حديث: أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب كيف كان عيش النبي ﷺ-
حسن: رواه أحمد (١٢٤١٧)، وابن حبان (٦٣٦٢)، والبخاري في الأدب المفرد (١١٦٣) كلهم من طريق مبارك بن فضالة، حدّثنا الحسن (هو البصري)، حدّثنا أنس بن مالك، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه، وهو من الأحاديث الصحيحة التي رواها الإمام البخاري في صحيحه، يحمل في طياته دروساً عظيمة وعبراً جليلة عن زهد النبي ﷺ وتواضعه وحكمته في تربية أصحابه.
أولاً. شرح المفردات:
● مضطجع: مستلقٍ على جنبه.
● سرير مرمل بشريط: سرير مغطى بقطعة من جلد أو قماش خشن (الرمل والشراطيب من أنواع الأغطية الخشنة والبسيطة).
● وسادة من أدم: وسادة مصنوعة من جلد.
● حشوها ليف: مملوءة بألياف النخيل (خيشة)، وهي من أردأ أنواع الحشو.
● انحرف انحرافة: تحرك ومال عن مكانه قليلاً.
● أثر الشريط بجنبه: ترك علامات الحزوز والخيشة على جنبه الشريف من خشونة السرير.
● يعيثان: يفسدان وينهمكان في التمتع بالدنيا بلا حساب.
ثانياً. شرح الحديث:
يصف أنس بن مالك رضي الله عنه مشهداً مؤثراً لدخوله على النبي ﷺ في بيته، فيجده مستلقياً على سرير بسيط جداً، بل خشِن، حتى أن الوسادة تحت رأسه كانت من جلد محشوة بألياف النخيل (الليف)، وهي وسادة غير مريحة البتة.
ثم يدخل مجموعة من الصحابة، ومنهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فيتحرك النبي ﷺ قليلاً ليجلس أو ليواجههم، فينكشف جنبه الشريف، ويرى عمر أن السرير الخشن قد ترك آثاره على جنب النبي ﷺ، فلم يكن هناك فراش أو وسادة تفصل بين جسده الشريف وخشونة السرير.
لم يحتمل عمر هذا المنظر، فانفجر باكياً، ليس حزناً على دنيا فاتت، ولكن تعجباً من هذا الزهد العجيب من سيد الخلق وأكرمهم على الله. فهو يعلم أن كسرى ملك الفرس وقيصر ملك الروم يعيشان في ترف وبذخ وقصور، بينما نبي الله وخليله في مثل هذه البساطة.
فيسأله النبي ﷺ بحنو: "ما يبكيك يا عمر؟" فيرد عمر رضي الله عنه معبراً عن سبب بكائه: والله ما أبكي إلا لأني أعلم أنك أكرم على الله من هذين الطاغيتين، وهما ينغمسان في ملذات الدنيا وترفها، بينما أنت على هذه الحالة!
فيجيبه النبي ﷺ جواب الحكيم المؤدب، الذي يريد أن يرفع همة عمر ويوجه نظره إلى الحقيقة الكبرى: "أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟". إنها مقايضة عادلة، دنيا فانية زائلة مقابل جنة عرضها السماوات والأرض.
فيسارع عمر رضي الله عنه بقوله: "بلى" (أي نعم، أرضى بهذا). فيؤكد له النبي ﷺ: "فإنه كذاك"، أي أن الأمر كما قلت، هو قسمة عدل من الله، لهم الدنيا وللمؤمنين الآخرة.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- زهد النبي ﷺ وتواضعه: كان ﷺ يعيش حياة البساطة والزهد، مع قدرته على أن تكون له الدنيا بأكملها، لكنه آثر الآخرة. وهذا من كمال نبوته وصدق رسالته.
2- حكمة الابتلاء والتمحيص: أن الله يقسم الأرزاق والدرجات في الدنيا بحكمة، ليس الثراء دليلاً على محبة الله، ولا الفقر دليلاً على غضبه.
3- التربية على نظرية الاختيار الأخلاقي: النبي ﷺ لم يعظ عمر بالزهد فقط، بل قدم له بديلاً أفضل، هو نعيم الآخرة، ليرغبه فيه ويصبره على زهد الدنيا.
4- البكاء من خشية الله وتعظيمه: بكاء عمر هنا ليس بكاء ضعف، بل بكاء تعظيم للنبي ﷺ وإجلال له، وهو من علامات الإيمان.
5- الرضا بقضاء الله وقسمته: الحديث يدعو إلى الرضا بما قسم الله، والاطمئنان إلى حكمته في تدبير أمور خلقه.
6- تفاضل الناس عند الله بالتقوى، لا بالمال والجاه: أكرم الخلق على الله هو أتقاهم، وليس أغناهم أو أعظمهم ملكاً.
رابعاً. معلومات إضافية:
- هذا الحديث من أبلغ الأدلة على زهد النبي ﷺ، وكان يمكنه أن يعيش في رغد العيش، لكنه اختار حياة الكفاف والتواضع ليكون قدوة لأمته.
- فيه بيان أن البكاء من خشية الله ومن التعظيم له ولرسوله من صفات المؤمنين.
- الحديث يربي المسلم على عدم الحسد لأهل الدنيا، والاطمئنان إلى أن الآخرة هي دار القرار، وأن الدنيا دار ابتلاء وامتحان.
أسأل الله أن يجعلنا ممن يزهد في الدنيا ويرغب في الآخرة، وأن يوفقنا لاتباع سنة نبيه ﷺ والاقتداء به في زهده وتواضعه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وإسناده حسن من أجل مبارك بن فضالة فإنه حسن الحديث إذا صرّحَ.
وتصريح مبارك بن فضالة والحسن جاء عند البخاري في الأدب المفرد.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 117 من أصل 227 حديثاً له شرح
- 92 ما شبع آل محمد من خبز شعير يومين متتابعين
- 93 ما شبع آل محمد من خبز بر فوق ثلاث
- 94 ما أكل آل محمد أكلتين في يوم إلا إحداهما تمر
- 95 ما شبع رسول الله من خبز وزيت في يوم واحد...
- 96 شبعنا من الأسودين التمر والماء
- 97 توفي رسول الله ﷺ حين شبع الناس من الأسودين: التمر...
- 98 كان يأتي علينا الشهر ما نوقد فيه نارًا إنما هو...
- 99 ما كان يعيشنا إلا الأسودان التمر والماء
- 100 توفي رسول الله وما في رفّي من شيء يأكله ذو...
- 101 فراش رسول الله ﷺ أدما حشوه ليف.
- 102 وسادة النبي ﷺ مصنوعة من جلد وحشوها ليف
- 103 شعر رسول الله فوق الوفرة ودون الجمة
- 104 عن عائشة: كان يأتي على آل محمد الشهر ما يرى...
- 105 ترغبون فيما كان رسول الله يزهد فيه
- 106 ما شبع أهله من الخبز الغليث
- 107 أُتيَ به نبيّ اللَّه من المال لخريطةٌ فيها ثمان مئة...
- 108 لقد رأيت نبيكم ﷺ وما يجد من الدقل ما يملأ...
- 109 رسول الله يظل اليوم يلتوي ما يجد دقلا يملأ به...
- 110 ما أعلم النبي ﷺ رأى رغيفا مرققا حتى لحق بالله
- 111 لم يأكل النبي على خوان حتى مات
- 112 أول طعام دخل فم أبيك منذ ثلاثة أيام
- 113 ما رأى رسول الله النقي منذ بعثه الله حتى قبضه
- 114 ما كان يفضل عن أهل بيت النبي ﷺ خبز الشعير
- 115 لم يكن النبي ﷺ يدخر شيئًا لغدٍ
- 116 أثر الحصير في جنب رسول الله ﷺ فبكيت
- 117 أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة
- 118 لم يجتمع للنبي غداء ولا عشاء من خبز ولحم إلا...
- 119 شكونا إلى رسول الله الجوع ورفعنا عن بطوننا حجر حجر
- 120 ما أصبح في آل محمد إلا مد من طعام
- 121 ما أمسى عند آل محمد إلا صاع
- 122 هلا مع صاحب الحق كنتم
- 123 أكل النبي ﷺ رطباً أكلاً يدل على اشتهائه له
- 124 من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة
- 125 لو كان لي مثل أحد ذهبا
- 126 ما يسرني أن أحدًا لي ذهبا أنفقه في سبيل الله
- 127 الدنانير السبعة التي أتتنا أمس أمسينا وهي في خصم الفراش
- 128 لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا
- 129 لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرًا
- 130 وكنا نغزو مع النبي ﷺ وما لنا طعام إلا ورق...
- 131 الحجر يلقى من شفة جهنم فيهوي سبعين عاما
- 132 بعث رسول الله بعثا قبل الساحل وأمر عليهم أبا عبيدة
- 133 أعطى النبي ﷺ كل إنسان سبع تمرات
- 134 عنوان الحديث: "لقد رأيتنا وما لنا ثياب إلا البراد المتفتقة"
- 135 لو تعلمون ما لكم عند الله لأحببتم أن تزدادوا حاجة...
- 136 التمر والماء طعام النبي ﷺ وأصحابه
- 137 الطعام في عهد رسول الله ﷺ التمر والماء
- 138 عبد الرحمن بن عوف: ابتلينا بالضراء فصبرنا وابتلينا بالسراء فلم...
- 139 ما يبلغ الكعبين فيجمعه بيده كراهية أن ترى عورته
- 140 أحرق بطوننا التمر وتخرقت عنا الخنف
- 141 ستفتح عليكم الدنيا حتى تنجدوا بيوتكم كما تنجد الكعبة
معلومات عن حديث: أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة
📜 حديث: أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








