حديث: من حفظ شيئًا من العلم فأراه فذكره

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب حديث حذيفة في خطبة النبي ﷺ وبيانه وما يكون إلى قيام الساعة

عن حذيفة قال: قام فينا رسول اللَّه ﷺ مقاما، ما ترك شيئًا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدث به، حفظه من حفظه، ونسيه من نسيه، قد علمه أصحابي هؤلاء، وإنه ليكون منه الشيء قد نسيته، فأراه فأذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه، ثم إذا رآه عرفه.

متفق عليه: رواه البخاريّ في القدر (٦٦٠٤)، ومسلم في الفتن وأشراط الساعة (٢٨٩١: ٢٣) كلاهما من طرق عن الأعمش، عن شقيق أبي وائل، عن حذيفة، فذكره.

عن حذيفة قال: قام فينا رسول اللَّه ﷺ مقاما، ما ترك شيئًا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدث به، حفظه من حفظه، ونسيه من نسيه، قد علمه أصحابي هؤلاء، وإنه ليكون منه الشيء قد نسيته، فأراه فأذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه، ثم إذا رآه عرفه.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أهلاً بك أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه عن الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، وهو من الأحاديث التي تُظهر عظمة النبوة وتؤكد على شمولية رسالة النبي ﷺ.

أولاً. شرح المفردات:


● قام فينا رسول اللَّه ﷺ مقاما: أي وقف بيننا موقفاً وخطب فينا خطبة.
● ما ترك شيئًا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة: لم يترك أمراً من الأمور التي ستحدث من وقت خطبته حتى قيام الساعة.
● إلا حدث به: إلا وأخبرنا به وذكرَه.
● حفظه من حفظه، ونسيه من نسيه: فمن الصحابة من حفظ كل ما سمعه، ومنهم من نسِي بعضه.
● وإنه ليكون منه الشيء قد نسيته: أي أن حذيفة يقول: وقد يكون من تلك الأمور شيء كنت قد نسيته.
● فأراه فأذكره: فأراه في الواقع أو في منامي، فأتذكره.
● كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه، ثم إذا رآه عرفه: تشبيه بليغ، فكما أن الإنسان إذا رأى صديقاً يعرفه ثم غاب عنه، إذا رآه مرة أخرى عرفه فوراً، كذلك هذه الأمور النبوية التي أخبر عنها ﷺ.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن النبي ﷺ وقف بين الصحابة في مرة من المرات، وألقى خطبة أو جلسة علمية شاملة وموسعة. لم يكن هذا الموقف كغيره من المواقف، بل كان مقاماً فريداً، حيث استوعب الحديث عن كل الأحداث الكبرى والفتن والملمات التي ستقع في أمة الإسلام من ذلك اليوم حتى قيام الساعة.
لقد كان حديثاً نبويّاً جامعاً لتاريخ الأمة المستقبلي، كأنه خريطة طريق أو نبوءات صادقة شملت:
- الفتن التي تعصف بالمسلمين.
- حالات الاختلاف والفرقة.
- ظهور الأدعياء والمتنبئين الكذابين.
- علامات الساعة الصغرى والكبرى.
- أحوال الحكام والرعية.
وقد حفظ بعض الصحابة هذا الحديث كاملاً بفضل قوة ذاكرتهم وحرصهم على العلم، بينما نَسِيَ بعضهم بعضاً منه بسبب طبيعة البشر وكونه حديثاً طويلاً شاملاً.
ثم يعطينا حذيفة رضي الله عنه تصريحاً شخصياً عظيماً، فهو يقر بأنه هو نفسه، وهو من هو في الفضل والعلم، قد نسي بعض ما سمعه من النبي ﷺ في ذلك المقام. ولكنَّ الله تعالى يسر له أن يرى هذه الأحداث التي نسي أنها من أخبار النبي ﷺ تقع على أرض الواقع، فما إن يراها حتى يتذكر فوراً أن النبي ﷺ قد أخبر بها من قبل، فيستيقن صدق نبوته ﷺ ويشهد له بالبلاغ المبين. وهذا التشبيه الذي استخدمه ("كما يذكر الرجل وجه الرجل") هو من أبلغ التشبيهات في وصف سرعة التذكر واستحضار الصورة النبوية.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- إعجاز الغيب النبوي: الحديث دليل قاطع على أن النبي ﷺ مُؤيَّدٌ بالوحي من الله عز وجل، الذي يعلم الغيب، فكيف لبشر أن يخبر بأحداث ستقع بعد موته بمئات السنين بدقة وتفصيل؟! إنه الوحي.
2- شمولية الرسالة وعمومها: رسالة النبي ﷺ صالحة لكل زمان ومكان، وهي تتضمن بيان ما سيحدث لتكون نوراً وهدى للأمة في ظلمات الفتن.
3- فضل الصحابة وصدقهم: الحديث يشهد لهم بالصدق والأمانة في نقل ما سمعوه، ويفند ادعاءات المغرضين. فهم بين حافظٍ كاملٍ وناقلٍ لبعض ما سمعه، وكلهم عدول.
4- التسليم للنبي ﷺ: يجب على المسلم أن يؤمن بكل ما صح عن النبي ﷺ من أخبار الغيب، سواء فهم حكمتها أم لم يفهم، لأن صدقه ﷺ ثابت بالمعجزات والبراهين.
5- العلم والحفظ نعمة: التفاوت في حفظ العلم بين الصحابة يدل على أن حفظ العلم نعمة من الله يمنحها لمن يشاء، ويجب على طالب العلم أن يجتهد في الحفظ والدعاء بذلك.
6- الحدث يذكر بالحديث: من أعظم ما يعين على تذكّر السنَّة و理解ها رؤية تطبيقها في الواقع، فالأحداث الجارية هي تجسيد عملي لأخبار النبي ﷺ.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أصل في أشراط الساعة والفتن، وكتب العلماء مليئة بشرح هذه الفتن التي أخبر عنها النبي ﷺ في ذلك المقام، والتي رواها حذيفة وغيره من الصحابة.
- من أعظم الكتب التي اهتمت بجمع هذه الأحاديث وشرحها كتاب "الفتن" لنعيم بن حماد، و "الفتن" للإمام ابن كثير، وشرحها في كتب الشروح مثل "فتح الباري" لابن حجر العسقلاني.
- هذا الحديث يزيد المؤمن يقيناً بنبوة محمد ﷺ، خاصة ونحن نرى في عصرنا الكثير من العلامات الصغرى التي أخبر عنها ﷺ وقد وقعت بحذافيرها، كـانتشار الفتن، وتقارب الأسواق، وانتشار الربا والزنا، وكثرة القتل، وغيرها.
نسأل الله تعالى أن يثبتنا على السنة، وأن يحفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وصلى الله
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في القدر (٦٦٠٤)، ومسلم في الفتن وأشراط الساعة (٢٨٩١: ٢٣) كلاهما من طرق عن الأعمش، عن شقيق أبي وائل، عن حذيفة، فذكره. والسياق لمسلم.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 37 من أصل 409 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من حفظ شيئًا من العلم فأراه فذكره

  • 📜 حديث: من حفظ شيئًا من العلم فأراه فذكره

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من حفظ شيئًا من العلم فأراه فذكره

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من حفظ شيئًا من العلم فأراه فذكره

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من حفظ شيئًا من العلم فأراه فذكره

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب