حديث: ما يسرني أن أحدًا لي ذهبا أنفقه في سبيل الله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب حرص النبي ﷺ على قسمة ما عنده من مال إلا شيئًا يرصده لدينه

عن ابن عباس، عن النبي ﷺ، قال: «ما يسرني أن أحدًا لي ذهبا أنفقه في سبيل اللَّه أموت يوم أموت أترك منه دينارًا إلا دينارًا أعده لغريم إن كان» فمات رسول اللَّه ﷺ، وما ترك دينارًا، ولا درهما، ولا عبدًا، ولا وليدًا، وترك درعه رهنا بثلاثين صاعا من شعير.

حسن: رواه البزار - كشف الأستار (٣٦٨٢) عن بشر بن معاذ العقدي، حدّثنا عباد بن العوام، عن هلال بن خباب، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره.

عن ابن عباس، عن النبي ﷺ، قال: «ما يسرني أن أحدًا لي ذهبا أنفقه في سبيل اللَّه أموت يوم أموت أترك منه دينارًا إلا دينارًا أعده لغريم إن كان» فمات رسول اللَّه ﷺ، وما ترك دينارًا، ولا درهما، ولا عبدًا، ولا وليدًا، وترك درعه رهنا بثلاثين صاعا من شعير.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو حديث صحيح ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يرويه حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.

أولاً. شرح المفردات:


● «يُسِرُّنِي»: يفرحني ويبهجني.
● «ذَهَبًا»: مالاً كثيراً من الذهب.
● «فِي سَبِيلِ اللَّهِ»: يشمل جميع وجوه الخير والبر، وخاصة الجهاد.
● «أَمُوتُ يَوْمَ أَمُوتُ»: حين يأتي أجلي وأموت.
● «دِينَارًا»: عملة ذهبية كانت متداولة.
● «أَعُدُّهُ لِغَرِيمٍ»: أخصِّصه وأحفظه لدائن له حق عليَّ.

ثانيًا. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن حاله وموقفه من الدنيا وزينتها، فيقول بأنه لا يفرح ولا يسرُّ أن يكون عنده كنز عظيم من الذهب (وهو أنفس أموال الدنيا في ذلك الوقت)، فينفقه كله في وجوه الخير والجهاد في سبيل الله، حتى إذا جاءته الوفاة لا يتبقى معه ولا في ملكه إلا دينار واحد فقط، وهذا الدينار لا يبقيه لنفسه أو لعياله، بل يبقيه لسداد دين عليه لشخص آخر (غريم)، حتى يلقى الله تعالى وهو بريء الذمة، لا يحمل ديناً لأحد.
ثم تأتي الشهادة العملية من واقع حاله صلى الله عليه وسلم، حيث مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يترك أي مال من الدنيا: لا ديناراً من ذهب، ولا درهماً من فضة، ولا عبداً أو أمة (أي لم يملك رقيقاً)، بل إن درعه الشريف – وهو سلاحه الذي يدافع به عن نفسه – كان مرهوناً عند يهودي مقابل ثلاثين صاعاً من الشعير، اقترضها لينفق على أهله.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- الزهد في الدنيا وعدم التعلق بها: يوضح الحديث أعلى درجات الزهد، حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو سيد البشر وملك الأنبياء، لم يجمع الدنيا بل أنفقها في مرضات الله، فكانت الدنيا في يده لا في قلبه.
2- الحرص على الإنفاق في سبيل الله: طريق الجنة والعزة هو بذل المال والنفس في طاعة الله، والحديث حافز للمسلم على المسارعة في الخيرات والتصدق.
3- الشجاعة الأدبية والحرص على سداد الديون: أعظم درس هنا هو الحرص على براءة الذمة من حقوق العباد، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم يفضل أن يموت ولا يترك مالاً إلا ما يسدد به دينه. وهذا تأكيد على خطورة الدين وحقوق الناس، وأنها مقدمة حتى على حاجات الأهل بعد الموت.
4- قدوة النبي صلى الله عليه وسلم العملية: لم يكن قوله مجرد كلمات، بل ترجمها في واقع حياته، فمات ولم يترك إلا القليل الذي كان مرهوناً لسد حاجة بسيطة لأهله.
5- بيان كمال خلقه صلى الله عليه وسلم: فمع كونه رسول الله، إلا أنه كان يعيش حياة الكفاف، ويقترض أحياناً ليقضي حاجته، مما يظهر صدقه وعدم ادعائه لما ليس فيه.

رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث هو نموذج عملي لتفسير قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ} [آل عمران: 144]. فقد مات صلى الله عليه وسلم كما مات من قبله من الرسل، ولم يخلف كنوزاً دنيوية، بل خلف منهجاً ودستوراً هو أغلى من كل كنوز الأرض.
- موته ودرعه مرهونة دليل على أنه مات شهيداً كما ذهب إلى ذلك بعض العلماء، لأنه كان يمكن أن يفك رهنها لو أراد، لكنه فضل أن يموت وهو في حالة الزهد والعبودية الخالصة لله.
- الحديث يرد على كل من ادعى أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب الدنيا أو جابها، فهو بريء من هذه التهمة، فقد عرضت عليه كنوز الأرض فرفضها واختار الآخرة.
نسأل الله أن يرزقنا حسن الاقتداء بنبينا صلى الله عليه وسلم في زهده وورعه وتحرره من قيود الدنيا. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البزار - كشف الأستار (٣٦٨٢) عن بشر بن معاذ العقدي، حدّثنا عباد بن العوام، عن هلال بن خباب، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره.
وإسناده حسن من أجل هلال بن خباب وبشر بن معاذ العقدي فإنهما حسنا الحديث. وحسّنه أيضًا الهيثمي في المجمع (١٠/ ٣٢٦).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 126 من أصل 227 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما يسرني أن أحدًا لي ذهبا أنفقه في سبيل الله

  • 📜 حديث: ما يسرني أن أحدًا لي ذهبا أنفقه في سبيل الله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ما يسرني أن أحدًا لي ذهبا أنفقه في سبيل الله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ما يسرني أن أحدًا لي ذهبا أنفقه في سبيل الله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ما يسرني أن أحدًا لي ذهبا أنفقه في سبيل الله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب