لا تدع لله في الأرض عبدًا صالحًا إلا افتنته وأهلكته

حديث: لا تدع لله في الأرض عبدًا صالحًا إلا افتنته وأهلكته

عن أبي الطفيل قال: انطلقت أنا وعمرو بن صليع حتى أتينا حذيفة، قال: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «إن هذا الحي من مضر، لا تدعُ للَّه في الأرضِ عبدًا صالحًا إلا افتنته وأهلكته، حتى يدركها اللَّه بجنود من عباده، فيذلها حتى لا تَمْنَع ذنَبَ تلعة».

صحيح: رواه الطيالسي (٤٢١) -وعنه أحمد (٢٣٣١٦) - وصحّحه الحاكم (٤/ ٤٦٩ - ٤٧٠) كلاهما من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة، عن أبي الطفيل، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يفتح علينا أبواب فهم سنن نبيه ﷺ.
هذا حديث عظيم فيه نبوءة من النبي ﷺ عن فتنة عظيمة، وسأشرحه لك جزءًا جزءًا بإذن الله.
### أولاً. ترجمة الرجال
● أبو الطفيل: هو عامر بن واثلة الكناني، صحابي جليل، وهو آخر من مات من الصحابة على الإطلاق.
● عمرو بن صليع: تابعي ثقة.
● حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: صحابي جليل، وهو صاحب سر رسول الله ﷺ في المنافقين، وكان ممن يعلم الفتن.

### ثانيًا. شرح المفردات الصعبة
● هذا الحي من مضر: أي هذه القبيلة أو الجماعة من قبيلة مضر، وهي إحدى أكبر قبائل العرب، وكانت تسكن نجدًا وما حولها. والمقصود هنا بنو أمية على قول أكثر المفسرين، أو قريش بشكل عام.
● لا تدعُ لله في الأرض عبدًا صالحًا إلا افتنته وأهلكته: أي أن سلطانهم وظلمهم سيمتد ليفتن كل عبد صالح يعبد الله في الأرض، إما بقتله أو بسجنه أو بتعذيبه أو بإغرائه بالمال والمنصب حتى يزيغ عن دينه.
● حتى يدركها الله بجنود من عباده: أي حتى يأتي أمر الله وينتقم منهم بجيوش من عباده المؤمنين.
● فيذلها حتى لا تمنع ذَنَبَ تلعة:
● يذلها: أي يهزمها ويصغرها ويجعلها ذليلة.
● ذَنَبَ تلعة: الذَنَب هو آخر الشيء، والتلعة هي الأرض المرتفعة. والمعنى: أن الله سيهزمهم هزيمة شديدة جدًا، حتى أنهم لن يستطيعوا حماية أو الدفاع عن آخر أرض مرتفعة يلجؤون إليها، أي أن هزيمتهم ستكون كاملة وشاملة.

### ثالثًا. شرح الحديث الإجمالي
يخبرنا النبي ﷺ في هذا الحديث عن فتنة عظيمة ستأتي من قِبَل "هذا الحي من مضر" – وهم بنو أمية – حيث سيكون حكمهم قائمًا على الظلم والجبروت. وسيبلغ من طغيانهم أنهم سيطاردون كل من يعبد الله حق عبادته ويخلص له الدين، فيفتنونه عن دينه إما بالقتل أو السجن أو التعذيب أو الإغراء بالمال والسلطة.
لكن النبي ﷺ يبشر بأن هذا الظلم لن يدوم، فسيبعث الله تعالى جنودًا من عباده المؤمنين (وهم بني العباس على أصح الأقوال) فينتقم الله بهم من هؤلاء الظالمين، ويهزمهم هزيمة نكراء، ويذلهم ذلاً شديدًا، حتى لا يبقى لهم أي معقل أو ملجأ يتحصنون فيه.

### رابعًا. الدروس والعبر المستفادة
1- بيان صدق نبوة النبي ﷺ: فقد أخبر بأمر غيبي وقع كما أخبر تمامًا، حيث اشتد ظلم بعض حكام بني أمية (كالحجاج بن يوسف الثقفي وغيره) في اضطهادهم للصالحين والعلماء، ثم جاءت دولة بني العباس فقضت على دولتهم.
2- أن الظلم لا يدوم: وأن نصر الله آتٍ للمؤمنين والصالحين ولو بعد حين، {وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}.
3- الصبر على أذى الحكام: الحديث يحث المؤمن على الصبر على ظلم الحكام وعدم الخروج عليهم بالسيف لما في ذلك من الفتنة، وإنما يكون الصبر والدعاء والاحتساب، مع إنكار المنكر بالقلب واللسان حسب الاستطاعة.
4- التسلية في زمن الفتن: فهو يبشر الصالحين بأن نهاية الظالمين إلى زوال، وأن العاقبة للمتقين.
5- الحذر من الفتن: والفتن هنا تشمل فتنة الظلم وفتنة السلطة وفتنة المال، التي قد تؤدي بالعبد الصالح إلى الهلاك في دينه.

### خامسًا. معلومات إضافية
- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وقال عنه الشيخ الألباني: "إسناده صحيح".
- القصة التي وقعت هي قيام دولة بني العباس وسقوط دولة بني أمية على أيديهم، وكان من أشهر من قتل من بني أمية مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية.
- يجب فهم مثل هذه الأحاديث في إطارها الصحيح، فلا تستخدم للطعن في الصحابة y أجمعين، فكثير من خلفاء بني أمية كانوا خلفاء راشدين كعمر بن عبد العزيز، وكثير منهم كانوا مجتهدين، والخطأ والظلم حصل من بعضهم، والله أعلم بالنيات.
أسأل الله أن يحفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يجعلنا من عباده الصالحين المعتصمين بكتابه وسنة نبيه ﷺ.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطيالسي (٤٢١) -وعنه أحمد (٢٣٣١٦) - وصحّحه الحاكم (٤/ ٤٦٩ - ٤٧٠) كلاهما من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة، عن أبي الطفيل، فذكره.
والسياق لأحمد، وعند الحاكم في أوله قصة.
وإسناده صحيح. قال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين».
قوله: «ذَنَب» بفتحتين والاضافة إلى تلعة، والتلعة: مسيل الماء من علو إلى أسفل، وقيل: من الأضداد يقع على ما انحدر من الأرض وأشرف منها، وأذناب المسايل: أسافل الأودية، وهذا غاية لإذلالهم ووصف لهم بالذل والضعف وقلة المنعة كأنه قال: حتى لا يملكوا أسفل واد فضلا عن البلاد، والحكم بين العباد. قاله السندي.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 45 من أصل 409 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تدع لله في الأرض عبدًا صالحًا إلا افتنته وأهلكته

📜 حديث: لا تدع لله في الأرض عبدًا صالحًا إلا افتنته وأهلكته

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا تدع لله في الأرض عبدًا صالحًا إلا افتنته وأهلكته

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا تدع لله في الأرض عبدًا صالحًا إلا افتنته وأهلكته

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا تدع لله في الأرض عبدًا صالحًا إلا افتنته وأهلكته

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية