حديث: ثلاث كذبات كذبها إبراهيم النبي في ذات الله وشأن سارة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (٨٨) فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ (٨٩) فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ (٩٠)﴾

عن أبي هريرة: أن رسول الله ﷺ قال: «لم يكذب إبراهيم النَّبِيّ عليه السلام قطّ إِلَّا ثلاث كذبات: ثنتين في ذات الله قوله ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾، وقوله: ﴿قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا﴾ [الأنبياء: ٦٣]، وواحدة في شأن سارة، فإنه قدم أرض جبار، ومعه سارة، وكانت أحسن الناس، فقال لها: إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي، فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك، فلمّا دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، أتاه، فقال له: لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي لها أن تكون إِلَّا لك. فأرسل إليها، فأتى بها، فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصّلاة، فلمّا دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها، فقبضت يده قبضة شديدة، فقال لها: ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك. ففعلت، فعاد، فقبضت أشد من القبضة الأولى، فقال لها مثل ذلك، ففعلت، فعاد، فقبضت أشد من القبضتين الأوّليين، فقال: ادعي الله أن يطلق يدي، فلك الله أن لا أضرك. ففعلت، وأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها، فقال له: إنك إنّما أتيتني بشيطان، ولم تأتني بإنسان، فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال: فأقبلت تمشي، فلمّا رآها إبراهيم عليه السلام انصرف، فقال لها: مهيم، قالت: خيرًا كف الله يد الفاجر، وأخدم خادما».
قال أبو هريرة: «فتلك أمكم، يا بني ماء السماء».

متفق عليه: رواه البخاريّ في أحاديث الأنبياء (٣٣٥٧، ٣٣٥٨)، ومسلم في الفضائل (٢٣٧١: ١٥٤) كلاهما من طرق عن أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، فذكره، وهذا لفظ مسلم.

عن أبي هريرة: أن رسول الله ﷺ قال: «لم يكذب إبراهيم النَّبِيّ ﵇ قطّ إِلَّا ثلاث كذبات: ثنتين في ذات الله قوله ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾، وقوله: ﴿قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا﴾ [الأنبياء: ٦٣]، وواحدة في شأن سارة، فإنه قدم أرض جبار، ومعه سارة، وكانت أحسن الناس، فقال لها: إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي، فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك، فلمّا دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، أتاه، فقال له: لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي لها أن تكون إِلَّا لك. فأرسل إليها، فأتى بها، فقام إبراهيم ﵇ إلى الصّلاة، فلمّا دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها، فقبضت يده قبضة شديدة، فقال لها: ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك. ففعلت، فعاد، فقبضت أشد من القبضة الأولى، فقال لها مثل ذلك، ففعلت، فعاد، فقبضت أشد من القبضتين الأوّليين، فقال: ادعي الله أن يطلق يدي، فلك الله أن لا أضرك. ففعلت، وأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها، فقال له: إنك إنّما أتيتني بشيطان، ولم تأتني بإنسان، فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال: فأقبلت تمشي، فلمّا رآها إبراهيم ﵇ انصرف، فقال لها: مهيم، قالت: خيرًا كف الله يد الفاجر، وأخدم خادما».
قال أبو هريرة: «فتلك أمكم، يا بني ماء السماء».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه ﷺ.
شرح الحديث:
هذا الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ يتناول ثلاث مواقف من حياة نبي الله إبراهيم الخليل عليه السلام، وصفها النبي ﷺ في هذا السياق بـ "الكذبات"، وسأبين معنى ذلك إن شاء الله.
أولاً: شرح المفردات:
● لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ النَّبِيُّ ﷺ قَطُّ: لم يثبت عنه الكذب في حياته بشكل مطلق.
● إِلَّا ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ: استثناء المقصود به المواقف التي تحمل صورة الكذب لكنها ليست كذباً محضاً لحكمة شرعية.
● فِي ذَاتِ اللَّهِ: أي لأجل الله وفي سبيل ذاته تعالى ودينه.
● جَبَّارٍ: هنا بمعنى الطاغية أو الملك المتجبر المتسلط.
● مَهْيَمْ: كلمة استفهام بمعنى: ما الخبر؟ أو ما شأنك؟
● خَيْرًا: أي الأمر خير.
● كَفَّ اللَّهُ يَدَ الْفَاجِرِ: منع الله طغيانه وأذاه.
● وَأَخْدَمَ خَادِمًا: أعطاها جارية (وهي هاجر أم إسماعيل عليهما السلام).
● أُمُّكُمْ يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ: يقصد أن هاجر هي أم العرب المستعربة (أبناء إسماعيل) الذين يسكنون البادية ويشربون من ماء السماء (المطر).
ثانياً: شرح الحديث:
يخبرنا النبي ﷺ أن خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام لم يُعرف عنه الكذب في حياته، إلا في ثلاث مواقف خاصة، كانت لها حكم ومقاصد عظيمة، وليست كذباً محضاً يُذم فاعله، بل من نوع "التورية" أو "الكذب لمصلحة راجحة".
1- الكذبتان في ذات الله:
* قوله تعالى: ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات: 89]. كان هذا حين كسر أصنام قومه، فلما سألوه: أأنت فعلت هذا بآلهتنا؟ قال: ﴿بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا﴾ [الأنبياء: 63]، مورياً عن كبير الأصنام الذي كسره هو، ثم قال: ﴿بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ﴾. وهذه حكمة بالغة ليفحمهم ويريهم عجز أصنامهم.
* قوله: ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾. قالها حين دعاه قومه لعيدهم ليعبدوا أصنامهم، فاعتذر بهذه العبارة، وهي تحتمل أنه سقيم القلب من عبادة الأصنام، فكانت تورية بحكمة ليتجنب مشاركتهم في باطلهم.
2- الكذبة في شأن سارة:
هذه القصة مفصلة في الحديث. لما دخل إبراهيم عليه السلام أرض ملك جبار (طاغية) ومعه زوجته سارة، وكانت من أجمل الناس، خاف أن يقتله الطاغية ليأخذها، فقال لها: "إن سألك فأخبريه أنك أختي، فإنك أختي في الإسلام". وهذا صحيح، فهي أخته في الدين، وليس في الأرض مؤمن غيرهما، فكانت هذه عبارة تحمل معنى صحيحاً (الأخوة في الإيمان) وتواري المعنى الآخر (أخوة النسب) الذي سيُفهمه الطاغية. وهذا من باب التورية الجائزة للضرورة، لحماية النفس والعرض والدين.
ثم حدثت المعجزة، حيث منع الله تعالى يد الطاغية عن المساس بها ثلاث مرات، حتى أيقن أنها معصومة بإرادة الله، فخاف وردها وأعطاها جارية (هاجر) كتعويذ أو هدية استرضاءً. فعادت سارة إلى إبراهيم عليه السلام سالمة، وأخبرته أن الله كف أذى الفاجر وأنعم عليها بخادمة (هاجر) التي ستصبح أما لإسماعيل عليه السلام، جد العرب.
ثالثاً: الدروس المستفادة والعبر:
1- بيان عصمة الأنبياء: الأنبياء معصومون عن الكذب في التبليغ عن الله، ولكن قد يصدر منهم ما يسمى "كذباً" بمعنى الظاهر، وهو في الحقيقة من باب التورية أو المداراة أو للضرورة التي تبيح المحظور، لحماية مصلحة أعظم (كحفظ النفس أو الدين). وهذه ليست معصية، بل حكمة شرعية.
2- جواز التورية للضرورة: الحديث أصل في جواز استخدام التورية (قول كلمة تحمل معنى صحيحاً وغير صحيح، ويقصد المعنى الصحيح) عند الخوف على النفس أو العرض أو الدين، إذا كانت المصلحة فيها راجحة.
3- ثقة الأنبياء بالله: قصة سارة تظهر ثقة إبراهيم وسارة بالله تعالى، وأنهما لم يعتمدا على الحيلة وحدها، بل على التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب.
4- عناية الله بأوليائه: قصة سارة من أعظم الأدلة على عناية الله تعالى بعباده الصالحين وحمايته لهم من كيد الطغاة.
5- أصل نسب العرب: الحديث يبين أصل هاجر أم إسماعيل عليهما السلام، وأنها كانت أمة أهداها ذلك الملك لسارة.
رابعاً: معلومات إضافية:
* الحديث في الصحيحين: هذا الحديث رواه البخاري (2217) ومسلم (2371)، فهو حديث صحيح متفق عليه.
* **تسميتها
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في أحاديث الأنبياء (٣٣٥٧، ٣٣٥٨)، ومسلم في الفضائل (٢٣٧١: ١٥٤) كلاهما من طرق عن أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، فذكره، وهذا لفظ مسلم.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1294 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ثلاث كذبات كذبها إبراهيم النبي في ذات الله وشأن سارة

  • 📜 حديث: ثلاث كذبات كذبها إبراهيم النبي في ذات الله وشأن سارة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ثلاث كذبات كذبها إبراهيم النبي في ذات الله وشأن سارة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ثلاث كذبات كذبها إبراهيم النبي في ذات الله وشأن سارة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ثلاث كذبات كذبها إبراهيم النبي في ذات الله وشأن سارة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب