اتخذ سيفا من خشب إذا كانت فتنة بين المسلمين

حديث: اتخذ سيفا من خشب إذا كانت فتنة بين المسلمين

عن عُديسة ابنة وُهْبان بن صيفي أنها كانت مع أبيها في منزله فمرض، فأفاق من مرضه ذلك، فقام علي بن أبي طالب بالبصرة، فأتاه في منزله حتى قام على باب حجرته، فسلّم ورد عليه الشيخُ السلام، فقال له عليٌّ: كيف أنت يا أبا مسلم؟ قال: بخير، فقال عليٌّ: ألا تخرج معي إلى هؤلاء القوم فتُعينَني؟ قال: بلى إن رضيتَ بما
أُعطيك، قال عليٌّ: وما هو؟ فقال الشيخ: يا جارية هاتِ سيفي، فأخرجتْ إليه غِمدًا فوضعتْه في حجره، فاستلَّ منه طائفةً، ثم رفع رأسه إلى عليٍّ، فقال: إن خليلي عليه السلام وابن عمك عهد إلي: إذا كانت فتنةٌ بين المسلمين أن أَتّخِذَ سيفا من خشبٍ، فهذا سيفي، فإن شئتَ خرجتُ به معك، فقال عليٌّ: لا حاجة لنا فيك ولا فى سيفك، فرجع من باب الحجرة ولم يدخل.

حسن: رواه الترمذيّ (٢٢٠٣)، وابن ماجه (٣٩٦٠)، وأحمد (٢٠٦٧٠) كلهم من طريق عبد اللَّه بن عبيد مؤذن مسجد جردان، عن عُديسة بنت وُهبان، فذكرته.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهذا حديثٌ شريفٌ ورد في فضل اعتزال الفتن، وبيان موقف المسلم الحكيم عندما تختلف الأمة وتقع الفتن بينها. سأشرحه لكم جزءًا جزءًا مع بيان الدروس المستفادة منه.

أولًا:

شرح المفردات:
● عُديسة بنت وُهْبان: راوية الحديث، وهي من النساء الثقات.
● أفاق من مرضه: أي استفاق وشفى من مرضه.
● قام علي بن أبي طالب بالبصرة: أي كان موجودًا في البصرة أثناء خلافته، وكان ذلك في زمن الفتنة بين المسلمين.
● أتاه في منزله: أي ذهب إليه ليزوره.
● سلّم ورد عليه الشيخ السلام: أي سلم عليٌّ على الشيخ (وهو أبو مسلم، والد عُديسة) فرد الشيخ السلام.
● ألا تخرج معي إلى هؤلاء القوم: يدعوه للخروج للقتال معه في الفتنة القائمة.
● اتّخِذَ سيفًا من خشب: أي لا أقاتل، بل أعتزل القتال وأبقى في بيتي.

ثانيًا. شرح الحديث:

يخبرنا هذا الحديث أن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – ذهب لزيارة رجل صالح (أبو مسلم) أثناء مرضه، وبعد أن شفي من مرضه، دعاه عليّ للمشاركة معه في القتال ضد "هؤلاء القوم" – وهم الخوارج أو من خرجوا عليه في ذلك الوقت.
فردَّ عليه الرجل بأن النبي صلى الله عليه وسلم أوصاه إذا وقعت فتنة بين المسلمين أن يتخذ سيفًا من خشب – أي أن يعتزل القتال ولا يشارك في الفتنة.
فرفض عليٌّ – رضي الله عنه – أن يخرج معه بهذا السيف الخشبي، لأنه يريد من يقاتل معه حقًا، فانصرف دون أن يدخل عليه.

ثالثًا. الدروس المستفادة:

1- وجوب اعتزال الفتن: من الحكمة والبصيرة أن يبتعد المسلم عن الفتنة ولا يشارك فيها، خاصة إذا كانت بين المسلمين.
2- الوصية النبوية بالحياد وقت الفتن: أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بعدم الانخراط في القتال الداخلي بين المسلمين، وهذا من رحمته وحكمته.
3- احترام اختيارات الآخرين: عليّ – رضي الله عنه – قبل قرار الرجل ولم يجبره على الخروج، وهذا يدل على احترام حرية الاختيار في أمور الفتن.
4- الحكمة في التعامل مع الفتن: ليس كل من امتنع عن القتال ضعيف الإيمان، بل قد يكون أكثر حكمة وبصيرة.

رابعًا. معلومات إضافية:

- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في "مسنده"، وحسنه بعض أهل العلم.
- الفتنة المقصودة هنا هي التي وقعت بين الصحابة – رضي الله عنهم – بعد مقتل عثمان بن عفان، وكان موقف كثير من الصحابة هو الاعتزال وعدم المشاركة في القتال.
- علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – كان يحتاج إلى المساندة، لكنه فهم موقف من أراد اعتزال الفتنة، ولم يلزمه بالخروج.

أسأل الله أن يعصمنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يرزقنا الحكمة والبصيرة في ديننا.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذيّ (٢٢٠٣)، وابن ماجه (٣٩٦٠)، وأحمد (٢٠٦٧٠) كلهم من طريق عبد اللَّه بن عبيد مؤذن مسجد جردان، عن عُديسة بنت وُهبان، فذكرته. والسياق لأحمد.
وقال الترمذيّ: «هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد اللَّه بن عبيد».
قال الأعظمي: عبد اللَّه هذا ثقة، وقد توبع، فقد رواه أحمد (٢٧١٩٩) من طريق عبد الكبير بن الحكم الغفاري وعبد اللَّه بن عبيد، عن عُديسة نحوه.
ومدار الإسناد على عُديسة بنت وُهبان الغفارية، وهي تابعية، وابنة صحابي، روى عنها جمع، ولم يتكلم فيها أحد بجرح أو تعديل، فحديثها حسن، وقد توبع.
رواه الطبراني في الكبير (١/ ٢٧٣) من طريق يحيى بن زهدم بن الحارث الغفاري، عن أبيه، عن أهبان بن صيفي نحوه.
ويحيى بن زهدم بن الحارث الغفاري ضعيف لكنه لم يتهم إلا في روايته عن أبيه، عن العرس ابن عميرة، وزهدم بن الحارث متكلم فيه أيضًا، وهما مترجمان في اللسان.
وُهبان بن صيفي، ويقال أيضًا: أهبان بن صيفي الغفاري، وبه ترجم الحافظ في التقريب.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 24 من أصل 409 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اتخذ سيفا من خشب إذا كانت فتنة بين المسلمين

📜 حديث: اتخذ سيفا من خشب إذا كانت فتنة بين المسلمين

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: اتخذ سيفا من خشب إذا كانت فتنة بين المسلمين

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: اتخذ سيفا من خشب إذا كانت فتنة بين المسلمين

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: اتخذ سيفا من خشب إذا كانت فتنة بين المسلمين

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية