حديث: أنا عند ظن عبدي بي

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب حسن الظَّن باللَّه مقرونًا بالخوف والرَّجاء

عن أبي هريرة، عن رسول اللَّه ﷺ: «إن اللَّه جلَّ وعلا يقول: أنا عند ظن عبدي بي، إن ظنّ خيرًا فله، وإن ظنّ شرًّا فله».

صحيح: رواه ابن حبان (٦٣٩) عن عبد اللَّه بن محمد بن سلم، قال: حدثنا حرملة بن يحيى، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث -وذكر ابن سلم آخر معه-، أنَّ أبا يونس حدَّثهم، عن أبي هريرة، فذكر الحديث.

عن أبي هريرة، عن رسول اللَّه ﷺ: «إن اللَّه جلَّ وعلا يقول: أنا عند ظن عبدي بي، إن ظنّ خيرًا فله، وإن ظنّ شرًّا فله».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يفتح علينا أبواب فهم كلام نبيه ﷺ. هذا حديث عظيم من أحاديث القدسي، التي يرويها النبي ﷺ عن ربه تبارك وتعالى، وهو يحمل معاني جليلة تتعلق بالتوحيد والاعتقاد.

شرح الحديث:


الراوي: أبو هريرة رضي الله عنه، وهو أكثر الصحابة رواية للحديث عن رسول الله ﷺ.
المصادر: أخرجه الإمام أحمد في مسنده، وابن ماجه في سننه، والحاكم في المستدرك، وصححه الألباني.


1. شرح المفردات:


* أنا عند ظن عبدي بي: (أنا) ضمير يعود على الله تعالى يفيد التعظيم. (عند) أي بحسب، أو على وفق. (ظن) هنا لا يعني الشك، بل يعني اليقين والاعتقاد الجازم الذي يستقر في القلب، وهو ما يترتب عليه العمل. فالمقصود: أنني أعامل عبدي حسب ما يعتقده وييقطن به في قلبه من خير أو شر.
* إن ظن خيرًا فله: أي إن اعتقد اعتقادًا صالحًا بأني أرحمه، وأقبل توبته، وأغفر ذنبه، وأستجيب دعاءه، فسأعطيه من فضلي وكرمي ما يتناسب مع هذا الظن الحسن.
* إن ظن شرًا فله: أي إن اعتقد اعتقادًا سيئًا بأني لا أرحمه، أو لا أغفر له، أو أتعنت عليه، أو يئس من رحمتي، فسأعامله بما ظن؛ فييأس ويحرم من الخير بسبب سوء ظنه بربه.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبرنا النبي ﷺ عن الله عز وجل أنه يقول: إن معاملتي لعبادي تكون على حسب ما يعتقدونه وييقطنون به فيّ. فمن ظن بي خيرًا، ووثق برحمتي، وتعلق بفضلي، ورجاني في الشدائد والرخاء، فإنه سينال ما ظن بسبب هذا الظن الحسن. ومن ظن بي شرًا، ويئس من رحمتي، وقنط من مغفرتي، واتهمني في قضائي وقدرتي، فإنه سيحرم الخير ويصيبه الشر بسبب سوء ظنه بربه.
وهذا من كمال عدل الله وحكمته، فهو يجازي العبد على ظنه، لأنه دليل على ما في قلبه من إيمان أو كفر، ورضا أو سخط، وتوكل أو تواكل.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- الحث على حسن الظن بالله: هذا الحديث دافع قوي للمسلم لأن يحسن الظن بربه في جميع أحواله،尤其在 أوقات الشدة والمرض والفقر وعند ارتكاب الذنب. فحسن الظن بالله هو روح الأمل والتوكل والرجاء.
2- سوء الظن بالله من كبائر الذنوب: لأن سوء الظن بالله يتضمن اتهامًا لله في أسمائه وصفاته (كالرحمة والكرم والعفو)، وهو يؤدي إلى القنوط من رحمة الله، وهو من المهلكات. قال تعالى: {إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87].
3- الربط بين الظن والعمل: الظن هنا ليس مجرد أمنية، بل هو اعتقاد قلبي يدفع إلى العمل الصالح. فمن ظن أن الله سيغفر له تاب وأناب، ومن ظن أن الله سيَرزقه سعى وكدح، ومن ظن أن الله سيستجيب له دعا ورغب ورهب.
4- الحديث يبعث على التفاؤل والأمل: فيذكر المسلم دائمًا أن رحمة الله وسعت كل شيء، وأن باب التوبة مفتوح، وأن فضله أعظم من ذنوب عباده.
5- التنبيه على عظمة الله وكرمه: فالله يعطي العبد على قدر توقعه منه، فكلما اتسع أمل العبد في ربه، اتسع عطاء الله له.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* من أمثلة حسن الظن بالله: أن يقول العبد إذا مرض: "اللهم اشفني، وأنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك"، موقنًا بأن الشفاء بيد الله. وأن يقول إذا أذنب: "ربي غفور رحيم"، فيسرع إلى التوبة. وأن يدعو الله وهو موقن بالإجابة.
* من أمثلة سوء الظن بالله: أن يقول العبد: "الله لن يغفر لي أبدًا"، أو "رحمته لا تشمل مثلي"، أو يتشاءم وييأس من الفرج.
* يجمع المسلم بين حسن الظن بالله والخوف منه، فلا يغلب جانب الرجاء فيُسرف في المعاصي، ولا يغلب جانب الخوف فييأس من الرحمة. قال تعالى: {وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا} [الأعراف: 56].
نسأل الله تعالى أن يحسن ظنونا به، وأن يتوفانا على الإسلام والسنة.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن حبان (٦٣٩) عن عبد اللَّه بن محمد بن سلم، قال: حدثنا حرملة بن يحيى، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث -وذكر ابن سلم آخر معه-، أنَّ أبا يونس حدَّثهم، عن أبي هريرة، فذكر الحديث.
وإسناده صحيح. ورواه الإمام أحمد (٩٠٧٦) من وجه آخر، عن حسن بن موسى، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا أبو يونس، عن أبي هريرة، فذكر الحديث.
وابن لهيعة فيه كلام معروف إلا أنه متابع كما سبق.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 126 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أنا عند ظن عبدي بي

  • 📜 حديث: أنا عند ظن عبدي بي

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أنا عند ظن عبدي بي

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أنا عند ظن عبدي بي

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أنا عند ظن عبدي بي

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب