حديث: لو لم تفعلوا لصلح أنتم أعلم بأمر دنياكم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب وجوب امتثال ما قاله النبي ﷺ شرعا دون ما ذكره من أمور الدنيا على سبيل الرأي

عن عائشة وأنس أن النبي ﷺ مر بقوم يلقحون، فقال: «لو لم تفعلوا لصلح». قال: فخرج شيصا، فمر بهم، فقال: «ما لنخلكم؟» قالوا: قلت كذا وكذا، قال: «أنتم أعلم بأمر دنياكم».
وزاد في رواية أنس: «فإذا كان من أمر دينكم فإليَّ».

صحيح: رواه مسلم في الفضائل (٢٣٦٣) من طريق الأسود بن عامر، حدّثنا حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.

عن عائشة وأنس أن النبي ﷺ مر بقوم يلقحون، فقال: «لو لم تفعلوا لصلح». قال: فخرج شيصا، فمر بهم، فقال: «ما لنخلكم؟» قالوا: قلت كذا وكذا، قال: «أنتم أعلم بأمر دنياكم».
وزاد في رواية أنس: «فإذا كان من أمر دينكم فإليَّ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أهلاً وسهلاً بك، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم جمع بين تواضع النبي ﷺ وحكمته في التوجيه، وإقراره للخبرة البشرية في شؤون الدنيا. سأشرحه لك جزءاً جزءاً بحسب الطلب.

الحديث باختصار:


يخبرنا الحديث أن النبي ﷺ رأى قوماً يقومون بتلقيح النخل (أي نقل الطلع الذكري إلى الأنثوي لتثمر)، فأشار عليهم بعدم فعل ذلك ظناً منه أن الثمر سيأتي بشكل طبيعي دون تدخل. لكن النخل خرج ثمره رديئاً (شيصاً). عندما رأى النبي ﷺ النتيجة سألهم عن سبب رداءة الثمر، فأخبروه بأنهم اتبعوا نصيحته الأولى. فرد عليهم بقوله المشهور: "أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ". وفي رواية أنس بن مالك يضيف النبي ﷺ: "فَإِذَا كَانَ مِنْ أَمْرِ دِينِكُمْ فَإِلَيَّ".


١. شرح المفردات:


* يُلَقِّحُونَ: من التلقيح، وهو في اللغة: إخصاب النخل بنقل طلع الذكر إلى الأنثى لتثمر بشكل جيد.
* لَصَلُحَ: أي لنبت الثمر صالحاً وجيداً بطبيعة الحال دون حاجة إلى التلقيح.
* شِيصًا: الثمر الرديء، الذي يكون حبَّه ملتصقاً بعضه ببعض، قليل اللحم، رديء الطعم. وهو نقيض الثمر الجيد (البلدح).
* أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ: أنتم أكثر علماً وخبرة في الشؤون الدنيوية المحضة التي تكتسب بالتجربة والممارسة.
* فَإِذَا كَانَ مِنْ أَمْرِ دِينِكُمْ فَإِلَيَّ: أما الأمور المتعلقة بالعبادات، والشرائع، والأحكام، والعقائد، وما يصلح آخرتكم، فهذه المرجعية فيها لي بوحي من الله تعالى.


٢. شرح الحديث:


* الموقف الأول: مرور النبي ﷺ على المزارعين وهم يلقحون النخل. هنا، أبدى النبي ﷺ رأياً اجتهادياً بشرياً مبنيّاً على ظن طيب، فظن أن الشجرة ستثمر بشكل طبيعي دون تدخل، فقال: "لو لم تفعلوا لصلح". وهذا ليس تشريعاً دينياً ولا أمراً إلهياً، بل هو رأي في مسألة دنيوية محضة.
* النتيجة: خالف المزارعون رأي النبي ﷺ (في هذا الشأن الدنيوي) واستمروا في عملهم المعتاد بناءً على خبرتهم، لكن في رواية أخرى أنهم امتثلوا لرأيه فخرج الثمر "شيصاً" رديئاً.
* الموقف الثاني: عندما رأى النبي ﷺ النتيجة، سألهم بلطف واستفسار: "ما لنخلكم؟" وهذا يدل على تواضعه وحرصه على المعرفة.
* الحكمة الخالدة: بعد أن عرف السبب، أقرَّ النبي ﷺ مبدأً عظيماً، وهو أن أهل الخبرة والتجربة في أي مجال دنيوي (زراعة، صناعة، تجارة، طب، هندسة...) هم الأعلم بشؤون他们的 مجالهم. فخبرة النبي ﷺ هي في أمور الوحي والهداية، وخبرة المزارعين في أمور زراعتهم.


٣. الدروس المستفادة منه:


1- الفصل بين التشريع والرأي البشري: الحديث يضع حداً فاصلاً بين ما هو تشريع ديني مُلزِم (أمر الدين) وما هو رأي أو اجتهاد بشري في الأمور الدنيوية (أمر الدنيا). فكلام النبي ﷺ في الدين وحي يجب اتباعه، ورأيه في الدنيا يحتمل الصواب والخطأ وهو غير معصوم فيه إلا إذا أقره الوحي.
2- إقرار مبدأ التخصص والخبرة: الإسلام يحترم العلم والتجربة ويحث عليهما. فقوله ﷺ "أنتم أعلم بأمر دنياكم" هو أساس شرعي للاستفادة من خبرات المتخصصين في جميع المجالات الدنيوية وعدم التطفل على تخصصاتهم بغير علم.
3- تواضع النبي ﷺ وسمو أخلاقه: اعترافه ﷺ بأنه ليس خبيراً في الزراعة، وسؤاله عن النتيجة، وردّه على نفسه برحابة صدر، كل هذا من أعظم الدلائل على تواضعه وصدقه.
4- الاجتهاد والمشورة: يشير الحديث إلى أهمية الأخذ برأي أهل الخبرة عند الحاجة، فالنبي سأل واستفسر واعترف بفضل غيرهِ في مجال تخصصهم.
5- أن الخطأ لا يُنقِص من قدر العالم: بيان أن النبي ﷺ بشر يجتهد ويصيب ويخطئ في أمور الدنيا، ولكن الله يصوّب له ما يخطئ فيه إذا تعلق الأمر بالدين، مما يزيد في مصداقيته وعلوّ قدره.


٤. معلومات إضافية مفيدة:


* الرواة: الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من أصح الكتب بعد القرآن.
* العبرة لا بالإسناد: بعض العلماء ناقشوا صحة وقوع الحادثة بهذه الصورة، ولكنهم أجمعوا على أن العبرة هي بالحكمة المستفادة من الحديث وهي "أنتم أعلم بأمر دنياكم"، والتي هي حكمة ثابتة ومقبولة شرعاً وعقلاً.
* تطبيقات معاصرة: هذا الحديث هو دليل شرعي قوي على وجوب الرجوع إلى:
* الأطباء في شؤون الطب.
* المهند
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الفضائل (٢٣٦٣) من طريق الأسود بن عامر، حدّثنا حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. وعن ثابت، عن أنس، فذكراه.
ورواه أحمد (١٢٥٤٤) عن عبد الصمد، عن حماد، عن ثابت، عن أنس، فذكر نحوه، وزاد: «فإذا كان من أمر دينكم فإلي».
قوله: «يلقحون» من التلقيح، وهو إدخال شيء من طلع الذكر في طلع الأنثى.
وقوله: «شيصا» هو البسر الرديء إذا يبس صار حشفا.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 28 من أصل 64 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لو لم تفعلوا لصلح أنتم أعلم بأمر دنياكم

  • 📜 حديث: لو لم تفعلوا لصلح أنتم أعلم بأمر دنياكم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لو لم تفعلوا لصلح أنتم أعلم بأمر دنياكم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لو لم تفعلوا لصلح أنتم أعلم بأمر دنياكم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لو لم تفعلوا لصلح أنتم أعلم بأمر دنياكم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب