أكل النبي ﷺ من الأقط والسمن وترك الضب تقذرًا

حديث: أكل النبي ﷺ من الأقط والسمن وترك الضب تقذرًا

عن ابن عباس قال: أهدت أم حفيد خالة ابن عباس إلى النبي ﷺ أقطا وسمنا وأضبا، فأكل النبي ﷺ من الأقط والسمن، وترك الضب تقذرًا، قال ابن عباس: فأكل على مائدة رسول اللَّه ﷺ، ولو كان حراما ما أكل على مائدة رسول اللَّه ﷺ.
وفي لفظ: ولو كان حراما ما أكلن على مائدته ولا أمر بأكلهن.

متفق عليه: رواه البخاريّ في الهبة (٢٥٧٥)، ومسلم في الصيد والذبائح (١٩٧٤) كلاهما من طريق شعبة، عن أبي بشر جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث الذي ذكر حديث صحيح رواه الإمام البخاري في صحيحه، وسأشرحه لك شرحاً وافياً على النحو التالي:

1. شرح المفردات:

● أهدت: أي أرسلت هدية.
● أم حفيد: هي خالة ابن عباس رضي الله عنهما، وهي صحابية.
● أقطاً: هو اللبن المجفف الذي يُصنع عن طريق تجفيف اللبن الرائب حتى يصبح صلباً، ويُستخدم في الطعام.
● وسمناً: هو السمن المعروف، وهو دهن مستخرج من اللبن.
● وأضبا: جمع ضب، وهو حيوان صحراوي معروف، يشبه السحلية الكبيرة، وكان يؤكل عند بعض العرب.
● تقذراً: أي اشمئزازاً ونفوراً منه لطبيعته أو شكله، وليس لأنه حرام.
● مائدة رسول الله ﷺ: أي طعامه أو سفرة طعامه.

2. شرح الحديث:

يخبرنا ابن عباس رضي الله عنهما أن خالته أم حفيد أرسلت إلى النبي ﷺ هدية تتكون من أقط (لبن مجفف) وسمن وأضب (حيوان الضب). فالنبي ﷺ أكل من الأقط والسمن، لكنه امتنع عن أكل الضب؛ لا لأنه حرام، بل لأنه لم يكن يعتاده أو يشتهيه، فكان ينفر منه طبعاً. ثم يعلق ابن عباس رضي الله عنهما بأن الضب قد أُكل على مائدة النبي ﷺ (أي في طعامه أو بحضرته)، ولو كان حراماً لما سمح النبي ﷺ بأكله على مائدته، ولا لأمر بأكله.
وفي اللفظ الآخر: "ولو كان حراماً ما أكلن على مائدته ولا أمر بأكلهن" – وهذا تأكيد على أن النبي ﷺ لم ينه عن أكله، بل سمح به، مما يدل على إباحته.

3. الدروس المستفادة منه:

● جواز أكل الضب: الحديث دليل واضح على إباحة أكل الضب، لأنه لو كان حراماً لما تركه النبي ﷺ مجرد تقذر، بل كان سيبين تحريمه.
● التقذر لا يعني التحريم: قد يمتنع الشخص عن شيء لطبيعته أو لعدم اعتاده عليه، لكن هذا لا يعني أن الشيء حرام؛ فالتحريم يحتاج إلى دليل شرعي.
● أهمية الهدايا وإكرامها: النبي ﷺ قبل الهدية وأكل منها، مما يدل على استحباب قبول الهدية وإكرام صاحبها.
● فعل الصحابة دليل على الإباحة: فعل الصحابة رضي الله عنهم بحضرة النبي ﷺ يدل على الجواز ما لم ينكره النبي ﷺ.
● التيسير في الدين: الإسلام دين يسر، ولم يحرم إلا ما فيه ضرر أو خبث، والضب مما أباحه الله تعالى.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- الضب كان معروفاً عند العرب وأكله مشهور ضمن بعض القبائل، وبعض الناس كانوا يتقذرونه لشكله أو طعمه.
- النبي ﷺ لم يأكل الضب ليس لأنه حرام، بل لأنه لم يكن من طعامه المعتاد، كما في رواية أخرى: "إنه ليس بأرض قومي فأجدني أعافه".
- هذا الحديث من الأدلة التي يستدل بها العلماء على إباحة أكل الضب، وهو مذهب الجمهور من أهل العلم.
- ينبغي للمسلم أن يتجنب التحريم بغير دليل، وأن يعلم أن الأصل في الأشياء الإباحة حتى يرد دليل التحريم.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الهبة (٢٥٧٥)، ومسلم في الصيد والذبائح (١٩٧٤) كلاهما من طريق شعبة، عن أبي بشر جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس فذكره.
ورواه البخاريّ في الاعتصام (٧٣٨٥) من طريق أبي عوانة، عن أبي بشر به نحوه وفيه اللفظ الثاني.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 43 من أصل 64 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أكل النبي ﷺ من الأقط والسمن وترك الضب تقذرًا

📜 حديث: أكل النبي ﷺ من الأقط والسمن وترك الضب تقذرًا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أكل النبي ﷺ من الأقط والسمن وترك الضب تقذرًا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أكل النبي ﷺ من الأقط والسمن وترك الضب تقذرًا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أكل النبي ﷺ من الأقط والسمن وترك الضب تقذرًا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية