حديث: من عمل الذنوب كلها فهل له من توبة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (٦٩) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (٧٠)﴾

عن أبي طويل شطب الممدود: أنه أتى رسول الله ﷺ، فقال: أرأيت رجلا عمل الذنوب كلها، فلم يترك منها شيئا وهو في ذلك لم يترك حاجة ولا داجة إلا أتاها، فهل له من توبة؟ . قال: «فهل أسلمت؟». قال: أمّا أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنك رسول الله. قال: «نعم، تفعل الخيرات، وتترك السيئات، فيجعلهن الله لك خيرات كلّهن». قال: وغدراتي وفجراتي؟ قال: «نعم». فقال: الله أكبر. فما زال يكبر حتى توارى.

صحيح: رواه البزار - كشف الأستار (٣٢٤٤)، والطبراني في الكبير (٧/ ٣٧٥ - ٣٧٦)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٢٧١٨) كلهم من طرق عن أبي المغيرة (وهو عبد القدوس بن الحجاج)، عن صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبي طويل شطب الممدود، فذكره.

عن أبي طويل شطب الممدود: أنه أتى رسول الله ﷺ، فقال: أرأيت رجلا عمل الذنوب كلها، فلم يترك منها شيئا وهو في ذلك لم يترك حاجة ولا داجة إلا أتاها، فهل له من توبة؟ . قال: «فهل أسلمت؟». قال: أمّا أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنك رسول الله. قال: «نعم، تفعل الخيرات، وتترك السيئات، فيجعلهن الله لك خيرات كلّهن». قال: وغدراتي وفجراتي؟ قال: «نعم». فقال: الله أكبر. فما زال يكبر حتى توارى.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث الرجاء والتوبة، يُظهر سعة رحمة الله تعالى وعظيم مغفرته لعباده التائبين.
### أولاً. تخريج الحديث
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والطبراني في المعجم الكبير، وابن حبان في صحيحه، وهو حسن في صحيح الجامع. وهو حديث صحيح بشواهده.

ثانياً. شرح المفردات:


● شطب الممدود: هو صحابي جليل، واسمه كعب بن عجرة رضي الله عنه، وقد وُصف بهذا الوصف لطول قامته.
● لم يترك حاجة ولا داجة: كناية عن أنه أتى كل أنواع الذنوب صغيرها وكبيرها، فـ"الحاجة" قد تعني الذنب الذي يحوجه إلى التوبة، و"الداجة" (بمعنى الداهية) تعني الذنوب العظيمة المهلكة.
● غدراتي وفجراتي: "الغدرات" هي الخيانات ونقض العهود، و"الفجرات" هي الذنوب والمعاصي المترتبة عن الخروج عن طاعة الله.

ثالثاً. شرح الحديث:


يُصوّر لنا هذا الحديث مشهداً مؤثراً لرجل يائس من رحمة الله، قد استحوذت عليه خطاياه وظن أن باب التوبة قد أغلق في وجهه بسبب كثرة ذنوبه وتنوعها. فيأتي إلى النبي ﷺ مستفهماً مستشيراً، فيسأله: هل يقبل الله توبة من بلغ في المعاصي ما بلغت؟
فكان جواب النبي ﷺ حاسماً ومباشراً، لم يوبخه أو يذكره بذنوبه، بل سأله عن أصل الإيمان: «فهل أسلمت؟». فهذا السؤال يوجه النظر إلى حقيقة أساسية، وهي أن الإسلام يمحو ما قبله.
فأجاب الرجل بنطق الشهادتين، فأخبره النبي ﷺ أن التوبة ليست ممكنة فحسب، بل هي مقبولة بمجرد صدق العزم واتخاذ الخطوات العملية، وهي:
1- «تفعل الخيرات»: الإكثار من الطاعات والأعمال الصالحة لتمحو السيئات.
2- «وتترك السيئات»: الندم والاعتراف بالذنب، والعزم على عدم العودة إليه.
ثم يبشره النبي ﷺ بالبشرى العظيمة: أن الله سيحول سيئاته كلها إلى حسنات بفضله ورحمته. فلم يصدق الرجل من شدة الفرح والانشراح، فاستفسر عن أفظع ذنوبه (الغدرات والفجرات)، فأكد له النبي ﷺ أنها مشمولة بالمغفرة أيضاً. فانطلق وهو يهلل ويكبر شكراً لله على نعمة التوبة والمغفرة.

رابعاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- سعة مغفرة الله تعالى: لا ييأس أحد من رحمة الله مهما عظمت ذنوبه، فالتوبة بابها مفتوح ما لم يغرغر العبد أو تطلع الشمس من مغربها.
2- الإسلام يجُبّ ما قبله: من أسلم وتاب توبة نصوحاً، فإن الله يغفر له جميع ذنوبه السابقة، كبيرة كانت أم صغيرة.
3- شروط التوبة النصوح: الندم على الذنب، والإقلاع عنه، والعزم على عدم العودة إليه، وإرجاع الحقوق إلى أهلها إن كان الذنب في حق العباد.
4- الاستبشار والفرح بقبول التوبة: الفرح بقبول التوبة من الله من علامات إخلاص التوبة وحسن الظن بالله.
5- الحث على فعل الحسنات بعد التوبة: لأن الحسنات يذهبن السيئات.

خامساً:

معلومات إضافية:
- هذا الحديث من أعظم أحاديث الرجاء، ويجب على الدعاة والعلماء أن يذكروه ويشيعوه بين الناس، خاصة بين من قست قلوبهم أو يئسوا من رحمة الله.
- يقابله حديث الوعيد الذي يذكر أن التوبة مقيدة بشرط عدم الغرغرة أو طلوع الشمس من مغربها، ليجمع المسلم بين الخوف والرجاء.
- يستفاد منه أن نطق الشهادتين بإخلاص ويقين هو الأساس الذي تُبنى عليه المغفرة.
نسأل الله تعالى أن يتوب علينا ويغفر لنا ذنوبنا جميعاً، وأن يجعلنا من التوابين المتطهرين. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البزار - كشف الأستار (٣٢٤٤)، والطبراني في الكبير (٧/ ٣٧٥ - ٣٧٦)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٢٧١٨) كلهم من طرق عن أبي المغيرة (وهو عبد القدوس بن الحجاج)، عن صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبي طويل شطب الممدود، فذكره. واللفظ للطبراني.
وإسناده صحيح.
وقال ابن حجر في الأمالي المطلقة (ص ١٤٤): «حسن صحيح غريب».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1059 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من عمل الذنوب كلها فهل له من توبة

  • 📜 حديث: من عمل الذنوب كلها فهل له من توبة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من عمل الذنوب كلها فهل له من توبة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من عمل الذنوب كلها فهل له من توبة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من عمل الذنوب كلها فهل له من توبة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب