ويل للعرب من شر قد اقترب

حديث: ويل للعرب من شر قد اقترب

عن أبي هريرة أن النبي ﷺ كان يقول: «ويل للعرب، من شر قد اقترب، فتنٌ كقطع الليل المظلم يُصبح الرجل فيها مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرضٍ من الدنيا قليلٍ، المتمسكُ منهم يومئذ على دينه كالقابض على خبط الشوك أو جمر الغضى».

حسن: رواه أحمد (٩٠٧٣) عن يحيى بن إسحاق، وحسن (هو ابن موسى) - وجعفر الفريابي في صفة المنافق (١٠٠) عن قتيبة بن سعيد - كلاهما عن ابن لهيعة، عن أبي يونس -وهو سليم بن جبير مولى أبي هريرة- عن أبي هريرة، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه، وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه، يحمل تحذيراً نبويّاً بليغاً من فتن عظيمة ستقع، وبياناً لحال الناس فيها.

أولاً. شرح المفردات:

● ويل للعرب: "ويل" كلمة وعيد وتهديد وشدة عذاب، وهي للتحذير من شر عظيم سينزل.
● من شر قد اقترب: أي من شر وبلاء وشدة قريبة الوقوع.
● فتنٌ كقطع الليل المظلم: الفتن: الاختبارات والشدائد التي تمتحن إيمان الإنسان. وشبهها بقطع الليل المظلم لشدة ظلمتها واشتباه أمرها وعدم وضوح الحق من الباطل فيها.
● يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل: أي يستبدل دينه وحافظته بشيء تافه من متاع الدنيا الزائل.
● كالقابض على الجمر أو خبط الشوك: "خبط الشوك" هو ما يجمعه الإنسان من أغصان الشوك بيده فيؤذيه. والتمسك بالدين في ذلك الوقت سيكون صعباً جداً، كمن يمسك بيده جمرة تتقد ناراً أو أغصان شوك تؤلمه، فلا يصبر عليه إلا شديد الإيمان.

ثانياً. شرح الحديث:

يخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن فتن عظيمة قريبة الوقوع، تكون شديدة الظلمة والاختلاط، كظلمة الليل، لا يتبين فيها الحق من الباطل.
ويصف حال الناس في تلك الفتن بأن الإيمان سيصبح ضعيفاً هشاً، حتى إن الرجل ليصبح مؤمناً ثم يمسي كافراً بسبب ما يرى من الشبهات والشهوات، أو يمسي مؤمناً ثم يصبح كافراً. وهذا دليل على سرعة تقلب القلوب وعدم ثباتها على الدين، بسبب شدة البلاء وقلة المعين على الحق.
وفي هذه الفتن، يقدم الكثيرون دينهم ثمناً رخيصاً لحطام الدنيا، فيرتدون عن الإسلام لأجل منصب، أو مال، أو جاه، أو خوف من سلطان جائر.
أما الذي يثبت على دينه ويتمسك به، فإن مثله كمثل من يقبض على جمرة من نار، أو على أغصان شوك حادة، فهو يؤلم نفسه ويصبر على ذلك الألم، لشدة ما يلحقه من الأذى والمشقة في سبيل الثبات على دينه.

ثالثاً. الدروس المستفادة:

1- بيان حقيقة الدنيا: الدنيا دار اختبار وامتحان، والفتن من أعظم الامتحانات التي تظهر حقائق الناس وتمايز بين المؤمن الصادق والمنافق.
2- الحث على الثبات على الدين: الحديث يحث المسلم على التمسك بدينه، مهما كلفه ذلك من مشقة وأذى، وأن يعلم أن طريق الجنة محفوف بالمكاره.
3- التحذير من الرِّدّة: التحذير من خطر الردة عن دين الله، وأن الإنسان قد يبيع آخرته بدنيا غيره.
4- استشعار عظم نعمة الثبات: يجب على المسلم أن يشكر الله على نعمة الثبات على الدين، ويدعوه أن يثبت قلبه على الإيمان.
5- الاستعداد للفتن: يجب على المسلم أن يستعد للفتن بتعلم الدين، والتسلح بالإيمان، ومصاحبة أهل الخير، والدعاء بالثبات.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذه الفتن وقع كثير منها في صدر الإسلام، كفتنة مقتل عثمان رضي الله عنه، ووقعة الجمل وصفين، وظهرت الفرق الضالة مثل الخوارج.
- وهي مستمرة إلى أن تقوم الساعة، وقد تتجدد في أشكال مختلفة، فتن في الدين، وفتن في المال، وفتن في الأسرة، وفتن في الشبهات والشهوات.
- من أعظم ما يعين على الثبات في زمن الفتن: لزوم جماعة المسلمين، والاعتصام بالكتاب والسنة، ومجانبة أهل البدع والضلال.
نسأل الله أن يحفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يثبت قلوبنا على دينه.
والله أعلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٩٠٧٣) عن يحيى بن إسحاق، وحسن (هو ابن موسى) - وجعفر الفريابي في صفة المنافق (١٠٠) عن قتيبة بن سعيد - كلاهما عن ابن لهيعة، عن أبي يونس -وهو سليم بن جبير مولى أبي هريرة- عن أبي هريرة، فذكره.
واللفظ للفريابي. وإسناده حسن فإن ابن لهيعة -وإن كان سيء الحفظ- إلا أن بعض أهل العلم
احتملوا ما رواه قتيبة عنه.
وقوله: «فتن كقطع الليل المظلم. . . يبيع دينه بعرض من الدنيا». رواه مسلم في الإيمان (١١٨) من طريق العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، وهو مذكور في موضعه.
وفي معناه ما روي عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه ﷺ: يأتي على الناس زمان، الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر».
رواه الترمذيّ (٢٢٦٠)، وابن عدي (٥/ ١٧١١) كلاهما من حديث إسماعيل بن موسى الفزاري ابن بنت السدي الكوفي قال: حدّثنا عمر بن شاكر، عن أنس بن مالك، فذكره.
وقال الترمذيّ: «هذا حديث غريب من هذا الوجه، وعمر بن شاكر شيخ بصري قد روى عنه غير واحد من أهل العلم».
قال الأعظمي: عمر بن شاكر ضعيف، قال أبو حاتم: ضعيف يروي عن أنس المناكير، وقال ابن عدي: «يحدث عن أنس بنسخة قريبا من عشرين حديثا غير محفوظة».
وروي نحوه من حديث أبي ثعلبة الخشني في أثناء حديث طويل عند أبي داود (٤٣٤١)، والترمذي (٣٠٥٨)، وابن ماجه (٤٠١٤).
وفي إسناده من لم يوثّقه أحد إلا أن ابن حبان ذكره في ثقاته، وهو مخرج في تفسير سورة المائدة.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 33 من أصل 409 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ويل للعرب من شر قد اقترب

📜 حديث: ويل للعرب من شر قد اقترب

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ويل للعرب من شر قد اقترب

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ويل للعرب من شر قد اقترب

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ويل للعرب من شر قد اقترب

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية