حديث: من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب التحذير من أن يتكلم الإنسان بكلمة تكون سببا في فرقة المسلمين وسفك دمائهم

عن ابن عمر قال: دخلت على حفصة ونَسْواتُها تنطِفُ، قلت: قد كان من أمر الناس ما تَرين، فلم يُجعل لي من الأمر شيء، فقالت: الحقْ فإنهم ينتظرونك، وأخشى أن يكون في احتباسك عنهم فُرْقة، فلم تدعْه حتى ذهب، فلما تفرق الناس، خطب معاويةُ، قال: من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليُطْلعْ لنا قرنَه، فلنحنُ أحقُّ به منه ومن أبيه. قال حبيب بن مسلمة: فهلا أجبته؟ قال عبد اللَّه: فحللتُ حَبْوَتي، وهممتُ أن أقول: أحقُّ بهذا الأمر منك من قاتلَك وأباك على الإسلام، فخشيتُ أن أقول كلمةً تُفَرِّقُ بين الجمع، وتسفِكُ الدم، ويُحمل عني غير ذلك، فذكرتُ ما أعدّ اللَّه في الجنان.

صحيح: رواه البخاريّ في المغازي (٤١٠٨) عن إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر قال: فذكره.

عن ابن عمر قال: دخلت على حفصة ونَسْواتُها تنطِفُ، قلت: قد كان من أمر الناس ما تَرين، فلم يُجعل لي من الأمر شيء، فقالت: الحقْ فإنهم ينتظرونك، وأخشى أن يكون في احتباسك عنهم فُرْقة، فلم تدعْه حتى ذهب، فلما تفرق الناس، خطب معاويةُ، قال: من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليُطْلعْ لنا قرنَه، فلنحنُ أحقُّ به منه ومن أبيه. قال حبيب بن مسلمة: فهلا أجبته؟ قال عبد اللَّه: فحللتُ حَبْوَتي، وهممتُ أن أقول: أحقُّ بهذا الأمر منك من قاتلَك وأباك على الإسلام، فخشيتُ أن أقول كلمةً تُفَرِّقُ بين الجمع، وتسفِكُ الدم، ويُحمل عني غير ذلك، فذكرتُ ما أعدّ اللَّه في الجنان.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
الحديث: رواه الإمام البخاري في صحيحه (كتاب الفتن، باب كيف الأمر إذا لم يكن جماعة) عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
شرح المفردات:
* نَسْواتُها تنطِفُ: النَّسْوة: هي الدهن الذي تُدهن به المرأة رأسها لتُزينه. تنطِف: أي تقطر وتسيل. والمعنى: أن حفصة كانت مشغولة بدهن شعرها وتزيينه.
* فلم يُجعل لي من الأمر شيء: أي لم يُستشر في أمر الخلافة ولم يُجعل له حق فيها أو رأي.
* يُطْلعْ لنا قرنَه: القرن هنا كناية عن القوة والمنازعة والخصومة، كأنه يقول: من يريد منازعتنا في الحكم فليظهر قوته واستعداده للقتال.
* فحللتُ حَبْوَتي: الحبوة هي الإزار الذي يُشَدُّ على وسط الرجل، وحلها يعني استعد للقيام والوثوب للرد والكلام.
* تُفَرِّقُ بين الجمع: تسبب الفرقة والانشقاق بين المسلمين الذين اجتمعوا على بيعة معاوية.
* يُحمل عني غير ذلك: أي يُفسر كلامي تفسيرًا خاطئًا أو يُنسب إليَّ ما لم أقصد.
* فذكرتُ ما أعدّ اللَّه في الجنان: أي تذكرت الثواب العظيم والعفو عند الله في الجنة، فصبرت وكظمت غيظي ابتغاء مرضاته.
شرح الحديث:
يقع هذا الحديث في سياق الأحداث العظيمة بعد مقتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وتولي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه الخلافة، ثم ما حدث من خلاف وفتنة بين المسلمين.
1- الموقف: يروي عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه دخل على أخته أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها، وهي مشغولة بتزيين شعرها، فشكى لها أنه لم يُستشر في أمر الخلافة ولم يُدْعَ إلى المشورة فيها مع مكانته كصحابي وابن صحابي.
2- نصيحة حفصة: نبهته أم المؤمنين حفصة إلى خطورة الموقف، وأن الناس ينتظرونه، وخشيت أن يؤدي امتناعه عن البيعة (أو اجتماع الناس) إلى زيادة الفرقة بين المسلمين، فألحت عليه حتى ذهب إلى المجتمعين.
3- خطبة معاوية وتهديده: بعد أن تمت البيعة لمعاوية رضي الله عنه (في ما عُرف بعام الجماعة)، خطب في الناس قائلاً كلمات فيها تهديد واضح لكل من يفكر في معارضة حكمه أو المنازعة فيه، حيث ادعى هو وأهل بيته أحقية بالخلافة دون غيرهم، حتى ممن هم أفضل منهم كعلي بن أبي طالب رضي الله عنه.
4- رد فعل ابن عمر: استفز هذا الكلام ابن عمر، واستعد للرد دفاعًا عن حق علي رضي الله عنه الذي قاتل معاوية وأباه (أبو سفيان) حين كانا على الكفر، ليقول له: بل من قاتلكم على الكفر أحق منكم بالخلافة.
5- كظم الغيظ والحكمة: لكن حكمة عبد الله بن عمر وعلمه وورعه غلبت غضبه. تذكر عواقب الكلمة: أنها قد تسبب انشقاقًا جديدًا بين المسلمين بعد أن اجتمعوا، وقد تؤدي إلى إراقة الدماء، وقد يُساء فهم مقصده. فوق كل ذلك، تذكر ما أعده الله تعالى للمتحلمين الكاظمين الغيظ في الجنان، فآثر الصبر والسكوت حفاظًا على وحدة المسلمين وسيلان دمائهم.
الدروس المستفادة والعبر:
1- تقديم مصلحة الجماعة والوحدة الإسلامية: الموقف درس عظيم في تقديم مصلحة المسلمين العامة على المصلحة الشخصية أو حتى على رد الاعتبار للذات. فوحدة الصف واجتماع الكلمة أعظم عند الله من إثبات الحق الشخصي إذا كان سيؤدي إلى فرقة.
2- الحكمة والورع في التعامل مع الفتن: يُعلمنا ابن عمر كيف يكون التعامل الحكيم في أوقات الفتن، بالتروي وعدم الانفعال، والنظر إلى العواقب قبل الإقدام على أي فعل أو قول.
3- كظم الغيظ والعفو: فيه فضل كظم الغيظ والعفو عند المقدرة، وهو من أخلاق المؤمنين المتقين، الذين يذكرون ثواب الله فيعفون ويصفحون.
4- خطر الكلمة: الكلمة قد تكون سببًا في فرقة كبيرة وسفك للدماء، فلا ينبغي للمسلم أن يتكلم إلا بعد نظر وتدبر.
5- مكانة الصحابة وعظم منزلتهم: يظهر هذا الحديث علوّ همة الصحابة رضي الله عنهم، وحبهم للخير والأمة، وتحرجهم من أن يكونوا سببًا في أي شر أو فرقة، حتى وإن كانوا على حق.
6- الاستعانة بتذكر الآخرة: أن تذكر الجنة ونعيمها، والخوف من الله، هو خير معين على ضبط النفس وكبح جماح الغضب والانفعال في المواقف العصيبة.
أي معلومات إضافية مفيدة:
* هذا الموقف من عبد الله بن عمر رضي الله عنهما هو جزء من سيرته العطرة المشهورة بالورع والتدين والتقوى والبعد عن الفتن.
* البيعة التي تمت لمعاوية رضي الله عنه سُميت "عام الجماعة" لأن المسلمين اجتمعوا فيها بعد فرقة، وكانت نهاية للفتنة الكبرى في ذلك الوقت.
* ينبغي للمسلم عند قراءة هذه الأحداث أن يتجنب إساءة الأدب مع أي من الصحابة رضوان الله عليهم، فهم مجتهدون إما مصيبون فله أجران، أو مخطئون فله أجر الاجتهاد، وقد غفر الله لهم ورضي عنهم.
والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في المغازي (٤١٠٨) عن إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر قال: فذكره.
قوله: «نسواتها» حصل فيه قلب، والصواب: «نوساتها» أي ذوائبها ومعنى تنطف أي تقطر كأنها قد اغتسلت.
قوله: «قد كان من أمر الناس ما ترين» مراده بذلك ما وقع بين علي ومعاوية من القتال في صفين.
قوله: «فحللت حبوتي» الحبوة: ثوب يُلقى على الظهر، ويربط طرفاه على الساقين بعد ضمهما.
قوله: «من قاتلك وأباك على الإسلام» أبوه هو سفيان بن حرب، وكان رأس الأحزاب يوم الخندق.
وأما ما روي عن أبي هريرة أن رسول اللَّه ﷺ قال: «ستكون فتنة صماء بكماء عمياء، من أشرف لها استشرفت له، وإشراف اللسان فيها كوقوع السيف» فإسناده ضعيف.
رواه أبو داود (٤٢٦٤) من طريق يحيى بن سعيد قال: قال خالد بن أبي عمران، عن عبد
الرحمن بن البيلماني، عن عبد الرحمن بن هرمز، عن أبي هريرة، فذكره. وعبد الرحمن بن البيلماني ضعيف.
وقد روي عنه على وجه آخر.
رواه ابن ماجه (٣٩٦٨) من طريق محمد بن الحارث، عن محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني، عن أبيه، عن ابن عمر مرفوعا بلفظ: «إياكم والفتن، فإن اللسان فيها مثل وقع السيف».
ومحمد بن الحارث هو الحارثي ضعيف، ومحمد بن عبد الرحمن بن البيلماني منكر الحديث، وقد اتهمه ابن عدي وابن حبان، وأبوه ضعيف.
وكذلك لا يصح ما روي عن عبد اللَّه بن عمرو قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «إنها ستكون فتن، تستنظف العرب، قتلاها في النار، اللسان فيها أشد من وقع السيف».
رواه أبو داود (٤٢٦٥)، والترمذي (٢١٧٨)، وابن ماجه (٣٩٦٧)، وأحمد (٦٩٨٠) كلهم من طريق ليث، عن طاوس، عن زياد بن سيمين كوش، عن عبد اللَّه بن عمرو، فذكره.
وقال الترمذيّ: «هذا حديث غريب، سمعت محمد بن إسماعيل يقول: لا يعرف لزياد بن سيمين كوش غير هذا الحديث، رواه حماد بن سلمة، عن ليث، فرفعه، ورواه حماد بن زيد عن ليث فأوقفه» اهـ.
قال الأعظمي: كذا قال! وقد رواه أبو داود من طريق حماد بن زيد، عن ليث فرفعه، فالظاهر أن حماد ابن زيد اختلف عليه في رفعه ووقفه.
ومدار الوجهين -أعني المرفوع والموقوف- على ليث وزياد، وليث هو ابن أبي سليم سيء الحفظ، وزياد بن سيمين كوش فيه جهالة، وقد فصل القول فيه ابن حجر في ترجمة زياد بن سليم من التهذيب.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 32 من أصل 409 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه

  • 📜 حديث: من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب