القاعد في الفتنة خير من الماشي والماشي خير من الساعي

حديث: القاعد في الفتنة خير من الماشي والماشي خير من الساعي

عن عثمان الشحام قال: انطلقت أنا وفرقد السَّبَخِي إلى مسلم بن أبي بكرة وهو في أرضه، فدخلنا عليه، فقلنا: هل سمعتَ أباك يحدث في الفتن حديثا؟ قال: نعم، سمعت أبا بكرة يُحدّثُ قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «إنها ستكون فتن، ألا ثم تكون فتنة، القاعد فيها خير من الماشي فيها، والماشي فيها خير من الساعي إليها، ألا فإذا نزلتْ أو وقعتْ فمن كان له إبل فَلْيَلْحَقْ بإبله، ومن كانت له غنم فَلْيَلْحَقْ بغنمه، ومن كانت له أرض فَلْيَلْحَقْ بأرضه» قال: فقال رجل: يا رسول اللَّه، أرأيت من لم يكن له إبل ولا غنم ولا أرض؟ قال: «يعمد إلى سيفه، فيدقُّ على حَدِّه بحجر، ثم لينجُ إن استطاع النجاء، اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟» قال: فقال رجل: يا رسول اللَّه، أرأيت إن أُكْرِهْتُ حتى يُنْطلق بي إلى أحد الصفين أو إحدى الفئتين، فضربني رجل بسيفه، أو يجيء سهم فيقتلني؟ قال: «يبوءُ بإثمِه وإثمِك، ويكون من أصحاب النار».

صحيح: رواه مسلم في الفتن وأشراط الساعة (٢٨٨٧) عن أبي كامل الجحدري فضيل بن حسين، حدّثنا حماد بن زيد، حدّثنا عثمان الشحام، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فهذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في التحذير من الفتن وبيان كيفية التعامل معها، وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا وفقًا للمنهج المطلوب:

1. شرح المفردات:

● فتن: جمع فتنة، وهي الاضطرابات والقلاقل والحروب التي تحصل بين المسلمين.
● القاعد: الجالس المتوقف عن المشاركة فيها.
● الماشي: الذي يمشي فيها ويشارك ولكن بدون حماس أو سعي مباشر.
● الساعي: الذي يبادر ويجتهد في الدخول فيها والتحريش بين الناس.
● فَلْيَلْحَقْ بإبله/غنمه/أرضه: أي ليلزم ماله ويعتزل الناس ويشتغل بزراعته وحيوانه.
● يدق على حده بحجر: أي يكسر سيفه ويجعله غير صالح للقتال.
● لينج إن استطاع النجاء: ليهرب ويبتعد عن مكان الفتنة.
● يُكره: يُجبر ويُضطر.
● يبوء بإثمه وإثمك: يحمل وزره ووزرك، أي يكون آثمًا هو وأنت بسبب مشاركتك.

2. شرح الحديث:

يخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن فتن ستقع بين المسلمين، ويوصي بعدم المشاركة فيها، بل الاعتزال وعدم الانخراط فيها، لأن المشاركة تزيد الشر وتوسع دائرة القتال.
● المراتب في تجنب الفتنة:
● القاعد خير من الماشي: لأن القاعد لم يشارك أصلاً، والماشي قد يكون مشاركًا ولكن بدون تعمد الإضرار.
● الماشي خير من الساعي: لأن الساعي هو الذي يثير الفتنة ويحرض عليها.
● الوصية العملية بالاعتزال:
- من كان له إبل أو غنم أو أرض، فليشتغل بها ويبتعد عن مواقع الفتنة، وهذا تشجيع على الابتعاد عن مناطق الصراع والانشغال بما ينفع.
● حال من لا مال له:
- من لا يملك مالاً يعتزل به، فليكسر سيفه (أي يعطل سلاحه) ويهرب من المعركة، وهذا تأكيد على وجوب الخروج من دائرة القتال.
● التأكيد على البلاغ:
- قوله: "اللهم هل بلغت؟" ثلاث مرات؛ يدل على أهمية هذا التحذير وعظم شأنه.
● حال المكره:
- إذا أجبر شخص على القتال في أحد الطرفين، ثم قُتل، فإن الذي أكرهه وقتله يحمل إثم نفسه وإثم المقتول، ويكون من أهل النار؛ لأن الإكراه على القتل لا يبرر المشاركة في الفتنة.

3. الدروس المستفادة:

1- وجوب اعتزال الفتن: يجب على المسلم أن يبتعد عن الفتن والحروب الأهلية ما استطاع، وأن لا يشارك فيها.
2- الاشتغال بالنافع: الانشغال بالزراعة والرعي والعمل المفيد خير من الانخراط في الصراعات.
3- تحريم إثارة الفتن: الساعي إلى الفتنة آثم، والقاعد عنها مأجور.
4- الإكراه لا يبيح القتل: لا يجوز للمكره أن يقتل مسلمًا بريئًا، بل يجب عليه أن يتجنب ذلك حتى لو أدى إلى هربه أو تعطيل سلاحه.
5- عظم إثم المحرض: من يحرض على القتال أو يجبر الآخرين عليه يتحمل إثمهم جميعًا.

4. معلومات إضافية:

- هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من الأحاديث الصحيحة المتعلقة بالفتن.
- الفتن المقصودة هنا هي الفتن الداخلية بين المسلمين، كالحروب الأهلية والصراعات على السلطة.
- العلماء يستدلون بهذا الحديث على وجوب اعتزال الفتنة وعدم الانضمام إلى أي طرف فيها إذا لم يكن هناك حق واضح وباطل واضح.
- من لم يستطع الاعتزال تمامًا، فليقلل من المشاركة ما أمكن، وليكف يده ولسانه عن الشر.
أسأل الله أن يعيذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يوفقنا لطاعته واجتناب معصيته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الفتن وأشراط الساعة (٢٨٨٧) عن أبي كامل الجحدري فضيل بن حسين، حدّثنا حماد بن زيد، حدّثنا عثمان الشحام، فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 21 من أصل 409 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: القاعد في الفتنة خير من الماشي والماشي خير من الساعي

📜 حديث: القاعد في الفتنة خير من الماشي والماشي خير من الساعي

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: القاعد في الفتنة خير من الماشي والماشي خير من الساعي

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: القاعد في الفتنة خير من الماشي والماشي خير من الساعي

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: القاعد في الفتنة خير من الماشي والماشي خير من الساعي

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية