ترجعون إلى أمركم الأول عند الفتنة

حديث: ترجعون إلى أمركم الأول عند الفتنة

عن أبي واقد الليثي قال: إن رسول اللَّه ﷺ قال: ونحن جلوس على بساط: «إنها ستكون فتنة» قالوا: كيف نفعل يا رسول اللَّه؟ قال: فرد يده إلى البساط فأمسك به قال: «تفعلون هكذا»، وذكر لهم رسول اللَّه ﷺ يوما أنها ستكون فتنة فلم يسمعه كثير من الناس، فقال معاذ: تسمعون ما يقول رسول اللَّه ﷺ؟ قالوا: ما قال؟ قال: يقول: «إنها ستكون فتنة»، قالوا: فكيف لنا يا رسول اللَّه؟ أو كيف نصنع؟ قال: «ترجعون إلى أمركم الأول».

صحيح: رواه الطحاوي في شرح المشكل (١١٨٤)، والطبراني في الكبير (٢٠/ ٤٣ - ٤٤) كلاهما من طرق عن الليث بن سعد، عن عياش بن عباس القِتْباني، عن بكير بن الأشج، عن بسر ابن سعيد، عن أبي واقد الليثي، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الشريف:
عن أبي واقد الليثي -رضي الله عنه- قال: إن رسول اللَّه ﷺ قال -ونحن جلوس على بساط-: «إنها ستكون فتنة». قالوا: كيف نفعل يا رسول اللَّه؟ قال: فرد يده إلى البساط فأمسك به قال: «تفعلون هكذا». وذكر لهم رسول اللَّه ﷺ يوماً أنها ستكون فتنة فلم يسمعه كثير من الناس، فقال معاذ: تسمعون ما يقول رسول اللَّه ﷺ؟ قالوا: ما قال؟ قال: يقول: «إنها ستكون فتنة». قالوا: فكيف لنا يا رسول اللَّه؟ أو كيف نصنع؟ قال: «ترجعون إلى أمركم الأول».
رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حديث صحيح.

الشرح التفصيلي:

# 1. شرح المفردات:

● البساط: هنا يعني الفراش أو الشيء المُبسوط الذي يجلس عليه القوم.
● الفتنة: المراد بها هنا الفتن العظيمة التي تحصل بين المسلمين، خاصة الفتنة التي وقعت بين الصحابة -رضوان الله عليهم- بعد مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه.
● ترجعون إلى أمركم الأول: أي تعودون إلى ما كنتم عليه قبل وقوع الفتنة من الاجتماع على الحق والجماعة، وطاعة الإمام، وعدم الخروج عليه، والتمسك بالسنة.

# 2. شرح الحديث:

يخبر النبي ﷺ أصحابه -وهم جلوس على بساط- بأنه ستقع فتن عظيمة بين المسلمين، يسفك فيها الدماء، وتختلف فيها الأهواء. فسأله الصحابة الكرام عن المخرج منها والطريقة المثلى للتعامل معها، فأجابهم ﷺ بفعلتين رمزيتين عظيمتي الدلالة:
* الفعلة الأولى (الإمساك بالبساط): حين أمسك ﷺ بالبساط الذي يجلسون عليه، كان ذلك إشارة بليغة إلى التمسك بالجماعة وعدم التفرق. فكما أن البساط يجمعهم في مكان واحد، فكذلك يجب أن يظل المسلمون مجتمعين على الحق تحت راية الإمام، وعدم الخروج عليه أو شق عصا الطاعة. هذا هو المعنى المباشر للحركة.
* الفعلة الثانية (الرجوع إلى الأمر الأول): في رواية أخرى للقصة، حين سألوه: "كيف نصنع؟" أجابهم ﷺ قائلاً: «ترجعون إلى أمركم الأول». وهذا بيانٌ واضح للفعلة الرمزية السابقة. فـ "الأمر الأول" هو:
* التمسك بكتاب الله وسنة نبيه ﷺ كما كانوا قبل الفتنة.
* الاجتماع على إمام المسلمين وطاعته في المعروف، وعدم منازعته أو الخروج عليه.
* ترك الاختلاف والفرقة والعودة إلى الوحدة والألفة التي كانوا عليها.
فالحديث يقدم علاجاً نبوياً prophylactic للفتن: التمسك بالجماعة وعدم الخروج عليها، والعودة إلى أصول الدين الثابتة عند حصول الاختلاف.

# 3. الدروس المستفادة والعبر:

● علم النبي ﷺ بالغيب: من دلائل نبوته أنه أخبر بأمور ستقع بعد وفاته، وقد وقعت كما أخبر.
● وجوب لزوم جماعة المسلمين وإمامهم: هذا من أعظم أسباب النجاة من الفتن. ففي الاجتماع قوة وفي التفرق ضعف وهلاك.
● الحكمة في التعليم النبوي: استعمل النبي ﷺ أسلوباً عملياً رمزياً (الإمساك بالبساط) ليثبت المعنى في الأذهان، ويجعلها صورة لا تنسى.
● الرجوع إلى الأصول عند الاضطراب: عندما تكثر الأهواء وتختلف الآراء، يكون المخرج هو العودة إلى الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح.
● الحرص على سماع العلم وفهمه: كما فعل معاذ -رضي الله عنه- حين نبه من لم يسمعوا كلام النبي ﷺ، مما يدل على أهمية الحرص على تلقي العلم من مصادره الصحيحة.

# 4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث من جوامع كلمه ﷺ، فهو قاعدة عظيمة لكل فتنة تحدث بين المسلمين إلى قيام الساعة.
- الفتنة التي أشار إليها الحديث هي التي بدأت بمقتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وما تلاها من أحداث جسام.
- العلماء يستدلون بهذا الحديث على تحريم الخروج على أئمة المسلمين وإن جاروا، ما لم يصل جورهم إلى الكفر البواح، وأن الواجب الصبر ونصحهم بالطرق الشرعية، والتمسك بالجماعة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطحاوي في شرح المشكل (١١٨٤)، والطبراني في الكبير (٢٠/ ٤٣ - ٤٤) كلاهما من طرق عن الليث بن سعد، عن عياش بن عباس القِتْباني، عن بكير بن الأشج، عن بسر ابن سعيد، عن أبي واقد الليثي، فذكره. وإسناده صحيح.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 10 من أصل 409 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ترجعون إلى أمركم الأول عند الفتنة

📜 حديث: ترجعون إلى أمركم الأول عند الفتنة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ترجعون إلى أمركم الأول عند الفتنة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ترجعون إلى أمركم الأول عند الفتنة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ترجعون إلى أمركم الأول عند الفتنة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية