حديث: مثل الهدى والعلم كمثل الغيث يصيب الأرض

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب وجوب التمسك بالكتاب والسنة

عن أبي موسى، عن النبي ﷺ قال: «إن مثل ما بعثني اللَّه به عز وجل من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا، فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء، فأنبتت منها الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء، فنفع اللَّه بها الناس، فشربوا منها وسقوا ورعوا، وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان: لا تمسك ماء، ولا
تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين اللَّه، ونفعه بما بعثني اللَّه به، فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا، ولم يقبل هدى اللَّه الذي أرسلت به».

متفق عليه: رواه البخاريّ في العلم (٧٩)، ومسلم في الفضائل (٢٢٨٢) من طرق عن أبي أسامة (حماد بن أسامة)، عن بريد بن عبد اللَّه، عن أبي بردة، عن أبي موسى، فذكر الحديث.

عن أبي موسى، عن النبي ﷺ قال: «إن مثل ما بعثني اللَّه به ﷿ من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا، فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء، فأنبتت منها الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء، فنفع اللَّه بها الناس، فشربوا منها وسقوا ورعوا، وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان: لا تمسك ماء، ولا
تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين اللَّه، ونفعه بما بعثني اللَّه به، فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا، ولم يقبل هدى اللَّه الذي أرسلت به».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، يضرب فيه النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً رائعاً لهداية القرآن والعلم الذي جاء به.

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● الغيث: المطر الذي ينزل من السماء بخير وبركة.
● أجادب: جمع "جَدْب"، وهي الأرض الصلبة التي لا تنبت النبات، ولكنها تحفظ الماء فيسقى منها الناس والحيوانات.
● قيعان: جمع "قاع"، وهي الأرض المستوية الصلبة التي لا تمسك ماءً ولا تنبت نباتاً، فهي عديمة الفائدة.
● فقه في دين الله: أي تعمق في فهم الإسلام وعلومه، وعرف أحكامه وحكمه.
● لم يرفع بذلك رأساً: تعبير مجازي يعني لم يعره اهتماماً، ولم يتفاعل معه، فكأنه لم يرفع رأسه لينظر إليه أو يهتم به.

ثانياً. شرح الحديث:


يشبّه النبي صلى الله عليه وسلم الهدى والعلم الذي جاء به من الله -وهو القرآن والسنة- بالمطر النافع الذي ينزل على الأرض.
فينقسم الناس تجاه هذا الهدى إلى ثلاثة أقسام، كما تنقسم الأرض عند نزول المطر عليها:
1- الأرض الطيبة: التي تقبل الماء فتنبت الكلأ والعشب الكثير. وهذا مثل العالم المعلم، الذي يتلقى العلم فيفهمه ويحفظه ويعمل به، ثم يقوم بنشره وتعليمه للناس، فينتفع بنفسه وينفع غيره. فهو جمع بين العلم والعمل والدعوة.
2- الأجادب: الأرض الصلبة التي لا تنبت بنفسها، ولكنها تخزن الماء فينتفع به الناس والزرع والمواشي. وهذا مثل حافظ القرآن والحديث، أو الناقل للعلم، الذي قد لا يكون عالماً مُجتهداً أو فقيهاً كبيراً، لكنه يحفظ العلم وينقله للناس، فيكون وسيلة خير وبركة، فيشرب الناس من هذا العلم ويرتوون. فهو نافعٌ بخلقه وعلمه المنقول، وإن لم يكن مبدعاً فيه.
3- القيعان: الأرض البائرة التي لا تقبل الماء ولا تنبت زرعاً، فلا تنتفع ولا تنفع أحداً. وهذا مثل من أعرض عن هدى الله تماماً، فلم يقبل القرآن والسنة، ولم يعمل بهما، ولم ينقلهما، فلم ينتفع بنفسه ولم ينفع غيره. وهذا هو الخاسر حقاً.

ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث:


1- عظمة القرآن والسنة: حيث شبههما النبي صلى الله عليه وسلم بالماء الذي به حياة كل شيء، فكذلك هذا الهدى به حياة القلوب والأرواح.
2- تفاوت الناس في قبول الهدى: فالناس تجاه الدين ليسوا سواءً، فمنهم المقبل المجتهد، والمقبل المتوسط، والمعرض بالكلية.
3- فضل العلم النافع والعالم المعلم: فأعلى الدرجات هي لمن جمع بين الفقه في الدين (أي الفهم العميق) ونقل هذا العلم ليعم نفعه.
4- فضل حامل العلم وناقله: حتى لو لم يكن من كبار الفقهاء، فهو لا يزال في خير عظيم ونفع كبير، كالأرض التي تمسك الماء ليشرب الناس.
5- تحذير شديد من الإعراض عن الهدى: فالإعراض عن دين الله يجعل القلب كالأرض الميتة التي لا خير فيها، وهو سبب للخسارة في الدنيا والآخرة.
6- الحث على طلب العلم والعمل به ونشره: فالحديث يحفز المسلم أن يكون من الصنف الأول أو الثاني على أقل تقدير، ويحذره من أن يكون من الصنف الثالث.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث من أحاديث الأمثال النبوية، التي ضرب فيها النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً لتقريب المعنى للأفهام، وهو أسلوب تربوي عظيم.
- الحديث يدل على سعة رحمة الله، حيث جعل أبواب الانتفاع بالهدى واسعة، فشملت العالم والمتعلم والناقل للعلم.
- فيه إشارة إلى أن أعلى مراتب العلم هو الفقه (أي الفهم العميق) ثم العمل ثم الدعوة.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن ينفعنا بما علمنا ويعلمنا ما ينفعنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في العلم (٧٩)، ومسلم في الفضائل (٢٢٨٢) من طرق عن أبي أسامة (حماد بن أسامة)، عن بريد بن عبد اللَّه، عن أبي بردة، عن أبي موسى، فذكر الحديث. واللفظ لمسلم، ولفظ البخاري نحوه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 16 من أصل 64 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: مثل الهدى والعلم كمثل الغيث يصيب الأرض

  • 📜 حديث: مثل الهدى والعلم كمثل الغيث يصيب الأرض

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: مثل الهدى والعلم كمثل الغيث يصيب الأرض

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: مثل الهدى والعلم كمثل الغيث يصيب الأرض

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: مثل الهدى والعلم كمثل الغيث يصيب الأرض

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب