● ولا عَدْوَى:
● العَدْوَى: هي انتقال المرض من شخصٍ إلى آخر بطريقةٍ طبيعية، كالمرض المعدي.
- ولكن المقصود في الحديث: نفي ما كان يعتقده أهل الجاهلية من أن الأمراض تعدي بطبعها من دون إرادة الله تعالى وقدره.


2. شرح الحديث:


هذا الحديث من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يرد على مجموعة من الخرافات والضلالات التي كانت منتشرة في الجاهلية، ويؤكد على عقيدة التوحيد والإيمان بالقضاء والقدر.
● نفي التشاؤم بزمن معين (شهر صفر):
كان العرب يتشاءمون من شهر صفر، ويتركون السفر والعمل فيه خوفاً من النحس، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم لينفي هذا الوهم، ويبين أن الأمور كلها بيد الله تعالى، ولا تأثير للزمان في جلب النفع أو الضر إلا بمشيئة الله.
● نفي الخرافات المتعلقة بالأموات (الهامة):
كانوا يعتقدون أن روح القتيل إذا لم تُنتَقم تتحول إلى طير (هامة) تطير وتصوت، فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعتقد، وأكد أن الأرواح لا تتحول إلى طيور أو غيرها، بل هي في عالم البرزخ إلى أن تقوم الساعة.
● نفي العدوى بمعنى انتقال المرض بقوة ذاتية بدون مشيئة الله:
هذا من أصعب مواضيع الحديث، وقد وضَّحه النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث أخرى حتى لا يُفهم خطأ.
المقصود: نفي ما يعتقده بعض الناس من أن المرض يعدي بطبيعته بدون إرادة الله، كاعتقاد المشركين.
ولكن هذا لا ينافي أن الأمراض قد تكون معدية في الظاهر، كما جاء في الحديث الآخر: «فِرَّ مِنَ المَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الأَسَدِ» (رواه البخاري)، أي أن هناك أسباباً ظاهرة يجب اتقاؤها، ولكن مع اليقين بأن الله هو الذي يقدر المرض والشفاء.


3. الدروس المستفادة:


1- تصحيح العقيدة:
الحديث يربي المسلم على التوحيد الخالص، ويرد على الخرافات والاعتقادات الفاسدة التي تتنافى مع الإيمان بالقدر خيره وشره.
2- التفاؤل وعدم التشاؤم:
المسلم لا يتشاءم من الأزمنة أو الأماكن أو الطيور، بل يتوكل على الله ويستعين به في جميع أموره.
3- الأخذ بالأسباب مع التوكل على الله:
في مسألة العدوى، نأخذ بالأسباب (كاجتناب المريض بالمرض المعدي)، ولكن مع الاعتقاد الجازم أن الله هو الذي يمرض ويشفي.
4- محاربة الخرافات:
الإسلام دين العقل والعلم، ويدعو إلى نبذ كل ما يخالف العقل الصحيح والنقل الصريح.


4. معلومات إضافية:


- هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من الأحاديث الصحيحة المتلقاة بالقبول.
- بعض العلماء جمعوا بين هذا الحديث والأحاديث التي تأمر باجتناب المريض، بأن المقصود نفي العدوى على المعنى الجاهلي (أي أنها تعدي بطبعها)، أما الأخذ بالاحتياط فهو مشروع مع الإيمان بأن الله هو الفاعل الحقيقي.
- ينبغي للمسلم أن يحذر من التشاؤم بالأشهر أو الأيام، كالتشاؤم بيوم الأربعاء أو شهر صفر، فهذا من أمر الجاهلية.

أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا الفقه في دينه، والثبات على عقيدة التوحيد. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن أبي عاصم في السنة (٢٩٠)، والطَّبرانيّ في الكبير (٨/ ٢١٦) كلاهما من طرق، عن عمرو بن هاشم البيروتيّ، حَدَّثَنَا الهيثم بن حميد، عن أبي مُعيد حفص بن غيلان، عن القاسم أبي عبد الرحمن، عن أبي أمامة فذكره.
وإسناده حسن فإن كلا من القاسم أبي عبد الرحمن، والهيثم بن حميد، وعمرو بن هاشم البيروتي حسن الحديث.
وله طرق أخرى منها: ما روإه أبو بكر ابن أبي شيبة في مسنده كما في المطالب العالية (٢٤٨٨)، والطبري في مسند علي من تهذيب الآثار (٢٤) كلاهما من طريق أبي أسامة، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: حَدَّثَنَا القاسم، عن أبي أمامة قال: فذكره.
ورجال الإسناد كلّهم ثقات لكن أبو أسامة كان يهمُ في اسم شيخه، قال موسى بن هارون: روى أبو أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وكان ذلك وهما منه، هو لم يلقَ ابن جابر، وإنما لقي ابن تميم، فظن أنه ابن جابر، وابن جابر ثقة، وابن تميم ضعيف. اهـ.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 113 من أصل 128 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا صفر ولا هامة ولا عدوى

  • 📜 حديث: لا صفر ولا هامة ولا عدوى

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا صفر ولا هامة ولا عدوى

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا صفر ولا هامة ولا عدوى

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا صفر ولا هامة ولا عدوى

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب