حديث: ما يحمل الرجل على أن يتمنى محضرا غيّبه الله عنه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (٧٤)﴾

عن جبير بن نفير قال: جلسنا إلى المقداد بن الأسود يوما، فمر به رجل، فقال: طوبى لهاتين العينين اللتين رأتا رسول الله ﷺ، والله لوددنا أنا رأينا ما رأيتَ، وشهدنا ما شهدتَ، فاستغضب، فجعلت أعجب، ما قال إلا خيرا، ثم أقبل إليه، فقال: ما يحمل الرجل على أن يتمنى محضرا غيّبه الله عنه، لا يدري لو شهده كيف كان يكون فيه، والله لقد حضر رسول الله ﷺ أقوام كبّهم الله على مناخرهم في جهنم لم يجيبوه، ولم يصدّقوه، أولا تحمدون الله إذ أخرجكم لا تعرفون إلا ربكم، مصدقين لما جاء به نبيكم، قد كفيتم البلاء بغيركم، والله لقد بعث الله النبي ﷺ على أشدّ حال بُعِث عليها فيه نبي من الأنبياء في فترة وجاهلية، ما يرون أن دينا أفضل من عبادة الأوثان، فجاء بفرقان فرّق به بين الحق والباطل، وفرّق بين الوالد وولده، حتى إن كان الرجل ليرى والده وولده أو أخاه كافرا، وقد فتح الله قُفْل قلبه للإيمان، يعلم أنه إن هلك دخل النار، فلا تقرّ عينه وهو يعلم أن حبيبه في النار، وإنها للّتي قال الله عز وجل: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾.

صحيح: رواه أحمد (٢٣٨١٠)، والبخاري في الأدب المفرد (٨٧)، وابن حبان (٦٥٥٢) كلهم من طريق عبد الله بن المبارك، أخبرنا صفوان بن عمرو، قال: حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، قال: فذكره.

عن جبير بن نفير قال: جلسنا إلى المقداد بن الأسود يوما، فمر به رجل، فقال: طوبى لهاتين العينين اللتين رأتا رسول الله ﷺ، والله لوددنا أنا رأينا ما رأيتَ، وشهدنا ما شهدتَ، فاستغضب، فجعلت أعجب، ما قال إلا خيرا، ثم أقبل إليه، فقال: ما يحمل الرجل على أن يتمنى محضرا غيّبه الله عنه، لا يدري لو شهده كيف كان يكون فيه، والله لقد حضر رسول الله ﷺ أقوام كبّهم الله على مناخرهم في جهنم لم يجيبوه، ولم يصدّقوه، أولا تحمدون الله إذ أخرجكم لا تعرفون إلا ربكم، مصدقين لما جاء به نبيكم، قد كفيتم البلاء بغيركم، والله لقد بعث الله النبي ﷺ على أشدّ حال بُعِث عليها فيه نبي من الأنبياء في فترة وجاهلية، ما يرون أن دينا أفضل من عبادة الأوثان، فجاء بفرقان فرّق به بين الحق والباطل، وفرّق بين الوالد وولده، حتى إن كان الرجل ليرى والده وولده أو أخاه كافرا، وقد فتح الله قُفْل قلبه للإيمان، يعلم أنه إن هلك دخل النار، فلا تقرّ عينه وهو يعلم أن حبيبه في النار، وإنها للّتي قال الله ﷿: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم رواه الإمام أحمد في مسنده، وفيه دروس وعبر جليلة، سأشرحه لكم جزءًا جزءًا بإذن الله تعالى.

أولًا:

شرح المفردات:
● طوبى: كلمة تدل على الغبطة والسعادة والتنعيم، وهي أعلى درجات الجنة.
● كبّهم الله على مناخرهم: أي ألقاهم على وجوههم في النار.
● الجهالة: الجهل هنا بمعنى الغفلة عن الحق وليس عدم العلم.
● الفرقان: ما يفرق بين الحق والباطل، وهو القرآن الكريم.
● قرة أعين: ما تقر به العين ويسر الخاطر.

ثانيًا. شرح الحديث:


يبدأ الحديث بأن الصحابي الجليل المقداد بن الأسود الكندي -رضي الله عنه- جلس إليه بعض الصحابة، فمر بهم رجل، فقال ذلك الرجل للمقداد: "طوبى لهاتين العينين اللتين رأتا رسول الله ﷺ، والله لوددنا أنا رأينا ما رأيتَ، وشهدنا ما شهدتَ".
فهذا الرجل يتمنى لو أنه شهد عصر النبي ﷺ ورآه وصاحبه.
فغضب المقداد -رضي الله عنه- من هذه الأمنية، واستنكرها، وقال: "ما يحمل الرجل على أن يتمنى محضرًا غيّبه الله عنه، لا يدري لو شهده كيف كان يكون فيه".
أي: لماذا يتمنى الإنسان أن يكون في زمانٍ قد حرمه الله منه؟ فهو لا يدري لو كان في ذلك الزمان هل كان سيهتدي ويؤمن، أم سيكفر ويعصي؟!
ثم ذكر المقداد -رضي الله عنه- حقيقةً مهمةً، فقال: "والله لقد حضر رسول الله ﷺ أقوام كبّهم الله على مناخرهم في جهنم لم يجيبوه، ولم يصدّقوه".
أي: أن هناك أناسًا عاصوا النبي ﷺ وكفروا به، فدخلوا النار، فليس كل من عاصر النبي ﷺ نجا، بل كثير منهم كفر وحُشر على وجهه في النار.
ثم وجه المقداد -رضي الله عنه- نظر الصحابة إلى نعمة الله عليهم، فقال: "أولا تحمدون الله إذ أخرجكم لا تعرفون إلا ربكم، مصدقين لما جاء به نبيكم، قد كفيتم البلاء بغيركم".
أي: احمدوا الله أن هداكم للإيمان، ووفقكم للتصديق برسوله، ولم يبتليكم بالكفر والمعصية كما ابتلى غيركم.
ثم وصف المقداد -رضي الله عنه- صعوبة البعثة النبوية، فقال: "والله لقد بعث الله النبي ﷺ على أشدّ حال بُعِث عليها نبي من الأنبياء في فترة وجاهلية، ما يرون أن دينا أفضل من عبادة الأوثان".
فالنبي ﷺ بعث في فترة انقطاع الوحي، وفي بيئة جاهلية لا تعرف التوحيد، فكانت التحديات كبيرة جدًا.
ثم بين أن النبي ﷺ جاء بالفرقان، أي القرآن، الذي فرق بين الحق والباطل، حتى إنه فرق بين الأب وابنه، والأخ وأخيه، فقال: "حتى إن كان الرجل ليرى والده وولده أو أخاه كافرا، وقد فتح الله قُفْل قلبه للإيمان، يعلم أنه إن هلك دخل النار، فلا تقرّ عينه وهو يعلم أن حبيبه في النار".
فهذا من شدة البلاء، أن يرى الإنسان أحبته كفارًا، وهو يعلم أن مصيرهم النار، فلا يطمئن قلبه بسبب ذلك.
ثم ختم المقداد -رضي الله عنه- بقوله: "وإنها للّتي قال الله: ﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾".
أي: أن الدعاء بأن يكون الأهل والأولاد قرة عين في الدنيا والآخرة هو المطلوب، لا أن يتمنى الإنسان زمنًا قد فاته لا يدري كيف كان سيكون فيه.

ثالثًا. الدروس المستفادة من الحديث:


1- عدم تمني زمن النبي ﷺ: فلا ينبغي للمسلم أن يتمنى أن يكون في عصر النبي ﷺ، لأن الله قد كتب لكل إنسان زمانه، والواجب شكر الله على نعمة الهداية في الوقت الحاضر.
2- الشكر على نعمة الإيمان: فالله أنعم علينا بالإيمان والتصديق برسوله ﷺ، وهذه نعمة عظيمة يجب شكرها.
3- خطورة الكفر والعصيان: فليس كل من عاصر النبي ﷺ نجا، بل كثير منهم كفروا وعصوا، فدخلوا النار.
4- صعوبة دعوة النبي ﷺ: فقد كانت الدعوة في بيئة جاهلية صعبة، وكان الفراق بين الأهل والأقارب بسبب الإيمان من أشد الابتلاءات.
5- الدعاء بأن يكون الأهل والأولاد قرة عين: فيدعو المسلم ربه أن يهدي أهله وذريته، ويجعلهم قرة عين له في الدنيا والآخرة.

رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:


- المقداد بن الأسود -رضي الله عنه- من السابقين إلى الإسلام، وكان من الفرسان الشجعان.
- هذا الحديث يرد على بعض الصوفية الذين يتمنون اللحاق بالصحابة ورؤية النبي ﷺ، مع أن الواجب هو الرضا بقضاء الله وقدره.
- ينبغي للمسلم أن يعمل في زمانه بما يقدر عليه من الدعوة والصلاح، ولا يشغل نفسه بتمني أمور قد مضت.
أسأل الله أن يجعلنا من الشاكرين لله على نعمة الإيمان، وأن يهدي أبناءنا وأهلنا، ويجعلهم قرة أعين لنا في الدنيا والآخرة.
وصلى
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٢٣٨١٠)، والبخاري في الأدب المفرد (٨٧)، وابن حبان (٦٥٥٢) كلهم من طريق عبد الله بن المبارك، أخبرنا صفوان بن عمرو، قال: حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، قال: فذكره.
وإسناده صحيح، وصحّحه أيضا الحافظ ابن كثير في تفسيره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1062 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما يحمل الرجل على أن يتمنى محضرا غيّبه الله عنه

  • 📜 حديث: ما يحمل الرجل على أن يتمنى محضرا غيّبه الله عنه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ما يحمل الرجل على أن يتمنى محضرا غيّبه الله عنه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ما يحمل الرجل على أن يتمنى محضرا غيّبه الله عنه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ما يحمل الرجل على أن يتمنى محضرا غيّبه الله عنه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب