حديث: لكل شيء شرة ولكل شرة فترة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب وجوب التمسك بالكتاب والسنة

عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «إن لكل شيء شِرةً، ولكل شرة فترةً، فإن كان صاحبها سدّد وقارب فارجوه، وإنْ أشير إليه بالأصابع فلا تعدّوه».

حسن: رواه الترمذيّ (٢٤٥٣)، وصحّحه ابن حبان (٣٤٩)، والطحاوي في شرح المشكل (١٢٤٢) كلهم من طريق محمد بن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، فذكره.

عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «إن لكل شيء شِرةً، ولكل شرة فترةً، فإن كان صاحبها سدّد وقارب فارجوه، وإنْ أشير إليه بالأصابع فلا تعدّوه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله، المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
فيسرني أن أشرح لكم هذا الحديث النبوي الشريف، الذي رواه الإمام أحمد في مسنده، والترمذي في سننه، والحاكم في مستدركه، عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

أولاً. شرح المفردات:


● شِرةً: بكسر الشين، ومعناها: النشاط والحماس والاجتهاد الشديد في أول الأمر.
● فترةً: معناها: التراخي والفتور والكسل الذي يعقب النشاط والحماس.
● سدّد: من التَّسديد، وهو الإصابة في القول والفعل، والسير على الطريق المستقيم.
● قارب: من المُقاربة، أي لم يبالغ في الشدة والغلو، بل توسط وأخذ الأمور بالاعتدال.
● فارجوه: أي فاطمعوا في خيره وفلاحه، وانتظروا منه الخير.
● أشير إليه بالأصابع: أي صار مُشتهرًا بالخير والصلاح، حتى يشير الناس إليه بالبنان، ويضرب به المثل.
● فلا تعدّوه: أي فلا تحسبوه على الخير، أو لا تأملوا فيه الخير؛ لأنه قد يكون مُرائيًا أو مُعجبًا بنفسه.

ثانيًا. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن سنة من سنن الله في خلقه، وهي أن الإنسان قد يبدأ في أي عمل من الأعمال - خاصة الطاعات - بنشاط وهمة عالية وحماس شديد، ثم يعتريه بعد ذلك فتورٌ وضعف. هذه هي الشرة يليها الفترة.
ثم يبين النبي صلى الله عليه وسلم حالتي الإنسان بعد هذه السنة:
1- الحالة الأولى: أن يكون صاحب هذه الهمة الأولى يسدِّد ويقارِب، أي: إذا فتر لا ينقطع بالكلية، بل يجاهد نفسه ويعود إلى الطاعة، ويواصل العمل بوسطية واعتدال، دون إفراط أو تفريط. فهذا هو الذي يُرجى خيره، ويُطمَع في ثباته واستمراره على الخير.
2- الحالة الثانية: أن يُشَار إليه بالأصابع، أي: يُمدح ويُثنى عليه أمام الناس، فيُظهر للناس من الطاعة والعبادة ما يجعله موضع إعجابهم وإشارتهم. فهذا لا يُعتد به، ولا يُؤمل فيه الخير؛ لأن هذا الفعل قد يكون ناتجًا عن الرياء أو العجب، وهما من المهلكات.

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- الفطرة البشرية: الحديث يقرر حقيقة نفسية، وهي أن النشاط والهمة العالية لا تدوم على حالها، بل يعقبها فتور، وهذا من طبيعة البشر.
2- أهمية الاستمرارية: ليس المهم أن تبدأ بداية قوية فحسب، بل المهم أن تستمر وتواصل، ولو بقدرٍ قليلٍ ثابت.
3- الوسطية والاعتدال: خير الأمور الوسط، فلا تغلو في العبادة فتُمِلَّ وتُملَّ، بل خذ منها ما تطيق دائماً.
4- التحذير من الرياء والعجب: العمل الذي يُظهره المرء ليمدحه الناس لا قيمة له عند الله، بل هو وبال على صاحبه.
5- التسديد والمقاربة: وهي من أهم القواعد في الدين، فالمطلوب من المسلم أن يسدد ويقارب، أي يقصد الصواب، ويقترب منه، ولو لم يصبه تماماً، كما في الحديث: «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا».

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث يدخل في باب الرقائق والترغيب والترهيب، ويُعد من الأحاديث التي تحث على الإخلاص والثبات على الدين.
- ينبغي للمسلم أن يجاهد نفسه عند الفترة، ويستعيذ بالله من العجب والرياء.
- من الأمثلة التطبيقية: من يبدأ بصلاة الليل بنشاط، ثم يفتر، فلا ينقطع بل يصلي ما تيسر، فهذا هو الذي يُرجى خيره.
أسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعاً للتسديد والمقاربة، والإخلاص في القول والعمل، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذيّ (٢٤٥٣)، وصحّحه ابن حبان (٣٤٩)، والطحاوي في شرح المشكل (١٢٤٢) كلهم من طريق محمد بن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن عجلان فإنه حسن الحديث.
وقال الترمذيّ: «هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه».
وقوله: «الشرّة» أي الحرص على الشيء والنشاط له، والفترة ضدها. ومعنى الحديث أن العامل يجتهد في عمله ويبالغ فيه ثم تنكسر همته، فمنهم من يرجع حين الفتور إلى الاعتدال في الأمر فيفلح. ومنهم من يترك العبادة بالكلية فيهلك.
وفي الباب عن حبيب بن أبي فضالة المكي قال: لما بني هذا المسجد مسجد الجامع -قال: وعمران بن حصين جالس-، فذكروا عنده الشفاعة، فقال رجل من القوم يا أبا نجيد، لتحدثونا بأحاديث ما نجد لها أصلا في القرآن، فغضب عمران بن حصين، وقال لرجل: قرأت القرآن؟ قال: نعم، قال: وجدت فيه صلاة المغرب ثلاثا، وصلاة العشاء أربعا، وصلاة الغداء ركعتين،
والأولى أربعا، والعصر أربعا؟ قال: لا، قال: فعمن أخذتم هذا الشأن ألستم أخذتموه عنا وأخذناه عن رسول اللَّه ﷺ. أوجدتم في كل أربعين درهما درهم، وفي كل كذا وكذا شاة، وفي كل كذا وكذا بعير كذا؟ أوجدتم في القرآن؟ قال: لا، قال: فعمن أخذتم هذا؟ أخذناه عن رسول اللَّه ﷺ وأخذتموه عنا. قال: فهل وجدتم في القرآن ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٢٩] وجدتم هذا طوفوا سبعا واركعوا ركعتين خلف المقام؟ أوجدتم هذا في القرآن؟ عمن أخذتموه؟ ألستم أخذتموه عنا وأخذناه عن نبي اللَّه ﷺ. أوجدتم في القرآن لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام» قال: لا، قال: إني سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام» أسمعتم اللَّه يقول لأقوامه في كتابه ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ﴾ [المدثر: ٤٢] حتى بلغ ﴿فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ﴾ [المدثر: ٤٨] قال حبيب: أنا سمعت يقول الشّفاعة.
رواه أبو داود (١٥٦١) والطبراني في الكبير (١٨/ ٢١٩) والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (١٠٨١) كلهم من حديث محمد بن بشار، حدثني محمد بن عبد اللَّه الأنصاري، حدّثنا صرد بن أبي المنازل قال: سمعت حبيب بن أبي فضالة المالكي، فذكره. ولفظ أبي داود مختصر.
في إسناده صرد بن أبي المنازل لا يذكر له راو غير محمد بن عبد اللَّه الأنصاري، ولم أجد من وثّقه إلا أن ابن حبان ذكره في ثقاته، ولذا قال ابن حجر: مقبول أي عند المتابعة، ولم أجد من تابعه عن حبيب بن أبي فضالة.
وروي نحوه من وجوه عدة عن الحسن، عن عمران بن حصين، أخرج حديثه مسدد (المطالب العالية ٣٠٩٨) والحاكم (١/ ١٠٩) والهروي في ذم الكلام وأهله (٢٤٩) والحسن لم يسمع من عمران بن حصين كما قال ابن المديني وغيره. (انظر المراسيل لابن أبي حاتم ٣٨ - ٣٩).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 19 من أصل 64 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لكل شيء شرة ولكل شرة فترة

  • 📜 حديث: لكل شيء شرة ولكل شرة فترة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لكل شيء شرة ولكل شرة فترة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لكل شيء شرة ولكل شرة فترة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لكل شيء شرة ولكل شرة فترة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب