قصة: اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك

حديث: قصة: اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك

عن عبد اللَّه بن الزبير أنه حدثه أن رجلا خاصم الزبير عند النبي ﷺ في شراج الحرة التي يسقون بها النخل، فقال الأنصاري: سرح الماء يمر، فأبى عليه، فاختصما عند النبي ﷺ، فقال رسول اللَّه ﷺ للزبير: «اسق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك». فغضب الأنصاري فقال: أن كان ابن عمتك، فتلون وجه رسول اللَّه ﷺ، ثم قال: «اسق يا زبير، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر». فقال الزبير: واللَّه إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ [النساء: ٦٥]

متفق عليه: رواه البخاريّ في المساقاة (٢٣٥٩) ومسلم في الفضائل (٢٣٧٥) كلاهما من طريق الليث، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، أن عبد اللَّه بن الزبير حدثه، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أهلاً بك أيها السائل الكريم، وأشكرك حرصك على فهم حديث رسول الله ﷺ، فهو مفتاح لفهم ديننا الحنيف وتطبيقه في حياتنا. وهذا حديث عظيم، فيه دروس وعبر جمة، سأشرحه لك بتفصيل ووضوح إن شاء الله.

أولاً. نص الحديث ورواته:

هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه في كتاب "المساقاة"، باب "الشركة في الزراعة والمزارعة"، ورواه الإمام مسلم في صحيحه. وهو حديث صحيح متفق على صحته.
الراوي هو عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، وهو ابن الصحابي الجليل الزبير بن العوام، حواري رسول الله ﷺ وابن عمته السيدة صفية، وأمه السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهم أجمعين.

ثانياً. شرح مفردات الحديث:

● خاصم: جادل وادعى عليه أمام القاضي.
● الزبير: هو الزبير بن العوام رضي الله عنه، أحد العشرة المبشرين بالجنة.
● شراج الحرة: "الشراج" جمع "شرج"، وهي المسارب والمجاري التي يجري فيها الماء إلى المزارع. و"الحرة" هي أرض ذات حجارة سوداء، وهي معروفة في المدينة المنورة.
● يسقون بها النخل: يروون بها بساتين النخيل.
● سرح الماء يمر: دع الماء يجري ويمر إلى أرضي بحقه الطبيعي دون أن تحبسه.
● فأبى عليه: رفض الزبير طلب الأنصاري.
● فاختصما عند النبي ﷺ: فتحاكما إلى النبي ﷺ ليفصل بينهما.
● اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك:意思是 اسق أرضك أولاً، ثم أطلق الماء إلى أرض جارك الأنصاري.
● أن كان ابن عمتك: قالها الأنصاري تعليقاً على حكم النبي ﷺ، متهمًا إياه (وحاشاه) بالمحاباة لأن الزبير ابن عمته.
● فتلون وجه رسول اللَّه ﷺ: تغير لون وجهه الشريف غضباً لله تعالى.
● احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر: احبس الماء حتى يصل إلى الجدار (أي حتى يروي أرضك تماماً ويصل الماء إلى أقصاها)، ثم أرسله بعد ذلك.
● الجدر: هو الحائط أو الجدار الذي في نهاية الأرض.

ثالثاً. شرح الحديث وقصته:

1- وقوع الخصومة: حدث نزاع بين الصحابي الجليل الزبير بن العوام رضي الله عنه ورجل من الأنصار على ماء يمر بين أراضيهم في منطقة "الحرة" في المدينة. كان الماء يتدفق من أرض الزبير إلى أرض الأنصاري.
2- موقف الأنصاري: طلب الأنصاري من الزبير أن يترك الماء يجري بحرية إلى أرضه دون截断، معتمداً على حق الجوار والعرف السائد.
3- موقف الزبير: أبى الزبير ذلك، ربما لأنه يريد أن يستفيد من الماء أولاً لري أرضه بالكامل قبل أن يرسله إلى جاره، أو لأنه يرى أن له حقاً أولوية في الماء لكونه منبعه من جهته.
4- التحاكم إلى رسول الله ﷺ: لم يستطع الطرفان حل النزاع بينهما، فتحاكما إلى أعلى سلطة وأعدل حاكم، رسول الله ﷺ.
5- الحكم الأول للنبي ﷺ: حكم النبي ﷺ للزبير بأن يسقي أرضه أولاً، ثم يرسل الماء إلى جاره الأنصاري. وهذا حكم عادل يراعي حق المالك الأول للمورد المائي.
6- رد فعل الأنصاري غير اللائق: غضب الأنصاري من الحكم، واعتقد أن النبي ﷺ انحاز للزبير لأنه ابن عمته (فالزبير ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم)، فقال: "أن كان ابن عمتك!". وهنا وقع في خطأ عظيم، حيث اتهم النبي ﷺ – وهو المعصوم من الهوى – بالمحاباة، ونسب إليه ما لا يليق بمقام النبوة والعدل.
7- غضب النبي ﷺ وتغيير الحكم: تغير وجه رسول الله ﷺ غضباً لله تعالى، لأن كلام الأنصاري مساس بعدله ﷺ الذي هو منزل من عند الله. وغضبه كان لله، لا لنفسه. ثم غير حكمه تغييراً يظهر للأنصاري خطأ ظنه، فقال للزبير: «اسق يا زبير، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر». أي اسقِ أرضك حتى يصل الماء إلى أقصاها ويغمرها تماماً (حتى الجدار الذي في نهايتها)، وبعد ذلك فقط أرسله إلى جارك.
8- هذا الحكم الجديد أقسى على الأنصاري من الحكم الأول، وكان الهدف منه تأديب الأنصاري على سوء ظنه برسول الله ﷺ وتعليمه وجميع المسلمين درساً في أدب التحاكم والطاعة.
9- استنباط الزبير للآية: فهم الزبير رضي الله عنه عمق الموقف، وأن الآية الكريمة {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65] نزلت في مثل هذا الموقف، حيث يجب على المؤمن أن يرضى بحكم النبي ﷺ وينقاد له من قلبه دون اعتراض أو سوء ظن.

رابعاً. الدروس والعبر المستفادة:

1- وجوب التحاكم إلى شرع الله ورسوله: عند وقوع أي نزاع، يجب الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، والرضا بحكمهما.
2- كمال عدل النبي ﷺ: فهو لا يحابي أحداً، حتى لو كان أقرب الناس إليه. حكمه حق وعدل.
3- ذم سوء الظن بالله وبرسوله ﷺ: تعلي

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في المساقاة (٢٣٥٩) ومسلم في الفضائل (٢٣٧٥) كلاهما من طريق الليث، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، أن عبد اللَّه بن الزبير حدثه، فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 50 من أصل 64 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: قصة: اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك

📜 حديث: قصة: اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: قصة: اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: قصة: اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: قصة: اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية