حديث: أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب كيف كان عيش النبي ﷺ-

عن أنس بن مالك قال: دخلت على رسول اللَّه ﷺ، وهو مضطجع على سرير مرمل بشريط، وتحت رأسه وسادة من أدم، حشوها ليف، فدخل عليه نفر من أصحابه، ودخل عمر فانحرف رسول اللَّه ﷺ انحرافة، فلم ير عمر بين جنبه وبين الشريط ثوبا، وقد أثر الشريط بجنب النبي ﷺ، فبكى عمر، فقال له النبي ﷺ: «ما يبكيك يا عمر؟» قال: واللَّه ما أبكي إلا أن أكون أعلم أنك أكرم على اللَّه من كسرى، وقيصر، وهما يعيثان في الدنيا فيما يعيثان فيه، وأنت يا رسول اللَّه، بالمكان الذي أرى. فقال النبي ﷺ: «أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟» قال عمر: بلى، قال: «فإنه كذاك»

حسن: رواه أحمد (١٢٤١٧)، وابن حبان (٦٣٦٢)، والبخاري في الأدب المفرد (١١٦٣) كلهم من طريق مبارك بن فضالة، حدّثنا الحسن (هو البصري)، حدّثنا أنس بن مالك، فذكره.

عن أنس بن مالك قال: دخلت على رسول اللَّه ﷺ، وهو مضطجع على سرير مرمل بشريط، وتحت رأسه وسادة من أدم، حشوها ليف، فدخل عليه نفر من أصحابه، ودخل عمر فانحرف رسول اللَّه ﷺ انحرافة، فلم ير عمر بين جنبه وبين الشريط ثوبا، وقد أثر الشريط بجنب النبي ﷺ، فبكى عمر، فقال له النبي ﷺ: «ما يبكيك يا عمر؟» قال: واللَّه ما أبكي إلا أن أكون أعلم أنك أكرم على اللَّه من كسرى، وقيصر، وهما يعيثان في الدنيا فيما يعيثان فيه، وأنت يا رسول اللَّه، بالمكان الذي أرى. فقال النبي ﷺ: «أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟» قال عمر: بلى، قال: «فإنه كذاك»

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه، وهو من الأحاديث الصحيحة التي رواها الإمام البخاري في صحيحه، يحمل في طياته دروساً عظيمة وعبراً جليلة عن زهد النبي ﷺ وتواضعه وحكمته في تربية أصحابه.

أولاً. شرح المفردات:


● مضطجع: مستلقٍ على جنبه.
● سرير مرمل بشريط: سرير مغطى بقطعة من جلد أو قماش خشن (الرمل والشراطيب من أنواع الأغطية الخشنة والبسيطة).
● وسادة من أدم: وسادة مصنوعة من جلد.
● حشوها ليف: مملوءة بألياف النخيل (خيشة)، وهي من أردأ أنواع الحشو.
● انحرف انحرافة: تحرك ومال عن مكانه قليلاً.
● أثر الشريط بجنبه: ترك علامات الحزوز والخيشة على جنبه الشريف من خشونة السرير.
● يعيثان: يفسدان وينهمكان في التمتع بالدنيا بلا حساب.

ثانياً. شرح الحديث:


يصف أنس بن مالك رضي الله عنه مشهداً مؤثراً لدخوله على النبي ﷺ في بيته، فيجده مستلقياً على سرير بسيط جداً، بل خشِن، حتى أن الوسادة تحت رأسه كانت من جلد محشوة بألياف النخيل (الليف)، وهي وسادة غير مريحة البتة.
ثم يدخل مجموعة من الصحابة، ومنهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فيتحرك النبي ﷺ قليلاً ليجلس أو ليواجههم، فينكشف جنبه الشريف، ويرى عمر أن السرير الخشن قد ترك آثاره على جنب النبي ﷺ، فلم يكن هناك فراش أو وسادة تفصل بين جسده الشريف وخشونة السرير.
لم يحتمل عمر هذا المنظر، فانفجر باكياً، ليس حزناً على دنيا فاتت، ولكن تعجباً من هذا الزهد العجيب من سيد الخلق وأكرمهم على الله. فهو يعلم أن كسرى ملك الفرس وقيصر ملك الروم يعيشان في ترف وبذخ وقصور، بينما نبي الله وخليله في مثل هذه البساطة.
فيسأله النبي ﷺ بحنو: "ما يبكيك يا عمر؟" فيرد عمر رضي الله عنه معبراً عن سبب بكائه: والله ما أبكي إلا لأني أعلم أنك أكرم على الله من هذين الطاغيتين، وهما ينغمسان في ملذات الدنيا وترفها، بينما أنت على هذه الحالة!
فيجيبه النبي ﷺ جواب الحكيم المؤدب، الذي يريد أن يرفع همة عمر ويوجه نظره إلى الحقيقة الكبرى: "أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟". إنها مقايضة عادلة، دنيا فانية زائلة مقابل جنة عرضها السماوات والأرض.
فيسارع عمر رضي الله عنه بقوله: "بلى" (أي نعم، أرضى بهذا). فيؤكد له النبي ﷺ: "فإنه كذاك"، أي أن الأمر كما قلت، هو قسمة عدل من الله، لهم الدنيا وللمؤمنين الآخرة.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- زهد النبي ﷺ وتواضعه: كان ﷺ يعيش حياة البساطة والزهد، مع قدرته على أن تكون له الدنيا بأكملها، لكنه آثر الآخرة. وهذا من كمال نبوته وصدق رسالته.
2- حكمة الابتلاء والتمحيص: أن الله يقسم الأرزاق والدرجات في الدنيا بحكمة، ليس الثراء دليلاً على محبة الله، ولا الفقر دليلاً على غضبه.
3- التربية على نظرية الاختيار الأخلاقي: النبي ﷺ لم يعظ عمر بالزهد فقط، بل قدم له بديلاً أفضل، هو نعيم الآخرة، ليرغبه فيه ويصبره على زهد الدنيا.
4- البكاء من خشية الله وتعظيمه: بكاء عمر هنا ليس بكاء ضعف، بل بكاء تعظيم للنبي ﷺ وإجلال له، وهو من علامات الإيمان.
5- الرضا بقضاء الله وقسمته: الحديث يدعو إلى الرضا بما قسم الله، والاطمئنان إلى حكمته في تدبير أمور خلقه.
6- تفاضل الناس عند الله بالتقوى، لا بالمال والجاه: أكرم الخلق على الله هو أتقاهم، وليس أغناهم أو أعظمهم ملكاً.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث من أبلغ الأدلة على زهد النبي ﷺ، وكان يمكنه أن يعيش في رغد العيش، لكنه اختار حياة الكفاف والتواضع ليكون قدوة لأمته.
- فيه بيان أن البكاء من خشية الله ومن التعظيم له ولرسوله من صفات المؤمنين.
- الحديث يربي المسلم على عدم الحسد لأهل الدنيا، والاطمئنان إلى أن الآخرة هي دار القرار، وأن الدنيا دار ابتلاء وامتحان.
أسأل الله أن يجعلنا ممن يزهد في الدنيا ويرغب في الآخرة، وأن يوفقنا لاتباع سنة نبيه ﷺ والاقتداء به في زهده وتواضعه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (١٢٤١٧)، وابن حبان (٦٣٦٢)، والبخاري في الأدب المفرد (١١٦٣) كلهم من طريق مبارك بن فضالة، حدّثنا الحسن (هو البصري)، حدّثنا أنس بن مالك، فذكره.
وإسناده حسن من أجل مبارك بن فضالة فإنه حسن الحديث إذا صرّحَ.
وتصريح مبارك بن فضالة والحسن جاء عند البخاري في الأدب المفرد.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 117 من أصل 227 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة

  • 📜 حديث: أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب