ما رأى رسول الله النقي منذ بعثه الله حتى قبضه

حديث: ما رأى رسول الله النقي منذ بعثه الله حتى قبضه

عن أبي حازم قال: سألت سهل بن سعد فقلت: هل أكل رسول اللَّه ﷺ النقيَّ؟ فقال سهل: ما رأى رسول اللَّه ﷺ النقيّ من حين ابتعثه اللَّه عز وجل حتى قبضه اللَّه. قال: فقلت: هل كانت لكم في عهد رسول اللَّه ﷺ مناخل؟ قال: ما رأى رسول اللَّه ﷺ منخلًا من حين ابتعثه اللَّه حتى قبضه. قال: قلت: كيف كنتم تأكلون الشعير غير منخول؟ قال: كنا نطحنه وننفخه فيطيرُ ما طار، وما بقي ثرّيناه فأكلناه.

صحيح: رواه البخاريّ في الأطعمة (٥٤١٣) عن قتيبة بن سعيد، حدّثنا يعقوب، عن أبي حازم قال: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن أبي حازم قال: سألت سهل بن سعد فقلت: هل أكل رسول اللَّه ﷺ النقيَّ؟ فقال سهل: ما رأى رسول اللَّه ﷺ النقيّ من حين ابتعثه اللَّه ﷿ حتى قبضه اللَّه. قال: فقلت: هل كانت لكم في عهد رسول اللَّه ﷺ مناخل؟ قال: ما رأى رسول اللَّه ﷺ منخلًا من حين ابتعثه اللَّه حتى قبضه. قال: قلت: كيف كنتم تأكلون الشعير غير منخول؟ قال: كنا نطحنه وننفخه فيطيرُ ما طار، وما بقي ثرّيناه فأكلناه.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما ندرس من سنة نبيه ﷺ.
هذا الحديث الشريف رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث التي تُظهر جانباً من زهد النبي ﷺ وتواضعه في معيشته، رغم مقامه العظيم عند الله تعالى.

أولاً. شرح المفردات:

● النقيّ: هو الدقيق الأبيض المنخول جيداً، الخالي من الردة (النخالة).
● ابتعثه الله: أي أرسله نبياً ورسولاً.
● مناخل: جمع منخل، وهو الآلة التي يُنخل بها الدقيق لفصل النخالة عنه.
● ننفخه: أي نعرضه للهواء بعد طحنه، فتحمل الريح الجزء الخفيف (النخالة).
● ثرّيناه: من الثرية، أي بللناه بالماء وعجناه ليصير عجيناً.

ثانياً. شرح الحديث:

يحدثنا الصحابي الجليل سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه، وهو من صغار الصحابة، فيجيب على أسئلة أبي حازم عنه ﷺ وعن حالهم معه.
1- السؤال عن أكل النقيّ: يجيب سهل رضي الله عنه بأن النبي ﷺ لم يرَ النقيّ (أي الدقيق الأبيض الناعم) طوال فترة نبوته، منذ أن بعثه الله إلى أن توفاه. وهذا لا يعني أنه لم يأكله مطلقاً (فقد يكون أكله قبل النبوة)، ولكن معناه أنه بعد النبوة عاش حياة الزهد والتقشف، ولم يطلب أو يحرص على مثل هذا الطعام الفاخر.
2- السؤال عن وجود المناخل: ينفي سهل رضي الله عنه أيضاً أن يكونوا قد استعملوا المناخل في عهد النبي ﷺ، مما يؤكد أن الدقيق الناعم المنخول لم يكن من طعامهم المعتاد.
3- كيفية أكلهم للشعير: يشرح سهل رضي الله عنه الطريقة البديلة التي كانوا يعتمدونها، وهي:
- يطحنون حبوب الشعير.
- يعرضون الطحين للهواء (النفخ)، فتحمل الريح الجزء الخفيف الذي هو النخالة.
- ما تبقى (وهو خليط من الدقيق والنخالة لم يفصل فصلًا تامًا) يقومون ببلله وعجنه وأكله.
وهذا الخبز كان يعرف بـ "خبز الشعير" أو "الخبز الأسمر"، وهو أقل جودة من خبز الدقيق النقي ولكنه أكثر فائدةً وصحة.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- الزهد في الدنيا والتقشف: يظهر الحديث أعلى درجات الزهد والتواضع من نبي أعطاه الله مفاتيح خزائن الأرض فرفضها واختار حياة البساطة والتقشف راضياً بما قسم الله له. فلم تلهه الدنيا وزخرفها عن دعوته وعبادته.
2- نموذج للقائد القدوة: لم يعش النبي ﷺ في برج عاجي منعزل عن معاناة أمته، بل عاش كما يعيش أفقرهم، مشاركاً لهم في طعامهم وشرابهم ولباسهم. وهذا من أعظم أسباب محبة أصحابه له واتباعهم إياه.
3- التيسير على الأمة وعدم التشديد: لو أن النبي ﷺ عاش في رفاهية لأصبح ذلك عبئاً على أصحابه الفقراء، وشعوراً بالنقص عندهم. فكانت سيرته تطبيقاً عملياً لقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}.
4- عدم التكلف في المأكل والمشرب: يدعو الحديث إلى البساطة في الطعام وعدم التكلف في طلب ألوانه وأشكاله، والرضا بما تيسر من الطيبات.
5- إثبات معجزة النبوة: فمنذ بعثته ﷺ إلى وفاته، وهو في مقام القيادة والريادة، ومع ذلك لم يطلب لنفسه تميزاً في المأكل أو المشرب، وهذا دليل على صدقه وأنه لا يطلب من الدنيا عرضاً زائلاً.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث جزء من مجموعة أحاديث تصف تواضع النبي ﷺ في مأكله وملبسه ومسكنه.
- الشعير كان من الأطعمة الرئيسية في الحجاز، وكان خبز القمح (الحنطة) النقي يعتبر من الأطعمة الفاخرة التي لا يتناولها عامة الناس.
- طريقة "النفخ" المذكورة في الحديث كانت طريقة بدائية لفصل部分 النخالة، ولكنها لا تنتج دقيقاً نقياً كالمنخل.
نسأل الله أن يرزقنا الاقتداء بنبينا ﷺ في زهده وتواضعه ورضاه بقضاء الله وقدره.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الأطعمة (٥٤١٣) عن قتيبة بن سعيد، حدّثنا يعقوب، عن أبي حازم قال: فذكره.
قوله: «النقي» أي خبز الدقيق النظيف الأبيض.
وقوله: «مناخل» جمع منخل وهي أداة يغربل ويصفى فيها البر والشعير ونحوهما، والشيء
المتبقي بعد التنقية والتصفية هو النُّخالة.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 113 من أصل 227 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما رأى رسول الله النقي منذ بعثه الله حتى قبضه

📜 حديث: ما رأى رسول الله النقي منذ بعثه الله حتى قبضه

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ما رأى رسول الله النقي منذ بعثه الله حتى قبضه

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ما رأى رسول الله النقي منذ بعثه الله حتى قبضه

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ما رأى رسول الله النقي منذ بعثه الله حتى قبضه

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية