هواك تبعا لما جئت به

حديث: هواك تبعا لما جئت به

عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، عن النبي ﷺ قال: «لا يؤمن أحدكم حتى
يكون هواه تبعا لما جئت به».

حسن: رواه الحسن بن سفيان النسوي في الأربعين (٩) -ومن طريقه الهروي في ذم الكلام (٣٢٠) - والبيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى (٢٠٩) والخطيب في تاريخه (٤/ ٣٦٩) كلهم من طريق نعيم بن حماد، حدّثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، عن هشام بن حسان، عن محمد ابن سيرين، عن عقبة بن أوس، عن عبد اللَّه بن عمرو، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، عن النبي ﷺ قال: «لا يؤمن أحدكم حتى
يكون هواه تبعا لما جئت به».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه والعمل بها.
الحديث الشريف:
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ».
(رواه الإمام الطبراني في "المعجم الكبير" وقال الشيخ الألباني: حسن بشواهده)

الشرح المفصل:

# أولاً. شرح المفردات:

● لا يؤمن: أي لا يكمل إيمانه ولا يتحقق له الإيمان الكامل الواجب. فالإيمان يزيد وينقص، وهذا نفي لكماله، لا لأصله.
● هواه: كل ما تميل إليه النفس وتشتهيه، من رغبات وآراء وأفكار وميول.
● تبعًا: تابعًا وخاضعًا ومنقادًا.
● لما جئت به: أي لشريعة الإسلام التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم من عند الله تعالى، وهي القرآن الكريم والسنة النبوية.

# ثانياً. معنى الحديث الإجمالي:

يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الإيمان الكامل لا يتحقق للمرء إلا إذا جعل رغباته الشخصية وآراءه تابعَةً ومنقادةً تمامًا لشرع الله وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم. فليس هواه هو الحاكم، بل الشرع هو الحاكم، وهواه تابع له.
فالمؤمن الحق لا يقول: "أنا أحب كذا" أو "أكره كذا" ثم يحكم بناءً على ذلك، بل يقول: "ماذا أمر الله ورسوله؟" فيحب ما أحبه الله ورسوله، ويبغض ما أبغضه الله ورسوله، ويرضى بما رضياه، ويغضب لما غضبا له.

# ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- معنى كمال الإيمان: الحديث يبين أعلى درجات الإيمان وأكملها، وهي أن يكون حب الله ورسوله وطاعتهما أغلى عند العبد من هوى نفسه.
2- محبة النبي صلى الله عليه وسلم شرط للإيمان: من تمام محبة الرسول صلى الله عليه وسلم تقديم قوله على قول أي أحد، وتقديم هديه على كل هدى، وحبه على كل حب. قال تعالى: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [التوبة: 24].
3- ذم اتباع الهوى: يحذر الحديث من خطر اتباع الهوى، الذي هو أصل كل معصية وضلال. قال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية: 23]. فمن جعل هواه إلهاً يعبده من دون الله، فقد ضل سواء السبيل.
4- الانقياد الكامل للشرع: الإسلام هو الاستسلام والانقياد لله تعالى. وهذا الانقياد يشمل كل جوانب الحياة: العبادات، المعاملات، الأخلاق، الآداب، حتى في الأمور الدنيوية المحضة، للمسير فيها توجيهات شرعية.
5- التربية على الإخلاص: الحديث يدعو إلى تجريد الإخلاص لله، بأن تكون النية في كل عمل لوجه الله تعالى واتباعاً لسنّة نبيه، لا لمجرد الهوى أو حب الظهور أو التقليد الأعمى.

# رابعاً. أمثلة تطبيقية:

● في العبادات: لا يقول: "هذا الدعاء أعجبني" فيبتدع في الدين ما ليس منه، بل يتبع ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
● في المعاملات: لا يقول: "هذه الصفقة رابحة لكنها محرمة" فيقدم هوى الربح على حكم الله، بل يتركها طاعة لله.
● في الأخلاق والسلوك: لا يقول: "غضبي طبيعي على من أخطأ بحقي" فيسيء الأدب، بل يلتزم حدود الشرع даже في الغضب: {وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} [الشورى: 37].
● في الآراء والمواقف: لا يتعصب لرأيه أو مذهبه أو بلده إذا خالف الحق، بل يخضع للحق حيثما كان.

# خامساً:

تنبيه مهم:
ليس معنى الحديث أن يكبت الإنسان رغباته الطبيعية المباحة، كحب المال والزواج والطعام等، بل المعنى أن يضبطها بضوابط الشرع، فلا يأكل إلا حلالاً، ولا يتزوج إلا بحل، ولا يجمع المال إلا من طرقه المشروعة. فالشريعة جاءت لتحقيق مصالح العباد، لا لإلغائها.

الخاتمة:
هذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الدين، وميزان دقيق لصحة الإيمان وقوته. فنسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا حبه وحب نبيه صلى الله عليه وسلم، وحب كل عمل يقربنا إليهما.
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الحسن بن سفيان النسوي في الأربعين (٩) -ومن طريقه الهروي في ذم الكلام (٣٢٠) - والبيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى (٢٠٩) والخطيب في تاريخه (٤/ ٣٦٩) كلهم من طريق نعيم بن حماد، حدّثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، عن هشام بن حسان، عن محمد ابن سيرين، عن عقبة بن أوس، عن عبد اللَّه بن عمرو، فذكره.
وإسناده حسن من أجل نعيم بن حماد فإنه مختلف فيه غير أنه يحسن حديثه إذا لم يتبين خطؤه.
وهذا الحديث لم يذكره ابن عدي في الكامل، مع أنه تتبع ما أخطأ فيه نعيم بن حماد، وقال: «باقي حديثه مستقيم».
وصحّحه النووي في الأربعين، وخرجه أبو نعيم في كتاب الأربعين، وشرط في أولها أن تكون من صحاح الأخبار وجياد الآثار مما أجمع الناقلون على عدالة ناقليه، وخرجه الأئمة في مسانيدهم.
وقد أعل الحديث بعلل أهمها تفرد نعيم بن حماد، وبه أعله البيهقي في المدخل، ولذا حكمت عليه بالضعف، والآن قد تبين لي أن كل حديث يتفرد به نعيم بن حماد لا يكون ضعيفا، بل قد يكون منه صالحًا وغير صالح. انظر بقية العلل في جامع العلوم والحكم (الحديث الحادي والأربعون).
وأما معنى الحديث فقد ورد في القرآن في غير موضع كما قال الحافظ ابن رجب، ومنه قوله تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [سورة النساء: ٦٥]
ومنه قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: ٣٦]
وأطال الكلام في شرح الحديث.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 8 من أصل 64 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: هواك تبعا لما جئت به

📜 حديث: هواك تبعا لما جئت به

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: هواك تبعا لما جئت به

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: هواك تبعا لما جئت به

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: هواك تبعا لما جئت به

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية