حديث: شبعنا من الأسودين التمر والماء

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب كيف كان عيش النبي ﷺ-

عن عائشة قالت: توفّي رسول اللَّه ﷺ وقد شبعنا من الأسودين: التمر والماء. وفي رواية: وما شبعنا من الأسودين.

متفق عليه: رواه البخاريّ في الأطعمة (٥٤٤٢)، فقال: قال محمد بن يوسف، عن سفيان، عن منصور بن صفية، حدثتني أمي، عن عائشة، فذكرته.

عن عائشة قالت: توفّي رسول اللَّه ﷺ وقد شبعنا من الأسودين: التمر والماء. وفي رواية: وما شبعنا من الأسودين.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم الذي رُوي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها يصور لنا جانباً من حياة النبي ﷺ الزهدية وحال بيته الشريف، وسأشرحه لك على النحو التالي:
### أولاً. نص الحديث وروايته
الحديث له روايتان مشهورتان:
1- الرواية الأولى: "تَوَفَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَقَدْ شَبِعْنَا مِنَ الأَسْوَدَيْنِ: التَّمْرِ وَالْمَاءِ."
(أخرجه الإمام أحمد في مسنده، والبيهقي في شعب الإيمان، وصححه الألباني).
2- الرواية الثانية (وهي الأشهر): "مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ ﷺ مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مِنْ طَعَامِ بُرٍّ ثَلَاثَ لَيَالٍ تِبَاعًا، حَتَّى قُبِضَ. قِيلَ لَهَا: فَمَا كَانَ يُعِيشُكُمْ؟ قَالَتْ: الْأَسْوَدَانِ: التَّمْرُ وَالْمَاءُ."
(متفق عليه: أخرجه البخاري ومسلم).
### ثانياً. شرح المفردات
* تَوَفَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أي قُبضت روحه الشريفة وانتقل إلى الرفيق الأعلى.
* شبعنا / ما شبعنا: الشبع هو امتلاء البطن من الطعام. والرواية الثانية (نفي الشبع) هي الأصح والأثبت، وهي التي في الصحيحين، وتفيد أنهم لم يصلوا إلى حد الشبع التام من الطعام الغالي (كخبز البر).
* الأسودان: وصف التمر والماء باللون الأسود هو من باب المجاز، فالتمر غالباً ما يكون بُنِّياً داكناً قريباً من السواد، والماء في الأوعية القديمة (كالقِرب والجرار) قد يبدو للناظر غامق اللون. وقيل: سُميا بذلك لكونهما قليلَي الثمن والقدْر عند الناس.
* التمر: هو ثمر النخيل، وكان من الأطعمة الأساسية في المدينة.
* الماء: هو الشراب الأساسي.
* طَعَامِ بُرٍّ: البر هو القمح الجيد، وكان يعتبر من الطعام الفاخر والنفيس في ذلك الوقت.
### ثالثاً. شرح الحديث والمعنى الإجمالي
تخبرنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن الحالة المعيشية في بيت النبوة، وهو أشرف البيوت على الإطلاق. فتقول: إن النبي ﷺ مات ولم يكن أهل بيته قد عاشوا في رغد من العيش أو ترف، بل إنهم لم يشبعوا ثلاث ليال متتالية من الخبز المصنوع من دقيق القمح الجيد (البر) طوال مدة إقامتهم في المدينة التي كانت نحو عشر سنوات.
وكان قوتهم الأساسي الذي يعيشون عليه هو التمر والماء، وهما أبسط أنواع الطعام والشراب، ولا يُعدان من مظاهر الترف أو الغنى. فبيت النبي ﷺ كان يقتصد في الإنفاق ويجتزئ بأقل القليل، ليس بسبب الفقر المدقع، بل بسبب الزهد في الدنيا والتقلل منها، وتوجيه الأموال في سبيل الله ومساعدة المحتاجين.
### رابعاً. الدروس المستفادة والعبر
1- الزهد في الدنيا: الحديث من أعظم الأدلة على زهد النبي ﷺ واختياره لحياة البساطة والتقشف مع إمكانية حصوله على ما يشاء من الدنيا، فهو الأسوة الحسنة للمسلمين.
2- عدم التكلف في المعيشة: يعلمنا ﷺ أن السعادة والكرامة ليست في كثرة المأكل والمشرب، بل في القناعة بما قسم الله تعالى والاستغناء عن الترف.
3- تقديم حاجة الآخرين: كان سبب هذا التقشف أن النبي ﷺ كان يفضل إطعام المحتاجين والمساكين والإنفاق في سبيل الله على أن يمتلئ بيته من النعم.
4- القناعة: بيان أن القناعة كنز لا يفنى، فبيت النبوة كان يكتفي بالأسودين (التمر والماء) وكانت فيه السعادة والطمأنينة.
5- التخفيف على الرعية: كان النبي ﷺ يعيش كما يعيش عامة الناس،甚至 أقل منهم أحياناً، ليكون قدوة لهم في الصبر والقناعة، وليلا يُثقِل على أحد في مطالبه.
6- بيان كمال نبوته ﷺ: فلو كان طالباً للدنيا لاختار لنفسه وأهله أطيب الطعام وأغلى الثياب، ولكن حياته كانت دليلاً على صدق رسالته وعدم طلبه لأي مغنم دنيوي.

خامساً:

معلومات إضافية مفيدة
* هذا الزهد كان اختيارياً من النبي ﷺ، فقد كانت الدنيا تخضع له لو أرادها، فقد فتح الله عليه البلاد، وأتته الغنائم، ولكنه كان يوزعها في نفس اليوم ولا يبقي منها شيئاً للغد.
* لم يكن طعامه ﷺ مقصوراً على التمر والماء دائماً، بل كان يأكل ما يتيسر من طعام كاللحم والخبز وغيرها، ولكن ندرة شبعهم من الخبز الفاخر دليل على عدم الترف.
* في هذا الحديث تربية عملية للأمة على الصبر والاستعداد للشدائد، وعدم الانغماس في الملذات.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يقتدي بنبيه ﷺ في زهده وعبادته وأخلاقه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الأطعمة (٥٤٤٢)، فقال: قال محمد بن يوسف، عن سفيان، عن منصور بن صفية، حدثتني أمي، عن عائشة، فذكرته.
ورواه مسلم في الزهد والرقائق (٣١: ٢٩٧٥) من طريق عبد الرحمن (وهو ابن مهدي)، عن سفيان به، مثله.
ورواه مسلم (٣١: ٢٩٧٥) من طريق الأشجعي وأبي أحمد كلاهما عن سفيان بهذا الإسناد غير أن في حديثهما عن سفيان: وما شبعنا من الأسودين.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 96 من أصل 227 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: شبعنا من الأسودين التمر والماء

  • 📜 حديث: شبعنا من الأسودين التمر والماء

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: شبعنا من الأسودين التمر والماء

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: شبعنا من الأسودين التمر والماء

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: شبعنا من الأسودين التمر والماء

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب